تقليب الجمر على الفحم
ما امر واقسى ان يشعر المرء فجأة .....بانه يعيش على سطح كوكب غريب،
تجتاحه رياح سموم تعبث بمقتنياته،....وتعيث فيها فسادا.... وتنثر في اجوائه غبار اللا معقول الخارج على المألوف المتوارث.
أحيانا يشعر المرء انه يعيش حقا في غربة ،
في زمن لا مكان فيه لذوي المبادىء والقيم الرفيعة، والمواصفات الحسنة،
لقد اكتسح الاستبداد والجبروت الكثير من النفوس المريضة،
فبات النزيه مضطهدا، يرجم بوابل من الافتراءات الباطلة والاكاذيب الملفقة
اصبح الحظ ، السن ، الحاجة ، مشجبا للأخطاء ومبررا منطقيا او غير منطقي لمساوئ البعض..
يوارون خلفها عيوبهم
ويتجردون شيئا فشيئا من انسانيتهم التي هي بمثابة الوشم المشرق على جبين الأيام ، والخيط الشفيف بين آدميتنا والتحرر منها.
ليس من الامور المعقولة والمقبولة السقوط في درك الانحطاط وبناء الكثير من الأحلام المنهزمة على انقاض سعادة الاخرين ، واستمداد القوت من فشلهم .
في أي خلاف بين اثنين ...
تجد الحاقدين كثر ... ظهر منهم من ظهر ... واستتر منهم من استتر...
فهذا أب على خلاف مع ابنائه ... سرعان ما يظهر الناصح الذي يتقن تقليب الجمر واللعب بالنار
ليزيد الفرقة فرقة .. والشتات شتاتا ...
وذاك موظف على خلاف مع مديره ... فيظهر المخلصون الأمناء الذين ينقلون كل شاردة وواردة
من والى .. عن وعلى...في وحتى .. منذ ومتى ...هنا وهناك .. ويستمر جرّ المعلومات والبيانات... لعل الحرارة تشتعل أكثر والنفوس تضيق أكثر .....
وذاك زوج على خلاف وانفصال مع زوجته ... فتجد أعز الناس يألبونه على دمار بيته... وتجد من يسحرونه .....بل تجد من تحاول ان تصنع لنفسها بيتا من انقاض بيت انسانة أخرى،
قد تكون اختها ..صديقتها .. زميلتها ....ليس مهما .... أليست حاجتها أهم من التفكير بقيم ومبادئ جوفاء !
لا بد ان نقتل بداخلنا اشباح الجشع والانانية والتسلق والوصولية،
وان نترفع عن اجترار السفاسف والاصطياد في الماء العكر.
فمن سمة الشرفاء عدم الانتهازية،
وعدم التسلل كالسوس الذي ينخر عظام الاشياء..
المنافسة شيء رائع،
وشرف المنافسة ان تتم تحت شمس الواقع بأساليب سامية وليس في غياهب الظلام..
وجميل ان يتوالد حب التنافس بين طرف واخر،
ولكن الهدم او تهميش الغير، من اجل اثبات الذات والتألق على الآخر ، والاستمتاع بما كان في حوزة الآخرين.
لا يُعدّ منافسة ، بل غيرة وحقدا ومقتا
تعدّيا وسخطا وكرها
ولن يعود هذا أبدا بثمار الخير على من يحمل هذه المنظومة من المشاعر السوداء المعقدة
لا يمكن للنحاس ان يقلد الفيروز
ولا يحل الخشب محل الفضة
فالذهب لن يتغير لونه ابدا، وان تغير المكان والزمان ...
و الماس يبقى ماسا
لا يُطفأ بريقه .... حتى وان دفن في التراب، او وضع بين الاحجار،
والقافلة تسير طالما هناك شرف الكلمة، وسمو الاخلاق، ونقاء الضمير، وشرعية الاحلام..
إن جمالية الاشجار انها تموت واقفة،
يتوج جبينها الفخر والكبرياء،
ويسري في عروقها الشموخ والاعتداد،
حتى وان اجتثتها يد المؤامرة
واطاحت بها رياح الغدر
وألقت بها بين جمر نيران الحقد والحسد ......
منقول