كنت أترقب بحذر .. و انتظر ذلك اليوم بشغف ..
إنه أول يوم أبدأ فيه العمل
الحذر كان لأنني كنت عندها أصغر معلمة تطلبها للعمل تلك المدرسة ..
ففارق السن بيني و بي زميلاتي المعلمات كان شاسعا ..
أما الشغف فكان ممزوجا بفرحة تمنيت أن لا أرفل فيها وحدي ..
بل يشاركنني طالباتي اللواتي لم أعرف عنهن حتى أسماءهن ..
دخلت مكتب المديرة لأستلم بعض الكتب و الملفات المرفقة ..
فقالت لي مبتسمة :
أول شيء سأسلمك ما هو أهم من كل ذلك .. إنه مفتاح الفصل
ثم غابت عني برهة فتركت الفسحة لتورارد الأفكار سريعة متسلسلة
قلت : فصولا تغلق بالمفاتيح هذا لعمري شيء عجيب لم أسمع به من قبل
يا إلهي .. المدرسة غير آمنة إذا..
أمن اللصوص ..؟ أم من العابثين ..؟أمن دخلاء لا يؤمن جانبهم ..؟
ألهذا لكل فصل مفتاح ؟!! لا لايمكن
و هل الطالبات يجبرن على التعلم و الدراسة ..
فتغلق عليهن الفصول خوفا من أن تسول لإحداهن نفسها فتفر فرار المرء من الأسد
لا غير معقول ..أهي أقسات تعليم و دراسة ؟ أم محاكم تغذيب و تفتيش ؟
حيرني لغز المفتاح ..
العمل هناك كان تطوعا ..فهل أعود أدراجي و أعتذر عن قبوله ؟
أم أجرب حظي ..؟و أكتشف سر ذلك بشجاعة ؟
تساؤلات مرت كومض البرق خطفت تفكيري معها لبرهة ..
فقطع كل ذلك عودة المديرة حاملة معها المفتاح الذهبي ..
هناك كانت دهشتي أشد من سابقتها ..
إنه عصا فظا غليظ القلب ..على ملامحه القسوة ..و كأنه شهد ملاحم كثيرة ..
قلت أهذا المفتاح ؟
قالت : نعم أنت لا تعرفين حال أهل هذه البلاد ...
زيادة على أنه لا يستقيم للمعلم التعليم إلا بهذا العصا ..
و لذلك نصيحتي أن لا تدخلي الفصل بدونه..
و احذري أن تتركيه لوحده ..فيتعرض لهجمة شرسة منكرة من مجهول..
أخذت العصا و قد اكتسحت صفحة وجهي ابتسامة عريضة لم أستطع إخفاءها..
لا تسألو عما فعلته بالعصا ..و لكن اسألوا عن الهذف من هذه المقدمة..
لي عودة قريبة بإذن الله