إبحث عن:
القائمة الرئيسيه
البدايه
الأقسام

تسجيل الدخول
إسم المستخدم:

كلمة المرور:


تسجيل
هل نسيت كلمة المرور

أقسام الموقع


المقالات الأكثر قرائة
1 الشاب اليافع وكتاب ( شمس المعارف الكبرى ) !!!
2 قصة فتاتنا الخليجية ؟!!!
3 * ضعف جنسي يسببه السحر القوي !!!
4 أرادت أن تمارس الرقية الشرعية !!!
5 الدروس اليومية (36)

قراءة المقاله



الدروس اليومية (33)
كتبت بواسطة: أبو البراء - el 04/03/2004 - 2875 زوار        


الكتاب الثاني

الدروس اليومية في

السلسلة العلمية ـ نحو موسوعة شرعية في علم الرقى (2)
( القول المعين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين ـ من بداية صفحة رقم 148 ـ إلى نهاية صفحة رقم 264 ) .
* المبحث الحادي عشر : اعادة الأمور برمتها من مشاكل صحية واجتماعية وعائلية للإصابة بالسحر والحسد والعين :-

تمهيد :

إن الله سبحانه خلق الإنسان ، وأوضح له معالم طريق النجاة ، وكرمه بالعقل ، وميزه به عن سائر المخلوقات ، فمن الناس من اختار …

طريق الخلاص والنجاة ، ومنهم من اختار طريق الشقاء والعناء 0

وهذا العقل ميزة عظيمة للإنسان ، سخره الله سبحانه وتعالى له للتفكر والتأمل والتدبر والقياس بين الأمور ، والموفق من وفقه الله للتوجه السليم ، فيفكر بعقله ويتدبر في الكون وسائر المخلوقات ، فيحدد طريقه بوضوح وجلاء لا تشوبه شائبة ، ولا تعتريه غشاوة أو ظلمة 0

وكان لا بد للمسلم أن يسلك هذا الطريق بعد علمه أن الله هو الخالق الواحد الأحد ، الرازق ، المتصرف ، الأول فليس قبله شيء ، والآخر فليس بعده شيء ، وكل ذلك يعطيه نظرة شاملة للحياة موزونة بميزان الشريعة 0

إن اختيار المسلم لهذا الطريق يوجد له مسارا واضح المعالم ، مع ما يعتريه من العقبات والصعاب ، وقد وضع الله سبحانه بين يديه كل ما
هو كفيل بتخطي تلك المعوقات إن أحسن الإتباع والانقياد 0
والنظرة العامة اليوم للأمراض التي تصيب النفس البشرية من صرع وسحر وحسد وعين ، مشوبة بالتخبط والخلط الحاصل نتيجة البعد عن منهج الكتاب والسنة ، فتفشت المفاهيم الجائرة والاعتقادات الخاطئـة التي أدت إلى زيادة الجهل والزيغ والضلال 0

ومن تلك المفاهيم التي اعترت كثيرا من تفكير المسلمين أن معظم ما يعاني منه المرضى اليوم هو نتيجة للإصابة بالعين والحسد والسحر والمس ونحوه من تلك الأمراض ، ولا يختلف اثنان في أن تلك الأمراض حقيقة واقعة أقرها الشرع وأجمعت عليها الأمة وأنها في ازدياد مطرد بسبب البعد عن منهج الكتاب والسنة ، إلا أن القياس والبناء على ضوء ذلك المفهوم واعتبار أن كل ما يعاني منه المسلم نتيجة لتلك الأمراض خطأ جسيـم
يوقع الكثيرين في الوهم والتخبط والضياع 0

