إبحث عن:
القائمة الرئيسيه
البدايه
الأقسام

تسجيل الدخول
إسم المستخدم:

كلمة المرور:


تسجيل
هل نسيت كلمة المرور

أقسام الموقع


المقالات الأكثر قرائة
1 الشاب اليافع وكتاب ( شمس المعارف الكبرى ) !!!
2 قصة فتاتنا الخليجية ؟!!!
3 * ضعف جنسي يسببه السحر القوي !!!
4 أرادت أن تمارس الرقية الشرعية !!!
5 الدروس اليومية (36)

قراءة المقاله



الدروس اليومية (25)
كتبت بواسطة: أبو البراء - el 21/02/2004 - 2581 زوار        


الكتاب الثاني

الدروس اليومية في

السلسلة العلمية ـ نحو موسوعة شرعية في علم الرقى (2)
( القول المعين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين ـ من بداية صفحة رقم 137 ـ إلى نهاية صفحة رقم 173 ) .

* خلاصة بحث موضوع الاستعانة بالجن :-

بعد هذا الاستعراض لمفهوم الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم وائمتهم ، فإني أضع هذه العجالة متضمنة بعض الأحكام والمأثورات العلمية التي عزوت بعض منها لأهل الفضل من العلماء قديماً وحديثاً ، آملاً أن يستفيد منها المسلمون لا سيما في وقت انتشرت فيه الأباطيل والخرافات واحترف كثير ممن لا خلاق لهم الشعوذة والدجل ، وزعموا أنهم على صلة بالجن وألبسوا الجن لباساً ليسوا له أهلاً فادعوا أنهم يعلمون الغيب وأنهم يعالجون المرضى من بني البشر وأنهم قادرون على سعادة الإنسان وشقاوته 0

ومما توصلت إليه الأمور الهامة التالية :- …

1)- لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن خلفائه الراشدين وأصحابه والتابعين وسلف الأمة - رضوان الله عليهم أجمعين - فعلهم ذلك ، أو استعانتهم بالجن ، واللجوء إليهم ، والتعلق بهم ، وقد رسخ رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفوس المسلمين ، عقائد سامية ، ومبادئ أخلاقية ، تأصيلا للعقيدة الصحيحة التي توجه السلوك والتصرف ، وذلك بالاعتماد والتوكل على الله سبحانـه وتعالى وحده ، وقد ثبت من حديث أبي مسلم الخولاني ، قال : حدثني الحبيب الأمين ، أما هو إلي فحبيب ، وأما هو عندي فأمين : عوف بن مالك ، قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سبعة – أو ثمانية أو تسعة – فقال : ( ألا تبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم ) وكنا حديثي عهد ببيعة ، قلنا : قد بايعناك ، حتى قالها ثلاثا ، فبسطنا أيدينا فبايعناه ، فقال قائل : يا رسول الله : إنا قد بايعناك ! فعلام نبايعك ؟ قال ( أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ، وتصلوا الصلوات الخمس ، وتسمعوا وتطيعوا ) وأسر كلمة خفية ، قال : ( ولا تسألوا الناس شيئا ) قال : فلقد كان بعض أولئك النفر يسقط سوطه ، فما يسأل أحدا أن يناوله إياه ) ، ( أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – كتاب الزكاة ( 108 ) – برقم ( 1043 ) ، وأبو داوود في سننه – كتاب الزكاة - ( 28 ) بـاب كراهيـة المسألـة – برقـم ( 1642 ) ، أنظر صحيح أبي داوود 1445 ) 0
وعن ثوبان – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( ومن يتقبل لي بواحدة أتقبل له بالجنة ) قلت : أنا 0 قال : ( لا تسأل الناس شيئا ) قال ، فكان ثوبان يقع سوطه ، وهو راكب ، فلا يقول لأحد : ناولنيه 0 حتى ينزل فيأخذه ) 0 ( أخرجـه أبو داوود في سننـه – كتـاب الزكـاة - ( 28 ) باب كراهية المسألة - برقم ( 1643 ) ، وابن ماجة في سننه - كتاب الزكاة - ( 25 ) كراهية المسألة - برقم( 1837 ) - وقال الألباني حديث صحيح ، أنظر صحيح أبي داوود 1446 ، صحيح ابن ماجة 1487 ) 0


قال النووي :( قوله : " فلقد رأيت أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فما يسأل أحدا يناوله إياه " فيه التمسك بالعموم لأنهم نهوا عن السؤال ، فحملوه على عمومه ، وفيه الحث على التنزيه عن جميع ما يسمى سؤالا وإن كان حقيرا 0 والله أعلم ) 0( صحيح مسلم بشرح النووي - 7،8،9 - 109 ) 0


وعن رجل من مزينة قال : قال رسـول الله صلى الله عليه وسلم : ( من استعف أعفه الله ، ومن استغنى أغنـاه الله ومن سأل الناس ولو عدل خمس أواق ، فقد سأل إلحافا ) 0 ( أخرجه الإمام أحمد في مسنده – 4 / 138 ، وقال الألباني حديث صحيح ، أنظر صحيح الجامع 6022 – السلسلة الصحيحة 2314 ) 0


قال المناوي :( " من استغنى بالله عمن سواه ، أغناه الله " أي : أعطاه ما يستغني به عن الناس ، ويخلق في قلبه الغنى ، فإن الغنى غنى النفس " ومن استعف " أي امتنع عن السؤال ، " اعفه الله " بتشديد الفاء ، أي جازاه الله على استعفافه بصيانة وجهه ، ودفع فاقته ، " ومن استكفى " بالله ، " كفاه " الله ما أهمه ورزقه القناعة ) 0 ( فيض القدير - 6 / 58 ) 0


2)- السمة العامة لأقوال الجن والشياطين الكذب والافتراء ، وقد ثبت من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان ، فأتاني آت فجعل يحثو من الطعـام ، فأخذته وقلت لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة ، قال : فخليت عنه ، فأصبحت فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم :" يا أبا هريرة ! ما فعل أسيرك البارحة ؟ " قلت : يا رسول الله ! شكى حاجة شديـدة وعيالا فرحمته وخليت سبيله ، قال :" أما أنه قد كذبك وسيعود " فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فرصدته ، فجـاء يحثو من الطعام فأخذته ، فقلت : لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : دعني فإني محتاج وعلي عيال لا أعود ، فرحمته فخليت سبيله ، فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا أبا هريرة ما فعل أسيرك ؟ " قلت : يا رسول الله شكى حاجة وعيالا فرحمته فخليت سبيله قال : " أما إنه كذبك وسيعود " فرصدته الثالثة فجـاء يحثو من الطعام فأخذته ، فقلت : لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا آخر ثلاث مرات ، تزعم أنك لا تعود ثم تعود ، قال : دعني أعلمك كلمـات ينفعك الله بهـا ، قلت : ما هن ؟ قال  إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي ( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ ) حتى تختم الآية ، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح ) ، فخليت سبيله ، فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ما فعل أسيرك البارحة ؟" قلت : يا رسول الله ! زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله ، قال : ما هي ؟ قلت : قال لي : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية : ( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ ) وقال لي :" لن يزال عليك من الله حافظ ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح " وكانوا أحرص شيء على الخير ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :( أما إنه قد صدقك وهو كذوب ، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة ؟ " قلت : لا0 قال : " ذاك شيطان " ) 0 ( أخرجه الإمام البخاري في صحيحه- كتاب الوكالة ( 10 ) - برقــم ( 2311 ) - وكتاب بدء الخلق ( 11 )- برقم ( 3275 ) وكتاب فضائل القرآن (10)- برقم (5010) ، = = والترمذي في سننه - كتاب فضائـل القرآن ( 2 ) - برقـم ( 3052 ) ( عن أبي أيوب الأنصاري ) ، أنظر صحيح الترمذي 2309 ) 0

