|
قراءة المقاله
الأمارات والأعراض الخاصة بالأمراض الروحية :
|
كتبت بواسطة: أبو البراء - el 20/02/2004 - 3027 زوار  |
الكتاب الحادي عشر
السلسلة العلمية ـ نحو موسوعة شرعية في علم الرقى (11) ( الأصول الندية في علاقة الطب بمعالجي الصرع والسحر والعين بالرقية )
الأمارات والأعراض الخاصة بالأمراض الروحية :
بعد استيفاء المعالِج لجلسة النقاش والمداولة للحالة المرضية ، والتعرف على كافة الجوانب المحيطة بها ، وتدوين كافة الملاحظات الهامة التي قد ينتفع بها ، تبدأ المرحلة التالية والمتعلقة بتحديد المعاناة التي يعاني منها المريض وهذا مما يؤكد للطب وأهله أن القضية برمتها لا تعتمد على الجهل والخرافة والهرطقة ، إنما الأمر بُنيّ على الدراسة والبحث والتقصي ولا زال الأمر يحتاج إلى مزيد من البحث والدراسة والتمحيص 0 ولا بد في هذه الحالة من تحديد الأمارات والأعراض المتعلقة بالإصابة بالأمراض الروحية ، ولا بد من توفر الشروط والمقومات التي يتمتع بها المعالج ليستطيع أن يحكم على الحالة المرضية ، وبطبيعة الحال فإن ذلك لن يتأتى إلا للمعالج المتمرس الحاذق الذي يمتلك الكفاءة والخبرة والدراية التي تؤهله لمثل ذلك الأمر ، ومع ذلك فلا بد من استدراكات أو لنقل أنها ايضاحات يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار قبل الحديث عن الأعراض المصاحبة للأمراض الروحية ، وهي على النحو التالي : ...
1)- إن تحديد الأعراض المتعلقة بالأمراض الروحية بشكل عام واقتران الأرواح الخبيثة بشكل خاص يحتاج إلى مراس وخبرة عملية من قبل المعالج، فالمعالج المتمرس الحاذق يستطيع بعد الدراسة العلمية الموضوعية والخبرة العملية أن يكون قريباً من عملية التشخيص الخاصة بالمرض ، ليستطيع بعد ذلك أن يحدد الداء ويصف الدواء النافع بإذن الله تعالى 0 قال فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين - حفظه الله - حينما سئل عن تشخيص المرض من قبل الراقي :( معلوم أن الراقي الذي تتكرر عليه الأحوال ويراجعه المصابون بالمس والسحر والعين ويعالج كل مرض بما يناسبه أنه مع كثرة الممارسة يعرف أنواع الأمراض النفسية أو أكثرها وذلك بالعلامات التي تتجلى مع التجارب فيعرف المباشرة بتغير عينيه أو صفرة أو حمرة في جسده أو نحو ذلك ، ولا تحصل هذه المعرفة لكل القراء وقد يدعي المعرفة ولا يوافق ذلك ما يقوله ، لأنه يبني على الظن الغالب لا على اليقين ، والله أعلم ) 0 ( الفتاوى الذهبية - ص 20 - 21 ) 0
2)- ليس بالضرورة أن يكون الإنسان مصابا بصرع الأرواح الخبيثة نتيجة لمعاناته من بعض تلك الأعراض 0
3)- قد تشترك أعراض المس والسحر والعين في بعض الحالات مع أعراض الأمراض النفسية والعضوية ولذلك لا بد من التأكد أولا من سلامة الناحية الطبية ، وذلك بإجراء الفحوصات اللازمة للتثبت من أن الأعراض ليست لها أية علاقة بالناحية العضوية أو النفسية 0
قال صاحبا الكتاب المنظوم "فتح الحق المبين" :( وقد تشترك أعراض "المس ، السحر ، العين" ببعض الحالات في الأمراض النفسية أو العضوية ، فمثلا من أعراض المس القلق ، فهل كل قلق ممسوس ؟ فالحالة النفسية تسبب القلق في كثير من الأحيان ، والإعراض عن الرحمن يسبب القلق ، قال تعالى : ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) 0( سورة طه – الآية 124 ) 0
والصداع قد يكون سببه المس ، وقد يكون سببه أمراض عضوية ) 0 ( فتح الحق المبين - ص 64 ) 0
4)- التأكد من أن الأمر خارج عن نطاق تلعب الشيطان بالإنسان ، لإيهامه بالصرع والسحر ونحوه ، لصده عن الطاعة والعبادة والذكر 0
5)- استشارة أهل العلم والدراية والخبرة ممن تمرسوا في الرقية الشرعية ودروبها ومسالكها ، والعمل بنصحهم وإرشاداتهم وتوجيهاتهم ، والحذر من استشارة وسؤال الجهلة من مدعي الرقية دون علم ودراية ، قبل الخوض في الأسباب والمسببات لتلك الأعراض 0
6)- قد تكون الأعراض مشتركة نتيجة لمعاناة المريض من جراء إصابته بأمراض الصرع والسحر والعين والحسد ، بسبب عامل مشترك واحد نتيجة اقتران الأرواح الخبيثة ، وهذا بالتالي يحتاج للمعالِج الحاذق المتمرس ليقف على حقيقة المعاناة ومن ثم يحدد الداء ، ويصف الدواء النافع بإذن الله تعالى 0
وبعد أن قدمت بتلك الاستدراكات فإنني أعرض عرضاً مفصلاً للإمارات أو العلامات التي يستدِل بها المعالِج على طبيعة الأمراض الروحية قبل أو أثناء القراءة أو بعدها وهي على النحو التالي :-
1)- الأعراض الخاصة بالاقتراق الشيطاني ( الصرع ) :
أ – أعراض الاقتراق الشيطاني الداخلي :
يستطيع المعالِج أن يحدد الأعراض الخاصة بالاقتران الشيطاني الداخلي بالنسبة للأرواح الخبيثة على النحو التالي :-