وقد أصبح كثير من الناس تطـارده هذه الوساوس في نفسه وبيته وعمله ، لاعتقاده الجازم أن ما يعتريه في حياته الخاصة والعامة ناتج عن السحر والعين ونحوه ، ولا بد من التثبت والتأكد أولا قبل تحديد
مسارات خاطئة تبنى عليها إرهاصات قد تكلف الكثير ، والواجب الشرعي يحتم التثبت من سلامة كافة الفحوصات الطبية ، وحسن سير العلاقات الزوجية وما يشوبها من مشاكل وخلافات ومنازعات ، أو قضايا وأحداث عائلية الخ 00 0
فإن كانت الخلافات بين أفراد الأسرة الواحدة ناتجة عن سوء ظن ، أو نزوات وأهواء ، وكل ذلك مما يحيكه الشيطان للمسلم لتشتيت هذه
الأسر وتفريقها ، عند ذلك لا بد من سؤال أهل العلم والمشورة ،
وتدخل الصالحين لفض تلك المنازعات والتقريب بين وجهات النظر وتحكيم الشريعـة في ذلك ، وأما إن كانت الدلائل تشير إلى مرض عضوي ، فتتخذ الأسباب الحسية المباحة والشرعية للعلاج والاستشفاء من خلال مراجعة الأطباء المتخصصين والمصحات والمستشفيات وكذلك اللجوء الى الله سبحانه وتعالى والرقية الشرعية ، وبذلك تتحقق المنفعة بإذن الله سبحانه ، لثبوت الاستشفاء بالقرآن الكريم وأنه دواء وشفاء لجميع الأدواء الحسية والمعنوية 0 وقد ثبت إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لمن رقى لسعة العقرب بالفاتحة ، وقد أخبر الحق – جل وعلا – في محكم كتابه قائلا : ( وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْءانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا ) ، ( سورة الإسراء – الآية 82 ) 0
كما تم ايضاح ذلك في هذه السلسلة ( فتح الحق المبين في أحكام رقى الصرع والسحر والعين ) تحت عنوان ( الرقية الشرعية بالكتاب والسنة ) ، وأما إن كانت المعاناة ناتجة عن مرض من الأمراض التي تصيب النفس البشرية كالصرع والسحر والحسد والعين ونحوه ، نتيجة للمعاينة والمشاهدة وتأكيد ذلك عن طريق كافة الظواهر المتعلقة بالحالة ، وسؤال أهل العلم والخبرة والدراية الحاذقين في صنعتهم المتمرسين فيها ، عند ذلك يجب اتخاذ الأسباب الشرعية المباحة وذلك باللجوء للرقية الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة ، وهذا يعتبر من أهم الأمور على الاطلاق ، لأن تلك الفئة من المعالجين سوف تقدم النصح والإرشاد وتوجه الحالة المرضية الوجهة السليمة التي ينبغي أن تكون ، دون تخبط أو تشتت أو ضياع ، كما سوف يتضح من خلال ثنايا هذا البحث ، فالرقية الشرعية أصبحت علما يحتاج إلى ضبط وتأصيل وتقعيد ، ويحتاج إلى من هو أهل لهذا العلم ، أما أولئك الجهلة الذين أساءوا الطريق واعتقدوا واهنين أنهم كفء لحمل أمانة هذا العلم فانتهجوا مسلكا مغايرا للشريعة وأحكامها فضلوا وأضلوا ، وأصبحوا مطية الشيطان إلى عقول الناس وقلوبهم ، فلا أعنيهم مطلقا بل الواجب والمصلحة الشرعية يحتمان حربهم ، وإنزال الجزاء العادل والرادع بحقهم ، نتيجة لزيغهم وضلالهم 0

ومن الطرائف ما ذكره أبو بكر الجصاص في كتابه " أحكام القرآن " حيث يقول عن رجل كان يظهر في دار الخلافة ، وكان يظن أنه من الجن والشياطين ، حيث يقول :

