المؤمن لا يبالغ في الذنوب وإنما يقوى الهوى وتتوقد نيران الشهوة فينحدر.
وله مراد لا يعزم المؤمن على مواقعته، ولا على العود بعد فراغه.
ولا يستقصي في الانتقام إن غضب، وينوي التوبة قبل الزلل.
وتأمل إخوة يوسف عليهم السلام. فإنهم عزموا على التوبة قبل إبعاد يوسف فقالوا: " اقْتُلُوا يوسُفَ " ثم زاد ذلك تعظيماً فقالوا: " أَوِ اطْرَحُوهً أرْضاً " . ثم عزموا على الإنابة فقالوا: " وَتكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صَالحينَ " .
فلما خرجوا به إلى الصحراء هموا بقتله بمقتضى ما في القلوب من الحسد.
فقال كبيرهم: " لاَ تَقْتُلُوا يوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابت الجُبِّ " ولم يرد أن يموت بل يلتقطه بعض السيارة، فأجابوا إلى ذلك.
والسبب في هذه الأحوال أن الإيمان في قمع النفوس يكون على حسب قوته، فتارة يردها عند الهم، وتارة يضعف فيردها عند العزم، وتارة عن بعض الفعل، فإذا غلبت الغفلة، ووقع الذنب، فتر الطبع، فنهض الإيمان للعمل، فينقص بالندم أضعاف ما التذ.