،،،،،،
السؤال : لو أن رجل مسلم به مس من جني غير مسلم وكان يجعله ينتقد الإسلام والمسلمين ويبعده عن الصلاة والعبادات - فما مدى مسؤولية هذا الرجل عن سيئات أعماله ؟؟؟
الجواب : ( الحمد لله ،،،
دخول الجن في الإنس ، وتلبسه به ، وصرعه له ، ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة ، وليس في أئمة المسلمين من ينكر ذلك ، كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
وقد سبق تفصيل ذلك . أنظر جواب السؤال رقم ( 1819 ) ورقم ( 121276 ) .
سئلت اللجنة الدائمة : هناك رجل يصاب بالصرعة فيغمى عليه ساعات ، وفي ذات يوم طرد زوجته وأخذ البندقية ورمى نفسه فمات ، فهل يعتبر في حكم القاتل نفسه ، وهل عليه شيء من صيام أو صدقة حتى يقوم به الورثة ؟؟؟
فأجابت اللجنة : ( إذا كان ما وقع منه من قتله نفسه بالبندقية في الوقت الذي حصل فيه معه الصرع فلا شيء عليه مطلقا ولا على ورثته ؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : رفع القلم عن ثلاثة ... الحديث . وذكر منهم : ( المجنون حتى يفيق ) انتهى )( فتاوى اللجنة الدائمة - 22 / 251 - 252 ) 0
فإذا كان به من المس بحيث صار به في حد من لا يعقل ، أو لا يدرك ما يقول ويفعل ، فهو معذور ، وقد رفع عنه القلم حتى يفيق ؛ لأنه يشبه المجنون ، وقد روى أبو داود (4398) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ : عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنْ الْمُبْتَلَى حَتَّى يَبْرَأَ ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَكْبُرَ )
( صححه الألباني في " صحيح الجامع " برقم 3513 ، وغيره )
وأما إذا كان به مع المس بعض عقله ، بحيث أنه يدرك بعض الإدراك ، ويفهم بعض الفهم ، فهو مسئول عما يقول ويفعل بحسب إدراكه وفهمه ، وعلى من يلي أمره مراعاة ذلك ، والحرص على العناية به وتذكيره .
وهكذا الحال إذا كان يصرفه عن بعض الصلوات ، أو يشغله عنها ، أو يتسلط عليه حتى يفوت وقتها ، فالواجب عليه أن يصليها متى زال عنه هذا السبب العارض إلا أن يبقى على ذلك أياماً ، ويغيب عن إدراكه وقصده مدة طويلة ، وهذا نادر الحدوث في حالات الصرع المعتادة ، فمثل هذا لا يكلف بقضاء .
سئل الشيخ ابن جبرين : بعض المرضى المصابين بالصرع أو السحر يمكثون فترة تزيد عن الثلاث أيام بلياليها دون وعي أو إدراك ، فما حكم ما فاتهم من صلاة خلال تلك الفترة ؟؟؟
فأجاب : ( هذه الفترة الطويلة لا تكليف عليهم فيها فلا يقضون ما تركوه من الصلاة ونحوها لفقد العقل ومشقة القضاء ؛ فقد يمكث أحدهم في الغيبوبة مدة طويلة فيلحق بمن رفع عنه القلم . وأكثر ما روي قضاء عمار لما أغمي عليه ثلاثة أيام فقضاها . والأصل براءة الذمة لعدم التمكن فلا يلحقه ذنب " انتهى )( انتهى من موقع الشيخ ) .
ولا بد أن يُعلم أنه ما تسلط الجني الكافر على الإنسي المسلم إلا لبعده عن القرآن ، وغفلته عن ذكر الله ، وإنما سمي الشيطان بـ ( الوسواس الخناس ) من هذا ؛ حيث إنه إذا ذكر العبد ربه خنس ، وإذا غفل عن الذكر وسوس ، فإذا طالت غفلته صرع ولبس .
قال ابن القيم : ( أكثرُ تسلطِ الأرواح الخبيثةِ على أهلهِ تكون من جهة قِلَّةِ دينِهم ، وخرابِ قلوبهم وألسنتهم من حقائق الذِّكرِ ، والتعاويذِ ، والتحصُّناتِ النبوية والإِيمانيَّة ، فَتَلْقَى الروحُ الخبيثةُ الرجلَ أعزلَ لا سلاح معه ، وربما كان عُرياناً فيُؤثر فيه هذا .
ولو كُشِفَ الغِطاء ، لرأيتَ أكثرَ النفوسِ البَشَريةِ صَرْعَى هذه الأرواحِ الخبيثةِ ، وهى في أسرِها وقبضتِها تسوقُها حيثُ شاءتْ ، ولا يُمكنُها الامتناعُ عنها ولا مخالفتها ، وبها الصَّرْعُ الأعظمُ الذي لا يُفيقُ صاحبُه إلا عند المفارقةِ والمعاينةِ ، فهناك يتَحقَّقُ أنه كان هو المصروعَ حقيقةً ، وبالله المستعان " انتهى )( زاد المعاد - 4 / 69 ) 0
وعلى ذلك : فالواجب التحصن بالقرآن ، والأذكار والأوراد الشرعية ، كأذكار الصلوات ، وأذكار الصباح والمساء ، وأذكار النوم ، والأذكار العامة التي لا يزال لسان المسلم بها رطبا .
وعلى من يقوم بأمر هذا المبتلى – عافاه الله – أن يلقنه ذلك في حال صحوه ، ولا يتركه على هذه الحال ، كما أن عليه أن يحجبه عن مجامع الناس ما استطاع ؛ حتى لا يتفوه بما يتفوه به من المنكر ، والله المسئول أن يعافيه مما ابتلي به ، ويكشف الضر عنه .
والله أعلم ) 0
بارك الله في الجميع ، وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0