قال المباركفوري : ( " صدقت وهي كذوب " هو من التتميم البليغ ، لأنه لما أوهم مدحها بوصفه الصدق في قوله صدقت استدرك نفي
الصدق عنها بصيغة مبالغة ، والمعنى : صدقت في هذا القول مع أنها عادتها الكذب المستمر ، وهو كقولهم : قد يصدق الكذوب ) 0 ( تحفة الأحوذي – 8 / 150 ) 0


3)- جهل عامة الناس في العصر الحاضر ، والبعد عن منهج الكتاب والسنة ، وقلة طلب العلم الشرعي ، كل ذلك جعل الكثيرين منهم لا يفرقون بين السحـرة وغيرهـم ممن يدعـون الاستعانة بالجن الصالح - بزعمهم - وبذلك تختلط الأمور وتختل العقائد التي تعتبر أغلى ما يملكه المسلم ، ولأن في صحة العقيـدة وسلامتها ضمان للفوز والنجاة في الدارين 0

4)- يترتب على الاستعانة فتنة للعامة ، نتيجة التعلق والارتباط الوثيق بالأشخاص من الإنس والجن ، دون الارتباط والاعتماد والتوكل على الخالق سبحانه وتعالى 0

5)- الجن مكلفون وغير معصومين من الأهواء والزلل ، وقد
يخطئون ، وينقاد المستعين بهم وراء ذلك الخطأ ، وقد يقع في الكفر أو الشرك أو محظور شرعي بحسب حال مخالفته الشرعية 0

6)- إن اللجوء إلى الجن والاستعانة بهم تجعل المستعين ضعيفا في
نظرهم وفي نظر غيرهم من الجن والإنس ، وأما الاستعانة بالله سبحانه وتعالى فتجعل الإنسان قويا واثقا لاستعانته بخالق الكون ، المتصرف الذي له ملك السماوات والأرض وهو على كل شيء قدير 0

7)- الاستعانة غالبا ما تكون نتيجة تلبس الجني لبدن المعالج أو أحد أفراد أسرته ، وهـذا مشاهد محسوس ملموس ، تقره الخبرة والتجربة العملية ، وفي ذلك مخالفة شرعية صريحة لنص الآية الكريمة : ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَالا يَقُومُونَ إلا كَمَا يَقُومُ الَّذِى يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ 000 ) ، ( سورة البقرة – جزء من الآية 275 ) 0
ووجود الجني داخل جسد الإنسان بهذه الكيفية وعلى هذا النحو غير جائز وغير مسوغ من الناحية الشرعية ، وليس من عقيدة المسلم أن الغاية تبرر الوسيلة ، إنما الوسيلة كما بينها الشرع الحنيف هي اتخاذ الأسباب الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة والأثر ، وكذلك الأسباب الحسية المباحة لعلاج تلك الأمراض الروحية 0

8)- إن الحكم على الأشخاص بالصلاح والاستقامة أساسه ومنبعه الالتزام بمنهج الكتاب والسنة ، كما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أنس – رضي الله عنه – قال : ( مر على النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة ، فأثني عليها خيرا ،
( وتتابعت الألسن بالخير ) ، ( فقالوا : كان – ما علمنا يحب الله ورسوله ) ، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : وجبت وجبت وجبـت ، ومر بجنازة فأثني عليها شرا ، ( وتتابعت الألسن لها بالشر ) ، ( فقالوا : بئس المرء كان في دين الله ) ، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : وجبت وجبت وجبت ، فقال عمر : فدى لك أبي وأمي ، مر بجنازة فأثني عليها خيرا ، فقلت : وجبت وجبت وجبت ، ومر بجنازة فأثني عليها شرا ، فقلت : وجبت وجبت وجبت ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة ، ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له النار ، ( الملائكة شهداء الله في السماء ) ، وأنتم شهداء الله في الأرض ، أنتم شهداء الله في الأرض ، أنتم شهداء الله في الأرض ) 0 ( أخرجه الإمام أحمد في مسنده - 3 / 179 ، 186 ، 197 ، 211 ، 245 ، 281 - متفق عليه - أخرجه الإمام البخاري في صحيحه - كتاب الجنائز ( 85 ) - برقم ( 1367 ) والإمام مسلم في صحيحـه – كتاب الجنائز ( 60 ) – برقم ( 949 ) ، والنسائي في سننه – كتاب الجنائز ( 50 ) ، أنظر صحيح الجامع 5950 – صحيح النسائي 1824 ، أحكام الجنائز 45 ) 0


قال النووي :( وأما معناه – الحديث – ففيه قولان للعلماء : أحدهما أن هذا الثناء بالخير لمن أثنى عليه أهل الفضل فكان ثناؤهم مطابقا
لأفعاله ، فيكون من أهل الجنة ، فإن لم يكن كذلك فليس هو مرادا بالحديث ، والثاني وهو الصحيح المختار أنه على عمومه وإطلاقه ، وأن كل مسلم مات فألهم الله تعالى الناس أو معظمهم الثناء عليه كان ذلك دليلا على أنه من أهل الجنة سواء كانت أفعاله تقتضي ذلك أم لا ، وإن
لم تكن أفعاله تقتضيه فلا تحتم عليه العقوبة بل هو في خطر المشيئة ، فإذا ألهم الله عز وجل الناس الثناء عليه ، استدللنا بذلك على أنه سبحانه
وتعالى قد شاء المغفرة له وبهذا تظهر فائدة الثناء ) 0 ( صحيح مسلم بشرح النووي - 7،8،9 - 18 - 19 ) 0


والشهادة للإنسان بالصلاح والاستقامة تكون بناء على المعرفة المسبقة به من حيث التزامه وخلقه ومنهجه وورعه وتقاه وسمته الحسن ، ومع ادراك كافة تلك المظاهر الا أن التزكية الشرعية تبقى أمرا صعبا بسبب تعلق كل ذلك بمعرفة الله سبحانه وتعالى لعبده واضطلاعه على ما يحمله في قلبه وسريرته ، وقد ثبت ذلك من حديث أسامة - رضي الله عنه - قال : قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :( ألا شققت عن قلبه حتى تعلم من أجل ذلك قالها أم لا ؟ من لك بلا إله إلا الله يوم القيامة ) 0 ( أخرجه الإمام أحمد في مسنده – 4 / 439 – 5 / 207 – متفق عليه - أخرجه الإمام البخـاري في صحيحـه - كتـاب الجهـاد ( 45 ) - برقم ( 4269 ) - واللفظ بنحوه ، والإمام مسلـم في صحيحـه - كتاب الإيمان ( 158 ) - برقــم ( 96 ) ، وأبو داوود في سننه - كتاب الجهاد ( 104 ) - برقـم ( 2643 ) ، أنظر صحيح الجامع 2654 ، صحيح أبي داوود 2302 ) 0


قال النووي : ( وقوله صلى الله عليه وسلم " أفلا شققت عن قلبه " فيه دليل للقاعدة المعروفة في الفقه والأصول أن الأحكام يعمل فيها بالظواهر ، والله يتولى السرائر ) 0 ( صحيح مسلم بشرح النووي - 1،2،3 - 281 ) 0


9)- استدراج الشيطان للمستعين بكافة الطرق والوسائل والسبل للايقاع به في الكفر أو الشرك أو المحرم ، وقد سمعنا من القصص قديما وحديثـا ما يؤيد ذلك ويؤكده ، فكم من رجال عرفوا بالاستقامة والصلاح ، وتم استدراجهم ، وماتوا على الكفر أو المعصية والعياذ بالله !

قال ابن كثير : ( قال عبدالله بن مسعود في هذه الآية : ( كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ للإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّى بَرِىءٌ مِنْكَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ) ( سورة الحشر - الآية 16 ) 0
: كانت امرأة ترعى الغنم وكان لها أربعـة إخوة ، وكانت تأوي بالليل إلى صومعة راهب 0 قال : فنزل الراهب ففجر بها فحملت 0 فأتاه الشيطان فقال
له : اقتلها ثم ادفنها فإنك رجل مصدق يسمع قولك 0 فقتلها ثم دفنها ، قال : فأتى الشيطان إخوتها في المنام فقال : لهم إن الراهب صاحب الصومعة فجر بأختكم فلما أحبلها قتلها ثم دفنها في مكان كذا وكذا ، فلما أصبحوا قال رجل منهم : والله لقد رأيت البارحة رؤيا ما أدري أقصها عليكم أم أترك ؟ قالوا لا بل قصها علينا فقصها 0 فقال الآخر : وأنا والله لقد رأيت ذلك ، فقال الآخر : وأنـا والله لقد رأيت ذلك 0 قالوا : فوالله ما هذا إلا لشيء ، قال : فانطلقوا فاستعدوا ملكهم على ذلك الراهب ، فأتوه فأنزلوه ثم انطلقوا به فلقيه الشيطان فقال : إني أنا الذي أوقعتك في هذا ولن ينجيك منه غيري فاسجد لي سجدة واحدة وأنجيك مما أوقعتك فيه 0 قال : فسجد له ، فلما أتوا به ملكهم تبرأ منه وأخذ فقتل ، وكذا روي عن ابن عباس وطاوس ومقاتل بن حيان نحو ذلك ، واشتهر عند كثير من الناس أن هذا العابد هو برصيصا فالله أعلم ) ( تفسير القرآن العظيم - 4 / 341 ) 0
0

قال الأخ فتحي الجندي :( وقد اشتهر عند كثير من الناس أن هذا العابد هو برصيصا والله أعلم 0 وأيا ما كانت هذه القصص لعابد واحد هو برصيصا ، أو كانت لغيره فهي لا تثبت من رواية مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم والصحيح أنها موقوفة ، وغايتها أن تكون مأخوذة عن أهل
الكتاب ، وفي تدبرها عبرة لمن سمع بها - على أي حال - فالحذر الحذر من هذا الشرك الخادع ، والذي كم صاد به إبليس ، وما فتئ يصطاد 0 وليعلم أن الفتنة تبدأ بنظرة محرمة تزني فيها العين ) 0 ( النذير العريان - ص 259 ) 0


قلت : واستدراجات الشيطان في هذا المجال كثيرة ومتشعبة ، ومن ذلك استخدام الأمور المباحة في العلاج للإيقاع في المحظور ومن ثم الكفر بالله عز وجل وهدم العقيدة والدين ، أو ادخال أمور مبتدعة في الرقية الشرعية كما يفعل كثير من الجهلة اليوم ، أو الخلوة المحرمة بالنساء بقصد طيب دون معرفة الحكم الشرعي لذلك ، فينقلب الأمر ويحصل المحظور ، ناهيك عن أمور كثيرة قد يستدرج بها الشيطان بعض المعالجين لا داعي لذكرها إنما أريد التنبيه على هذا الأمر وخطورته ومزالقه 0

وقد بين ابن القيم - رحمه الله - شر وخطر الشيطان ووساوسه
الكثيرة ، كما في تفسيره لسورة الناس فقال : ( ينحصر شره في ستة أجناس لا يزال بابن آدم حتى ينال منه واحدا منها أو أكثر : الشر الأول : شر الكفر والشرك ، ومعاداة الله ورسوله ، فإذا ظفر بذلك من ابن آدم
برد أنينه ، واستراح من تعبه معه وهو أول ما يريد من العبد 000 المرتبة الثانية من الشر : وهي البدعة وهي أحب إليه من الفسوق والمعاصي 0 لأن ضررها في نفس الدين 0 وهو ضرر متعد 0 وهي ذنب لا يتاب منه وهي مخالفة لدعوة الرسل 000 وإلا نقله إلى المرتبة الثالثة من الشر :
وهي الكبائر على اختلاف أنواعها 0 فهو أشد حرصا على أن يوقعه
فيها 0 ولا سيما إذا كان عالما متبوعا فهو حريص على ذلك لينفر الناس عنه ، ثم يشيع ذنوبه ومعاصيه في الناس 000 فإن عجز الشيطان عن هذه المرتبة نقله إلى المرتبة الرابعة : وهي الصغائر التي إذا اجتمعت فربما
أهلكت صاحبها 000 فإن أعجزه العبد من هذه المرتبة نقله إلى المرتبة الخامسة : وهي اشتغاله بالمباحات التي لا ثواب فيها ولا عقاب بل عاقبتها فوت الثواب الذي ضاع عليه باشتغاله بها 0 فإن أعجزه العبد من هذه المرتبة وكان حافظا لوقته ، شحيحا به يعلم مقدار أنفاسه وانقطاعهـا ،
وما يقابلها من النعيم والعذاب نقله إلى المرتبة السادسة : وهي أن يشغلـه بالعمل المفضول عما هو أفضل ، ليزيح عنه الفضيلة ويفوته ثواب العمل الفاضل فيأمره بفعل الخير المفضول ، ويحضه عليه ويحسنه له000 وهكذا يأمره بسبعين بابا من أبواب الخير ، إما ليتوصل بها إلى باب واحد من
الشر وإما ليفوت بها خيرا أعظم من تلك السبعين بابا وأجل وأفضل ) 0 ( التفسير القيم لابن القيم - ص 612 - 613 ) 0


10)- تؤدي الاستعانة إلى حصول خلل في العقيدة ، فترى المستعين يلجأ إليهم ويتعلق بهم تعلقا يبعده عن الخالق سبحانه وتعالى 0

11)- قد يستخدمون لغير الأعمال الصالحة ، والمسلمون من الجن غالبا ليسوا على قدر كبير من العلم الشرعي ، والمعرفة بأحكام الحلال والحرام ، ونتيجة للألفة والمودة من جراء تلك العلاقة المطردة ، فقد يكلفون القيام ببعض الأعمال التي تتعارض مع أحكام الشريعة والدين في لحظات ضعف تمر بالإنسان ، والنفس أمارة بالسوء ، فيلجأ المستعين للانتقام لنفسه أو لغيره ويعينونه على ذلك 0

12)- تكون الاستعانة حجة لكثير من السحرة على ادعاء معالجتهـم بالرقية الشرعية وقراءة القرآن ، لعلمهم أن الناس أدركت خطورتهم وكفرهم ، فيدعون الرقية والاستعانة بالصالحين من الجن ، فيطرق الناس أبوابهم ، ويطلبون العلاج على أيديهم ، وكثير من أولئك ينساقون
وراءهم إما لضعف اعتقادهم ، أو خوفا منهم ومن إيذائهم وبطشهم ، والقصص والشواهد على ذلك كثيرة جدا ، والواقع الذي يعيشه
الناس يؤكد ذلك أيضا 0

