:: بركة الصدق ::
قال رسول الله- صلَّى الله عليهِ وسلّم-: (عليكم بالصدق، فإن الصدقَ يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا، وإياكُم والكذب، فإن الكذبَ يهدي إلى الفجور، وإن الفجورَ يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتب عند الله كذابًاً.
إن الإسلامَ يُوصي أن نغرس فضيلة الصدق في نفوس الأطفال حتى يشبّوا عليها، وقد ألفوها في أقوالهم وأفعالهم وجميع أحوالهم.
وسائل الحث على الصدق
*الموعظة:لقد أرشدتنا الآيات القرآنية والأحاديث النبوية إلى أهمية غرس الصدق في النفوس حتى في أشدِّ الظروف، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119) (التوبة)، والصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ…. أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا(الأحزاب: من الآية 35) ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام: "عليكم بالصدق، وإن رأيتم فيه الهلكة، فإن فيه النجاة"، ويقول أيضًا: "الصدق طمأنينة والكذب ريبة".
ونرى في سيرة السلف الصالح حرصهم الشديد على الصدق، فهذا الشيخ الجليل عبد القادر الكيلاني يقول: رحمه الله: "بنيت أمري – من حين نشأت – على الصدق، وذلك أني خرجت من مكة إلى بغداد أطلب العلم، فأعطتني أمي أربعين دينارا أستعين بها على النفقة، وعاهدتني على الصدق، فلما وصلنا أرض همدان خرج علينا جماعة من اللصوص، فأخذوا القافلة، فمر واحد منهم وقال لي: ما معك؟ قلت: أربعون دينارا، فظن أني أهزأ به فتركني، فرآني رجل آخر، فقال: ما معك؟، فأخبرته بما معي، فأخذني إلى كبيرهم، فسألني فأخبرته، قال: ما حملك على الصدق؟ قلت: عاهدتني أمي على الصدق، فأخاف أن أخون عهدها. فأخذت الخشية رئيس اللصوص، فصاح ومزق ثيابه، وقال: أنت تخاف أن تخون عهد أمك، وأنا لا أخاف أن أخون عهد الله؟ ثم أمر بردّ ما أخذوه من القافلة، وقال: أنا تائب لله على يديك، فقال من معه: أنت كبيرنا في قطع الطريق، وأنت اليوم كبيرنا في التوبة، فتابوا جميعا ببركة الصدق" .
القيم الأخلاقية من القصة:
من أخذ طريقا يلتمس به علماً سهل الله به طريقاً إلى الجنة.
الالتزام بالصدق، لأنه من كان صادقاً يصدقه الناس.
للصدق بركة من حظي بها دخل الجنة.
*تنمية الضمير والمراقبة: لأنه قد يكذب الإنسان ويصدقه الآخرون والله يعلم أنه كاذب، فالله يسمعه ويراه ويعلم السر وأخفى حتى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء.. فيجب أن نُكرر مقولة "الله معي، الله ناظري، الله شاهد عليّ".
*القدوة: إن القدوة أقوى وسيلة مؤثرة في الأبناء ولا تكفي مائة موعظة إذا فُقِدَت، فإذا طرق الباب مثلاً أو رنّ الهاتف وقلت لابنك قل لهم إنني غير موجود (لأنك كنت متعب في هذا الوقت) فهذا تدريبٌ للأبناء على الكذب.
– صفة الصدق اتصف بها رسولنا الكريم من قبل البعثة وهو قدوتنا.
– قصة الصحابي عندما كان غلامًا ودعته أمه يومًا، وقالت له تعال أعطك. فقال لها رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "ما أردتِ أن تعطيه". قالت: أردتِ أن أُعطيه تمرًا. فقال: "لو لم تعطيه شيئًا كُتِبَت عليكِ كذبة".
– باع صحابي شيئًا للرسول ووعده بالحضور فانتظره الرسول- صلى الله عليه وسلم- فنسي الرجل ثم تذكَّر بعد ثلاثة أيام فإذا بالرسول- صلى الله عليه وسلم- في مكانه فقال: "يا فتى! لقد شققت عليَّ؛ أنا هاهنا منذ ثلاث أنتظرك.
– قصة أخرى:يُحكَى أنَّ هاربًا لجأ إلى أحد الصّالحين، وقال له: أخفني عن طالبي. فقال له: نم هنا. وألقى عليه حزمة من الخوص، فلما جاء طالبوه سألوا عنه، قال لهم: ها هو تحت الخوص. فظنوا أنه يسخر منهم فتركوه ونجا ببركة صدق الرجل الصالح.
بالســـوءِ يُوْصَفُ مَنْ كَذَبْ والصدق مِنْ حُسنِ الأَدَبْ
فاصْــدُقْ بقـولكَ يا فتــى لا تخْــشَ لومـاً أو عَتَـــبْ
والصــدقُ أَنْجــى إنْ يكنْ للخــوفِ معنى أو سَــبَبْ
*- الدعاء:"اللهم إني أسألك لسانًا صادقًا وقلبًا سليمًا" وغيرها من الأدعية.
- الكذب: هو صفة مكتسبة يتعلمها الإنسان منذ الطفولة من المحيطين به، وينطوي الكذب على رذائل خُلُقيّة عديدة؛ لأنه يُستغَل في تغطية الغش والخيانة والسرقة، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "كبرت خيانة أن تُحدِّث أخاك حديثًا هو لك مُصَدِّق وأنت له كاذب".
- الترهيب منه: قال الرسول عليه الصلاة والسلام: "آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب…"، "يطبع المؤمن على كل خلة إلا الخيانة والكذب"، وسُئل: "أيكون المؤمن جبانًا؟ قال: نعم، أيكون المؤمن بخيلاً؟ قال: نعم، أيكون المؤمن كذابًا؟ قال: لا".
وعن أسماء بنت يزيد قالت: يا رسول الله إن قالت إحدانا بشيء تشتهيه لا أشتهيه أيعد ذلك كذبًا؟ قال: "إن الكذبة تُكتب كذبة حتى الكذيبة تكتب كذيبة" (رواه مسلم)
-منقول للفائدة-