توصيات فيسبوكية
ابتسام فهد
في الفيس بوك (1):
من المعروف أنَّ الحياء المتوازِن يَعتلي عرشَ الأخلاق عند الأُنثى، وهو ما يميِّزها، بل وفقدانها له يُعتبر كارثة ووصمةَ عار!
فحين ترى في (الفيس بوك) فتاةً تتغنَّى بالأحاديث الخارجة عن دائرة الأدَب، وكأنَّك ترى مشهدًا إباحيًّا أمامك بسبب حديثها، أو تقوم بوضع الصُّور المخلَّة بالأدب، والذَّوق العامِّ، أو تتشدَّق بـ (غلاي، يا الغالي، يا قلبي.. إلخ) لرجلٍ ما، فاعلم فورًا أيُّها القارئ الكريم - رعاك الله - أنَّها "لا تستحي"!
في الفيس بوك (2):
من المتَّفَق عليه أن أوَّل ما يدلُّ على تفكير الشخص، ومدى ثقافته وإمكانيَّة الاستفادة منه، هو الاطِّلاع على اهتماماته، فحين تجد في (الفيس بوك) مَن يضع لك من ضِمن معلوماته أنَّه تخرَّج، أو لا يزال يدرس في مدرسة (العشق والحب)، فـ "اغسل يدك منه"؛ أي بمعنى: دَعْه جانبًا، ومارِسْ معه (مرور الكرام)!
في الفيس بوك (3):
(الأمانة والصِّدق) هي صمام الأمان في علاقاتك مع الآخرين، بل وأضمن لك تمامًا أنَّ هؤلاء الصادقين الأَمِينين لا يمكن أن يقوموا بإيذائك يومًا، أمَّا الكاذبون عديمو الأمانة، فهؤلاء شرٌّ أنت في غِنًى عنه، فإذا وجدتَ في (الفيس بوك) مَن ينقل أحاديث الآخرين دون أن يذكر أسماءهم، أو يشير إليهم، بل والأدهى والأمرُّ أن يقوم بالكذب، فيستقبل المديح والثَّناء بِدَعوى أنَّه مَن قام بكتابتها؛ لِيُحقِّق غرضًا دنيئًا في نفسه؛ فتيقَّن تمام اليقين أنَّ عليك محْوَه محوًا جذريًّا من علاقاتك؛ فوجوده ضررٌ لك في المقام الأوَّل!
في الفيس بوك (4):
شخصٌ يحقِّق لك الاستفادة ولو بقراءة إضافاته في (الفيس بوك) الَّتي إمَّا أن تُنير لك فكرةً، أو تُضيف لك معلومة، أو تثري لديك مهارات عدَّة، خيرٌ من شخصٍ لا يفتأ يتحدَّث عن الحبِّ أو الحزن في كلِّ إضافاته، فتبحث له عن فائدة ترجوها مِمَّا يَكتب، فلا تجد، أو تَنوُّعٍ في الطَّرح، أو لغةٍ صحيحة سليمة، فلا ترى لذلك أثرًا، فاحرص على إبقاء الأوَّل، حتَّى لو لم يكن يشاركك كثيرًا، وأبعِد الثاني؛ فلا فائدة تُذكَر منه!
في الفيس بوك (5):
عزيزتي الأنثى، إنَّ مَن يحترمكِ سيختار ألفاظًا مهذَّبة حين يريد أن يتحدَّث إليكِ ويُعاملكِ كصاحبة شأنٍ رفيع، فلا يتجاوز في خطابه معك، أو ثنائِه عليكِ، أو إعجابه بمهاراتكِ، أمَّا أولئكَ الذين قد تجدينهم في (الفيس بوك) يقومون بمناداتكِ بطريقة خاليةٍ من الذَّوق، أو بعيدة عن حدود الاحترام؛ كـ (يا قمر، يا عسل، يا حبيبتي... ونحوها)، فاعلمي أنَّهم (أصحاب غزَل)، يُسيئون إليكِ، وإلى مقامكِ، فلا تَرضَيْ ببقائهم أمامكِ ولو لثانية!
