/ وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا فَوْرًا مُرَتِّبًا .
---------------------------
أي : أنه من فاتته صلوات فإنه يجب عليه قضاؤها .
§فاتته : الفائتة كل عبادة خرجت عن وقتها سواء كانت نفلاً كالوتر ، أو فرضاً كالصلوات الخمس .
وسمي قضاءً لأنه فعل العبادة بعد خروج وقتها ، والدليل على أنه يجب قضاء الصلاة الفائتة :
حديث أنس قال : قال رسول الله e : ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ) واللام للأمر والأمر للوجوب ، فدل على وجوب المبادرة بقضاء الصلاة الفائتة . وربما يستدل لذلك بقوله تعالى ( وأقم الصلاة لذكري ) أي لتذكري .
ولأن هذا الإنسان الذي فاتته العبادة شغلت ذمته بها فوجب عليه قضاؤها ، لأنها كانت ديناً عليه .
والنبي e قضى صلاة الفجر حين نام عنها في السفر .
قال الشوكاني : ”الحديثان يدلان على وجوب فعل الصلاة إذا فاتت بنوم أو نسيان ، وهو إجماع“ .
§أن الصلاة الفائتة تقضى على صفتها ، لأن القضاء يحكي الأداء .
§وقوله : ( فوراً ) أي يجب أن يقضيها مباشرة من حين أن يتذكرها .
للحديث السابق : ( ... فليصلها إذا ذكرها ) ، فهذا يدل على أنها تقضى فور الذكر .
§فإن قال قائل : ما الجواب عن الحديث الذي فيه : أن النبي e نام وأصحابه عن صلاة الفجر ولم يستيقظوا إلا بعد طلوع الشمس ، فلم يصلها e مباشرة بل قال : ( تحولوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة ) وفي رواية : ( أمر بالارتحال وقال : فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان ) .
والجواب : أن هذا ليس فيه دلالة على التأخير المستمر ، لأن حديث أنس : ( من نام عن صلاة ... ) نص صريح في الوجوب على الفور ، وأما هذا الحديث فمحمول على التأخير اليسير الذي لا يصير صاحبه مهملاً معرضاً عن القضاء ، وخاصة أنه جاء في الحديث بيان السبب ، هو : ( أن هذا مكان حضرنا فيه الشيطان ) .
§وقوله ( مرتبة ) أي يجب قضاء الصلوات الفائتة مرتبة .
فإذا كان عليه خمس صلوات ؛ بدأ بالظهر ، ثم العصر ، ثم المغرب ، ثم العشاء ، ثم الفجر .
والدليل على وجوب ذلك : حديث أنس السابق : ( ... فليصلها إذا ذكرها ) فهذا يشمل عين الصلاة وكيفية الصلاة ، وكذلك يشمل مكان الصلاة ، وإذا شمل مكانها لزم أن يكون في موضعها الترتيبي ، فمثلاً الظهر يصلها ما بين الفجر والعصر
ولحديث جابر : ( أن عمر بن الخطاب جاء يوم الخندق بعد ما غربت الشمس ، فجعل يسب كفار قريش ؛ وقال : يا رسول الله ، ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب ، فقال النبي e : والله ما صليتها ، قال : فقمنا فتوضأ للصلاة فصلى العصر بعد ما غربت الشمس ، ثم صلى بعدها المغرب ) . متفق عليه
وكان النبي e في الجمع يجمع بين الصلاتين ، فيبدأ بالأولى . ويمكن أن يستدل بحديث ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) .
وظاهر كلام المصنف : ( ومن فاتته صلاة وجب عليه قضاؤها ) أنه لا فرق بين المعذور كالنائم والناسي ، وغير المعذور ، وهو المتعمد ، وهذا مذهب جماهير العلماء ؛ أن المتعمد بتأخير الصلاة فإنه يقضيها لكنه آثم ( وسبقت المسألة وأن الراجح أنه لا يقضيها )