* أولا : الأعراض حال الرقية الشرعية :-
1)- الإغماء وتشنج الأعصاب 0 2)- الصراخ الشديد والبكاء 0 3)- شخوص البصر ، وطرف العينان يمنة أو يسرة ، وهذا ما يسمى ( بالرأرأة ) 0 4)- انتفاخ الأوداج والصدر 0 5)- احمرار العينين بشكل غير طبيعي 0 6)- القوة والقدرة غير الطبيعية 0 7)- حركة غير طبيعية وغالبا ما تكون في منطقة البطن 0 8)- انتفاخ غير طبيعي في منطقة البطن0 9)- ضيقة شديدة في منطقة الصدر 0 10)- القيء والاستفراغ 0 11)- الاهتزاز والرجفة الشديدتان 0 12)- تغير الصوت كليا في بعض الحالات 0 13)- إصدار أصوات غريبة 0 14)- ومن الطرق الفعالة للكشف عن صرع الأرواح الخبيثة المتابعة الخاصة بحركة العين ، ويقتصر ذلك على الرجال فقط دون النساء ، ولا يجوز النظر في أعين النساء مطلقا ، لكافة أدلة المنع الثابتة في الكتاب والسنة، ولا بأس بمتابعة ذلك عن طريق أحد المحارم أو المرافقين للمريضة ، وتدوين الملاحظات التي تعين المعالِج في قيامه بعمله دون الوقوع في الحرج والمخالفة الشرعية 0 وقد تشاهد الأعراض التالية حال التركيز والنظر في عين المريض :-
أ - ارتعاش 0 ب- عدم القدرة على التركيز 0 ج - تغير في حجم بؤبؤ العين 0 د - الاتجاه المعاكس في حركة العينين 0 هـ- إغلاق العينين بسرعة وبصورة متكررة 0 و - الصراخ أو البكاء 0 ز - التنميل في بعض الأطراف 0
* ثانيا : الأعراض في حالة اليقظة :-
01)- الحزن والاكتئاب مع الإحساس بالاختناق وضيق في التنفس 0 02)- الانطواء والانعزال مع كراهية وبغض أخلص وأحب وأقرب الناس إليه 0 03)- الصدود عن المذاكرة أو الدراسة أو العمل أو البيت أو الزوجة 0 04)- الصدود عن العبادات وعلى الأخص الصلاة وتلاوة القرآن أو الاستماع إليه 0 05)- الارتياح والتلذذ بقذارة الثوب والبدن والمكان 0 06)- الشرود والذهول والنسيان واليأس وسرعة الغضب وسرعة الخطأ والقنوط والإحباط ، والتلفظ بألفاظ نابية 0 07)- الضحك والبكاء لغير سبب أو لسبب تافه 0 08)- الصرع والتشنج خاصة في حالة الغضب أو الحزن الشديد 0 09)- الصداع الدائم دون تحديد سبب طبي لذلك 0 10)- الكسل والخمول ، وعدم الرغبة والدافع لأي عمل 0 11)- الهلع والفزع والخوف الشديد 0 12)- الوسوسة والشك والريبة 0 13)- النزيف المستمر عند النساء دون تحديد أسباب طبية 0 14)- الإمساك المزمن دون تحديد أسباب طبية 0 15)- آلام متنقلة في أعضاء الجسم دون تحديد أسباب طبية 0 16)- الإيحاءات الكفرية والشركية وزرع الشك في العقيدة والمنهج 0 17)- الانكباب على المعاصي بشتى السبل والوسائل 0 18)- الشراهة في الأكل والطعام والشراب 0 19)- الكراهية الشديدة للمعالِجين وسماع أخبارهم أو ارتياد أماكنهم0 20)- ألم في الظهر والركبتين وملاحظة كدمات بلون أسود مائل للزرقة أو الخضرة ، خاصة في الذراعين والفخذين ؛ دون تحديد أسباب طبية 0 21)- الإحساس بالمتابعة والملاحقة من قبل أشخاص ، أو الشعور بوجود نفس بمحاذاة الشخص وهو على فراشه استعدادا للنوم 0 22)- الإحساس بمن يقوم بسحب أو جذب غطاء النوم دون رؤية أحد 0 23)- سماع أصوات أو رؤية أشباح ، تلمح من أمام الشخص بسرعة فائقة ، أو رؤية أنوار وخيالات ونحوه 0 24)- الأرق والقلق والتوتر ، ولا يدل ذلك على أن كل مصاب بالأرق يعاني من صرع الأرواح الخبيثة ، ويصاحب الأرق عادة الأعراض الآتية :-
أ - حدوث تقطع في النوم وعدم انتظامه أثناء الليل 0 ب- عدم القدرة على النوم أساسا 0 ج - عدم النوم للفترة التي يحتاجها الجسم للراحة 0 وقد تكون الأسباب المباشرة للأرق غير الأسباب المتعلقة باقتران الأرواح الخبيثة ، وهذا النوع من الأرق قد ينجم عن أسباب معروفة أوجزها بالآتي :-
أ )- الأمراض البدنية 0 ب )- الضغوط النفسية 0 ج )- الضجيج وتأثيره على نفسية المريض 0 د )- كثرة المشروبات المنبهة 0 هـ)- الاضطرابات في أوقات العمل ، خاصة الذين يعملون ضمن نظام الورديات 0
* ثالثا : الأعراض في حالة النوم :-
1)- الأحلام المزعجة والمتكررة ورؤية القطط والكلاب خاصة ذات اللون الأسود، والاعتداءات المتكررة من قبل بعض الرجال والنساء ونحوه0 2)- المشي أثناء النوم 0 3)- الحركات اللاإرادية لأعضاء الجسم أثناء النوم ، كحركة القدم واليد ونحوه 0 4)- الفزع الشديد بطريقة ملفتة للنظر 0 5)- الكلام والضحك والبكاء أثناء النوم 0 6)- رؤية أشخاص في النوم من الرجال أو النساء ، وذهابهم بالمريض إلى أماكن نائية وبعيدة كالبراري والفلوات ونحوه 0 7)- الاعتداء الجنسي لدى بعض الحالات النادرة 0 8)- الشعور دوما أثناء النوم بشيء يجثم على الصدر ، وهذا ما يطلق عليه العامة الكوابيس أو ( الجاثوم ) ، هذا وقد تم الإشارة إلى هذا الموضوع مفصلا في هذه السلسلة ( منهج الشرع في بيان المس والصرع ) تحت عنوان ( أنواع الاقتران الشيطاني ) 0