( وضرر أصحاب العزائم وفتنتهم على الناس غير يسير ، وذلك أنهم يدخلون على الناس من باب أن الجن إنما تطيعهم بالرقى التي هي أسماء
الله تعالى ، فإنهم يجيبون بذلك من شاءوا ، ويخرجون الجن لمن شاءوا ، فتصدقهم العامة على اغترار بما يظهرون من انقياد الجن لهم بأسماء الله تعالى التي كانت تطيع بها سليمان بن داود - عليه السلام - وأنهم يخبرونهم بالخبايا وبالسرقات ، وقد كان المعاضد بالله مع جلالته وشهامته ووفور عقله اغتر بقول هؤلاء ، وقد ذكره أصحاب التواريخ ، وذلك أنه كان يظهر في داره التي كان يخلو فيها بنسائه وأهله ، شخص في يده سيف ، في أوقات مختلفة وأكثره وقت الظهر ، فإذا طلب لم يوجد ، ولم يقدر عليه ، ولم يوقف له على أثر مع كثرة التفتيش ، وقد رآه هو بعينه مرارا ، فأهمته نفسه ، ودعا بالمعظمين فحضروا وأحضروا معهم رجالا ونساء ، وزعموا أن فيهم مجانين وأصحاء فأمر بعض رؤسائهم بالعزيمة ، فعزم على رجل منهم زعم أنه كان صحيحا فجن وتخبط وهو ينظر إليه ، وذكروا له أن هذا غاية الحذق بهذه الصناعة ، إذ أطاعته الجن في تخبيط الصحيح ، وإنما كان ذلك من المعزم بمواطأة منه لذلك الصحيح ، على أنه متى عزم عليه جنن نفسه وخبط ، فجاز ذلك على المعاضد فقامت نفسه منه وكرهه ، إلا أنه سألهم عن أمر الشخص الذي يظهر في داره فمخرقوا عليه بأشياء علقوا قلبه بها من غير تحصيل لشيء من أمر ما سألهم عنه ، فأمرهم بالانصراف ، وأمر لكل واحد منهم ممن حضر بخمسة دراهم 0 ثم تحرز المعاضد بغاية ما أمكنه ، وأمر بالاستيثاق من سور الدار حيث لا يمكن فيه حيلة من تسلق ونحوه 0 وبطحت في أعلى السور خواب لئلا يحتال بإلقاء المغاليق التي يحتال بها اللصوص ، ثم لم يوقف لذلك الشخص على خبر إلا ظهوره له الوقت بعد الوقت ، إلى أن توفي المعاضد 0 وهذه الخوابي المبحوحة على السور قد رأيتها على سور الثريا التي بناها المعاضد فسألت صديقا لي – كان قد حجب للمقتدر بالله – عن أمر هذا الشخص ، وهل تبين أمره ؟ فذكر لي أنه لم يوقف على حقيقة هذا الأمر إلا في أيـام المقتدر 0 وأن ذلك الشخص كان خادما أبيض يسمى ( يقق ) وكان يميل إلى بعض الجواري اللاتي في داخل دور الحرم ، وكان قد اتخذ لحى على الوان مختلفـة ، وكان إذا لبس بعض تلك اللحى لا يشك من رآه أنها لحيته ، وكان يلبس في الوقت الذي يريده لحية منها ، ويظهر في ذلك الموضع وفي يده سيف ، أو غيره من السلاح حيث يقع نظر المعاضد ، فإذا طلب دخل بين الشجر الذي في البستان ، أو في بعض تلك الممرات أو العطفات ، فإذا غاب عن أبصار طالبيه نزع اللحية وجعلها في كمه أو حجزته ( الحجزة : موضع شد الإزار من الوسط ) 0
ويبقى السلاح معه كأنه بعض الخدم الطالبين للشخص ولا يرتابون به ، ويسألونه : هل رأيت في هذه الناحية أحدا فإنا قد رأيناه صار إليها ؟ فيقول : ما رأيت أحدا 0 وكان إذا وقع مثل هذا الفزع في الدار خرجت الجواري من داخل الدور إلى هذا الموضع ، فيرى هو تلك الجارية ويخاطبها بما يريد 0 وإنما كان غرضه مشاهدة الجارية وكلامها 0 فلم يزل دأبه إلى أيام المقتدر 0 ثم خرج إلى البلدان وصار إلى طرسوس وأقام بها إلى أن مات ، وتحدثت الجارية بعد ذلك بحديثه ، ووقف على احتياله 0
فهذا خادم قد احتال بمثل هذه الحيل الخفية التي لم يهتد لها أحد ، مع شدة عناية المعاضد به ، وأعياه معرفتها والوقوف عليها ، ولم تكن
صناعته الحيل والمخاريق ، فما ظنك بمن قد جعل هذا صناعة ومعاشا ؟! ) 0 ( أحكام القرآن - 1 / 46 ، 47 ) 0


قال الدكتور عبد الحميد هنداوي المدرس بكلية دار العلوم في جامعة القاهرة : ( والفريق الآخر من الجهال المفرطين أولئك الذين يغالون في
تأثير الجن والشياطين على بني آدم فيجعلون سائر الناس صرعى الجن ،
ولا يستثنون من ذلك إلا القلة النادرة ، وحتى تلك القلة فإنهم يحتملون في حقهم ألا يخلو أحدهم من مس ونحوه 0
وليتهم إذا اعتقدوا ذلك عملوا على تقوية عقيدة الناس ، وإرجاعهم الى ربهم يلوذون به ويحتمون بمنعته ؛ بل تراهم قد اخترعوا لهم طرقا ودروبا من العلاج ما أنزل الله بها من سلطان ، وتراهم يزجون بآيات الله في علاجهم ، فيخلطون بين الحق والباطل ) 0 ( الدليل والبرهان على دخول الجان في بدن الإنسان – ص 7 ) 0


