قال الله تعالى : « يٓأيّها الّذين ءامنوا لا تقدّموا
بين يدي الله ورسوله واتّقوا الله إنّ الله سميع
عليم » سورة الحجرات 1
قال العلاّمة عبد الرّحمٰن السّعدي في تفسير
كلام المنّان :
هذا مُتضمنٌ للأدب مع الله تعالى ، و مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و التعظيم له ، و احترامه ، و إكرامه ، فأمر الله عبادَه المؤمنين بما يَقتضيه الإيمان بالله و برسوله ،
من امتثال أوامر الله ، و اجتناب نواهيه ، و أن
يكونوا ماشين خَلْفَ أوامر الله ، مُتبعين لسنة
رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع
أمورهم ، و أن لا يَتَقدَموا بين يدي الله ورسوله
، ولا يقولوا حتى يَقولَ ، ولا يأمروا حتى يَأمُرَ
فإن هذا حَقيقَة الأدب الواجب مع الله ورسوله
وهو عنوان سعادة العبد و فلاحه
وبفواته تَفوتُه السعادة الأبدية و النعيم السَرْمَدي
وفي هذا ، النهي الشديد عن تقديم قَولِ غيرِ
الرسول صلى الله عليه وسلم على قوله
فإنه متى اسْتَبانَتْ سنة رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، وَجَبَ اتِباعها ، و تَقديمها على
غيرها ، كائِناً ما كان .
ثم أمر الله بتقواه عموما ، و هي كما قال
طلق بن حبيب :
أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ، ترجو
ثواب الله ، و أن تترك معصية الله على نور
من الله ، تخشى عقاب الله .
و قوله : « إن الله سميع » أي : لجميع الأصوات في جميع الأوقات ، في خفي المواضع و الجهات ،
« عليم » بالظواهر و البواطن ، و السوابق و
اللواحق ، و الواجبات و المُستحيلات و
الـمُمْكنات .
و في ذكر الاسمين الكريمين
- بعد النهي عن التقدم بين يدي الله ورسوله
و الأمر بتقواه -
حَثٌ على امتثال تلك الأوامر الحسنة ، و
الأداب الـمُسْتَحْسَنَةِ ، و تَرْهيبٌ عن عَدَم
الامْتِثال .