انقسام الفرق في أحكام مرتكبي الكبائر في الآخرة:
الوعيدية حكموا بخلود أصحاب الكبائر في النار في الآخرة؛
فالخوارج قالوا: إن أهل الكبائر خالدون مخلدون في النار، لا يخرجون منها أبدا
والمعتزلة قالوا: يدخلون
__________
النار، ويخلدون فيها أبد الآبدين، ودهر الداهرين1. ويظهر من أقوال الفرقتين تشابه موقفهم في حكم مرتكب الكبيرة في الآخرة.
أما أهل السنة والجماعة فقالوا: إن حكم مرتكب الكبيرة في الآخرة أنه يخاف عليه العقاب، ويرجى له الرحمة؛ فمن لقي الله "مصرا غير تائب من الذنوب التي استوجب بها العقوبة، فأمره إلى الله عز وجل؛ إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له"2؛ فإن غفر له، وأدخله الجنة دون عذاب ولا عقاب، فبفضله. وإن أدخله النار وعذبه بقدر ذنوبه، فبعد له. ثم إنه لا يخلد في النار كالكفار. وهم في ذلك ينطلقون من قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ** [النساء: من الآية 48] .