هن فتيات في عمر الزهور ... فتيات مسلمات ومن بيئات مختلفة ... وأسر متفاوتة في العلم والدين ...
فتيات ... إن لم يجدن من يمد لهن يد العون ... قد تكون النتائج سلبية جداً
** القصة الأولى : ( 5 – 3 = 2 ) **
كيف بدأت القصة ...
في منتصف يوم دراسي ... خرجت الأخصائية الاجتماعية بجولة ، فلمحت فتاة بعمر 15 أو 16 سنة تتجول في فناء المدرسة وتحرك يديها بشكل غير طبيعي وكأنها تغني مثلاً ... فنادتها أن تعالِ ... واستمرت الفتاة بلا وعي تفعل نفس الحركات باتجاه الأخصائية ...
فما أن اقتربت منها سألتها الاخصائية : ما أسمكِ ؟
فردت الفتاة : 5-3=2
فخافت الأخصائية وتراجعت خطوة للخلف لتعيد عليها السؤال بصوت أعلى ، وحتى تكون في مركز قوة بالنسبة للفتاة ...
فأعادت عليها السؤال مرة أخرى بصوت عالي : ما أسمك ؟
فردت الفتاة قائلة : 5-3=2 !!!
فارتابت منها جداً ... فأدخلتها وأخذت بياناتها للاتصال بأهلها ...
خرجت الفتاة لتعود إلى فصلها الدراسي ... ولكنها ما أن خرجت حتى عادت لتفعل الأمر نفسه !!!
وقدراً ... رأتها مديرة المدرسة وسألتها عن اسمها ، فأجابتها : 5-3=2 !!!
ما السر من هذهِ الجملة !!! لا أدري
دخلت المديرة وهي غاضبة والفتاة خلفها ، وكنت أقف بجانب الأخصائية لكي أعطي لها بعض الأعمال ، فما أن رأتها قالت لي : اقشعر جسمي من رؤية هذهِ الفتاة ...
فنظرت إليها ... ولم أكن أعرف حينها القصة ... فوجدتها فتاة عادية إلا أن مشيتها كطفلة في المرحلة الابتدائية !!! أما عن نظراتها فغير مرتكزة على الإطلاق ...
حاولت تهدئة من تصرخ عليها ، فقلت : خير إن شاء الله ... ماذا هناك ؟
فنظرت لي ... ففهمت أنها ستخبرني ولكن في وقت لاحق ... أما الفتاة فصرخت : أنا ما غلطت !!!
أنا قلت : 5-3=2
فقلت لها طيب ... صحيح ، ولكن هل المُدرسة أرسلتك لهذا السبب ؟!!
حينها ضحكت المديرة قائلة ... لا لا الأمر مختلف
في حين أن الأخصائية مازالت تردد : هذهِ الفتاة يقشعر منها جسمي ... فاستغربت من كلامها ولذلك بقيت الفتاة مع المديرة ، أما أنا فأكملت نقاشي بشأن الفتاة مع الأخصائية ... فسألتها ما الأمر ؟
فقالت : ما زلت لا أعلم شيئاً عنها ... إلا أني أخاف أن يكون فيها جن !!!
فقلت في نفسي : " منتدى الرقية الشرعية "
فطمنتها وقلت : لا .. يمكن الطالبة تمزح أو مريضة ، أو مآخذه شيء لا سمح الله ، مع أن الأمر مستبعد ولكنها تبقى افتراضات أولية ... فسمعت إحداهن نقاشنا فقالت ... فقط أعطوها حليب بارد وينتهي الأمر ؟
فقلتُ : ماذا !!!
فردت الجملة نفسها : أعطوها حليب بارد وينتهي الأمر !!!
فسألتها عن السبب ، فقالت كان لي خال يأخذ شيئاً يجعلهُ يهلوس ... فقلتُ لها كفانا افتراضات ، ولنحتوي الفتاة ونعلم منها الخبر ...
