قال الله تعالى : ** بِسْمِ الله الرّحْمَنِ الرّحيمِ
والعَصْرِ * إنّ الإنسانَ لَفِي خُسْرٍ * إلّا
الّذينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ وتَواصَوْا
بالحَقِّ وتَواصَوْا بالصّبْرِ **
قال العلاّمة عبد الرّحمٰن السّعدي رحمه الله في تفسير كلام المنّان :
أقسم تعالى بالعصر،
الذي هو الليل والنهار،
مَحَلُ أفعال العباد وأعمالهم
أنّ كُلَّ إنْسانٍ خاسرٍ،
والخاسرُ ضِدُ الرابِح .
والخَسارُ مَراتبٌ مُتعددة متفاوتة :
قد يكون خسارًا مطلقًا،
كحال من خسر الدنيا والآخرة،
وفاته النعيم، واستحق الجحيم .
وقد يكون خاسرًا من بعض الوجوه دون بعض،
ولهذا عمم الله الخسار لكل إنسان،
إلا من اتصف بأربع صفات :
الإيمان بما أمر الله بالإيمان به،
ولا يكون الإيمان بدون العلم،
فهو فرع عنه لا يتم إلا به .
والعمل الصالح،
وهذا شامل لأفعال الخير كلها،
الظاهرة والباطنة،
المتعلقة بحق الله وحق عباده ،
الواجبة والمستحبة .
والتواصي بالحق،
الذي هو الإيمان والعمل الصالح،
أي : يُوصي بَعضُهُم بعضًا بذلك،
ويحثه عليه، ويُرَغِبه فيه .
والتواصي بالصبر على طاعة الله،
وعن معصية الله،
وعلى أقدار الله المؤلمة .
فبالأمْرَيْن الأوَلَيـْن، يُكَمِّل الإنسانُ نَفسَه،
وبالأمرين الأخِيرَيْن يُكمل غَيرَه،
وبتكميل الأمور الأربعة،
يكون الإنسان قد سَلِم مِنَ الخَسار، وفازَ بالربح
[ العظيم ] .