التوبة
عن أبي موسى الأشعري :
سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم متى تنقطع معرفة العبد من الناس ؟ قال :
إذا عاين
-و هو معنى قوله عليه السلام في الحديث الآخر
: " إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر "
أي عند الغرغرة و بلوغ الروح الحلقوم يعاين ما يصير إليه من رحمة أو هوان و لا تنفع حينئذ توبة و لا إيمان
، كما قال تعالى في محكم البيان
" فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا "
و قال تعالى "
و ليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن "
فالتوبة مبسوطة للعبد حتى يعاين قابض الأرواح ، و ذلك عند غرغرته بالروح
، و إنما يغرغر به إذا قطع الوتين .
فشخص من الصدر إلى الحلقوم .
فعندها المعاينة ،
و عندها حضور الموت فاعلم ذلك .
فيجب على الإنسان أن يتوب قبل المعاينة و الغرغرة .
و هو معنى قوله تعالى :
" ثم يتوبون من قريب "
-@قال الحسن :
لما هبط إبليس
قال :
بعزتك لا أفارق ابن آدم ما دام الروح في جسده .
قال الله تعالى
" و عزتي لا أحجب التوبة عن ابن آدم ما لم تغرغر نفسه " .
و التوبة فرض على المؤمنين باتفاق المسلمين
لقوله تعالى
: " و توبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون "
و قوله تعالى
: " يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً " .
-و لها شروط أربعة :
1.الندم بالقلب ،
2-و ترك المعصية في الحال ،
3-و العزم على أن لا يعود إلى مثلها ،
4-و أن.يكون ذلك حياء من الله تعالى . و خوفاً منه لا من غيره
فإذا اختل شرط من هذه الشروط
لم تصح التوبة .
و قد قيل :
من شروطها :
الاعتراف بالذنب
و كثرة الإستغفار الذي يحل عقد الإصرار و يثبت معناه في الجنان لا التلفظ باللسان .
فأما من قال بلسانه :
أستغفر الله و قلبه مصر على معصيته
فاستغفاره ذلك يحتاج إلى استغفار
و صغيرته لا حقة بالكبائر
-و روي عن الحسن أنه قال :
استغفارنا يحتاج إلى استغفار–
و روي عن علي رضي الله عنه
أنه رأى رجلاً قد فرغ من صلاته
و قال :
اللهم إني أستغفرك و أتوب إليك سريعاً
فقال له :
يا هذا إن سرعة اللسان بالاستغفار توبة الكذابين و توبتك تحتاج إلى توبة .
قال يا أمير المؤمنين
: و ما التوبة ؟
قال :
إسم يقع على ستة معان :
على الماضي من الذنوب ، الندامة
و لتضييع الفرائض الإعادة
، ورد المظالم إلى أهلها ،
و إئاب النفس في الطاعة كما أذابتها في المعصية ،
و إذاقة النفس مرارة الطاعة كما أذقتها حلاوة المعصية ،
و أن تزين نفسك في طاعة الله كما زينتها في معصية الله ،
و البكاء بدل كل ضحك ضحكته
و في صحيح مسلم
و البخاري
" عن عائشة رضي الله عنها قالت :
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
إن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه
وحكى عنة صلى الله عليه وسلم
-" أن رسول الله صلى الله عليه و سلم جلس على المنبر ثم
قال
: و الذي نفسي بيده
ثلاث مرات ثم سكت فأكب كل رجل منا يبكي حزيناً ليمين رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم
قال :
ما من عبد يؤدي الصلوات الخمس و يصوم رمضان و يجتنب الكبائر السبع إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يوم القيامة حتى أنها لتصفق . ثم تلا " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم
وفى - مسلم "
قال
: الصلوات الخمس و الجمعة إلى الجمعة و رمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر "
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين