أخي الكريم ( طلعت ) وفقتَ لإصابة الخير حيث كان .. وجعلك ربي باحثاً عن الحق أينما حلّ ..
اعلم : أنَّ فهم دَِلالة(1) المكتوب على المقصود يعرف بالتأمل والروية .. ولإيضاح ما تقدم ذكره أقول : المخاطِبُ نوعان : جني مؤمن .. ، وشيطان مريد .. فخطاب الجني يكون خارجياً مسوعاً ، وخطاب الشيطان يكون حدوثه خارجيا مسموعا .. وداخلي عندما يلم بالإنسان ..
والفارق بين المسوس وغيره : أنَّ السَّمَاع للسالم من المس يكون خارجياً .. أما من به مسٌّ فقد يسمع من الداخل حثا للخير على سبيل الندرة لا لقصد الخير ؛ بل للمكر بذلك الممسوس..
ثم يكون المكر بجعل ذلك الإنسان يقع في مكائد الشيطان ومكره في مرات يتتابع حدوثها ..
وقد يحدث ذلك من الشيطان الملازم ( القرين ) تتدرجا في الغواية .
ولهذا جاءت الشريعة بمنع قبول تلك الواردات على القلب والفكر .. ووجوب ردها إلى ظاهر مطالب الشرع لا غير .
أمَّا لمة الملك : فالاطراد في الخير دائم فيها .. ولمَّا كان التمييز قد يغيب عن كثير من الناس = وجب التوقف في الخواطر .. والحاكم في الصواب ، أو الخطأ من تلك المخاطبات إنما هو للشارع الكريم .
وإنما زلَّ من زلَّ من المتصوفة .. وبعض الرقاة .. والأغمار من المسلمين : إنما هو بسبب التسليم المطلق لتلك الخواطر والمخطبات والسماعات .
والله الموفق
_______
1- دَِلالة : بالكسر أفصح ، وبالفتح وارد ، أما الضم فضعيف متروك .