أهمية الوقت في حياة المسلم
  (مجلة «الإصلاح» - العدد 3)
 ﴾   [ق: 38]؛ وفي ذلك إشارة للإنسان وتعليمٌ له: بأنْ يوقِّت لكلِّ أمر،  ويستفيدَ منه،  ولا يضيِّع الزَّمن الَّذي يمرُّ مرَّ السَّحاب، ولِشَرف  الوقت وأهميَّته: أقسم  الله - سبحانه - في مطالع سُوَرٍ عديدة ببعض  أجزائه، في عددٍ مِن آيات كتابه  الكريم، فقال تعالى: ﴿وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ  عَشْرٍ (2)﴾ [الفجر: 1، 2] وقال تعالى: ﴿وَاللَّيْلِ  إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2)﴾ [الليل: 1، 2  ] وقال: ﴿وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2)﴾  [الضحى: 1،  2]، وقال أيضًا: ﴿وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنْسَانَ  لَفِي خُسْرٍ (2)﴾ [العصر: 1، 2].   ولمَّا كان العمرُ قصيرًا، والوقتُ ثمينًا أكَّد الله تعالى على قيمته - في القرآن  الكريم - فقال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ  اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ  شُكُورًا (62)﴾ [الفرقان: 62]،  ولقد ذكر الله تعالى لنا حال المتَحسِّرين على تضييع أوقاتهم سُدًى، فقال - حاكيًا  قول المفرِّطين يوم القيامة -: ﴿يَالَيْتَنِي  قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24)﴾ [الفجر: 24]، ﴿رَبَّنَا  أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ﴾  [إبراهيم: 44]،   فيجب على العاقل أن يتذكَّر الموت وساعة الاحتضار - حين يكون الإنسان في  انقطاع مِن  الدُّنيا، وإقبال على الآخرة - وعندها يتمنَّى لو مُنح مهلة من  الزَّمن، ليصلح ما  أفسد، ويتدارك ما فات، ولكن هيهات هيهات، فقد انتهى  زمن العمل، وحان زمن الحساب  والجزاء.  إنَّ   المسلم الصَّادق هو الَّذي يُعِدُّ لكلِّ شيء عدَّته، ويحسب لكلِّ أمر  حسابه، ويعلم  - تمام العلم - أنَّه مُحاسب على هذا الوقت، الَّذي يقضيه في  دنياه - منذُ بلوغه  وتكليفه - إلى أنْ يلقى ربَّه؛ فلا تمرُّ لحظةٌ من  لحظات هذا الوقت إلَّا كانت له  أو عليه؛ فعن ابن مسعود - رضي الله عنه -  أَنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم  - قال: «لاَ  تَزُولُ قَدَمَا ابْنِ آدَمَ يَوْمَ  القِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ  حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ: عَنْ عُمُرِهِ  فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ  شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ  اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا  أَنْفَقَهُ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ»[1].  إنَّ   أهمَّ ما يملكه العبد هو الوقت، فالعاقل هو الذي يحرص على أنْ يشغله فيما  ينفعه -  في الدُّنيا والآخرة - ولهذا جاء التَّنبيه عليه مِن النَّبيِّ -  صلَّى الله عليه  وسلَّم - حيث قال: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا  كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ»[2]،   يُرشد الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى أنَّ الفراغ مَغْنَم  ومَكْسَب، ولكن  لا يعرف قدر هذه الغنيمة إلاَّ مَن عرف غايته في الوجود،  وأحسن التَّعامل مع الوقت  والاستفادة منه، ولعلَّ ممَّا يحفِّز على ضرورة  الاستفادة مِن الوقت: حرص المسلم  أنْ يكون مِن القلَّة - التي عناها  الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - في هذا  الحديث - إذْ ظاهره: أنَّ مَن  يستفيد مِن الوقت هم القِلَّة مِن النَّاس، وإلاَّ  فالكثير مغبون وخاسر  في هذه النِّعمة بسبب تفريطه في وقته، وعدم استغلاله الاستغلال  الأمثل،  وقد يكون الإنسان صحيحًا، ولا يكون متفرِّغًا: لانشغاله بمعاشه، وقد يكون   مستغنيًا، ولا يكون صحيحًا؛ فإذا اجتمعا - أي: الصِّحَّة والفراغ - وغلب  عليه الكسل  عن طاعة الله: فهو المغبون، أمَّا إنْ وُفِّق إلى طاعة الله:  فهو المغبوط[3].  