ب - أعراض الاقتران الشيطاني الخارجي :-
1)- الإيذاء المستمر بكافة الأشكال والوسائل والسبل ، كالضرب أو الحرق أو السرقة ونحوه 0 2)- محاولة التفريق بين المريض ومحبيه وأصدقائه بشتى الوسائل والطرق 0 3)- التشكل بطرق متنوعة ومختلفة كالقطط والكلاب والحيات ونحوه ، لترويع المريض وإيذائه على هذا النحو 0
قال الأستاذ وائل آل درويش :( لعل من الأمور التي ينبغي معرفتها هي الأعراض التي قد تصيب الإنسان إذا تعرض لمثل هذه الأرواح ، ولكن ليعلم أن الأمر ليس على إطلاقه ، فليس كل من أحس بعرض أو اثنين يقول أنه قد أصيب بهذا الأمر ، ولكني أعني بهذه الأعراض المستمرة منها التي تصاحب الإنسان كثيرا وكثيرا 000 ومنها بعض الأمراض التي يعجز الطب عن علاجها كالصداع ما لم يكن له سبب عضوي ، ومنها قلة الطاعة والنفور من القرآن والذكر وطاعة الرحمن 0 ومنها وهو الكثير الشائع الصرع الذي عجز الطب عن علاجه 0 وهناك أمور أخرى كثيرة تعرف لدى المتمرسين في هذا الأمر لا يتسع المقام لذكرها 0 أرجع فأذكر بأن بعض هذه الأعراض قد تكون من تحزين الشيطان وليس لها صلة بهذه الأمراض من مس الجان ، أما إذا تكررت وداومت على صاحبها فلينظر في أمره ) 0 ( منة الرحمن في العلاج بالقرآن – باختصار - ص 30 ) 0
2)- الأعراض الخاصة بالسحر :
أ - الأعراض الخاصة بالمسحور :-
1)- قد تظهر على المصاب بالسحر كافة الأعراض التي تم ذكرها آنفاً تحت عنوان ( أعراض الاقتران الشيطاني ) ، خاصة إذا كان تأثير السحر بسبب تسلط الأرواح الخبيثة على الحالة المرضية وملازمتِها واقترانِها بها 0
2)- الأعراض المضادة للواقع ، ومثال ذلك كره الزوج لزوجه أو العكس من ذلك بعد الشعور بالألفة والمحبة والمودة ، أو كره العمل بعد النشاط والاجتهاد ، أو كره الأقارب بعد الود والصفاء ونحو ذلك من مظاهر أخرى ، ولا بد قبل ذلك التأكد من كافة الجوانب الأخرى المتعلقة بالحالة المرضية كالنواحي الاجتماعية والأسرية والاقتصادية ونحوه ، لأن الأسباب قد تتعدد ، وقد يكون الأمر ناتجا عن الظروف والأسباب المذكورة آنفا ، أو أن يعزى الأمر للصرع والسحر والعين والحسد 0
3)- التأثر الشديد والانفعال والاضطراب ، خاصة عند قراءة الآيات المتعلقة بالسحر 0
4)- البكاء والصراخ الشديدين 0
5)- الاستفراغ أثناء الرقية الشرعية أو بعد استخدام العلاج اللازم ، ويلاحظ ذلك الأمر مع بعض الحالات المرضية التي أعطيت مادة السحر عن طريق الفم ، وقد تكون المواد المستفرغة غريبة اللون والشكل ، وقد يحصل مع الاستفراغ خروج قطع من الدم القاني أو شعر أو خيوط معقدة ونحو ذلك من أشياء غريبة 0
6)- يلاحظ غالبا أن إيذاء الصرع والاقتران المصاحب لحالات السحر يكون أشد بكثير منه في الحالات المرضية الأخرى التي تعاني من صرع الأرواح الخبيثة ، كالحسد والعشق ونحوه 0
ب - الأعراض الخاصة بطبيعة السحر ومكانه :-
1)- بعض الأعمال السحرية حال العثور عليها والكشف عنها ووضعها باليد والقراءة عليها من قبل المعالِج أو المعالَج يلاحظ شعور حرارة تنطلق منها ، وتتفاوت درجة الحرارة بحسب قوة السحر وتأثيره ، وعادة ما ينطبق هذا الوصف على الخواتم أو الحديد أو الرصاص أو بعض التمائم ونحوه 0
2)- الأماكن التي يوضع فيها السحر خاصة التربة ، غالبا ما يؤدي ذلك لفسادها ، بمعنى عدم صلاحيتها للزراعة والاستصلاح ونحوه 0
وهذا الكلام لا يؤخذ على إطلاقه ويعتمد أساسا على قوة الساحر والسحر فبعض الأسحار قد تؤثر بتلك التأثيرات نتيجة لقوة السحر وشدته والبعض الآخر لا ينطبق عليها الوصف المشار إليه سابقاً ، فلا تُلاحظ مثل تلك الأعراض ، والله تعالى أعلم 0
يقول فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – حفظه الله – عن علامات السحر : ( عند إطلاق السحر يراد به العمل الشيطاني الذي يتعاطاه السحرة بمساعدة الشياطين ومردة الجن ، وله علامات تظهر في المسحور ، وذلك مثل التغير الظاهر في عقله ، حيث يتصرف كالمجنون سواء في نفسه كإهمال مصالحها ، وعدم العناية بها كالمعتاد ، أو في ماله فيفسده ، أو بصرفه فيما لا فائدة فيه أو في ما يضره ، أو في أهله فينصرف عنهم ولا يهتم بالأولاد ، ولا بالزوجة كالمعتاد ، أو يميل إلى بعض أهله أو زوجاته ميلاً غريباً ويهجر الآخرين ، ويسمى هذا بالصرف والعطف ، ومعناه أن ينصرف عن بعض أهله ويقع في قلبه بغض لهم أو لبعض مساكنه ، فيضيق ذرعاً بهم ، ولا يجد راحة ، بل يحس عندهم كأنه في سجن أو أنه يخنق أو يضرب ، فلا يجد الراحة حتى يفارق ذلك المنزل أو ذلك الشخص ، بينما ينجذب قلبه إلى الآخرين ، ويتعلق بهم هواه ، ويميل إليهم ميلاً كبيراً ، أو يتعاطف معهم ، بحيث يؤثرهم على الآخرين بنفسه وماله ، وقوله وفعله ، ومن أهم علامات السحر تغير حالة المسحور وتغير جسمه وذلك أن الساحر قد يسلط عليه فرداً من أفراد الجن حتى يلابسه ويداخله ، بحيث يغلب الجن على الإنس ، ويتكلم على لسانه ، ويقع الضرب والتعذيب على الجني عندما يعالج ، وذلك أن الساحر يتقرب إلى الشياطين ومردة الجن بما يحبون ، من دعائهم وخدمتهم ، حتى يسخرهم ( قلت : الأولى أن يقال حتى يطيعونه ، فتسخير الجن لم يكن إلا لنبي الله سليمان عليه السلام ، والله تعالى أعلم ) 0 في طوعه ، ولا يستطيعون مخالفته ، فمن لابسوه من الإنس صعب تخليصهم منه ، حتى أن بعضهم يموت وهو ملابس ذلك الإنسي بواسطة الضرب أو الرقية الشرعية ، وبموت الساحر يستطيع مفارقة الإنسي ( قلت : هذا الكلام في مفارقة الجني لبدن الإنسي بعد موت الساحر لا يؤخذ على اطلاقه ، فبعض الحالات ينطبق فيها الحكم على الوصف المذكور ، والبعض الآخر لا ينطبق عليها الحكم والوصف المشار إليه والله تعالى أعلم ) 0 والله أعلم ) 0 ( مخطوطة بخط الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – بحوزة الشيخ علي بن حسين أبو لوز – ص 48 ) 0
وقد سئل أيضاً عن الأعراض التي يمكن من خلالها معرفة المصاب بالسحر ؟
فأجاب – حفظه الله - : ( يمكن أن يعرف المصاب بالسحر بتغير تصرفه في نفسه وماله ، حسب ما قصده منه الساحر ، فكثيراً ما يكون الرجل عاقلاً حازماً قائماً بالواجبات مع زوجته وأولاده من النفقة والكسوة والحقوق الزوجية والعشرة ، فيتغير ذلك منه بسرعة ، وينصرف عنهم ، ويقتر عليهم أو يوقف عنهم النفقة ، وغالباً يحصل هذا لمن يتزوج امرأة أجنبية من ضعاف الإيمان ، فيشاهد ميله معها ، بخلاف المعتاد ، فهو يمكنها من ماله ، ويعطيها ما تطلبه ، فتتسلط عليه وتأخذ ما تريد ، وتستولي عليه وتنفرد به ، وتجتبي لنفسها ولأهلها من ماله ما شاءت ، وهو يوافقها على ذلك كله ، بينما زوجته الأولى وأولاده الأكابر لا يعطيهم من نفسه ، ولا من ماله شيئاً ، ويشاهدون تصرفه ولا يستطيعون أن يغيروا عليه ، لأنه يظهر أنه متعمد وعاقل ، ولا يقبل الرقية ، ولا الأدوية المباحة ، وهكذا إذا رؤي من الإنسان الملل والضجر إذا دخل منزله والغم والقلق والاضطراب ، بحيث لا يجد راحة وطمأنينة حتى يخرج من هذه الدار ، وهكذا أيضاً يحصل لكثير من الذين يستخدمون بعض الخادمات الأجنبيات ، فتعمل إحداهن له أو لأهله عملاً شيطانياً فتصرفه عن بيته ، أو تحتال حتى تصرف أهله عنه ، ونحو ذلك ، وكثيراً ما يوجد مع أولئك الخادمات دلائل السحر من الخرق والشعر والحديد ونحوه ، ومن التعاويذ والتعاليق والتمائم والحروز ، فمتى وجدت فالسلامة منها غمسها في الماء مدة يوم أو يومين أو نحوه ثم إحراقها ، والله أعلم ) 0 ( مخطوطة بخط الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – بحوزة الشيخ علي بن حسين أبو لوز – ص 49 ) 0
3)- الأعراض الخاصة بالعين :-
لا شك أن النصوص الحديثية بينت بما لا يدع مجالاً للشك أن هناك أعراض خاصة بالعين قد تظهر على ذات المعين ، وأهم هذه الصفات الحرارة والبرودة والنصب والتعب ، وقد تظهر تلك الأعراض على أحوال المَعين العامة وعلاقته بمن حوله ، فتؤثر عليها وتغيرها من حال إلى حال آخر 0 ومن هنا نستطيع أن نقسم الأعراض الخاصة بالعين إلى الآتي :-
أ )- الأعراض الجسمية :-
عادة ما تظهر تلك الأعراض قبل القراءة أو أثناء الرقية الشرعية ، وأوجزها بالآتي :-
1)- صفار وشحوبة في الوجه 0 2)- شعور المصاب بضيقة شديدة في منطقة الصدر 0 3)- صداع متنقل ، مع الشعور بزيادة الصداع أثناء الرقية الشرعية 0 4)- الشعور بالحرارة الشديدة 0 5)- تصبب العرق ، خاصة في منطقة الظهر ، ويتبع ذلك عادة قوة العين 0 6)- ألم شديد في الأطراف 0 7)- التثاؤب المستمر بشكل غير طبيعي وملفت للنظر 0 8)- البكاء أو تساقط الدموع دون سبب واضح 0 9)- وقد تظهر أعراض التثاؤب المستمر وتساقط الدموع لدى بعض المعالِجين أو العوام نتيجة الرقية إن كانت الحالة المعالجة مصابة بالعين والحسد ، وأكثر ما يظهر ذلك مع بعض النساء المعالجات 0 10)- ارتجاف الأطراف وتحركها حركات لا إرادية وذلك بحسب قوة العين وشدتها 0 11)- خفقان القلب 0 12)- تمغض العضلات ، ويطلق عليه عند العامة ( التمطي ) 0 13)- الشعور بالخمول بشكل عام وعدم القدرة على القيام بالعمل 0 14)- الشعور ببرودة في الأطراف أحيانا 0 15)- ظهور كدمات مائلة إلى الزرقة أو الخضرة دون تحديد أسباب طبية 0
ب )- الأعراض الاجتماعية :-
وتؤثر العين من الناحية الاجتماعية على المصاب من خلال علاقاته بالآخرين ، ومن بعض تلك المظاهر :-
أ )- فقدان التجارة والمال ب)- الكره والبغض من الأهل والأصدقاء والمعارف 0 ج )- فقدان المنصب والوظيفة والعمل 0
يقول فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – حفظه الله – تحت عنوان " العلامات التي تظهر على المصاب بالعين " : ( لا شك أن الإصابة بالعين معروفة الأمارات والعلامات الظاهرة ، وقد تظهر إذا كان الشخص أو المال متصف بالصفات التي يتميز بها عن غيره ، فحدث فيه ما غيرها فجأة من مرض أو نفرة أو كسر أو حادث مروري أو نحو ذلك ، ثم إن المريض بالعين قد يصاب في بصره إذا كان حديد البصر ، وفي سعيه إذا كان شديد السعي ، وفي ماله الكثير الحسن بالتلف أو الكساد أو الهلاك ، أو في سيارته الفارهة ، وقصره المشيد ، وزوجته الحسناء ، وأولاده الكثيرين ، ونحو ذلك ، فيحدث ما لا يتوقع من الموت والهدم والدمار والتعطيل ، ونحو ذلك ، ومتى مرض وذهب إلى المستشفيات ، فبعد الكشف والتحاليل وجد سليماً صحيحاً لم يعرف الأطباء علته ، مع كونه يصرع عندهم ، ويتألم ولا يعلمون ما فيه ، ثم يعالج بالرقية والأسباب التي يعالج بها المعين فيبرأ بإذن الله ، فيقال : إن به عين حاسد ، زالت بهذه الأسباب التي يتعاطاها القراء وأهل الرقية الشرعية ) 0 ( مخطوطة بخط الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – بحوزة الشيخ علي بن حسين أبو لوز – ص 230 ) 0
وكل ما ذكر تحت هذا العنوان يؤكد أن هناك أعراض وآثار للأمراض الروحية ، وبالتالي فإن الأمر يحتاج في التعامل مع كافة تلك الأعراض إلى المعالج المتمرس الحاذق الذي يمتلك العلم الشرعي والخبرة والدراية خاصة في التعامل مع الحالات المرضية المصابة بالأمراض الروحية ، وكافة الموضوعات المطروحة تؤكد ذلك وتبين أن الأمر يحتاج للدراسة والبحث والتقصي العلمي الذي يؤهل صاحبه للخوض في هذا الموضوع الشائك والمعقد خاصة أنه يتعلق بالتعامل مع الآثار المحسوسة والملموسة بين عالم الإنس وعالم الجن 0
هـ ) - التأكد من شفاء الحالة بإذن الله تعالى :-
ومن الأمور الهامة التي لا بد أن تتضح للإخوة من أهل الاختصاص في مجالات الطب العضوي والنفسي اهتمام المعالج بالمريض ، والتأكد من شفاء الحالة المرضية ، ويستطيع المعالِج عادة التثبت من ذلك باتباع الوسائل التالية :-
1- إذا كانت الحالة المرضية تعاني أصلاً من اقتران شيطاني فإنه يلاحظ أثناء فترة مغادرة وخروج الروح الخبيثة من الجسد وما يتبعها ، تصبب العرق واحمرار الوجه ، وأحيانا الشعور ببرودة في الأطراف ، ومن ثم الشعور بالهدوء والسكينة والراحة 0
2- غالبا ما يشعر المريض بتثاقل وألم في منطقة خروج الأرواح الخبيثة ، ويبقى تأثير ذلك الألم لدقائق وسرعان ما يزول 0
3- اختفاء وزوال كافة الأعراض المتعلقة بالحالة المرضية كالصداع والبكاء والأرق والقلق ونحوه ، وشعور المريض بالراحة التامة بعد ذلك 0
4- حال تكرار الرقية الشرعية على المريض غالبا لا يشعر بأية أعراض أو مؤثرات ، كما كان يحدث سابقا ، ويكون في وضعية مرتاحة منشرح الصدر والفؤاد 0
5- عند استخدام العلاج كالماء والعسل والحبة السوداء ، ودهن الجسم بزيت الزيتون ونحوه ، لا يشعر الشخص بأية أعراض أو مضاعفات جانبية تذكر 0
يقول صاحبا كتاب " طارد الجن " عن كيفية معرفة خروج الجني الصارع من البدن : ( أن يفيق المصروع وينظر حوله وكأنه فك من عقال ويحمد الله ، وتشعر وكأنه كان نائماً واستيقظ 0 يتصبب عرقاً ويحمر وجهه ويغمره الهدوء وتشمله السكينة ويحس بالراحة ) 0 ( طارد الجان – ص 85 ) 0
6- تذكير المريض بفضل الله سبحانه وتعالى عليه بالشفاء والعافية ، وتقديم بعض التوصيات الهامة له ، ودعوته للابتعاد عن اقتراف المعاصي والتمسك بالكتاب والسنة والعقيدة الصحيحة ، وحثه بالمحافظة على قراءة جزء من كتاب الله عز وجل يوميا كحد أدنى ، وكذلك التركيز على قراءة بعض الآيات والسور الثابت نفعها بالنصوص النقلية الصريحة كقراءة سورة البقرة وآية الكرسي وأواخر سورة البقرة والإخلاص والمعوذتين ونحوها من سور القرآن العظيمة 0
قال صاحبا كتاب " طارد الجن " عن الأمور التي يجب على المريض اتباعها بعد شفائه وخروج الجني الصارع منه : ( أن يقرأ يومياً آية الكرسي والإخلاص والمعوذتين مع كثرة الذكر ومجالسة العلماء والصالحين 0 وليحذر اللهو والأغاني والموسيقى وتعليق الصور وتربية الكلاب وصحبة الفاسدين والمبتدعين ، وتجنب الأماكن النائية والخربة والظلمات ) 0 ( طارد الجان – بتصرف – ص 86 ) 0
و ) - الأمور التي تتبع عملية العلاج :-
1- لا بد للمعالِج من متابعة الحالات المرضية ، وتقديم العون والنصح والإرشاد ، والوقوف معهم ودعمهم معنويا وتوجيههم الوجهة الشرعية التي تساعد في عملية الشفاء بإذن الله تعالى 0
