الاِنْتِقاء مِن دُررِ فتَاوى العُلماء
حكم التَّشهِير بصاحبِ البدعة
الشيخ: محمَّد بن ناصر الدِّين الألبانيّ -رحمه الله-
السؤال:
هل يجوز التَّشهير بصاحب بدعة، أو الكلام عليه وذمَّه؟
الجواب:
صاحبُ البِدعة له حالتان:
o إمَّا أنْ يكون منطويًا على نفسه.
o أو أنْ يكون مشهورًا بين النَّاس.
ففي الحالة الأولى لا داعي إلى تشهيره؛ لأنَّ ضلاله محصورٌ في ذاتِهِ.
أمَّا في الحالة الأخرى فلا بدَّ مِن تشهِيره والتَّحذير مِنه؛ حتى لا يغترَّ النَّاس الذين يعيش بينهم به، وليس ذلك مِن الغِيبة في شيءٍ كما قد يتوهَّم بعض المتنطِّعِين.
وحديث: (الغِيبةُ: ذكرُكَ أخَاكَ بِمَا يَكْرَه) هو مِن العام المخصوص، وقد ذكرت لكم قول بعض الفقهاء في بيتين مِن الشِّعر جمعوا فيهم الغِيبة المستثناة مِن الحُرمَةِ؛ فقال قائلهم:
القدحُ ليس بِغِيبةٍ في سِتَّةٍ .. مُتظلِّمٍ ومُعرِّفٍ ومُحذِّرٍ
ومُجاهِرٍ فسقًا ومُستفْتٍ ومَنْ .. طلب الإعانة في إزالة مُنكَرِ
فهنا الْمُبتدِع والتَّشهِير بِه يَدخل في التَّعرِيف ويَدخل في التَّحذِير؛ فلذلك اتَّفق علماء الحديثِ -جزاهم الله خيرًا- على وصف كثيرٍ مِنْ رواةِ الحدِيث بما كانوا عليه مِن الابتداع في الدِّين، وهذا كلُّه مِن قيامهم بواجب البيان للنَّاس؛ حتَّى يعرفوا الرَّاوي الصَّالح فيُؤخذ مِن عقيدتِهِ، والرَّاوي الْمُبتدِع، فيترك هو وعقيدتُهُ المنحرِفة عن الكِتَابِ والسُّنَّة.