بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على آله الطاهرين و صحابته أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
يقول الرسول عليه الصلاة و السلام : إن لكل دين خلقا و خلق الإسلام الحياء " و يقول أيضا : " الحياء من الإيمان و الإيمان في الجنة ، و البذاء من الجفاء و الجفاء في النار " و يقول أيضا : " ما كان الفحش في شيء إلا شانه ، و ما كان الحياء في شيء إلا زانه " . و الحياء يحبب لصاحبه الطاعة و التقوى و الاستقامة ، و يجنبه المقت و النفاق و الكذب ، يقول الرسول عليه الصلاة و السلام : " الحياء لا يأتي إلا بخير " و يقول أيضا " استحيوا من الله حق الحياء ، قلنا : إنا لنستحيي من الله و الحمد لله ، قال : ليس كذلك ، و لكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس و ما وعى ، و البطن و ما حوى ، و تذكر الموت و البلى ، و من أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا و آثر الآخرة عن الأولى ، و من فعل ذلك فقد استحيى من الله حق الحياء " . و صاحب الحياء لا يرهب ظلما و لا يخشى ضيما ، إذ يدفعه حياؤه إلى البذل و الجود ، مؤمنا بأن الله يرحم الراحمين ، و ينصر الصابرين ، و يجيب دعوة الداعين ، و أنه سبحانه و تعالى يراقبه في كل حركاته و سكونه ، يقول الله تعالى ( يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور ) ، لذا كان الحياء خيرا كله ، و كان رأس الفضائل و قرين الإيمان ، يقول الرسول عليه الصلاة و السلام : " الحياء و الإيمان قرناء جميعا ، فإذا وقع أحدهما رفع الآخر " . و الحياء الذي يدعو إليه الدين هو الذي يكون لصالح الفرد و المجتمع ، و لا يخرج بصاحبه عن جادة الصواب ، و لا يخل بالشجاعة و المروءة ، و لا يجر صاحبه إلى العزلة و الإنطواء ، فذاك ليس بحياء و هو مذموم في الدين .