من العقيدة الصحيحة أن تعلم أن الله تبارك وتعالى أخفى موعد قيام الساعة عن جميع خلقه ، ولم يطلع على ذلك نبيا مرسلا ، ولا ملكا مقربا .
وفي هذا يجيب الرسول صلى الله عليه وسلم جبريل الأمين عندما قال له : (( ما المسئول عنها بأعلم من السائل )) ، ثم يستطرد قائلا في خمسة أمور من الغيب لا يعلمها إلا الله ، ويتلو قوله تعالى : (( إن الله عنده علم الساعة ، وينزل الغيث ، ويعلم ما في الأرحام ، وما تدري نفس ماذا تكسب غدا ، وما تدري نفس بأي أرض تموت ، إن الله عليم خبير )) .
إلا أن هذا لا يمنع من معرفة اليوم الذي تقوم فيه الساعة .
فنحن نعلم أن الأيام سبعة ، ولكن في أي يوم من تلك الأيام يكون قيامها ؟
إذن : فليس السؤال هنا : متى تقوم الساعة ؟ لأن ذلك علمه عند ربي ، وإنما السؤال : في أي يوم من أيام الإسبوع تقوم الساعة ؟
وللإجابة على هذا السؤال نقول : إنه وردت أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم تثبت إنها تقوم يوم الجمعة ، قال صلى الله عليه وسلم : إن يوم الجمعة سيد الأيام ، وأعظمها عند الله ، وهو أعظم عند الله من يوم الأضحى ، ويوم الفطر ، وفيه خمس خلال : خلق الله فيه آدم ، وأهبط الله فيه آدم إلى الأرض ، وفيه توفى الله آدم ، وفيه ساعة لا يسأل الله فيها العبد شيئا إلا أعطاه إياه ، ما لم يسأل حراما ، وفيه تقوم الساعة ، ما من ملك مقرب ، ولا سماء ، ولا أرض ، ولا رياح ، ولا جبال ، ولا بحر ، إلا وهن يشفقن من يوم الجمعة )).
( رواه أحمد )
وقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم أنه يقرأ في فجر يوم الجمعة سورتي : ( ألم . تنزيل ، و : هل أتى على الإنسان ).
قال العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه (( زاد المعاد )) : ( يظن كثير ممن لا علم عندهم أن المراد تخصيص هذه الصلاة بسجدة زائدة ، ويسمونها (( سجدة الجمعة )) ، وإذا لم يقرأ أحدهم هذه السورة استحب قراءة سورة أخرى فيها سجدة ، ولهذا كره من كره من الأئمة : المداومة على قراءة هذه السورة (( سورة السجدة )) في فجر يوم الجمعة دفعا لتوهم الجاهلين ، وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول : إنما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هاتين السورتين في فجر (( لأنهما تضمنتا ما كان ويكون في يومها ، فإنها اشتملتا على خلق آدم ، وعلى ذكر المعاد ، وحشر العباد ، وذلك يكون يوم الجمعة ، وكأن في قراءتهما في هذا اليوم ، تذكيرا للأمة بما كان كان فيه ويكون ، والسجدة جاءت تبعا ، وليست مقصودة ، حتى يقصد المصلي قراءتها حيث اتفقت ) .
منقـــول : من كتاب إرشاد العباد إلى طريق الرشاد .