في الفيس بوك (6):
كلٌّ له توجُّهاته واهتماماته، فارتَقِ باهتماماتك دائمًا، واحرص في (الفيس بوك) على انتقاء أصحاب التوجُّهات الحسَنة، فلا شيء سيَنفعُك مِن مُصاحبة شخصٍ لا يَعرف مِن هذا الموقع إلاَّ الألعاب واللَّعِب، أو ذاك الذي لا يعرف سوى وضْع المقاطع الغنائيَّة، أو الترويج لأفلامٍ هابطة، أو التعارف والتَّلاعب بالآخرين، اجعل قائمتك نظيفة لا تحمل سوى الجميل والمثمِر المفيد، وسينعكس ذلك عليك بلا شكٍّ؛ فالبيئة الصالحة تُغذِّيك بالجميل، والبيئة الفاسدة تغذِّيك بالقبيح، والاختيار لك وحدك!
في الفيس بوك (7):
إعجابك بالشيء يدلُّ عليك، حتَّى وإن كنت مجرَّد شخصٍ لا يقرأ، ولا يرى، ولا يفهم شيئًا، فقط يضع إعجابه ويرحَل! فكُن حريصًا على ما تقوله، وما تقرؤه، وما تُعجب به أيضًا.
فكم في (الفيس بوك) من صفحاتٍ سيِّئة، تُسيء للدِّين والأخلاق، ويقوم البعضُ - بكلِّ غباء - بالإعجاب بهذه الصَّفحات؛ لِكَيل الشتائم والسِّباب لصاحب الصفحة، دون التنبُّه إلى أنه حقَّق رغبةَ صاحبها، وزاد مِن نشْرِها بإعجابه ذاك، في وقتِ كان بإمكانه التَّعاملُ مع الأمر بعقلانيَّة؛ وذلك بالتبليغ عنها فقط، فينتهي أمْرُها، ولا يتحقَّق مقصدها من زيادة عدد المعجبين، أو إغاظتهم بشكلٍ أو بآخر.
في الفيس بوك (8):
دعْ عنك التَّعامل مع الآخرين وفق مبدأ: (تُعطِني أُعطِك!)، فإنَّك إن سِرْتَ على هذا المبدأ ستُصبح شخصًا يَبحث عن المقابل في كلِّ شيء، حتَّى في الإحسان!
ففي (الفيس بوك) شارِكْ أصدقاءك حين ترى أنَّ هناك شيئًا يستحقُّ المشاركة دون فتح باب الحسابات، والنَّظر في حالهم إنْ كان سبق ووضعوا ردًّا في صفحتك أم لا.
تعامَلْ بِعَفويَّة، ودون انتظار مقابل، شارِك؛ لأنك ترى أنَّ ذلك الشيء يستحقُّ المشاركة، بغضِّ النظر عن حساباتٍ طويلة وفارغة مع صاحبه، وتذكَّر أنَّك أنت أيضًا لم تضَعْ ردًّا واحدًا في صفحات بعضهم، ولكنهم ما زالوا يحتفظون بك، بل وتقرأ لهم، ويَقرؤون لك، وهذا هو الأهم!
في الفيس بوك (9):
لا تضَعْ في (الفيس بوك) إلاَّ كل ما هو مفيدٌ وجميل، إيَّاك والمُحرَّمات؛ فإنَّها سيئاتٌ جارية، وذِكْرى محزنة، فكم أحزنَني وجودُ مقاطع غنائيَّة لإحداهن، وقد تُوُفِّيَت - رحمها الله - فأخذ أحدُ أصدقائها يَطلب من الآخرين عدمَ سماع ما وضعَتْه؛ عسى الله أن يغفر لها.
دائمًا إن لم تكن قادرًا على ترك السُّوء، فجاهِدْ، واكتفِ به لنفسك، لست بحاجةٍ إلى زيادة وِزْرِك بنشره للآخرين.
في الفيس بوك (10):
كن شجرةً مثمِرة، ظِلُّها يقي من حرارة الجهل، وثمَرُها يُغني من جوع الفراغ، قَدِّم لأصدقائك الفائدة، أَثْرِ معلوماتهم، شارِك مجتمعك في همومه، وإخوانَك في همومهم وهموم أوطانهم، كُن قريبًا من الجميع، وبين ذلك وذاك كن متوازنًا في تعاملك؛ فلا تتَعالَ عليهم، أو تُكثِرْ من نَقْدِهم، أو تتدخَّلْ في شؤونهم الخاصَّة.
واعلم أخيرًا - أيُّها القارئ الكريم - أنك تستحقُّ أن يُخلَّد في صفحات حياتك ذكرى طيِّبة، لا يخبو سَناها حتى بعد مماتِك، فاجعل صفحتك في (الفيس بوك) صفحةَ دينٍ وسَلام، وجمالٍ ومحبَّة، صفحةً تنبض باسْمِك وبأخلاقكَ دائمًا وأبدًا.