بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
توحيد الله، وإفراده بالعبادة أجَلُّ النِّعم وأفضلها على الإطلاق،
وفضائله وثمراته لا تعد ولا تحد، ففضائل التوحيد، كثيرة
تنتظم خيري الدنيا والآخرة، ومن تلك الفضائل مايلي:
1_ أنه أعظم نعمة أنعمها الله على عباده، حيث هداهم إليه،
كما جاء في سورة النحل التي تسمى سورة النعم، فالله عز وجل
قدم نعمة التوحيد على كل نعمة، فقال في أول سورة النحل:
[يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ
أَنذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ](النحل: 2).
2_أنه الغاية من خلق الجن والإنس:[وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ
إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ](الذاريات: 56).
3_أنه الغاية من إنزال الكتب ومنها القرآن، قال_تعالى_فيه:
[الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1) أَلاَّ
تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ] (هود:1 ،2).
4_أنه السبب الأعظم لتفريج كربات الدنيا والآخرة، ودفع
عقوبتهما كما في قصة يونس عليه السلام.
5_أنه يمنع من الخلود في النار، إذا كان في القلب منه أدنى
مثقال حبة خردل.
6_ أنه إذا كمل في القلب يمنع دخول النار بالكلية كما
في حديث عتبان في الصحيحين؛ قال
: "فإن الله قد حرم
على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله([1]).
7_حصول الاهتداء الكامل، والأمن التام لأهله في الدنيا
والآخرة[الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ
وَهُمْ مُهْتَدُونَ] (الأنعام: 82).
8_أنه السبب الأعظم لنيل رضا الله وثوابه.
9_أن أسعد الناس بشفاعة محمد
من قال:" لا إله إلا الله
خالصاً من قلبه."
10_أن جميع الأعمال والأقوال الظاهرة
والباطنة متوقفة في قبولها وفي كمالها وفي
ترتيب الثواب عليها على التوحيد،فكلما قوي
التوحيد والإخلاص لله كملت هذه الأمور وتمت.
11_أنه يسهل على العبد فعل الخيرات، وترك المنكرات،
ويسليه عن المصيبات؛ فالمخلص لله في إيمانه وتوحيده تخف
عليه الطاعات؛ لما يرجوه من ثواب ربه ورضوانه، ويهون
عليه ترك ما تهواه النفس من المعاصي؛ لما يخشى من
سخطه وأليم عقابه.
12_أن التوحيد إذا كمل في القلب حبب الله لصاحبه
الإيمان، وزيّنه في قلبه، وكره إليه الكفر، والفسوق
والعصيان، وجعله من الراشدين.
13_أنه يخفف على العبد المكاره، ويهون عليه الآلام؛
فبحسب تكميل العبد للتوحيد والإيمان يتلقى المكاره
والآلام بقلب منشرح، ونفس مطمئنة، وتسليم ورضا بأقدار
الله المؤلمة.
14_أنه يحرر العبد من رق المخلوقين، ومن التعلق بهم،
وخوفهم، ورجائهم، والعمل لأجلهم.
وهذا هو العز الحقيقي، والشرف العالي، فيكون
بذلك متألهاً متعبداً لله، فلا يرجو سواه، ولا يخشى غيره، ولا
ينيب إلا إليه، ولا يتوكل إلا عليه، وبذلك يتم فلاحه ويتحقق
نجاحه.
15_ومن فضائله التي لا يلحقه فيها شيء أن التوحيد إذا
تم وكمل في القلب، وتحقق تحققاً كاملاً
بالإخلاص التام فإنه يُصَيِّر القليل من العمل كثيراً،
وتضاعف أجور صاحبه بغير حصر ولا حساب.
16_أن الله تكفل لأهله بالفتح والنصر، والعز والشرف،
وحصول الهداية، والتيسير لليسرى، وإصلاح الأحوال،
والتسديد في الأقوال والأفعال.
17_أن الله يدافع عن الموحدين شرور الدنيا والآخرة، ويمن
عليهم بالحياة الطيبة، والطمأنينة إليه وبذكره.
وشواهد ذلك من الكتاب والسنة كثيرة، فمن حقق التوحيد
حصلت له هذه الفضائل كلها وأكثر منها، والعكس
بالعكس.
([1]) البخاري 1/110، ومسلم 1/61.
فماهي أسباب نمو التوحيد في القلب؟
عنوان الموضوع الثاني