وعموماً فإن موقف الناس في هذه القضية بين افراط وتفريط ، وفي ذلك يقول الشيخ عبدالله الحداد وهو معالج بالقرآن ورئيس وحدة الإرشاد الصحي بجمعية مكافحة التدخين والسرطان في دولة الكويت : ( إن الناس في هذه القضية على خطين متناقضين : الأول : يرفض بشكل تام أن يكون سبب التأثير لما يحدث له غير مرئي أو مدرك بالحواس ، وبالتالي ترد الأسرة كل ما يعترضها إلى التغيرات المادية على اختلاف أنواعها وأسبابها ويرفضون وجود المس 0
ولا يلجأون إلا إلى العلاج بالطرق المادية البحتة مثل تعاطي الأدوية ، والتي قد ينتج عنها أحياناً اضطرابات في سلوك وأحوال الشخص ، خاصة إذا كان فعلاً مصاباً بتأثير من السحر أو المس أو الحسد ، فنجده أحياناً عدوانياً يبحث عن أساليب العنف ، أو على العكس من بليد الإحساس فاقد التركيز ، ولا يستطيع مشاركة أسرته في معالجة أبسط القضايا اليومية ، وكل ذلك بسبب عدم الاعتقاد بالمس والاتجاه إلى العلاج الجسمي عن طريق الأدوية فقط 0
أما الفريق الآخر : وهم الذين يرجعون كل التغيرات النفسية أو الجسدية إلى الأسباب المجهولة وغير المحسوسة ، وبالتالي فالتغيرات التي تصيب الزوج أو الزوجة أو أحد أبنائهما يرجعونها إلى السحر والمس والحسد ، وينتج عن هذا الاعتقاد بذل المال والجهد في البحث عن أسباب قد تكون وهمية ، وبالتالي يعلق عليها الشخص السبب في كل ما يعترضه في حياته ولو كان من أبسط الأشياء مثل أن الابن لا يرغب في الأكل 00 لأنه محسود ، ولا ينام لأن به مساً وهكذا 0
ثم يبدأ بالبحث عن العلاج عند أهل الخرافة والشعوذة لكسب الشفاء من السراب 0
وعلى الزوج والزوجة إذا شعرا بتضرر أحد الطرفين أو أحد الأبناء من أمراض وعوارض ، ذكر الله شرها في القرآن الكريم كالسحر والمس والحسد ، الاسترشاد بمن لهم دراية في هذه الأمور لحل تلك المشكلة بالأسباب المشروعة ) 0( مجلة الفرحة – العدد ( 42 ) – مارس سنة 2000 م ) 0


يقول الأستاذ سعيد عبد العظيم : ( كل من اختلط بالناس ، لا بد أن يسمع صخباً وضجيجاً عالياً يتعلق بكثرة الشكاية من حالات الصرع هنا وهناك ، حتى ليكاد المرء يظن أنهـا ظاهرة من جملة الظواهر التي نعاني منها ، وإلا فما سبب انتشار شرائط المعالجين ، وكثرة كتب الجن والشياطين ، ( قلت : ليس العيب والخطأ في انتشار كتب العلم الشرعي الهادفة التي تحتوي على معنى ومضمون ، والقصد انتشار الكتب التي حوت على كثير من الهرطقات والخزعبلات التي تدعو لتدمير عقائد المسلمين وزع الوهم والوسوسة في نفوسهم ) 0
والجلسات المطولة على حالات الصرع وحكاياتها ، والأسئلة الحائرة الكثيرة التي تثور حول هذا الموضوع ، والإعلان عن مراكز العلاج الروحاني هنا وهناك ( قلت : ليس الخطأ في انتشار مراكز العلاج الروحي بالرقية الشرعية ، إنما الخطأ في منهجية القائمين عليها ، وبالتالي فالأمر يحتاج لتقنين وضبط وفق القواعد والأصول الشرعية لعلم الرقى )0 أصحاب !! وإن كنا نعلم أن الدنيا قد صارت أشبه بقرية صغيرة ، تتداول فيها الأخبار بسرعة كبيرة ، ولكن هذا لا يمنع الانطباع بأن هناك أسباباً أخر تقف وراء هذه الظاهرة ) 0 ( الرقية النافعة للأمراض الشائعة – ص 72 ) 0


