|
قراءة المقاله
الدروس اليومية (11)
|
كتبت بواسطة: أبو البراء - el 01/02/2004 - 1916 زوار  |
الدروس اليومية
في السلسلة العلمية ـ نحو موسوعة شرعية في علم الرقى (1) ( فتح الحق المبين في أحكام رقى الصرع والسحر والعين ـ من بداية صفحة رقم 251 ـ إلى نهاية صفحة رقم 259) .
3)- رقية من بلي بالوسوسة :-
)- روي في الصحيحين ( البخاري ومسلم ) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يأتي الشيطان أحدكم فيقول : من خلق كذا ، من خلق كذا ، حتى يقول : من خلق ربك ؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته ) وفي رواية في الصحيح : ( لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا : خلق الله الخلق ، فمن خلق الله ؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل : آمنت بالله ورسله ) ...
( متفق عليه - أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب بدء الخلق ( 11 ) - برقم ( 3276 ) ، والإمام مسلم في صحيحه - كتاب الإيمان ( 214 ) برقم ( 134 ) - والنسائي في " السنن الكبرى " - 6 / 170 - كتاب عمل اليوم والليلة ( 172 ) - برقم ( 10499 ) ، أنظر صحيح الجامع 7993 - السلسلة الصحيحة 117 ) 0
قال النووي : ( وأما قوله صلى الله عليه وسلم : " فمن وجد ذلك فليقل : آمنت بالله وفي الرواية الأخرى " فليستعذ بالله ولينته " فمعناه الإعراض عن هذا الخاطر الباطل والالتجاء إلى الله تعالى في إذهابه 0 قال الإمام المازري – رحمه الله - : ظاهر الحديث أنه صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يدفعوا الخواطر بالإعراض عنها ، والرد لها من غير استدلال ولا نظر في إبطالها 0 قال : والذي يقال في هذا المعنى أن الخواطر على قسمين : فأما التي ليست بمستقرة ولا اجتلبتها شبهة طرأت فهي التي تدفع بالإعراض عنها ، وعلى هذا يحمل الحديث ، وعلى مثلها ينطلق اسم الوسوسة ، فكأنه لما كان أمرا طارئا بغير أصل دفع بغير نظر في دليل إذ لا أصل له ينظر فيه 0 وأما الخواطر المستقرة التي أوجبتها الشبهة فإنها لا تدفع إلا بالاستدلال والنظر في إبطالها 0 والله أعلم 0 وأما قوله : صلى الله عليه وسلم " فليستعذ بالله ولينته " فمعناه : إذا عرض له هذا الوسواس فليلجأ إلى الله تعالى في دفع شره عنه ، وليعرض عن الفكر في ذلك ، وليعلم أن هذا الخاطر من وسوسة الشيطان ، وهو إنما يسعى بالفساد والإغواء فليعرض عن الإصغاء إلى وسوسته وليبادر إلى قطعها بالاشتغال بغيرها والله أعلم ) 0 ( صحيح مسلم بشرح النووي - 1،2،3 / 316 – 317 ) 0
2)- عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : ( جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به ، قال : وقد وجدتموه قالوا : نعم 0 قال : ذاك صريح الإيمان 0 وفي رواية " تلك محض الإيمان " ) 0 ( أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – كتاب الإيمان ( 209 ) – برقم ( 132 ) ، رواية محض الإيمان – برقم ( 133 ) ، وأبو داوود في سننه – كتاب الأدب ( 118 )– برقم ( 5111 ) ، والنسائي في " السنـن الكبرى " - 6 / 170 - كتاب عمل اليوم والليلة ( 172 ) - برقم ( 10500 ) - أنظر صحيح أبي داوود 4263 ) 0
يقول النووي - رحمه الله - :" ذلك صريح الإيمان ومحض الإيمان " معناه استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان ، فإن استعظام هذا وشده الخوف منه ومن النطق به فضلا عن اعتقاده إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالا محققا انتفت عنه الريبة والشكوك ) 0( صحيح مسلم بشرح النووي 1،2،3 / 316 ) 0
3)- عن عثمان بن أبي العاص - رضي الله عنه - قال : ( قلت يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي ، فقال رسول لله صلى الله عليه وسلم : ذلك شيطان يقال له خنزب ، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه وأتفل عن يسارك ثلاثا ) ففعلت ذلك فأذهبه الله عني ) 0 ( أخرجه الإمام أحمد في مسنده – 4 / 216 ، والإمام مسلم في صحيحه – كتاب السلام – ( 68 ) - باب التعوذ من شيطان الوسوسة في الصلاة - برقم ( 2203 ) ، وابن أبي شيبة في " مصنفه " - 7 / 419 ، والزبيدي في إتحاف السادة المتقين – 7 / 268 ، وابن السني في " عمل اليوم والليلة " – برقم ( 570 ) ، والأذكار النووية – برقم ( 118 ) 0
قال النووي : ( أما " خنزب " فبخاء معجمة مكسورة ثم نون ساكنة ثم زاي مكسورة ومفتوحة ، ويقال أيضا بفتح الخاء والزاي ، حكاه القاضي ، ويقال أيضا بضم الخاء وفتح الزاي ، حكاه ابن الأثير في النهاية ، وهو غريب 0 وفي هذا الحديث استحباب التعوذ من الشيطان عن وسوسته مع التفل عن اليسار ثلاثا ، ومعنى يلبسها أي يخلطها ويشككني فيه ، وهو بفتح أوله وكسر ثالثه ، ومعنى حال بيني وبينها أي نكدني فيها ، ومنعني لذتها ، والفراغ للخشوع فيها ) 0 ( صحيح مسلم بشرح النووي - 13،14،15 / 358 - 359 ) 0
سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين - حفظه الله- عن كيفية النفث عند التعرض لوساوس الشيطان في الصلاة في الحديث الآنف الذكر ، فأجاب :-
( أولا : على الإنسان أن يستعيذ من الشيطان عند ابتداء الصلاة والقراءة0 ثانيا : عليه أن يحرص على إحضار قلبه لما يقوله في صلاته ، فإذا قرأ تأمل ما يقرأ ، وإذا دعا تأمل ما يدعو به ، وإذا ذكر الله تأمل معاني الأذكار التي يدعو بها ، حتى ينشغل بتأمل ذلك عن وساوس الشيطان 0 ثالثا : إذا ابتلي ووقعت منه هذه الوسوسة ، فإن عليه أن يجدد الاستعاذة ولو بقلبه ، وينفث عن يساره ثلاثا 0 والنفث هو : النفخ مع قليل من الريق ، أي : نفخ مختلط بشيء أو قليل من الريق ، هذا هو النفث ، وهو الذي يستعمل في القراءة على المريض ، بأن ينفث عليه ، لعل ذلك يكون مانعا من الشيطان ) 0( الفتاوى الذهبية - ص 43 - أنظر الكنز الثمين - 1 / 213 - 214 ) 0
4)- وأمر ابن عباس - رضي الله عنه - رجلا وجد في نفسه شيئا من الوسوسة والشك أن يقرأ( هُوَ الأوَّلُ وَالأخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ ) ( سورة الحديد – الآية 3 ) 0 0 ( قال الشيخ سليم الهلالي : أخرجه أبو داوود بإسناد حسن - صحيح الوابل الصيب من الكلم الطيب - 207 ) 0
4)- رقية القرحة والجروح :-
* عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى الإنسان أو كانت به قرحة أو جرح ، قال باصبعه : هكذا ووضع سفيان سبابته بالأرض ، ثم رفعها ، وقال :( بسم الله ، تربة أرضنا ، بريقة بعضنا ، يشفى سقيمنا بإذن ربنا ) 0( أخرجه الإمام أحمد في مسنده - 6 / 93 - متفق عليه - أخرجه الإمام البخاري في صحيحه - كتاب الطب ( 38 ) – برقم ( 5745 ، 5746 ) ، والإمام مسلم في صحيحه - كتاب السلام ( 54 ) - برقم ( 2194 ) ، وأبو داوود في سننه - كتاب الطب ( 19 ) - برقم ( 3895 ) ، والنسائي في السنن الكبرى - 6 / 253- كتاب عمل اليوم والليلة ( 245 ) - برقم ( 10862 )، وابن ماجة في سننه - كتاب الطب ( 36 )- برقم( 3521 )، وابن السني - برقم ( 581 ) ، أنظر صحيح أبي داوود 3296 ، صحيح ابن ماجة 2837 ) 0 قال ابن القيم - رحمه الله - :( وهل المراد بقوله : " تربة أرضنا " جميع الأرض أو أرض المدينة خاصة ؟ فيه قولان ، ولا ريب أن من التربة ما تكون فيه خاصية ينفع بخاصيته من أدواء كثيرة ، ويشفي بها أسقاما رديئة 0 قال جالينوس : رأيت بالاسكندرية مطحولين ، ومستسقين ، كثيرا يستعملون طين مصر ، ويطلون به على سوقهم ، وأفخاذهم ، وسواعدهم ، وظهورهم ، وأضلاعهم ، فينتفعون به منفعة بينة 0 قال : وعلى هذا النحو فقد ينفع هذا الطلاء للأورام العفنة والمترهلة الرخوة ، قال : وإني لأعرف قوما ترهلت أبدانهم كلها من كثرة استفراغ الدم من أسفل ، انتفعوا بهذا الطين نفعا بينا ، وقوما آخرين شفوا به أوجاعا مزمنة كانت متمكنة في بعض الأعضاء تمكنا شديدا ، فبرأت وذهبت أصلا 0 وإذا كان هذا في هذه التربات ، فما الظن بأطيب تربة على وجه الأرض وأبركها ، وقد خالطت ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقارنت رقيته باسم ربه ، وتفويض الأمر إليه ، وقد تقدم أن قوى الرقية وتأثيرها بحسب الراقي ، وانفعال المرقي عن رقيته ، وهذا أمر لا ينكره طبيب فاضل عاقل مسلم ، فإن انتفى أحد الأوصاف فليقل ما شاء ) 0 ( الطب النبوي - ص 187 ) 0 قلت : وكما قال ابن القيم - رحمه الله - : ( وقد تقدم أن قوى الرقية وتأثيرها بحسب الراقي ) انتهى - فقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الحديث ( بريقة بعضنا ) وهذا تأكيد على أن تأثير الرقية يعتمد على عوامل كثيرة بحسب حال الراقي ، ومن تلك العوامل الأساسية التي تجعل الرقية مؤثرة نافعة بإذن الله تعالى صحة العقيدة والمنهج والسلوك ، ومن هنا يتضح لنا أن الريق وحده لن يكون مؤثرا ونافعا مع مخالطته للنصوص القرآنية والحديثية ما لم تتجلى تلك الأسس المشار إليها آنفا ، فالخبيث الذي تأصلت نفسه على المعصية وحب الشر والإيذاء لا يمكن أن يؤثر برقيته ، ولن يجعل الله سبحانه وتعالى تأثيرا في مباشرة ريقه للرقية لنيل المنفعة المطلوبة ، ومن الاستحالة بمكان التقاء قوى الخير والشر ، ومن هنا فإن انتفاء المنفعة هي الطابع الغالب لتلك النفوس الخبيثة ، وأما الصالح المشهود له بالاستقامة والسريرة الطيبة ، المقبل على الله تعالى بالطاعات ، القائم بالواجبات ، المجتنب للنواهي ، فهو المسدد والموفق ، لموافقته كتاب ربه ، وهذا بمكان يجعل له من التأثير والقوة ما يبلغه المراد والمقصود بمشيئة الله تعالى وحده لموافقته الأسس والقواعد الرئيسة للرقية الشرعية ، والتي تحقق الهدف والغاية التي شرعت من أجله ، وسيجعل الله سبحانه وتعالى خيرا في مباشرة ريقه للرقية ومخالطته ذلك للآيات والأدعية النبوية المأثورة0
قال الحافظ بن حجر في الفتح :( قال ابن القيم : " وهذه الكيفية لا ينتفع بها من أنكرها ولا من سخر منها أو فعلها مجربا غير معتقد " ) 0( فتح الباري - 10 / 205 ) 0
وقال ايضا :( قال النووي : معنى الحديث أنه أخذ من ريق نفسه على اصبعه السبابة ، ثم وضعها على التراب فعلق به شيء منه ثم مسح به الموضع العليل أو الجريح قائلا الكلام المذكور في حالة المسح ) 0 ( فتح الباري - 10 / 208 ) 0
وقال :( قال البيضاوي : قد شهدت المباحث الطبية على أن للريق مدخلا في النضج وتعديل المزاج وتراب الوطن له تأثير في حفظ المزاج ورفع الضرر بإذن الله 0 وأما الريق فهو يختص بالتحليل والإنضاج وابراء الجرح والورم لا سيما من الصائم الجائع ، ثم أن للريق والعزائم لها آثار عجيبة تتقاعد العقول عن
الوصول إلى كنهها ) 0 ( فتح الباري - 10 / 208 ) 0
قال الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله - :( وقال النووي : فيه استحباب النفث في الرقية ، وقد أجمعوا على جوازه واستحبه الجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم 0 ثم أن الرقى والعزائم لها آثار عجيبة تتقاعد العقول عن الوصول إلى كنهها ) 0 ( فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم - باختصار-1 / 92 ، 93-جزء من فتوى رقم ( 26 ) ) 0
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن الحديث آنف الذكر " تربة أرضنا " فأجاب – حفظه الله - بقوله : ( ذكر بعض العلماء أن هذا مخصوص برسول الله صلى الله عليه وسلم وبأرض المدينة فقط وعلى هذا فلا إشكال 0 ولكن رأي الجمهور أن هذا ليس خاصا برسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بأرض المدينة بل هو عام في كل راق وفي كل أرض ، ولكنه ليس من باب التبرك بالريق المجردة ؛ بل هو ريق مصحوب برقية وتربة للاستشفاء وليس لمجرد التبرك ) 0 ( مجموع فتاوى ورسائل محمد بن صالح العثيمين – 109 ) 0
تعليقات حول هذه المقاله |
العنوان | الكاتب | وقت الإضافه |
|
|