وفي الصحيحين- أيضاً- عن أبي سلمة بن عبدالرحمن عن أبي هريرة -رضي الله عنه-قال: قال رسول اللهr: ( إذا نُودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضُرَاطٌ ،فإذا قُضِيَ أقبل، فإذا ثُوِّب بها أَدْبَر ،فإذا قُضِيَ أقبل حتى يخطر بين الإنسان وقلبه ،فيقول: اذكرْ كذا اذكر كذا ،حتى لا يدري أثلاثاً صلى أم أربعاً، فإذا لم يَدرِ أثلاثاً صلى أم أربعاً سجد سجدتي السهو ) .
ومن الآثار الواردة عن السلف:ما قاله ابن عباس-رضي الله عنه- : (قال الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا سها وغفل وسوس ،وإذا ذكر الله خنس ) .
وقال مجاهد-رحمه الله -في قوله تعالى: ) الوسواس الخناس( قال: الشيطان يكون على قلب الإنسان، فإذا ذكر الله خَنَسَ ) .
وعن قتادة-رحمه الله-في قوله تعالى : )مِنْ شَرِّ الوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ( (يعني: الشيطان يوسوس في صدر ابن آدم ،ويخنس إذا ذكر الله)(1).
فالخناس : فعَّالٌ من خَنَس يَخْنِسُ : إذا توارى واختفى.وأصل الخنوس : الرجوع إلى الوراء .
يقول ابن القيم : (العبد إذا غفل عن ذكر الله جَثَم على قلبه الشيطان وانبسط عليه، وبذر فيه أنواع الوساوس التي هي أصل الذنوب كلها ، فإذا ذكر العبد ربه، واستعاذ به انخنس وانقبض كما ينخنس الشيء ليتوارى ،وذلك الانخناس والانقباض هو- أيضاً-تجمُّعٌ ورجوعٌ وتأخـرٌ عن القلب إلى خارج، فهو تأخرٌ ورجوعٌ معه اختفاء … وجيء من هذا الفعل بوزن فعَّال الذي للمبالغة دون الخانِس والمُنْخَنِس إيذاناً بشدة هروبه ورجوعه وعظم نفوره عند ذكر الله، وأنَّ ذلك دأبه ودَيْدَنُهُ، لا أنه يعرض له ذلك عند ذكر الله أحياناً ،بل إذا ذكر الله هرب وانخنس وتأخر ، فإنَّ ذكر الله هو مِقْمَعَتُه التي يُقمع بهـا كما يُقمع المفسـد والشرير بالمقامع التي تردعه؛ من سياط وحديد وعصي ونحوها .
__________
1-انظر: تفسير الطبري(12/752-753)والبغوي(4/548)وفتح الباري(8/614)والدر المنثور،للسيوطي(6/722).