قال الشيخ علي بن حسن عبد الحميد :( فقد صار ( اليوم ) - عند البعض - من في رأسه ( صداع ) ملبوسا ، ومن في عينيه ( احمرار ) مصروعا ، ومن في بطنه ( وجع ) مجنونا !!
فأي وجع أو ألم يصاب أي إنسان به يعزى باشتباه حينا ، وبجهل - أحيانا - إلى الجن ، أو المس ، أو الصرع !!!
وهذا كله تعجل مذموم ليس له في الحق وجه ، ولا في التعقل مكان ، وهو - على ما أرى - الشيء الذي جعل بعض ( الناس ) ينكرون - بسببه - الصرع ، والمس ، وتلبس الجني للإنسي ، بل دفعهم إلى ذلك
دفعا شديدا ، وبقوة وإصرار ، إذ أنهم رأوا الحالات الكثيرة من دعاوى ( الملبوسين ) و ( المصروعين ) تترى متهافته على نحو لم يشهدوا له مثالا من قبل !!!
ورأوا - أيضا - تصرفات كثير من المعالجين والراقين - وبعضهم
يتخذ هذا الصنيع مهنة ، يتأكل من ورائها ! وهذا شأن فيه نظر كبير - قد خرجت عن حد الشرع ، مخالفين هدي السنة الصحيحة ، متكئين في
كثير من ذلك على المجربات ، أو الأحاديث الواهيات ، فجمعوا بسبب ذلك المال ، وحازوا الشهرة ، ونالوا الصيت !!!
وهذا الصنيع من المعالجين ، وذاك التهافت من المدعين -أو المصروعين- جعل البعض يتوقف في إثبات أصل المسألة ويتردد فيه ، و ( يتلمس ) الشبهات التي يردها بها ، غير آبه لقالات العلماء ، ولا ملتفت إلى شهاداتهم وأخبارهم ) 0( برهان الشرع في إثبات المس والصرع - ص 19 - 20 ) 0


قلت : هذا هو اليقين في هذه المسألة ، ولن آتي بأبلغ وأوجز مما قاله الشيخ علي بن حسن بن عبد الحميد - حفظه الله - إنما أحببت أن أوضح مسألة ذكرها الشيخ تتعلق بالمجربات حيث قال في الحاشية :( وليس ذلك بشرع فيتبع ، ولا سنة ، وإنما يثبت استحباب الأفعال ، واتخاذها بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه السابقون الأولون ) ، وحسب ظني أن الشيخ يقصد ادعاء المجربات المتعلقة بالشرع ، ولم يقصد مطلقا المجربات الحسية بدليل أنه أتبعها بقوله : ( أو الأحاديث الواهيات ) وهذا عين الحق في هذه المسألة 0
والذي أراه وأنتهجه أن مسائل الرقية أمور تعبدية ، والعبادات مبناها على التوقيف ، فلا يجوز الإخلال بأية جزئية من جزئياتها وهذا ما ذهب إليه بعض أهل العلم ، وهو ما يترجح لدي كما سوف يلاحظ القارئ الكريم من خلال ثنايا هذا البحث 0

قال الأستاذ زهير حموي تحت عنوان الإنسان بين الحقائق والأوهام : ( لكن هذا الإنسان ، وبالرغم مما أودع الله فيه من أسباب القوة والمعرفة ، قد يضعف ويستسلم ، ويقع فريسة سهلة لبعض التأثيرات الوهمية ، وذلك لأنه بطبيعته يتوجس من المستقبل لجهله به ، ويتوق بطبيعته إلى استطلاع الغرائب ، ويحب التوغل فيما وراء المشهود ، وهذا يفسر انشداد أكثر الناس إلى سماع الأساطير ، وقصص الخيال ، وأحاديث الجن ، كما أن الإنسان بطبيعته يؤثر عند النظر في قضية ما أن يأخذ بالعوامل والتفسيرات الخفية ، مغفلا - في كثير من الأحيان - الأسباب الطبيعية ، وقد يكون عذره في ذلك أنه أدرك بعض الحالات الفردية التي ربما أتى فيها السحر أو الجان بنتائج حقيقية ، وينسى آلاف الحالات التي مني فيها بالفشل والإخفاق ) 0 ( الإنسان بين السحر والعين والجان - ص 21 - 22 ) 0


