_ المتن :
وقد دخل في هذه الجملة ما وصف به نفسه في سورة الإخلاص التي تعدل ثلث القرآن
حيث يقول : ** قل هو الله أحد * الله الصمد
* لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفواً أحد **
وما وصف به نفسه في أعظم آية في كتابه ، حيث يقول : ** الله لآ إلـٰه إلاّ هو الحيّ القيّوم لا تأخذه سنة ولا نوم لّه ما في السّماوات وما في الأرض من ذا الّذي يشفع عنده إلاّ بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء مّن علمه إلاّ بما شآء وسع كرسيّه السّماوات والأرض ولا يئوده حفظهما
- [ أي لا يَكْرِثه ولا يُثْقِلُه ] -
وهو العليّ العظيم (255) **
ولهذا كان من قرأ هذه الآية في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح .
_ الشرح :
( وقد دخل في هذه الجملة ) أي التي تقدمت وهي قوله : ( وهو سبحانه قد جمع فيما وصف وسمى به نفسه بين النفي والإثبات )
فأراد هنا أن يورد ما يدل على ذلك من الكتاب والسنة ،
وبدأ بسورة الإخلاص لفضلها .
وسُميت بذلك لأنها أُخلِصَت في صفات الله ولأنها تُخَلِصُ قارئها من الشرك .
قوله : ( التي تعدل ثلث القرآن )
أي : تساويه وذلك لأن معاني القرآن ثلاثة أنواع :
توحيد ، وقصص ، وأحكام .
وهذه الصورة فيها صفة الرحمن فهي في التوحيد وحده فصارت تعدل ثلث القرآن
والدليل على أن هذه السورة تعدل ثلث القرآن ما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رجلا سمع رجلا يقرأ :
( قل هو الله أحد ) يرددها فلما أصبح جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك
وكأن الرجل يَتَقالُّها فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن )
قال الإمام ابن القيم : والأحاديث بكونها تعدل ثلث القرآن تكاد تبلغ التواتر .
( حيث يقول ) الله جل شأنه : ( قل )
أي : يا محمد
وفي هذا دليل على أن القرآن كلام الله
إذ لو كان كلام محمدأو غيره لم يقل( قل ).
( الله أحد ) أي : واحد لا نظير له ولا وزير
ولا مثيل ولا شريك له .
( الله الصمد ) أي : السيد الذي كمل في سُؤْدَدِه وشَرَفِه وعَظَمَتِه
وفيه جميع صفات الكمال
والذي تَصْمُد إليه الخلائق وتَقْصِدُه في جميع حاجاتها ومهماتها
( لم يلد ولم يولد ) أي : ليس له ولد ولا والد
وفيه الرد على النصارى ومشركي العرب الذين نسبوا لله الولد
( ولم يكن له كفوا أحد ) أي : ليس له مكافئ ولا مماثل ولا نظير
والشاهد من هذه السورة : أنها تضمنت وجمعت بين النفي والإثبات
فقوله : ( الله أحد الله الصمد ) إثْباتٌ
وقوله
( لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد )
نَفْيٌ
( يتبع ) ...................