2- تدوين الملاحظات عن تطور الحالات المرضية والنتائج التي آلت إليها، ويفيد ذلك في معرفة الأسلوب الأمثل للعلاج من خلال الدراسة المتعلقة بكل حالة والأساليب الأكثر نفعا بالنسبة لها ، والاستفادة من تلك النتائج والدراسات في معالجة الحالات المرضية في المستقبل 0
3- كذلك تدوين الملاحظات الخاصة باستخدامات العلاج والتأثيرات الخاصة بكل حالة ، للوقوف على أنجع وأفضل الوسائل المؤثرة بشكل إيجابي على المرضى 0
4- التوجيه والإرشاد الاعتقادي المستمر للحالات المرضية ، والحث على الصبر والتحمل واحتساب الأجر عند الله سبحانه وتعالى ، وأية أمور أخرى يرى المعالِج فيها مصلحة شرعية للحالة المرضية 0
وبعد هذا العرض الدقيق والمفصل للأسلوب الذي يتبعه المعالج في التعامل مع الحالات المرضية للأمراض الروحية ، لا بد أن يتأكد للإخوة الأطباء من أهل الاختصاص في الطب العضوي والنفسي أن الأمر برمته يعتمد على الدراسة والبحث الموضوعي ، وليس الأمر مجرد تخرصات وتخمينات ، وبقي أن يقال بأن تعامل المعالج في بعض مجالات الرقية الشرعية يبقى ضمن نطاق يختص بعالم الغيب ، ولذلك فقد يحصل الخطأ ، ولكن لا يجوز التعميم وإلصاق التهم ، ولا بد من تحري المعالجين الذين يتخذون منهجاً واضحاً وأسلوباً شرعياً وعلمياً في التعاطي مع الحالات المرضية ، دون أن يُتخذ بعض الجهلة من المعالجين قدوة في الحكم على المسألة من أساسها ودون أن تزرع بعض تلك التصرفات غير المسؤولة اعتقادات خاطئة لدى بعض الإخوة الإطباء من أهل الاختصاص في الأمراض العضوية والنفسية ، وسوف أتعرض في تساؤل آخر إلى بعص الأساليب الخاطئة المتبعة من قبل بعض المعالجين – وفقهم الله لكل خير– لكي يتبين أن المسألة تحتاج إلى ضبط وبحث وسؤال ، ولكي نستطيع من خلال الإلتزام الجدي بقواعد وأصول هذا العلم أن نقدم نتائج أكيدة وفعالة تفوق الوصف والتصور ، ولن يكون ذلك بمعزل عن التعاون الوثيق والفعال مع الإخوة من أهل الاختصاص في الطب العضوي والنفسي ممن حكّموا شرع الله ومنهجه ، واتخذوا القرآن الكريم والسنة المطهرة قائداً ورائداً وهادياً ، والله سبحانه وتعالى الهادي إلى سواء السبيل 0
3)- التزام هدي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم والخلفاء الراشدين والتابعين والسلف وعلماء الأمة وأئمتها :
لا يجوز مطلقاً التنطع في هذا الدين وإقحام النفس في جزئيات قد تفتح باب شر على الإسلام والمسلمين ، فبعض الحوادث التي شهدها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما في حديث ( أم أبان بنت الوازع ) أو في حديث ( يعلى بن مرة ) أو في حديث ( عثمان بن العاص ) – رضي الله عنهم أجمعين – لم يعهد أن أحداً من الصحابة سأل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يثبت له أن الحادثة تدل على أن الذي كان بالغلام أو بالصحابي هو من الجن ، وكذلك فقد حصلت مواقف مع الصحابة والسلف تؤكد مثل ذلك المفهوم ، وأذكر منها :
* قال محمد بن سيرين :( كنا عند أبي هريرة – رضي الله عنه – وعليه ثوبان ممشقان من كتان فتمخط فقال: بخ بخ ، أبو هريرة يتمخط في الكتان ، لقد رأيتني وإني لأخر فيما بين منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حجرة عائشة مغشيا علي ، فيجيء الجائي فيضع رجله على عنقي ويرى أني مجنون وما بي من جنون ، ما بي إلا الجوع ) 0 ( فتح الباري بشرح صحيح البخاري – كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة – باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحض على اتفاق أهل العلم – برقم ( 7324 ) – انظر الفتح – 13 / 303 – وقال الألباني : أخرجه الترمذي في " الزهد " – حديث رقم ( 2368 ) وقال الترمذي "حديث حسن صحيح - انظر مختصر الشمائل المحمدية – حديث رقم 108 – ص 76 ) 0
* قال عبدالله بن أحمد بن حنبل :( قلت لأبي : إن قوما يزعمون أن الجني لا يدخل في بدن الإنس 00 فقال : يا بني يكذبون هوذا يتكلم على لسانه ) 0 ( غرائب وعجائب الجن للشبلي – ص 134 مختصر آكام المرجان في أحكام الجان-ص 37 – مجموع الفتاوى – 24 / 277 ) 0
* قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : ( فإن الجني إذا دخل في الإنسي وصرعه وتكلم على لسانه ؛ فإن الإنسي يتغير حتى يبقى الصوت والكلام الذي يسمع منه ، ليس هو صوته وكلامه المعروف ، وإذا ضرب بدن الإنسي ؛ فإن الجني يتألم بالضرب ويصيح ويصرخ ويخرج منه ألم الضرب ، كما قد جرب الناس من ذلك ما لا يحصى ، ونحن قد فعلنا من ذلك ما يطول وصفه ) 0( الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح – 4 / 363 ، مجموع الفتاوى – 10 / 349 ) 0