قال الأخ فتحي الجندي :( ولكن غير الحسن أن فكرة تسلط الجن قد تسلطت على عقول كثير من الناس وعلى قلوبهم 0 فمهما اشتكى
إنسان أو أصيب بشيء من الأدواء ، صاح الناس على الفور : الجن 00 الجن ، العين 00 العين ، السحر 00 السحر 0
وهذا بدوره قد أنشأ العديد من المشكلات غير اليسيرة ، والتي تخشى عقباها في الدنيا والآخرة 0 فبسبب تسلط فكرة الجن يهرع الناس ابتداء إلى المعنيين بذلك ، وبعض الناس قد لا يميز بين الساحر والمشعوذ وبين
من يعالج بالقرآن 0
ومع استبعاد الذهاب في الغالب إلى الأطباء المتخصصين في علاج الأمراض العضوية ، أو قطع الطريق نحو التشخيص السليم ، ومن ثم
قطع العلاج وعدم استكماله قبل الوصول إلى آخره 0
وهنا قد يكون المرض عضويا محضا 0 وبالطبع فلكل داء دواء فإذا أصاب الدواء الداء برأ بإذنه تعالى كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن القوم منذ البداية يشيرون بأصابع الاتهام إلى الجن ، وأحيانا إلى العين والسحر0
وعليه تبدأ الرحلة مع العلاج الشاق والطويل ، والذي قد يدور في حلقة مفرغة ، ترهق أعصاب الناس ، وتضيع أوقاتهم دون جدوى 0 بل ربما كانت النتيجة في بعض الأحيان هي موت المريض بسبب العلاج الخاطئ 0 بل وربما تحت تأثير الضرب والتعذيب الذي يقع على الجني المزعوم ) 0( النذير العريان - ص 7 - 8 ) 0


قال الأستاذ خليل بن إبراهيم أمين :( الوهم : مرض نفسي خبيث 0 والإنسان إذا تسلطت عليه الأوهام من الصعب الخروج منها ، والإنسان في حياته لا يخلو من أوهام تعتريه ، بل حياة بعض الناس في كثير من الأمور أوهام في أوهام ، بل يصل الحد إلى أن يكون تأثير الأوهام أكبر بكثير من تأثير الحقائق ، ومع انتشار ( العلاج بالقرآن الكريم ) ورؤية الناس لبعض حالات الصرع ، وانتشار القصص ، سواء من المترددين للعلاج أو في بعض الكتب ، أصبح الوهم يدب إلى نفوس كثير من
الناس وسط مشاكل الحياة الكثيرة ، حتى من هم على استقامة وصلاح في دينهم ، لم يسلموا من دائرة الوهم 0
وقد كان لخوف الناس من الجن والشياطين دور كبير في حصول هذا الوهم ، وبدأ كثير من الناس يربط بين مرض معين أصابه ، أو مشكلة في حياته ، أو خلافات زوجية عادية ، أو حادثة معينة حدثت له ، وبين أمور أخرى ، فأخذ يقلب في ذاكرته عن سبب هذه المشكلة ، أو تلك الخلافات فأعتقد أن فلانا من الناس قد أصابه بعين ، أو أنه وقع يوما ما فأصابه الجن بالمس ، ثم يحكي لك أعراضا يحس بها 0
وفي الحقيقة : أن مرض الوهم إذا أصاب الإنسان ، كان أخطر من المرض الحقيقي ، لأن مس الجن يزول بفضل الله أمام الرقية بالقرآن الكريم ، أما مريض الوهم ، فهو في دوامة لا تنتهي ، كذلك يتوهم بعض الناس أنه مصاب بالسحر ، فيتشوش فكره ، وتضطرب حياته ، ثم يوحي لنفسه بأنه مسحور ) 0 ( الطرق الحسان في علاج أمراض الجان - ص 140 ) 0


قال الأستاذ عكاشة عبدالمنان الطيبي : ( وهناك حالات من الوهم والخوف من المرض 0 وفي هذه الحالات يشك المريض دائماً بأنه عنده بعض الأمراض في حين أنه سليم وصحيح وليس عنده فقط إلا مرض الخوف وهذا هو المريض بالوهم ) 0( عالج نفسك بنفسك بالقرآن والسنة والأعشاب – ص 8 ) 0