دخلنا فرأيناها واقفة أمام المديرة ... فاستأذناها بالهدوء لنعرف كيف نتحدث معها ، ونعرف قصتها ... وما أن سألتها الأخصائية ما بكِ ؟ حتى بدأت الفتاة تصرخ وتضع يديها على رأسها وأذنيها رافضة الحديث مع أي أحد ... فأخرجتها لتهدأ ، ومنعنا أي أحد من الحديث معها ... حتى تعود لطبيعتها ... وكنتُ بين حين وآخر أنظر إليها من بعيد لأجدها تحدث نفسها ...
فتارةً تقول : أنا لم أفعل شيء !!! أنا لم أقل شيء !!!
أنا قلت : 5 – 3 = 2
فقلتُ في نفسي : لا حول ولا قوة إلا بالله ... ما الذي أصابها ... خفتُ أن تكون فقدت عقلها .
حادثت الأخصائية والدها سائلةً إياه عن حال ابنته فقال : ليس بها شيء إطلاقاً ... أنا عندي من الأبناء الكثير وهي أصغرهم ، وهي مدللة بقوله ... واكتفى بهذا
أيعقل أن تهلوس الفتاة بسبب الدلال !!!
لا ... بواقع خبرتنا العملية ، الدلال الزائد يكون سلبياً على الفتاة ويظهر ذلك عليها في الملبس والمأكل وطريقة المشي والكلام وغيرها من الأمور ...
أما هلوسة بسبب الدلال !!! لم أصادف ذلك قط
لم نقتنع ... حادثنا الأم ... وللأسف ماذا كانت إجابتها :
هل أتريدونني أن آتي الآن لأضربها !!!
أيعقل أن تهان الفتاة في هذهِ السن !!!
أين الدلال الذي يتحدث عنهُ والدها !!!
فأخبرنا الأم أن ابنتها لم تفعل شيء يستحق الضرب ، ولكننا نريدها لنتحدث معها قليلاً ...
حضرت الأم فنفت أن يكون بإبنتها شيء من هذا ... وبنظرتنا للأم نظن بأنها لا تعي جيداً ما نقوله لها ... لذا طلبت الأخصائية حضور الفتاة لترى ردة فعلها ، فما أن دخلت ورأت أمها حتى تجمدت مكانها ... فأجبرناها على الجلوس وخصوصاً بأن الحديث قد يطول ...
صرخت الأم بالفتاة : ماذا فعلت ؟
فبكت الفتاة وقالت : لم أفعل شيء ... والتفت إلينا ويبدو وكأنها عادت لرشدها ، لماذا أحضرتم أمي ؟
لا أحد يفهمني ... لا أحد يفهمني ... وبكت
فأمسكت الأم بذقن ابنتها وقالت لها قولي : آسفة
فأخذت الفتاة تهز رأسها وتردد : آسفة .. آسفة ... آسفة ... مرات عديدة
فقامت الأخصائية الاجتماعية صارخة بالأم : بل نحنُ آسفين لأننا أتعبناكِ وأحضرناكِ
فقالت الأم : خلاص ... انتهى الأمر ... ألا تريدوني أن أضربها !!!
والله مصيبة ... نحن في وادٍ ... والأم في وادٍ آخر
واتضح لنا فيما بعد بأن الفتاة هي الأصغر فعلاً ... ولكن لا يسمح لها بالكلام في حضور من يكبرها ، الجميع ينهرها ويسكتها ، لا رأي لها في أمور تخصها ، الضرب نصيبها إن لم تستجب للأوامر ، لا تجد من يسمعها ...
دائماً يقولون لها : عيب أنتي صغيرة فأثر فيها ذلك سلوكيا من ناحية المشي ، فمشيتها كطفلة ، وليس كفتاة في سنها ، ونفسياً أصبحت تحدث نفسها وتهلوس ...
وأخيراً ... تم تحويل الفتاة للمتابعة مع الأخصائية النفسية والاجتماعية ، ونسأل الله تعالى أن يشفيها وييسر أمرها ... آمين