على الداعية أن يضع أمام ناظريه ونصب عينيه قضية طالما قصرنا فيها ولم نعطها حقها إلا من رحم الله تعالى، وهي إنه لابد من الذهاب إلى الأماكن التي تحتاج إلى دعوة في المدن والقرى والهجر والبوادي وغيرها ولا ينتظر الداعية تجمع الآخرين وإتيانهم إليه للاستفادة منه في درس أو محاضرة أو خطبة أو لقاء عام أو خاص، فإن هناك أناسًا إن لم تذهب إليهم فلن يأتوا إليك أبدًا، ولنا في رسول الله r أسوة حسنة، فقد كان يعرض نفسه ودعوته على الحجاج في مواسم الحج المختلفة، وكان يذهب إلى منتديات الزعماء القرشيين وتجمعاتهم، كما ذهب بنفسه الشريفة وحيدًا إلى منطقة الطائف ليدعو أهلها، إلى غير ذلك من الأمثلة الكثيرة والعديدة.
ولا يخفى عليك -أخي المسلم- أن الأعداء ركزوا على هذا الجانب كثيرًا من خلال عزونا في الصميم مثل (البث المباشر - الإذاعات التنصيرية - الاستشراق - الإعلام الوافد) إلى آخر ذلك، بل إن إرسالياتهم لتبعد أكثر من ذلك، حيث تتوغل في مجاهل الصحاري وأوغال الغابات ووسط القبائل المتوحشة، يتحملون في ذلك الحر الشديد والبرد القارص والأمراض الفتاكة والحياة البدائية، فالله المستعان من جلد الفاجر وعجز الثقة.