الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،
بخصوص سؤالك أختي المكرمة ( فداء _ الإسلام ) ، حول الحديث الذي ذكرت طرفاً منه ، أولاً أعتذر لك غاية العذر في التأخير يوماً كاملاً في الإجابة على سؤالك هذا ، وما كان ذلك إلا لأنه قد أضناني الجهد والتعب في البحث والتنقيب على ذلك الحديث ، حيث استعنت بكافة مؤلفات العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني الصحيحة والضعبفة ولم أقف على أثر لهذا الحديث ، ثم بجملة من برامج الحاسب الآلي المتعلقة بعلم الحديث ولم أقف على أثر لهذا الأثر ، ثم استعنت بالحاسب الآلي وببرنامج الأحاديث الضعيفة والموضوعة الصادر عن دار التراث وكذلك لم أقف على الحديث المذكور ، مما جعلني أستعين ببعض طلبة العلم الثقات في علم الحديث ومنهم الشيخ علوي السقاف – حفظه الله - ، وكذلك بعض المتخصصين في جانب تربية الأبناء في الإسلام كفضيلة الدكتور الشيخ عادل بن رشاد غنيم – حفظه الله - ، ومع ذلك لم أصل إلى أية نتيجة 0
إلى أن وجدت ذلك الأثر منسوباً لعمر بن الخطاب – رضي الله عنه – ونصه كالآتي :
( جاء رجل إلى عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يشكو إليه عقوق ابنه ، فأحضر عمر الولد وابنه وأنّبه على عقوقه لأبيه ، ونسيانه لحقوقه ، فقال الولد : يا أمير المؤمنين أليس للولد حقوق على أبيه ؟ قال : بلى ، قال : فما هي يا أمير المؤمنين ؟ قال عمر : أن ينتقي أمه ، ويحسن أسمه ، ويعلمه الكتاب ( أي القرآن ) ، قال الولد : يا أمير المؤمنين إن أبي لم يفعل شيئاً من ذلك ، أما أمي فإنها ونجية كانت لمجوسي ، وقد سماني جُعلاً ( أي خنفساء ) ، ولم يعلمني من الكتاب حرفاً واحداً 0
فالتفت عمر إلى الرجل وقال له : جئت إلي تشكو عقوق ابنك ، وقد عققته قبل أن يعقك ، وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك ؟! ) ( تربية الأولاد في الإسلام – 1 / 127 ، 128 ) 0
واعتقد أن الأستاذ عبدالله ناصح علوان قد نقل ذلك عن الغزالي ، والذي يظهر أن الأثر غير صحيح ، والله تعالى أعلم 0
وقد عدت لكتاب ( تربية الأولاد في الإسلام في ميزان النقد العلمي ) للأخ المكرم إحسان العتيبي مراجعة وتقديم الشيخ علي بن حسين بن عبدالحميد الحلبي - حفظه الله - لمراجعة ما كتبه بخصوص الأثر المذكور فلم أقف له على أية تعليق حيث قال ( ص 210 ) :
( يوجد بعض الأحاديث التي أعياني البحث عن أسانيدها ومعرفة حكم العلماء عليها ، وهي – بحمد الله – قليلةٌ ، لذا فعدم وجودها في الأحاديث المنتقدة لا يعني أنها صحيحة ، ولعل الله ييسر لي الكشف عن حالها فيما يأتي إن شاء الله إن كان في العمر بقية ) 0
وقد وقفت على حديث ضعيف جداً عن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( حق الولد على والده أن يحسن اسمه ، ويعلمه الكتاب ، ويزوجه إن أدرك ) ( ذكره الزبيدي في " إتحاف السادة المتقين " – 6 / 317 ، 318 ، والهندي في " كنز العمال " – برقم 45191 ، 45192 ، 45193 ، والقرطبي في تفسيره – 18 / 195 ، وأبو نعيم في " الحلية " – 1 / 184 ، وذكره الألباني في " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " المجلد السابع - برقم 3494 ، وقال : " ضعيف جداً " ) 0
ومما لا شك فيه أن المعنى العام للأثر صحيح ، حيث أن الذي يربي أبناءه على الأخلاق الإسلامية النبيلة السامية ، فيتخلقون بأخلاق القرآن ، ويتخذون من رسول الله صلى الله عليه وسلم قائداً ومعلماً وقدوة ، وكذلك يتخذون الخلفاء الراشدين والصحابة والتابعين والسلف قدوات لهم في السلوك والتصرف ، كل ذلك مما لا شك فيه أنه ينتج جيلاً باراً بأبويه لأن الأدلة الكثيرة في الكتاب والسنة تؤكد على هذا المفهوم ، والعكس بالعكس 0
أعتذر لك أخية ( فداء _ الإسلام ) على هذا التأخير ، ومن لديه زيادة من قبل الإخوة والأخوات من أعضاء هذا المنتدى الطيب فليتحفنا بها بخصوص هذا الأثر 0
سائلاً المولى عز وجل أن يوفقك أخية ( فداء _ الإسلام ) لما يحب ويرضى ، وأن يبارك لك في عمرك وعملك إنه سميع مجيب الدعاء 0
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 0
أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني