م / المساقاة على الشجر : بأن يدفعها للعامل ، ويقوم عليها ، بجزء مشاع معلوم من الثمرة .
والمزارعة : بأن يدفعَ الأرض لمن يزرعها بجزء مشاع معلوم من الزرع .
ذكر المصنف رحمه الله – تعريف المساقاة والمزارعة .
المساقاة : لغة مشتقة من السقي لأن السقي هو أهم الأعمال الذي يستفيد منها التمر ، وتعريفها كما ذكره المصنف – رحمه الله – أن يدفع الرجل شجره إلى آخر ليقوم بسقيه وعمل سائر ما يحتاج إليه بجزء معلوم من ثمره مشاع .
مثال : إنسان عنده أرض وعليها أشجار من نخيل وأعناب ورمان وغيرها ، فأعطاها شخصاً ينميها بجزء من الثمرة .
المزارعة : مأخوذة من الزرع ، وهي دفع أرض لمن يزرعها بجزء معلوم مما يخرج منها .
مثالها : إنسان عنده أرض بيضاء وليس فيها زرع ، فأعطاها فلاحاً يزرعها وله نصف الزرع – مثلاً – فهذا يجوز .
فخو
المساقاة لابد أن تكون على شجر : نخل تين عنب رمان فيدفعها للعامل ويقوم عليها بجزء مشاع معلوم ، فلو أعطى أرضاً لإنسان ليغرسها بمساقاة فلا يصح ، فلا بد أن يكون على شجر موجود .
-مشاع معلوم : كالثلث أو الربع من الثمرة ، كأن أقول : هذه 100 شجرة تين تقوم بسقيها والقيام عليها ولك ربع الثمرة .
فلو قال لي ثمرة هذا العام ولك ثمرة العام القادم لا يصح .
ولو قال لي ثمرة الجانب الشرقي ولك ثمرة الجانب الغربي لا يصح .
لو قال ساقيتك على أن لك الثلث ، فإنه يجوز ، ويكون لصاحب الأرض الثلثان .
فإن كانت على ثمرة معينة لا تصح ، كأن أقول هذه ( 100 ) شجرة تقوم بسقيها ولي ثمر 30 شجرة
م / وعامل النبي e أهلَ خيبر بشطرِ ما يخرج منها من تمر أو زرع . متفق عليه
---------------
ذكر المصنف – رحمه الله – الدليل على جواز المساقاة والمزارعة وهو معاملة النبي e لأهل خيبر .
-كان المسلمون مشغولين بالجهاد وليس عندهم الفراغ حتى يقوموا على أرض خيبر وشجرها ، واليهود فارغون لهذا ، وهم أبصر بهذا العمل من المسلمين ، فلهذا اقتضت المصلحة الشرعية بقاءهم في ذلك الوقت وإن كانوا أعداء ، واستمروا على ذلك إلى أن أخرجهم عمر في خلافته بسبب أحداث أحدثوها .
فالحديث ذكر المصنف – رحمه الله – ليستدل به على جواز المزارعة والمساقة .
فقوله ( من زرع ) دليل على جواز المزارعة .
قوله ( من تمر ) وفي رواية لمسلم ( ونخل وشجر ) دليل على جواز المساقاة .
وعامل النبي e أهلَ خيبر : المعاملة : التعامل مع الغير ، وخيبر : بلدة زراعية شمال المدينة ، كان يسكنها طائفة من اليهود ، فتحت في المحرم سنة سبع من الهجرة .
بشطرِ ما يخرج منها : الشطر المراد هنا النصف ، والمعنى : أنه عاملهم بنصف ما يخرج من ثمرها وزرعها مقابل عملهم ونفقتهم ، والنصف الآخر للمسلمين لكونهم أصحاب الأصل .
- وجواز المساقاة والمزارعة من محاسن الإسلام ، فإن كثيراً من أهل النخيل والشجر يعجزون عن عمارته وسقيه ، ولا يمكنهم الاستئجار عليه ، وكثير من الناس لا شجر لهم ويحتاجون إلى الثمر ، ففي تجويزها دفع الحاجتين وتحصيل لمصلحة الفئتين .
م / وقال رافع بن خديج ( وكَانَ النَّاسُ يُؤَاجِرُونَ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمَاذِيَانَاتِ وَأَقْبَالِ الْجَدَاوِلِ وَأَشْيَاءَ مِنَ الزَّرْعِ فَيَهْلِكُ هَذَا وَيَسْلَمُ هَذَا وَيَسْلَمُ هَذَا وَيَهْلِكُ هَذَا فَلَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ كِرَاءٌ إِلاَّ هَذَا فَلِذَلِكَ زُجِرَ عَنْهُ . فَأَمَّا شَىْءٌ مَعْلُومٌ مَضْمُونٌ فَلاَ بَأْسَ بِهِ ) .