قصة واقعية :-

حدثت قصة منذ فترة من الزمن حيث أتت امرأة يبدو عليها سمات الصلاح والاستقامة ، وأخذت تبكي ، فهدأت من روعها وبدأت تشرح قصتها ، تقول : ذهب بي زوجي إلى إحدى المدن في المنطقة ، واعتقدت بذلك أنه طرق باب الرقية الشرعية لعلاجي من أعراض كانت تنتابني من فينة لأخرى ، وذهبنا سويا إلى منزل أحد أصدقائه ، وإذا برجل يدخل علينا ، فأوعز لي زوجي بأن الرجل يعالج بالرقية الشرعية 0 تقول :
المرأة : عندما رأيت هذا الرجل لم ارتح له قط ، فأشار على زوجي بالخروج 0 فأنكرت ذلك لعلمي أن هذا الأمر مخالف لشرع الله
ومنهجه ، ولا يجوز بأي حال ولأي ظرف أن يختلي رجل بامرأة لا تحل
له ، وتذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لا يخلون ( قال ابن منظور : خلا المكان والشيء يخلو خلوا وخلاء وأخلي إذا لم يكن فيـه أحد ولا شيء فيه ، وهو خال – لسان العرب 14 / 237 ) 0
رجل بامرأة إلا كان
ثالثهما الشيطان ( قال المباركفوري معقبا على الحديث : " إلا كان ثالثهما الشيطان " والمعنى : يكون الشيطان معهما يهيج شهوة كل منهما حتى يلقيهما في الزنا - تحفة الأحوذي - 4 / 282 ) 0
، ( الحديث رواه عقبة بن عامر – رضي الله عنه – وأخرجه الإمام أحمد فـي مسنده–1 / 18 ، 26 – 3 / 339 ، 446 ، والترمذي في سننه – كتاب الرضاع ( 16 ) – برقم ( 1187 ) وكتاب الفتن ( 7 ) – برقـم ( 2268 ) ، وقال الألباني حديث صحيح ، أنظر صحيح الترمذي 934 ، 1758 ) 0
وكذلك تذكرت حديثا آخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين خطورة الخلوة المحرمة حيث يقول : ( رأيت شابا وشابه ، فلم آمن من الشيطان عليهما ) ، ( رواه علي – رضي الله عنه – أخرجه الإمام أحمد في مسنده - 1 / 76 ، 157 ، والترمذي في سننه – كتاب الحج ( 53 ) - برقم ( 892 ) ، وقال الألباني حديث صحيح ، أنظر صحيح الجامع 3467 ، صحيح الترمذي 702 ) فخرج زوجي – مع معارضتي الشديدة لذلك الأمر - وكان يحاول أن يزرع ثقتي بالرجل باعتبار أنه شيخ ونحو ذلك ، ومع كل هذا لم اقتنع بهذا الفعل مطلقا ، وكنت أحدث نفسي بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي حدد فيـه معالم الخلوة ، وهذا المعنى يؤخذ على إطلاقه ، ولا فرق بين العامي والعالم والمتعلم وغير المتعلم ، وينطبق هذا على كافة الرجال على السواء ! ولكني لم أكن أملك من أمري
شيئا ، فأغلق الرجل الباب وبدأ بقراءة بعض الآيات من كتاب الله عز وجل ، وبعدها بدأ يتمتم بكلمات لم أفهمها ، وفجأة انقلبت عيناه إلى اللون الفضي ومن ثم لّلون الأسود ، عند ذلك أغمي علي ، وعندما
بدأت أصحو وجدت أنه يضع يديه على مناطق في جسدي لا يحل له الشرع فعلها ، فدخل زوجي ، وقال له الرجل : سوف تكون بخير ، فأخذت أبكي وأبين لزوجي أن الرجل ساحر ومشعوذ وأشرح له حقيقة الأمر فلم يأبه لما أقول ، عند ذلك أوعز لزوجي مرة أخرى بالخروج
ففعل ، وأنا أرجوه وأسأله أن لا يفعل ذلك ، وبعد خروجه صفعني صفعة قوية في صدري ، وقال سوف ترين من هو المشعوذ والساحر 0
وبعد رقية المرأة تبين حصول إيذاء لها من جراء ذلك الموقف من هذا الساحر اللعين ، وعلم ذلك عند الله ، والقصص كثيرة إنما يكتفي بتلك القصة للعبرة والعظة 0

13)- ابتعد كثير من الناس اليوم عن منهج الكتاب والسنة ، ولجوا في الفسق والمعصية والفجور ، وأصبح جل همهم الدنيا وزينتها ، فقل طلب العلم الشرعي ، وأصبح كثير منهم لا يفرق بين الحلال والحرام ، وجمعوا المال بحله وحرامه ، دون خوف أو وجل من الله تعالى ، وكذلك الحال بالنسبة للجن ، وكل ذلك يجعلهم يخطئون ولا يتوانون عن فعل أمور كثيرة مخالفة للكتاب والسنة ، إما لجهلهم بالأحكام الشرعية ، أو لعدم اكتراثهم لما يقومون به ويفعلونه ، وينقلب الأمر وتصبح الاستعانة وسيلة إلى الضلال أو الشرك أو الكفر بحسب حالها 00 والعياذ بالله 0

14)- يتمادى الأمر بالمستعين إلى طلب أثر وغيره ، وينزلق في هوة عميقة تؤدي إلى خلل في العقيدة ، وانحراف في المنهج والسلوك ، مما يترتب عن ذلك غضب الله وعقوبته 0
وطلب الأثر وغيره يكون وفق تعليمات من قبل الجن للمستعين ، وما يثير الدهشة والتساؤل حصول هذه الطلبات وبهذه الكيفية من قبل الجن ، مع إمكانية فعلهم ذلك دون المساعدة أو الحاجة إلى طلب تلك الآثار وغيرها ، وعالم الجن عالم غيبي لا يرى من قبل الإنس ، ولديهـم الإمكانات والقدرات التي تفوق كثيرا قدرات وإمكانات الإنس ، مما
يوفر لهم إمكانية الاستقصاء والبحث دون الحاجة لتلك الأساليب والوسائل ، ونقف من خلال هذه النظرة على حقيقة ثابتة من جراء استخدام تلك الوسائل بهذه الكيفيات المزعومة ، أن الغاية والهدف من حصولها هو إيهام الناس وجعلهم يتمسكون بالأمور المادية المحسوسة الملموسة دون اللجوء لخالقها سبحانه وتعالى 0

15)- إن قول بعض علماء الأمة كشيخ الإسلام ( ابن تيمية ) -
رحمه الله - بجواز الاستعانة ضمن كلام موزون يوجب وقفة وتذكرا بالعصر الذي عاشوا فيه حيث كان الإسلام قويا ، ويحكم فيه بشرع الله ومنهجه ، وكان الوعي والإدراك الديني آنذاك - عند العلماء والعامة - أعظم بكثير مما نعيشه اليوم ، والاعتقاد الجازم أن الاستعانة لا يمكن أن تفهم بمفهومها الدقيق في هذا العصر كما فهمت أيام شيخ الإسلام ابن تيمية ، ولا بد من وقفة تأمل مع كلامه - رحمه الله - فأقول :-

أ)- إن الكلام في المسألة عام ولم يتطرق - رحمه الله - إلى قضايا الاستعانة في التطبب والرقية والعلاج 0
ب)- ذكر في النقطة الرابعة كلاما يقول فيه :

( وإن لم يكن تام العلم بالشريعة فاستعان بهم فيما يظن أنه من الكرامات مثل أن يستعين بهم على الحج ، أو أن يطيروا به عند السماع البدعي ، أو أن يحملوه إلى عرفات ، ولا يحج الحج الشرعي الذي أمره
الله به ورسوله ، وأن يحملوه من مدينة إلى مدينة ، ونحو ذلك فهـذا مغرور قد مكروا به ) 0 ( مجموع الفتاوى – 11 / 307 ) 0


والمتأمل في كلام شيخ الإسلام يلاحظ : أن توفر العلم الشرعي شرط أساسي للاستعانة ، فالعالم وطالب العلم أكثر حرصا ودقة من غيرهما في المسائل والأحكام الشرعية ، فكل منهما يقارن بين المصالح والمفاسد ، ويفرق بين الحلال والحرام ، وله اطلاع بأمور كثيرة تخفى على كثير من الناس ، وبإلقاء نظرة سريعة في يومنا هذا ، يلاحظ أن معظم من طرقوا هذا الباب واستعانوا بالجن جهلة بالعلم الشرعي لا يفقهونه ولا يدركون أصوله ، ولا يفرقون بين الركن والواجب ، ونجزم أن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - لو عاش بين أظهرنا لما أجاز الاستعانة بمضمونها
الحالي ، لما يترتب عليها من مفاسد عظيمة قد تؤدي إلى خلل في العقيدة ، بل قد تدمرها من أساسها ، ومن ذلك ما نراه ونسمعه اليوم ، من بيع القلائد والخواتم للناس بأموال طائلة ، وادعاء أن معها جنا صالحا يعين ويحفظ ، أو طلب الأثر ونحوه ، وقس على ذلك الكثير مما يندى له الجبين وتقشعر له الأبدان 00 ومن التجربة والخبرة تبين كذبهم وزيف ادعائهم 0

ج)- إن العالم أو طالب العلم ، إذا كان ملما بالعلم الشرعي ، متفقها فيه ، عالما بأحكامه ، مدركا لأحواله ، سواء كان من الإنس أو
الجن ، لا يمكن أن يزعزع ويدمر عقائـد الناس ، أو أن يتصرف وفق أهوائه وشهواته – فيدور في رحى الكتاب والسنة ، ولن ترى مثل ما يحصل اليوم من تجاوزات وانحرافات عند الذين يزعمون أنهم يستعينون بجن صالح فيخربون عقائد الناس ، ويحيدون بهم عن الفطرة السوية 0

* يقول الشيخ محمد بن محمد عبد الهادي في رده على هذه الشبهة : ( ذكر ابن تيمية في كتابه الفتاوى : فمن كان من الإنس يأمر الجن بما أمر الله به ورسوله من عبادة الله وحده وطاعة نبيه 00 إلى أن يقول : فيكون بمنزلة الملوك 00 اهـ 0
فقد حمل البعض كلام ابن تيمية على تجويز وإباحة استعمال الجن في العلاجات وفي طلب الإخبار عن أمور مباحة ( كنوع المرض وعلاجه وكشف مفقود 00 وغير ذلك ) 0
والحق أن هذا فهم غير صحيح 00 فالإمام ابن تيمية – رحمه الله – ما ذكر هذه العبارات إلا للمقارنة بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان الذين يتحدث عنهم في كتابه 0
والمتأمل لعباراته يجد أنه وضح وقيد هذا الاستعمـال بقوله : كان يأمرهم بما يجب عليهم وينهاهم عما حرم عليهم ويستعملهم في مباحات لهم 00 اهـ 0
وشبه – رحمه الله – أولياء الرحمن الصالحين الذين يأتمر الجن بأمرهم بمنزلة الملوك ومثلهم بالنبي الملك مع العبد الرسول اهـ 0
فالملوك الصالحون يأمرون بطاعة الله وينهون عن معصية الله حيث إن ابن تيمية مثل لذلك 00 فماذا كان يأمر هؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الناس ؟ 00 لا شك بأنهم كانوا يأمرون بعبادة الله وحده وينهون عن كل عمل يـؤدي إلى الشرك وصرف القلب عن الله وعدم التوكل عليه 0
والمتأمل إلى نهج وعقيدة ابن تيمية يجد أنه أحرص الناس على تثبيت العقيدة في قلوب المسلمين وأشدهم تحذيراً من كل عمل يتنافى مع جانب التوحيد أو فيه شبهة شرك 0
فالإمام ابن تيمية – رحمه الله – لم يتطرق إلى إباحة استخدام الجن في العلاجات ولو جاز استخدامهم واستعمالهم في ذلك لاستشارهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم عندما سحر كما ذكر قصة سحره عليه الصلاة والسلام الإمام البخاري في صحيحه 00 ولم يستخدم الأوائل من المسلمين الجن في قضاياهم كالحروب التي دارت بينهم وبين المشركين ولا استعملوهم في علاج مرضاهم 00
أم أننا أقوى عقيدة من أولئك الأولين فلا نقع في الشرك ؟
فابن تيمية - رحمه الله - عندما أشار إلى استخدام الجن حسب زعم الزاعمين لم يقل 00 يجوز أن تصاحب جنياً بإشارة معينة مثل رمزاً أو قراءة أو نحو ذلك فإذا حضر الجني طلبت منه ما تحتاج إليه من تشخيص داء أو معرفة دواء أو الاستدلال على مخفى 0
ولكنه قصد والله أعلم أنك إذا قرأت على مصروع فحضر الجني الصارع وتكلم على لسانه هنا عليك أن تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر ولو سألته عن مباحات جاز لك ذلك وإن كان خلاف الأولى مع العلم بأن فيهم كذباً كثيراً 0 فلا يصدقوا في كل ما يخبرون به ، ولو صح أنه كان يقصد جواز اتخاذ جني بطريقة ما كقراءة سورة معينه أو تسبيحات معينة 0
فإن ذلك لا يجوز لمخالفـة ذلك لأفعال السلف الصالح 0 وأن ابن تيمية - رحمه الله - ليس بحجة على الشرع بل الشرع حجة على الجميع والله أعلم 0
والخلاصة : إن شيخ الإسلام -– رحمه الله - ما أجاز اتخاذ الجن صاحباً موقراً ، أو شيخاً مبجلاً يستعان به أو يستخدم بل المقصود والله أعلم أن الجن الصارع للإنسي إن حضر خاضعاً ذليلاً نتيجة كثرة القراءة القرآنية أو الأذان أو الضرب ، أقول : إن حضر وسألته عن أمور دنيوية من غير تصديق فيما يخبر به جاز ذلك ، ( قلت : ولا بد أن يكون السؤال بقدر الحاجة والضرورة دون الاسترسال والحوارات التي لا فائدة منها والتي قد تفضي إلى محاذير شرعية كثيرة ، وقد تم بحث هذه المسألة مفصلة في هذه السلسلة ( منهج الشرع في علاج المس والصرع ) فلتراجع ) . هذا ما يفهم من كلامه -–رحمه الله-– أما أن تعقد معه عهداً وصلحاً ، وعلامة بينك وبينه بإشارة أو عبارة أو قراءة الفاتة مثلا أو غير ذلك فهذا لا يفهم من قوله -–رحمه الله - بل هذا مخالف لقوله سبحانـه : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) ( سورة الجن - الآية 6 ) 0
هذا والله أعلم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم ) 0 ( عالج نفسك بنفسك – ص 35 – 36 ) 0


يعقب الأستاذ سعيد عبد العظيم على كلام شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – فيقول : ( هذا الكلام القيم لشيخ الإسلام – يدلك على كثرة المغرورين ، الذين مكرت بهم الجن في زماننا ، نتيجة العلم وبسط الجهل ، ومن أمثلة ذلك هؤلاء الجهال الذين ينادون الجني ، وقد تعلقت قلوبهم بالجن – من دون الله – في جلب النفع ودفع الضر ، ولبست عليهم الشياطين أمر دينهم ؛ فاختلطوا بالنساء وواقعوا ما حرم الله 00 وشغلوا أنفسهم والدنيا من حولهم بالمحاورات والخزعبلات عن واجب العبودية والقيام بإضاعة الوقت 0
فأين هذا الانحراف مما ذكره ابن تيمية في حكم استخدام الجن ؟! لقد أساء البعض فهم نصوص الشريعة ، وبالتالي فلا غرابة في إساءة فهم كلام الأئمة ، يدلك على ذلك جحافل المعالجين ، الذين أهدروا معاني العقيدة والشريعة في علاجهم بزعم أن شيخ الإسلام ابن تيمية أجـاز استخدام الجن !! ) 0 ( الرقية النافعة للأمراض الشائعة – ص 41 ) 0

وأنقل كلاما لشيخ الإسلام – رحمه الله – يؤكد المفهوم الدقيق الذي عناه من سياق كلامه حيث نقل الشيخ محمد بن مفلح - رحمه الله – كلاما له ، يقول فيه : ( قال شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية : رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن مستخدما الجن ، لكن دعاهم إلى الإيمان بالله ، وقرأ عليهم القرآن ، وبلغهم الرسالة ، وبايعهم كما فعل بالإنس ، والذي أوتيه النبي صلى الله عليه وسلم أعظم مما أوتيه سليمان ، فإنه استعمل الجن والإنس في عبادة الله وحده وسعادتهم في الدنيا والآخرة ، لا لغرض يرجع إليه إلا ابتغاء وجه الله وطلب رضاه ) 0( مصائب الإنسان – 156 ) 0


16)- قد يتذرع البعض بجواز الاستعانة ، وذلك بالعودة لبعض الآثار الواردة في ذلك ، وأستعرض بعضها قبل أن أقف وقفة تأمل معها :-

أ)- حدث أن عمر - رضي الله عنه - أرسل جيشا فقدم شخص إلى المدينة فأخبر أنهم انتصروا على عدوهم ، وشاع الخبر ، فسأل عمر عن ذلك فذكر له 0 فقال : هذا أبو الهيثم بريد المسلمين من الجن وسيأتي بريد الإنس بعد ذلك فجاء بعد ذلك بعدة أيام 0 ( مجموع الفتاوى – 19 / 63 ) 0


ب)- روي عن أبي موسى الأشعري أنه أبطأ عليه خبر عمر -
رضي الله - عنه وكانت هناك امرأة لها قرين من الجن ، فسأله عنه فأخبره أنه ترك عمر يسم إبل الصدقة 0 ( مجموع الفتاوى - 19 / 63 ) 0


قلت وبالله التوفيق :-

أ - إن السائل صحابي جليل ، لديـه من العلم الشرعي ما يؤهله للسؤال ، ولن يكون ذلك دافعا للوقوع فيما هو شر منه 0

ب - المسألة متعلقة بمصلحة شرعية لارتباطهـا بأمير المؤمنين في
ذلك العصر ، فاقتضت الضرورة هذا الأمر ، لمن هو أهل للسؤال كما أشرت في النقطة السابقة 0

ج - المسألة متعلقة بحادثة معينة ، ولم يندرج وراء ذلك استعانة كما نراه ونسمعه اليوم بطرق شتى ووسائل جمة 0

د - وهذا يتعلق بالنقطة الأولى 00 فالجن هم من أخبر بانتصار المسلمين ، ولم يطلب ذلك منهم ، ولم يستعن بأحد منهم 0

هـ - الآثار الواردة آنفا جاءت بصيغة ( روي ) وهذا ما يعتبره أهل العلم صيغة ( تمريض ) أي عدم ثبوت تلك الآثار بسندها عن الرواة 0
وكما تبين من خلال النقاط آنفة الذكر ، فلا يجوز أن يعتد بتلك الآثار على جواز الاستعانة وتبرير ما يقوم به كثير من الجهلة اليوم ، مما يؤدي إلى هدم العقائد وبعد الناس عن خالقهم 0

17)- ولو لم يذكر أي من النقاط السابقة ، فالقاعدة الفقهية ( باب سد الذرائع ) تغنينا عن ذلك كله ، والذرائع التي ذكرت سابقا هي التي تسدها الشريعة ، ( ودرء المفسدة مقدم على جلب المصلحة ) والناس
اليوم يدركون ويعلمون كم من المفاسد العظيمة ترتبت على هذا الأمر ! وبنحو أصبح الولوج فيه أقرب الى طرق السحر والشعـوذة والكهانة والعرافة فنسأل الله العفو والعافية 0

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :( إن الله سبحانه ورسوله سد الذرائع المفضية إلى المحرمات بأن حرمها ونهى عنها 0
والذريعة ما كان وسيلة وطريقا إلى الشيء ، لكن صارت في عرف الفقهاء عبارة عما أفضت إلى فعل المحرمات ، ولو تجردت عن ذلك الإفضاء لم يكن فيها مفسدة ، ولهذا قيل : الذريعة الفعل الذي ظاهره أنه مباح وهو وسيلة إلى فعل المحرم ، أما إذا أفضت إلى فساد ليس هو فعلا كإفضاء شرب الخمر إلى السكر وإفضاء الزنا إلى اختلاط المياه ، أو كان الشيء نفسه فسادا كالقتل والظلم ، فهذا ليس من هذا الباب ، فإنا نعلم إنما حرمت الأشياء لكونهـا في نفسها فسادا بحيث تكون ضررا لا منفعة فيه ، أو لكونها مفضية إلى فساد بحيث تكون هي في نفسها منفعة وهي مفضية إلى ضرر أكثر منه فتحرم ، فإن كان ذلك الفساد فعل محظور سميت ذريعة 0 وإلا سميت سببا ومقتضيا ونحو ذلك من الأسماء المشهورة ، ثم هذه الذرائع إذا كانت تفضي إلى المحرم غالبا فإنه يحرمها مطلقا ، وكذلك إن كانت قد تفضي وقد لا تفضي لكن الطبع متقاض لإقضائها ، وأما إن كانت تفضي أحيانا فإن لم يكن فيها مصلحة راجحة على هذا الإفضاء القليل 0 وإلا حرمها أيضا ، ثم هذه الذرائع منها ما يفضي إلى المكروه بدون قصد فاعلها 0 ومنها ما تكون إباحتها مفضية للتوسل بها إلى المحرمات فهذا القسم الثاني يجامع الحيل بحيث قد يقترن به الاحتيال تارة وقد لا يقترن كما أن الحيل قد تكون بالذرائع وقد تكون بأسباب مباحة في الأصل ليست ذرائع ) 0 ( الفتاوى الكبرى - 3 / 256 - 257 ) 0

وقد أعجبني كلام للأستاذ الفاضل " محمد بن محمد عبد الهادي لافي " يجسد فيه الحال والمآل الذي وصل فيه مدعوا الاتصال بالجن والعلاج عن طريقهم ، حيث يقول :

( لا يخلو زمن أو عصر من دعوى دجال يخفي ما في نفسه من الزيغ والضلال 0 ويجد له من الأنصار المدجلين والأعوان المهوسين يضحكون على عقول السذج والبسطاء من الناس لابتزاز أموالهم والتشكيك في عقائدهم 0
وهذا أمر مألوف ليس بغريب للبعد عن تعاليم الإسلام ، وكلما بعد الناس عن الدين كلما كثرت البدع والخرافات وفشت الخزعبلات والناس مغرمون بكل غريب وجديد 0
ولقد أضحت في هذه الأيام دعوى الاتصال بالجن والعلاج عن طريقهم موضة عصرنا 0 فكل من فاته ركب الشهرة والتقدم تقمص شخصية الطبيب الروحاني والناس بين مصدق ومكذب أو مفتون بكل ما يرى ويسمع 0
ومن عجيب الأمر وألم القلب أن بعض طلاب العلم تقمصوا هذه الشخصية 0
وأخذ يروج لهذه الفرية جهلة العلماء فعم البلاء في كل مكان 0
إن ظهور أمثال هذه الخرافات سببه – ضعف الإيمان والجهل والخوف والهواجس والأوهام وظهور أمراض ومشكلات مستعصية عجز عن علاجها بعض الأطباء 0
وهذه دعوات خطرة يتخذها شياطين الإنس والجن سبيلاً لتشكيك المسلمين في دينهم فيؤدي إلى الإلحاد وإفساد الدين ) 0 ( عالج نفسك بنفسك – ص 8 ) 0


ولا بد من التنويه تحت هذا العنوان إلى بعض المظاهر - المشاهدة والمحسوسة - على الاستعانة أو الاتصال بالجن والشياطين بقصد أو بغير قصد ومنها :-

1 )- شراء الخواتم المكلفة بادعاء أن معها جنا يعينون صاحبها ويحفظونه من الأذى ونحوه 0

2)- قراءة بعض الآيات القرآنية والأدعية المختلفة على شخص مستلق على أريكة ، وبعد الانتهاء من ذلك الورد يبدأ الشخص بالارتقاء والارتفاع في الهواء 0

قصة واقعية :-

حدثني من أثق به وهو طالب في المرحلة النهائية في احدى الجامعات المحلية يدرس في كلية الهندسة حيث يقول : منذ عشر سنوات وعندما كنت طالباً في المرحلة المتوسطة كنت أدرس مادة تسمى " قرآنية " وكان يدرس هذه المادة أحد الدعاة المعروفين في المنطقة ، وذات يوم كان المدرس يشرح لنا تأثير القرآن في الشفاء والاستشفاء ، حيث اختار خمسة من الأقوياء في الفصل وأمرهم بحمل طاولة ثقيلة الوزن ، فحاولوا مجتمعين فما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً ، وكل ما فعلوه هو محاولة رفعها بعض السنتيمترات القليلة ، يقول هذا الأخ الكريم : وبدأ الاستاذ في قراءة آيات من كتاب الله ووضع اصبعه في وسط الطاولة وأمرنا أن نقوم برفعها ، ففعلنا بيسر وسهولة ، والله تعالى أعلم 0

قلت : هذا النوع يعتبر نوعـاً من أنواع الاستعانة التي تم ايضاحها سابقاً ، والاستعانة قد تكون من النوع المستمر والمقصود وتكون العلاقة بين المستعين والجن أو الشياطين علاقة وثيقة ، وقد تكون من النوع العارض كما حصل مع هذا الأخ الكريم ، والذي يعتقد من خلال ما سمعناه آنفاً أنه قد لبس على هذا الأستاذ الداعية بحيث اعتقد أن القرآن يمكن أن يستخدم بمثل هذه الكيفية ولمثل هذه الأغراض وخطورة هذا النوع العارض من الاستعانة أنه قد يؤدي إلى الاستعانة المطلقة والتي تنشأ علاقة قوية بين المستعين والمستعان من الجن والشياطين ، والحقيقة الشاهدة التي لا بد أن تترسخ في عقائد المسلمين أن الطريق الوحيد الذي حدده الله سبحانه وتعالى للقرآن والسنة المطهرة كعلاج واستشفاء من الأمراض والأوجاع هو الرقية الشرعية والعلاج الشرعي ، وما دون ذلك لا يعول عليه ولا يؤخذ به ومعظم الطرق المتبعة قد تكون من قبل الصوفية والطرقية التي دلسوا بها على كثير من الناس لهدم عقائدهم وتخريب معتقداتهم ، كادعاء تحضير خدام السور والآيات كما حصل آنفاً 0

3)- قراءة بعض الآيات القرآنية والأدعية المختلفة على ( سكين ) وطيه وربطه ، لحفظ الشخص أو الدابة أو المكان ونحوه 0

4)- قراءة بعض الآيات القرآنية والأدعية المختلفة ، بعدد محدد لاستحضار الخادم الخاص بهذه الآية- حسب زعمهم وكذبهم وافترائهم 0

5)- إطلاق البخور بنية استحضار الجن والشياطين ، والإيعاز لهم بجمع اليدين أو الجمع بين الأصابع إن كان المريض يعاني من السحر ، أو التفريق بينهما إن كان يعاني من العين والحسد ، وإبقاء الأمر كما هو
عليه إن كانت الحالة تعاني من أعراض طبية ، وإن تم استخدام ذلك الأسلوب بكلام غير مفهوم أو طلاسم فهذا أقرب إلى السحر والشعوذة منه إلى الاستعانة والعياذ بالله 0

6)- وهناك طريقة خطيرة للاتصال بالجن والشياطين بواسطة لعبة معينة ، تحتوي على أحرف باللغة اللاتينية يطلق عليها اسم ( AUADI ) بحيث يبدأ الشخص بالتحدث والسؤال عن بعض الأمور والأحداث ، وتحت يده مؤشر يبدأ بتكوين كلمات للإجابة عن تلك التساؤلات ، وتعتبر تلك الطريقة مدخلا لتعلم السحر والشعوذة 0

سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن أناس يشتغلون بتحضير الأرواح ويسلكون طرقاً مختلفة في ذلك ، فيعتمد بعضهم على كوب صغير أو فنجان أو حروف قد رسمت فوق منضدة وتتكون إجابات الأرواح المستحضرة على الأسئلة الموجهة لهم من مجموع الحروف بحسب ترتيب تنقل الكوب أو الفنجان فيها ، ومنهم من يعتمد على طريقة السلة بحيث يوضع في طرفها قلم يكتب الإجابات على أسئلة السائلين ، فهل الذي يحضر هو الروح – كما يزعمون – أم القرين أم شيطان ، وما حكم الشرع في ذلك ؟
فأجاب – حفظه الله - : ( يقصد بالأرواح جنس الجن الذين خلقهم الله من النار ، فهم أرواح بلا أجساد ، ( قلت : قد بينت من خلال ثنايا هذا البحث أن الجن أرواح وأجساد ولا يعلم كيفية مادتهم إلا الله سبحانه وتعالى ) 0
ويقصد بتحضيرها نداؤها وطلب حضورها حتى تتكلم ويسمع كلامهـا البشر ، ومعلوم أن الله قد حجبهم عنا ، كما قال تعالى عن إبليس : ( إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ ) ( سورة الأعراف – جزء من الآية 27 ) 0
والمراد بقبيله جنسه وما كان على مثل خلقه كالملائكة والجن ، وقد أعطاهم القدرة على التشكل بأجساد متنوعة فيظهرون في صور حيوانات وحشرات وهوام متعددة ، ولهم قدرة على ملابسة الإنسان كما قال تعالى : ( لا يَقُومُونَ إلا كَمَا يَقُومُ الَّذِى يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ 000 ) ( سورة البقرة – جزء من الآية 275 ) 0
، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ) ، ( أخرجه الإمام أحمد في مسنده - 3 / 156 ، 285 ، 309 - 6 / 337 ، متفق عليه - أخرجه الإمام البخاري في صحيحه - كتاب الأحكام ( 21 ) - برقم ( 7171 ) - وكتـاب بدء الخلق ( 11 ) – برقم ( 3281 ) – وكتاب الاعتكاف ( 11 ، 12 )- برقم ( 2038 ، 2039 ) ، والإمام مسلم في صحيحه – كتاب السلام ( 23 ) – برقـم ( 2174 ) ، وأبو داوود في سننه - كتاب الصوم ( 79 ) - برقم ( 2470 ) - وكتاب السنة ( 17 ) - برقـم ( 4704 ) - وكتاب الأدب ( 89 ) - برقم ( 4994 ) ، والنسائي في " السنن الكبرى " - 2 / 263 - كتـاب الاعتكـاف ( 10 ) - برقم ( 3357 - 3359 ) بطرق أخرى ، وابن ماجة في سننه - كتاب الصيام ( 65 ) - برقم ( 1779 ) ، والدارمي في سننه - كتاب الرقاق ( 66 ) ، أنظر صحيح الجامع 1658 ، صحيح أبي داوود 2158 ، 4178 ، صحيح ابن ماجة 1440 ) 0
فالمسلم متى تحصن بذكر الله ودعائه وتلاوة كتابه والعمل الصالح والبعد عن الحرام ، فإن الله يحرسه ، ولا تقدر الجن على ملابسته ولا التسلط عليه إلا ما شاء الله ، وإما التحضير المذكور في السؤال فلا شك أن المحضر إما أن يكون من خدام الشيطان الذين يتقربون إليهم بما يحبون ، أو يكتب حروفاً غير مفهومة تحتوي على شرك أو دعاء لغير الله فتجيبه الجن ويسمع كلامها الحاضرون ، والغالب أنه يحضر شخصاً ضعيف العقل والدين قليل الاهتمام بالذكر والدعاء حتى يلابسه الجني ويتكلم على لسانه ، ولا يفعل ذلك إلا السحرة والكهنة ونحوهم ، ولا يمتنع أن يسمع الإنسان كلام الجن المسلمين كما يشاهد أنهم يوقظونه للصلاة أو للتهجد وهو لا يراهم ، والله أعلم ) 0 ( مخطوطة بخط الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – بحوزة الشيخ علي بن حسين أبو لوز – ص 95 ) 0


7)- طريقة فتح المندل :-

وهي عبارة عن قراءة تعويذة مكتوبة لا يفهم معناها بسهولة ، حيث تشتمل على كلمات قيل أنها كلمات سريانية ، وعلى المعزم أن يقرأها
بعد احضار طفل لم يبلغ الحلم بعد ، ويكتب على جبهته ( فَكَشفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ) ( سورة ق – جزء من الآية 22 ) 0
ويحمل الطفل فنجانا يوضع فيه زيتا أو حبرا أسودا ثم يعزم المعزم بهذه العزيمة 0 وسيرى الطفل أشخاصـا وصورا سيميزهم جيدا ، فيطلب منهم أن يذبحوا ويسلخوا ويطبخوا ويرشوا الأرض وينظفوهـا ، ويأمرهم أن يأكلوا ويغسلوا أيديهم بعد الطعام ، ثم يسألهم بعد ذلك عن الشيء المفقود ، فيرى الطفل هذا الشيء بلونه وطوله وعرضه في هذا الفنجان الضيق الصغير ، وإذا لم يعرف المكان أو الشخص سألهم عن اسمه ، فيكتبونه له بحروف مفرقة على لوح يستطيع الطفل أن يقرأها بسهولة 0 ويمكن للمعزم والحاضرين معه أن يضموا الحروف إلى بعضها ليعرفوا اسم الشخص السارق ، ويمكن للمعزم أن يسأل خدام المندل - وهم كما زعموا وقالوا من إخواننا الجن - كيف تمت السرقة ؟ وكيف دخل السارق إلى المكان ؟ ومن أي موضع استولى على الشيء المسروق ؟

وخطورة استخدام هذه الطريقة تكمن في أنها تدمر العقيدة ، وتوقع
من يقوم بهذا العمل بالكفر والشرك بالله سبحانه وتعالى لما تحتويه من معان مبهمة لا يفقه معناها ، وسوف يتضح هذا المعنى في هذه السلسلة ( فتح الحق المبين في أحكام رقى الصرع والسحر والعين ) عند الحديث عن ( التمائم ) 0 والاستعانة بهذه الشاكلة أقرب إلى أعمال السحر والشعوذة والكهانة 0

8)- طريقة قياس الأثر :-

وهذه الطريقة تعتمد أساسا على الاستعانة بالجن المسلـم – حسب زعمهم – بحيث يؤخذ أثر من المريض كثوبه أو عمامته ونحو ذلك ، ويسأل المستعين الجن ويطلب منهم أن يطولوا الأثر إن كان المريض يعاني من صرع الأرواح الخبيثة ، أو أن يقصروه إن كان يعاني من العين ، ويتم قياس الأثر بعد ذلك ، فإن حصل فيه زيادة ، فيعني ذلك أن الحالة المرضية تعاني من صرع الأرواح الخبيثة ، وإن حصل نقصان في طول الأثر فيعني ذلك أنها تعاني من الإصابة بالعين ، وإن بقي الأثر على ما هو عليه ، فيجب في هذه الحالة أن يذهب المريض للاستشفاء لدى المستشفيات والمصحات والأطباء المتخصصين 0

وقبل التعليق على هذه الطريقة أنقل كلام الأخ فتحي الجندي في
كتابه المنظوم ( النذير العريان ) حيث يقول :-

( فأجاب - شخص يعالج بهذه الطريقة - هناك طريقة قياس الأثر : وهي اختبار لمعرفة حالة المريض وتشخيصها بمساعدة الجني المسلم ، فإن كانت عضوية أمر أهله بالذهاب به إلى الأطباء ، وإن كانت من مس
الجن استعان عليه بالقرآن والأدعية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودعوته إلى الإسلام إن كان كافرا ، فإن أسلم طلب من الجني المسلم مرافقته وإعانته على الطاعة 000 الخ 0
قلت لـه : قياس الأثر من طرق السحرة ، والبعض يجعلها من الإمارات على أن الذي يمارسها من السحرة ، وبالتالي فهـو لا بد أن
يفعل منكرا ليتحقق له ما يطلب 0
فأقسم أنه لا يفعل أي شيء سوى أن يأخذ مقاسا معينا من ثوب الشخص ، أو من ثوبه هو شخصيا - إذا كان الشخص المطلوب علاجه حاضرا - ثم يقول بصوت مسموع :
إذا كان هذا الشخص مصابا من الجن فطولوه ، وإذا كان من العين فقصروه ، ثم يقيس 0
قلت : وقد فعل هذا الأمر أمامي بدون أي كلام أو مقدمات 0 فقلت له : لعلك قد قلت تعويذة أو شيئا ما في سرك ؟ فأقسم أنه لم يفعل شيئا من ذلك ، وأن الذي يحدث هو مجرد مساعدة من الجني المسلم له 0
قلت : إذا كان الأمر كما ذكرت فهذه الاستعانة لا بأس بها ولا دليل على تحريمها ، وعندئذ لا تصبح طريقة قياس الأثر على أي صفة كانت مختصة بالسحرة ومميزة لهم 0 إلا أنني استدركت وقلت : ولكن الأولى تركها لأنها ذريعة إلى تصديق السحرة وتلبيس أمرهم على العامة ، فكان جوابه أن هذه الطريقة تختصر الوقت والجهد بدرجة كبيرة جدا ، ولكن
إذا كان الأمر كذلك نتركها للشبهة ) 0 ( النذير العريان - ص 220 - 221 ) 0


قلت : إن الخبرة العملية والنظرية والممارسة التطبيقية لمن اشتغل بهذا العلم - تؤكد بما لا يدع مجالا للشك بطلان تلك الدعاوى وإن صدرت عن بعض الإخوة الذين نحسبهم على خير وصلاح والله حسيبهم ،
وأوجز رد تلك الدعاوى للأسباب التالية :-

أ)- لقد تم تحديد نقاط آنفة وهذه ثمرة خلاصة بحث الاستعانة ،
وكافة تلك النقاط أكدت أنه لا يجوز الاستعانة بالجن مطلقا لما يترتب
على ذلك الفعل من مفاسد عظيمة وأخطار جسيمة 0

ب)- تأكيد معظم أهل العلم على مفهوم عدم جواز الاستعانة ، ومن هؤلاء العلماء سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله - والعلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله - والشيخ صالح الفوزان وكثيرون من العلماء الأجلاء 0

ج)- تعتبر هذه الطريقة من الطرق التي يستخدمها السحرة
والمشعوذون في طرقهم الباطلة ، وقد أكد على هذه الحقيقة آنفا أخي الفاضل " فتحي الجندي " في كتابه القيم ( النذير العريان ) ، وعامة
الناس لا يملكون العلم الشرعي والوسائل والطرق التي تؤهلهم لتحري مشروعية المسلك والتصرف الذي يتبعه هؤلاء الخبثاء ، وبذلك يكون استخدام تلك الطريقة مدعاة لهم لتمرير أعمالهم وتصرفاتهم الشائنة على عوام الناس ليأكلوا أموالهم بالسحت والباطل 0
د)- لقد أكدت في ثنايا هذا البحث على حقيقة في غاية الأهمية تتعلق باتباع هذا الأسلوب من قبل الجن الذي يدعي الإسلام ، فما الغاية وما
هو الهدف من قياس الأثر على هذا النحو وبهذه الصورة والكيفية ؟ ومن
ثم التشخيص بناء على ذلك ؟! 0

إن المتتبع لأحوال هذا العالم – عالم الجن والشياطين – يعلم جازما بقدراتهم الخارقة في القوة والتنقل ونحوه ، وقد أكدت على ذلك المفهوم النصوص القرآنية والحديثية ، ومن باب أولى أن يساعد الجن المسلم دون أن يترتب على فعلـه مفاسد لا يعلم مداهـا إلا الله ، وقول أخي الفاضل ( الأولى ) أي أنه يراها من أقسام الجواز ، والذي أراه في هذه المسألة أن نغلق هذا الباب بالكلية سدا للذريعة ، وسدا لطرق أخرى قد تخرج علينا من آونة لأخرى ، لا تخالف الشرع في ظاهرها فحسب ، بل قد يأتي من قبلها الباطل والعذاب ، وفيها خدش للعقيدة وهدم للأصول والأحكام ، بل قد يصل الأمر إلى تدمير وهدم عقائد المسلمين ، وتجريدهم من أغلى ما يملكون ، مع أن الواجب يملي علينا صيانة العقيدة وحفظها من عبث العابثين ونزوات المكابرين والمعاندين 0






تعليقات حول هذه المقاله
العنوانالكاتبوقت الإضافه

تصويت
ما رأيك في هذا لموقع ؟
ممتاز
جيد جدا
جيد
نتائج التصويت



الحقوق محفوظة لكل مسلم راسلنا بشرط عدم الاستخدام التجاري
الصفحة الرئيسة