* وقال - رحمه الله - : ( كما يختلف الإنسان وحاله عند الكلام إذا حلَّ ( وفي نسخة : " إذا دخل " ) 0 فيه الجني ، وإذا فارقه الجني ؛ فإن الجني إذا تكلم على لسان المصروع ظهر الفرق بين ذلك المصروع وبين غيره من الناس ، بل اختلف حال المصروع وحال كلامه وسمع منه من الكلام ما يعلم يقيناً أنه لا يعرفه، وغاب عقله بحيث يظهر ذلك للحاضرين ، واختلف صوته ونغمته ) 0 ( الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح – 2 / 46 – 47 ) 0
* وقال : ( فإنه يتغير الكلام ويعرف الحاضرون أنه ليس هو كلام الإنسي ، مع أنه يتكلم بلسان الإنسي وحركة أعضائه ، فيعلم أن الصوت حصل بحركة بدن الإنسي ، مع العلم بأنه قد تغير تغيراً خالف به المعهود من كلام الإنسي ؛ ( فالكلام في الصورة للمصروع ، وفي الباطن للجني ) ، ( وما بين المعقوفتين من " الاستغاثة " – 1 / 241 ) 0 والإنسان الذي حل فيه الجني يغيب عنه عقله ولا يشعر بما تكلم الجني على لسانه ) 0 ( الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح – 4 / 12 ) 0
* ومما قاله أيضاً بخصوص كلام الجني الصارع على لسان المصروع : ( فقد يكون من جنس كلام الأعاجم الذين لا يفقه كلامهم ؛ كلسان الترك أو الفرس أو غيرهم ، ويكون الإنسان الذي لبسه الشيطان عربياً لا يحسن أن يتكلم بذلك ، بل يكون الكلام من جنس كلام من تكون تلك الشياطين من إخوانهم ، وإما بكلام لا يعقل ولا يفهم له معنى ، وهذا يعرفه أهل المكاشفة ؛ شهوداً وعياناً ) 0 ( مجموع الفتاوى – 11/574 – 575 ، الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح – 2/241 ) 0
* قال ابن القيم – رحمه الله - : ( وشاهدت شيخنا - ابن تيميه - يرسل إلى المصروع من يخاطب الروح التي فيه ، ويقول : قال لك الشيخ : اخرجي ، فإن هذا لا يحل لك ، فيفيق المصروع ، وربما خاطبها بنفسه ، وربما كانت الروح ماردة فيخرجها بالضرب ، فيفيق المصروع ولا يحس بألم ، وقد شاهدنا نحن وغيرنا منه ذلك مرارا 0 وكان كثيرا ما يقرأ في أذن المصروع ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ )0 ( سورة المؤمنون - الآية 115 ) 0 وحدثني أنه قرأها مرة في أذن المصروع ، فقالت الروح : نعم، ومد بها صوته 0 قال : فأخذت له عصا ، وضربته بها في عروق عنقه حتى كلت يداي من الضرب ، ولم يشك الحاضرون أنه يموت لذلك الضرب 0 ففي أثناء الضرب قالت : أنا أحبه ، فقلت لها : هو لا يحبك ، قالت : أنا أريد أن أحج به ، فقلت لها : هو لا يريد أن يحج معك ، فقالت : أنا أدعه كرامة لك ، قال : قلت : لا ولكن طاعة لله ولرسوله ، قالت : فأنا أخرج منه ، قال : فقعد المصروع يلتفت يمينا وشمالا ، وقال : ما جاء بي إلى حضرة الشيخ ، قالوا له : وهذا الضرب كله ؟ فقال : وعلى أي شيء يضربني الشيخ ولم أذنب ، ولم يشعر بأنه وقع به ضرب البتة ) 0 ( الطب النبوي - ص 68 - 69 ) 0
* قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - : ( وقسم آخر - يعني الصرع - بسبب الشياطين والجن يتسلط الجني على الإنسي ؛ فيصرعه ويدخل فيه ويضرب به على الأرض ويغمى عليه من شدة الصرع ولا يحس ، ويتلبس الشيطان أو الجني بنفس الإنسان ويبدأ يتكلم على لسانه ، الذي يسمع الكلام يقول أن الذي يتكلم الإنسي ولكنه الجني ، ولهذا تجد في بعض كلامه الاختلاف لا يكون ككلامه وهو مستيقظ لأنه يتغير بسبب نطق الجني 0 هذا النوع من الصرع نسأل الله أن يعيذنا وإياكم منه ومن غيره من الآفات 0 هذا النوع علاجه بالقراءة من أهل العلم والخير 0 أحيانا يخاطبهم الجني ويتكلم معهم ويبين السبب الذي جعله يصرع هذا الإنسي 0 وأحيانا لا يتكلم وقد ثبت هذا !! أعني صرع الجني للإنسي بالقرآن والسنة والواقع ) 0( شرح رياض الصالحين - 1 / 177 ، 178 ) 0
* قال الشيخ أبو بكر الجزائري في مقدمته لكتاب الأستاذ وحيد عبد السلام بالي في كتابه المنظوم " وقاية الإنسان من الجن والشيطان " :( فقد أبطل به التصورات الخاطئة لفئة شبه ضالة نفت قديما وحديثا حلول الجان في الإنسان والتحدث على لسانه ، والإفصاح عن كنهه ومراده ) 0( وقاية الإنسان من الجن والشيطان - ص 5 ) 0
* قال الأستاذ وائل آل درويش : ( والحاصل أنه يؤمر – يعني الجني الصارع– بالمعروف وينهى عن المنكر فتبدأ معه بالترغيب والترهيب والنصح والإرشاد والعلم والتعريف ثم الزجر ثم قد يصل الأمر إلى الضرب والعقاب ثم الحرق بآيات الكتاب ، إلا أنه ينبغي أن يتفطن المعالِج فلا يستخدم الضرب إلا عن بصيرة وقلب حاضر ونظر ثاقب ، إذ من الجن من يفر ويهرب ، وقد يترك الجسم ويخرج عند نزول الضرب عليه ، فيقع الضرب على المريض فيشعر به ، وهذا واقع مشاهد ) 0( منة الرحمن في العلاج بالقرآن - ص 44 - 45 ) 0