----------
ذكر المصنف – رحمه الله – حديث رافع بن خديج ، وفيه المزارعة الفاسدة .
عَلَى الْمَاذِيَانَاتِ : بذال مكسورة وهي مسايل الماء ، وقيل : ما ينبت حول السواقي .
وَأَقْبَالِ الْجَدَاوِلِ : الأقبال : الأوائل ، والجداول جمع جدول وهو النهر الصغير .
وَأَشْيَاءَ مِنَ الزَّرْعِ : أي : وقطعة أو جهة من الزرع تكون مختارة طيبة .
فَلَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ كِرَاءٌ إِلاَّ هَذَا : أي : ولم يكن لأهل المدينة طريقة لتأجير الأراضي الزراعية إلا هذه الطريقة المشتملة على الجهالة والغرر والمخاطرة .
فَأَمَّا شَىْءٌ مَعْلُومٌ مَضْمُونٌ فَلاَ بَأْسَ بِهِ : أي : فأما كراء الأرض للزراعة بأجر معلوم مضمون من الذهب والفضة ونحوهما ، فهذا جائز ولا بأس به ، لعدم الجهالة والغرر .
الحديث دليل على جواز المزارعة الصحيحة ، وهي السالمة من الغرر والجهالة ، كأن أقول زارعتك ولك الثلث ولي الثلثان ، أو أقول لي نصف ولك النصف .
أما المزارعة الفاسدة فهي المشتملة على غرر وظلم وجهالة ، كأن أقول زارعتك ولي الجانب الشرقي ، أو أقول زارعتك ولي ما عند الماء ، فهذا لا يجوز لأنه غرر وجهالة ، وهذا هو الذي ورد النهي عنه .
§الفرق بين المزارعة والإجارة : أن المزارعة من جنس الشركة ، ويستويان في الغنم والغرم ، فهي كالمضاربة ، لأن كلاً منهما له جزء مشاع معلوم إن جاد الزرع كثر ، وإن كان رديئاً قلّ .
م / وعلى كلٍ منهما ما جرت العادة به .
------
أي : وعلى كل من العامل وصاحب الأرض ما جرت العادة به ، لأنه لم يرد فيه نص ( بأن على العامل كذا وعلى صاحب الأرض كذا ) فيكون المرجع فيه إلى العرف ، فالمعروف عرفاً كالمشروط شرطاً .
§العرف يدل على أن على العامل الحرث والسقي والتسميد وقطع الأغصان الرديئة ، وإصلاح طرق الماء ونحو ذلك .
وعلى رب المال ما يحفظ الأصل كبناء حائط ، أو بناء ما انهدم منه ، وحفر البئر ، وإحضار آلة رفع الماء .
§وما يلزم العامل ورب الأرض مما ليس فيه نص ، فيرجع فيه إلى العرف ، فما تعارف عليه الناس أنه من اختصاص العامل لزمه ، أو من اختصاص رب الأرض لزمه ، فإن لم يكن هناك عرف معلوم فعلى ما تشارطاه .
§واختلف العلماء هل يشترط أن يكون البذر من رب الأرض أم لا على قولين :
القول الأول : أنه يشترط .
وهذا المذهب .
قياساً على المضاربة .
القول الثاني : أنه لا يشترط ، فيجوز من رب الأرض ويجوز من العامل .
ورجح هذا القول ابن قدامة وابن القيم .
لحديث ( أنه e عامل أهل خيبر ..... ) ولم يذكر النبي e البذر على المسلمين .
وقد ذكر ابن القيم أن الحديث دليل على عدم اشتراط كون البذر من رب الأرض ، وإنما يجوز أن يكون من العامل ، فإن النبي e ما كان ينقل البذر إليهم من المدينة قطعاً .
وهذا القول هو الراجح .
م / والشرط الذي لا جهالة فيه .
------------------
أي : إذا تشارطا على شرط معين لا جهالة فيه فلا بأس .
مثال : اشترط العامل أن يحرث الأرض بحراثة المالك ، فوافق المالك ، فلا بأس به .
لو شرط المالك أن العامل يأتي بالبذر ، صح .
م / ولو دفع دابة إلى آخر يعمل عليها وما حصل بينهما جاز .
----------------
تسمى عند العلماء المؤاجرة .
مثال : كأن أقول لشخص : خذ هذا الحمار واشتغل عليه بالسوق وما حصل بيننا
مثال آخر : شخص عنده سيارة وقال لآخر : خذها اشتغل بها واعمل عليها وما حصل من ربح بيننا .
وهذا جائزة : لأن هذه الأشياء عين تنمو بالعمل عليها ، فجاز العقد عليها ببعض نمائها .