ولقد   برزت أهميَّة الوقت في حثِّ الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - على  الاستفادة  منه، وعدم تركه يضيع سُدًى، إذ قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -:  «اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَك  قَبْلَ  هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ  فَقْرِكَ، وفَرَاغَكَ  قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ»[4]،   فحثَّ الإسلام على اغتنام فُرصة الفراغ - في الحياة - قبل ورود ما يُشغل  مِن هرم،  ومرض، وفقر؛ فالغالب أنَّ هذه الأمور تُلهي الإنسان، وتمنعه مِن  الاستفادة مِن  أوقاته، وتشغله عن استغلاله.    وممَّا يدلُّ على أهميَّة الوقت في حياة المسلم، واغتنامه فرصة للاستزادة  مِن العلم  النَّافع والعمل الصَّالح، والاستفادة منه حتَّى في أصعب  المواقف وأحلك الأحوال:  حديثُ أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول  الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ  فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ»[5].  قال   ابن القيِّم - رحمه الله -: «وقت الإنسان: هو عمره - في الحقيقة -، وهو  مادَّة  حياته الأبديَّة في النَّعيم المقيم، ومادَّة معيشته الضَّنك في  العذاب الأليم وهو  يمرُّ مرَّ السَّحاب ... فما كان مِن وقت لله وبالله  فهو حياته وعمره، وغير ذلك ليس  محسوبًا مِن حياته، وإنْ عاش فيه عيش  البهائم، فإذا قطع وقته في الغفلة واللَّهو  والأماني الباطلة، وكان خير ما  قطعه به النَّوم والبطالة فموت هذا خيرٌ مِن حياته»[6].  وقال  الوزير الفقيه (يحي بن محمَّد بن هبيرة) - شيخ ابن الجوزي -:
﴾   [ق: 38]؛ وفي ذلك إشارة للإنسان وتعليمٌ له: بأنْ يوقِّت لكلِّ أمر،  ويستفيدَ منه،  ولا يضيِّع الزَّمن الَّذي يمرُّ مرَّ السَّحاب، ولِشَرف  الوقت وأهميَّته: أقسم  الله - سبحانه - في مطالع سُوَرٍ عديدة ببعض  أجزائه، في عددٍ مِن آيات كتابه  الكريم، فقال تعالى: ﴿وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ  عَشْرٍ (2)﴾ [الفجر: 1، 2] وقال تعالى: ﴿وَاللَّيْلِ  إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2)﴾ [الليل: 1، 2  ] وقال: ﴿وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2)﴾  [الضحى: 1،  2]، وقال أيضًا: ﴿وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنْسَانَ  لَفِي خُسْرٍ (2)﴾ [العصر: 1، 2].   ولمَّا كان العمرُ قصيرًا، والوقتُ ثمينًا أكَّد الله تعالى على قيمته - في القرآن  الكريم - فقال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ  اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ  شُكُورًا (62)﴾ [الفرقان: 62]،  ولقد ذكر الله تعالى لنا حال المتَحسِّرين على تضييع أوقاتهم سُدًى، فقال - حاكيًا  قول المفرِّطين يوم القيامة -: ﴿يَالَيْتَنِي  قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24)﴾ [الفجر: 24]، ﴿رَبَّنَا  أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ﴾  [إبراهيم: 44]،   فيجب على العاقل أن يتذكَّر الموت وساعة الاحتضار - حين يكون الإنسان في  انقطاع مِن  الدُّنيا، وإقبال على الآخرة - وعندها يتمنَّى لو مُنح مهلة من  الزَّمن، ليصلح ما  أفسد، ويتدارك ما فات، ولكن هيهات هيهات، فقد انتهى  زمن العمل، وحان زمن الحساب  والجزاء.  