ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير (120) الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون (121) يابني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين (122) واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون (123) وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين (124) وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود (125) وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير (126)
120 - يخاطب الله نبيه موجها محذرا قائلا له: لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تترك الإسلام، وتتبع ما هم عليه، ولئن حصل هذا منك أو من أحد من أتباعك بعد الذي جاءك من الحق الواضح فلن تجد من الله مناصرة أو معونة، وهذا من باب بيان خطورة ترك الحق ومجاراة أهل الباطل.
121 - يتحدث القرآن الكريم عن طائفة من أهل الكتاب يعملون بما في أيديهم من كتب منزلة ويتبعونها حق اتباعها، هؤلاء يجدون في هذه الكتب علامات دالة على صدق النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - ولهذا سارعوا إلى الإيمان به، وطائفة أخرى أصرت على كفرها فكان لها الخسران.
122 - يا بني إسرائيل، اذكروا نعمتي الدينية والدنيوية التي أنعمت بها عليكم، واذكروا أني فضلتكم على أهل زمانكم بالنبوة والملك.
123 - واجعلوا بينكم وبين عذاب يوم القيامة وقاية؛ باتباع أوامر الله واجتناب نواهيه، فإنه لا تغني -في ذلك اليوم- نفس عن نفس شيئا، ولا يقبل منها فيه أي فداء مهما عظم، ولا تنفعها فيه شفاعة من أحد مهما علا مكانه، وليس لها نصير ينصرها من دون الله.
124 - واذكر حين اختبر الله إبراهيم عليه السلام بما أمره به من أحكام وتكاليف، فقام بها وأتم أداءها على أكمل وجه، قال الله لنبيه إبراهيم: إني جاعلك للناس قدوة يقتدى بك في أفعالك وأخلاقك، قال إبراهيم: واجعل -يا رب- من ذريتي كذلك أئمة يقتدي بهم الناس، قال الله مجيبا إياه: لا ينال عهدي لك بالإمامة في الدين الظالمين من ذريتك.
125 - واذكر حين جعل الله البيت الحرام مرجعا للناس تتعلق به قلوبهم، كلما رحلوا عنه رجعوا إليه، وجعله أمنا لهم، لا يعتدى عليهم فيه. وقال للناس: اتخذوا من الحجر -الذي كان يقف عليه إبراهيم وهو يبني الكعبة- مكانا للصلاة. وأوصينا إبراهيم وابنه إسماعيل بتطهير البيت الحرام من الأقذار والأوثان وتهيئته لمن أراد التعبد فيه بالطواف والاعتكاف والصلاة وغيرها.
126 - واذكر -أيها النبي- حين قال إبراهيم وهو يدعو ربه: رب اجعل مكة بلدا آمنا، لا يتعرض فيه لأحد بسوء، وارزق أهله من أنواع الثمرات، واجعله رزقا خاصا بالمؤمنين بك وباليوم الآخر، قال الله: ومن كفر منهم فإني أمتعه بما أرزقه في الدنيا متاعا قليلا، ثم في الآخرة ألجئه مكرها إلى عذاب النار، وبئس المصير الذي يرجع إليه يوم القيامة.
[من فوائد الآيات]
• أن المسلمين مهما فعلوا من خير لليهود والنصارى؛ فلن يرضوا حتى يخرجوهم من دينهم، ويتابعوهم على ضلالهم.
• الإمامة في الدين لا تنال إلا بصحة اليقين والصبر على القيام بأمر الله تعالى.
• بركة دعوة إبراهيم عليه السلام للبلد الحرام، حيث جعله الله مكانا آمنا للناس، وتفضل على أهله بأنواع الأرزاق.