فكافة النقولات آنفة الذكر تؤكد أنه لم يحصل أن سأل صحابي أو تابعي أو سلفي أو عالِم متأخر عن إثبات ذلك الأمر وبهذه الصورة والكيفية ، ولا نشك مطلقاً خاصة في العصر الحاضر أن الحق يتطلب التريث والتمهل في إثبات كافة الأمراض الروحية ، وكذلك فإن الحق كل الحق لأهل الاختصاص في الطب العضوي أو النفسي التوقف في المسألة دون إثارة تساؤلات قد تؤدي بالغير من الحاقدين والمغرضين لإثارة الشبهات والنعرات التي قد تفتح باب شر على الإسلام والمسلمين ، ولا يرى المانع مطلقاً في معالجة الحالة المرضية من ناحية نفسية إذا توقف الطبيب النفسي واعتقد أن الحالة تعاني من أحد الأمراض النفسية حسب فهمه وتشخيصه ، خاصة أن كثير من الأمراض النفسية والروحية قد يكون بينها قاسم مشترك ، كما يؤكد على هذا المفهوم الدكتور ياسر عبدالقوي في كتابه الموسوم ( الأمراض النفسية ) حيث يشير إلى ذلك المعنى فيقول : ( للمس أعراضه وآثاره التي تميزه وإن كانت تتشابه مع بعض الأعراض النفسية ، وأحياناً يكون التشابه شديداً وأهل الخبرة والدراية فقط هم الذين يستطيعون التفريق بينهما ، ولهذا يجب الحيطة والحذر الشديدين في التعامل مع الأعراض لإعطاء التشخيص الصحيح ، وهذه الأعراض كثيرة ، فمنها النفسية والجسمانية والروحية ) 0 ( مجلة الفرحة – العدد ( 42 ) – مارس سنة 2000 م – ص 26 – 27 - نقلاً عن كتاب " الأمراض النفسية " ) 0
وأنا على ثقة تامة بأن اتباع مثل هذا الأسلوب سوف يجعل الترابط قوي جداً بين المعالجين بالرقية الشرعية وبين الأطباء العضويين والنفسيين ، وسوف يكون ذلك طريق للتقارب والأخوة الصادقة ، وكلي ثقة بأن الإخوة من أهل الاختصاصات الطبية المتنوعة حريصون كل الحرص على هذا الدين وأهله ، ومن المفترض أن يهتم كل جانب بالناحية التي تهمه دون تدخل أي طرف في عمل الطرف الآخر ، وهذه المشكلة من أعقد المشكلات التي عمقت الفجوة بين الأطباء النفسيين والمعالجين بالقرآن ، وأعطي مثالاً على ذلك :
يقول الدكتور موسى الجويسر - طبيب العائلة في مركز الشامية الصحي بدولة الكويت - عن حقيقة مس الجن للإنس : ( لم أر قط في حياتي إنساناً يسكنه جني ، غير أن التداخل بين المرض النفسي والاعتقاد بوجود الجن موجود ، والمثال على ذلك أن مريض انفصام الشخصية يعاني من خلل في طريقة التفكير رغم أنه يأكل ويشرب بشكل عادي إلا أنه عندما يفكر ونسمع كلامه نجد أنه يقول وبجدية وبدون شعور بالكذب إن فلاناً يكلمني وبالأمس أفطرت مع 000 والحقيقة أنه لم يخرج من المنزل بالإضافة إلى أنه يسمع أصواتاً لا يسمعها غيره في المكان ، وكذلك يقول المتوهم بالإصابة بمس الجن إنه يشعر بعلامات مثل الخدر في الجسم في حين إن مثل هذه الأعراض نجدها في المريض النفسي ، وهنا أطالب بتناول القضية بكل حرص وأناة بين علماء الإسلام خاصة وأنها قضية في غاية الغموض ولا داعي لأن نجعل الكثير من الجهلة والمشعوذين ونعطيهم الفرصة للكسب المادي السريع دون أن يجدوا من يرد عليهم بالحجة العلمية القاطعة ) 0 ( مجلة الفرحة – العدد ( 42 ) – مارس 2000 م – ص 31 ) 0
قلت : هذه هي المأساة التي يعيشها بعض الأطباء النفسيين ، ونصيحتي لكل طبيب نفسي مسلم أن يهتم بالجوانب الطبية النفسية ودراستها ، وأهم من ذلك كله أن يعتقد اعتقاداً جازماً بأن النصوص النقلية الصريحة أكدت على هذه الأمراض وحقيقتها وتأثيراتها ، ويبقى اهتمام الطبيب النفسي المسلم ينصب على دراسة الحالة المرضية وتشخيصها ولا يكون ذلك بمعزل عن الإيمان القطعي بالأمراض الروحية ، ولا مانع مطلقاً أن يجتمع الطبيب النفسي مع المعالج بالقرآن ليستطيعا معاً وفق الأصول الشرعية والمعايير الطبية من الوقوف على حقيقة الداء ووصف الدواء النافع بإذن الله تعالى ، أما أن ننكر الأمراض الروحية ونلقيها وراء ظهورنا ونبدأ بتحليل كافة الأعراض على أنها أعراض نفسية فهذا هو عين الخطأ ، وهذا لا يعني أنني أُبَرِأ كثيراً من المعالجين ممن سلك هذا المسلك فأخذ يصف الدواء ويطلب صور الأشعة ويضع في عيادته الوسائل الطبية التعليمية ليشرح للمرضى عما يعانون منه من أمراض روحية ، وكلا الطرفين لن يفلحا مطلقاً في تقديم العون والمساعدة للمرضى النفسيين أو مرضى الأمراض الروحية ، ومن هنا لا بد أن تكون الغاية والهدف للجميع الانتصار للحق، دون انتصار للذات، عند ذلك سوف تعم الفائدة ونصبوا للخير وتتحقق المصلحة الشرعية للجميع سواء كانوا أطباء أو معالجين أو مرضى وغيرهم ، فأسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفق الأطباء العضويين والنفسيين ممن اتبع الحق وأراده ، وأن يبارك في عملهم وجهدهم ، وأن يجعلهم أسباباً من أسباب الشفاء بإذنه سبحانه وتعالى وحده ، والله الهادي إلى سواء السبيل 0
تعليقات حول هذه المقاله |
العنوان | الكاتب | وقت الإضافه |
|
|