إنَّ   المسلم الصَّادق هو الَّذي يُعِدُّ لكلِّ شيء عدَّته، ويحسب لكلِّ أمر  حسابه، ويعلم  - تمام العلم - أنَّه مُحاسب على هذا الوقت، الَّذي يقضيه في  دنياه - منذُ بلوغه  وتكليفه - إلى أنْ يلقى ربَّه؛ فلا تمرُّ لحظةٌ من  لحظات هذا الوقت إلَّا كانت له  أو عليه؛ فعن ابن مسعود - رضي الله عنه -  أَنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم  - قال: «لاَ  تَزُولُ قَدَمَا ابْنِ آدَمَ يَوْمَ  القِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ  حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ: عَنْ عُمُرِهِ  فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ  شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ  اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا  أَنْفَقَهُ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ»[1].  إنَّ   أهمَّ ما يملكه العبد هو الوقت، فالعاقل هو الذي يحرص على أنْ يشغله فيما  ينفعه -  في الدُّنيا والآخرة - ولهذا جاء التَّنبيه عليه مِن النَّبيِّ -  صلَّى الله عليه  وسلَّم - حيث قال: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا  كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ»[2]،   يُرشد الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى أنَّ الفراغ مَغْنَم  ومَكْسَب، ولكن  لا يعرف قدر هذه الغنيمة إلاَّ مَن عرف غايته في الوجود،  وأحسن التَّعامل مع الوقت  والاستفادة منه، ولعلَّ ممَّا يحفِّز على ضرورة  الاستفادة مِن الوقت: حرص المسلم  أنْ يكون مِن القلَّة - التي عناها  الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - في هذا  الحديث - إذْ ظاهره: أنَّ مَن  يستفيد مِن الوقت هم القِلَّة مِن النَّاس، وإلاَّ  فالكثير مغبون وخاسر  في هذه النِّعمة بسبب تفريطه في وقته، وعدم استغلاله الاستغلال  الأمثل،  وقد يكون الإنسان صحيحًا، ولا يكون متفرِّغًا: لانشغاله بمعاشه، وقد يكون   مستغنيًا، ولا يكون صحيحًا؛ فإذا اجتمعا - أي: الصِّحَّة والفراغ - وغلب  عليه الكسل  عن طاعة الله: فهو المغبون، أمَّا إنْ وُفِّق إلى طاعة الله:  فهو المغبوط[3].  ولقد   برزت أهميَّة الوقت في حثِّ الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - على  الاستفادة  منه، وعدم تركه يضيع سُدًى، إذ قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -:  «اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَك  قَبْلَ  هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ  فَقْرِكَ، وفَرَاغَكَ  قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ»[4]،   فحثَّ الإسلام على اغتنام فُرصة الفراغ - في الحياة - قبل ورود ما يُشغل  مِن هرم،  ومرض، وفقر؛ فالغالب أنَّ هذه الأمور تُلهي الإنسان، وتمنعه مِن  الاستفادة مِن  أوقاته، وتشغله عن استغلاله.    وممَّا يدلُّ على أهميَّة الوقت في حياة المسلم، واغتنامه فرصة للاستزادة  مِن العلم  النَّافع والعمل الصَّالح، والاستفادة منه حتَّى في أصعب  المواقف وأحلك الأحوال:  حديثُ أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول  الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ  فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ»[5].  قال   ابن القيِّم - رحمه الله -: «وقت الإنسان: هو عمره - في الحقيقة -، وهو  مادَّة  حياته الأبديَّة في النَّعيم المقيم، ومادَّة معيشته الضَّنك في  العذاب الأليم وهو  يمرُّ مرَّ السَّحاب ... فما كان مِن وقت لله وبالله  فهو حياته وعمره، وغير ذلك ليس  محسوبًا مِن حياته، وإنْ عاش فيه عيش  البهائم، فإذا قطع وقته في الغفلة واللَّهو  والأماني الباطلة، وكان خير ما  قطعه به النَّوم والبطالة فموت هذا خيرٌ مِن حياته»[6].  وقال  الوزير الفقيه (يحي بن محمَّد بن هبيرة) - شيخ ابن الجوزي -:       والوَقْتُ أَنْفَسُ ما عُنِيتَ بِحِفْظِه *** وأُراه أَسْهَل ما عليك يَضِيعُ[7]