قلت : المسلم الحق لا يعيش بين الإفراط والتفريط ويكون معتدلا في أموره كلها ، ولا بد من التثبت والتأكد من الأعراض الخاصة بالحالة عند ذوي الاختصاص سواء في مجال الطب بشقيه العضوي والنفسي أو لدى أهل العلم الشرعي المتمرسين الحاذقين في فن الرقية الشرعية ودروبها ومسالكها 0

قصص واقعية :-

القصة الأولى :-

ذكر هذه القصة فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – حفظه الله – حيث يقول : ( هناك قصة لشاب معروف متوسط الحال ، فبعد موت أبواه سعى اخوته وأقاربه له حتى تزوج بفتاة معروفة لديهم ، ولكنه عندما دخل بها لم يجدها بكراً ، مع أنه تجشم الشقة وجمع ما أمكنه واقترض واستدان ، وقد اعترفت الزوجة له بأنها قد علقت قبله شاباً ومكنته من نفسها فأزال بكارتها ، ثم إن الشاب بعد هذا الخبر أصابه قلق واضطراب في نفسه ، فأصبـح يفكر في أمره واعتزل أهله ، وساءت حالته ، وأصابه ضيق واكتئاب ففطن له اخوته وظنوه مسحوراً ، فأسرعوا إلى أحد السحرة ومعهم بعض أكسيته حسب طلب الساحر الذي نظر في لباسه فقال : إنه قد عمل له عمل أوقعه في هذا الصدود والإعراض ، وصرف عن أهله ، وأخذ يصف لهم العمل وموضعه ومن عمله ، وطلب منهم مالاً حتى يبطل ذلك العمل ، وطلب إحضار الشاب عنده حتى يتجاوب معه ، فبعد أن أخبروا الشاب بما قال الساحر سخر منهم وأخبرهم حقيقة بالسبب الذي حصل له مما كان سبباً في معرفتهم لحال هؤلاء المشعوذين والله أعلم ) 0 ( مخطوطة بخط الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – بحوزة الشيخ علي بن حسين أبو لوز – ص 161 ) 0


القصة الثانية :-

كانت تربطني علاقة طيبة بأحد الاخوة الأفاضل ، وذات يوم جاءني وقد رأيت تعابير الحزن والأسى في وجهه ، فسألته عن ذلك ، فأجاب :
لا أدري ماذا حصل لقطيع الخيول الذي أمتلكه فقد فقدت منذ الأمس إلى اليوم ثلاثا والبقية الباقيـة تعاني من نفس الأعراض وأخشى أن أفقدها كلها ، وربما قد أصابتها العين والحسد ولا أدري ماذا أفعل ؟! فهدأت
من روعه وذكرته بالله سبحانه وتعالى ، وذهبت معه لمعاينة الأمر ، وقد دهشت مما رأيت فقد كانت الخيل تتصرف بشكل غير طبيعي ويغلب
على تصرفها العصبية والاضطراب ، وفي قرارة نفسي كنت أعتقد جازما أن الأعراض التي شاهدتها تتعلق بنواحي طبية وليست لها أية علاقة
بالحسد والعين ونحوه ، وقد أخبرني هذا الأخ الفاضل أن سائقه الخاص أخبره أنه لربما كان المكان مسكونا بالجن والعفاريت وهي التي فعلت ما فعلت مع ذلك القطيع من الخيول ، وتم إحضار طبيب بيطري ، لمعاينة الخيول والكشف عليها ، وبعد المعاينة تبين أن القطيع بكامله قد تعرض للتسمم بواسطة شخص مجهول قام بخلط الطعام الخاص بهذا القطيع بسم من النوع القوي ، وكان يقوم بعملية الخلط بعناية فائقة وبكميات قليلة بحيث لا تظهر الآثار مباشرة على تلك الخيول وتأخذ الأعراض فترة من الزمن لكي تتضح ، وبعد التحقيق من قبل جهات الأمن المسؤولة وبفضل من الله سبحانه وتعالى وحده تمكنت الجهات الأمنية من إلقاء القبض على الجاني ، وكان الجاني هو السائق الخاص بهذا الأخ الكريم 0






تعليقات حول هذه المقاله
العنوانالكاتبوقت الإضافه

تصويت
ما رأيك في هذا لموقع ؟
ممتاز
جيد جدا
جيد
نتائج التصويت



الحقوق محفوظة لكل مسلم راسلنا بشرط عدم الاستخدام التجاري
الصفحة الرئيسة