باسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد خاتم النبيين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد :
فمن المعلوم أن أسلوب السؤال والجواب له مكانة كبيرة في المنهج التعليمي عموماً ، والمنهج النبوي الشريف خصوصاً ؛ حيث إن هذا الأسلوب يعمل على استثارة تفكير الطالب ، وتحريك فطنته .
فمن هذا المنطلق ، خصوصاً بعد التجربة في تدريس هذين المقررين ( وهما مادة العقيدة للفصلين الأول والثاني/ دعوة[1] ) ، عزمتُ على إعداد مذكرة مشتملة على مضمون المقررين كاملاً ، لكن بأسلوبٍ مغاير ، وهو أسلوب السؤال والجواب ، رغبةً في زيادة في التسهيل والإيضاح لهذه المادة ، سائلاً الله سبحانه حسن النية وصلاح العمل ، والعفو عن التقصير والزلل .
فصل : من الإيمان باليوم الآخر الإيمان بما يكون في القبر
س : ما هو اليوم الآخر ؟ وما سبب تسميته بذلك ؟
ج : اليوم الآخر هو يوم القيامة ، وسمي باليوم الآخر لتأخره عن الدنيا .
س : ما معنى الإيمان باليوم الآخر ؟ وما هي منزلة هذا الإيمان ؟
ج : ذكر المؤلف رحمه الله ضابطاً شاملاً لمعنى الإيمان باليوم الآخر بأنه : الإيمان بكل ما أخبر به النبي r مما يكون بعد الموت، فيدخل فيه الإيمان بكل ما دلت عليه النصوص من حالة الاحتضار وحالة الميت في القبر والبعث من القبور وما يحصل بعده .
[ أما منزلته فهو ] أحد أركان الإيمان، وقد دل عليه العقل والفطرة، وصرحت به جميع الكتب السماوية ونادى به جميع الأنبياء والمرسلين .
س : كم أمراً أشار إليه المؤلف رحمه الله مما يجري على المرء في قبره ؟
ج : أشار إلى أمرين :
1 - الأمر الأول : ( فتنة القبر ) ، والفتنة لغة : الامتحان والاختبار، والمراد بها هنا سؤال الملكين للميت .
2 - الأمر الثاني : مما يجري على الميت في قبره ما أشار إليه الشيخ بقوله : ( ثم بعد الفتنة إما نعيم وإما عذاب إلى أن تقوم القيامة الكبرى ) هذا فيه إثبات عذاب القبر أو نعيمه .
س : حينما تطرق المؤلف إلى الأمر الأول قال : ( فأما الفتنة فإن الناس يفتنون في قبورهم فيقال للرجل ) فهل هذه الفتنة مقتصرة على الرجال ؟!
ج : بل المقصود : الميت سواء كان رجلًا أو امرأة، ولعل ذكر الرجل من باب التغليب .
س : ما هو حكم الإيمان بسؤال الملكين ؟
ج : الإيمان بسؤال الملكين واجب لثبوته عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أحاديث يبلغ مجموعها حد التواتر .
س : هل في القرآن الكريم ما يشير إلى سؤال الملكين ؟
ج : قوله تعالى : ** يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاء ** فقد أخرج الشيخان من حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما عن النبي r قال في قوله تعالى : ** يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ ** نزلت في عذاب القبر . زاد مسلم : ( يقال له : من ربك ؟ فيقول ربي الله ونبيي محمد ) فذلك قوله : ** يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ ** .
س : ما معنى القول الثابت في الآية السابقة ؟ وما معنى تثبيت المؤمنين به ؟
ج : القول الثابت : هو كلمة التوحيد التي ثبتت في قلب المؤمن بالحجة والبرهان .
وتثبيت المؤمنين بها :
أ - في الدنيا أنهم يتمسكون بها ولو نالهم في سبيلها ما نالهم من الأذى والتعذيب .
ب- وأما في الآخرة توفيقهم للجواب عند سؤال الملكين .
س : وما هو مصير المرتاب الشاك إذا أُدخل في قبره ؟
ج : أنه يقول إذا سئل : ( هاه هاه ) وهي كلمة تردد وتوجع ( لا أدري سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته ، ( فيضرب بمرزبة من حديد ) وهي المطرقة الكبيرة ( فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الإنسان لصعق ) أي : لَخَرَّ ميتاً أو غشي عليه .
س : ما هو سبب هذا المصير ؟
ج : لأنه غير مؤمن بما جاء به النبي r فيستعجم عليه الجواب ولو كان من أعلم الناس وأفصحهم ، كما قال سبحانه {وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ** .
س : لماذا لا يحس الأحياء بما يجري على الميت في قبره ؟
ج : لأن الله تعالى جعله من الغيب، ولو أظهره لفاتت الحكمة المطلوبة وهي الإيمان بالغيب .
س : هل نعيم وعذاب القبر يقع على البدن أم الروح أم لكليهما ؟
ج : مذهب أهل السنة والجماعة : أن ذلك يحصل لروح الميت ولبدنه كما تواترت به الأحاديث عن رسول الله r .
س : لماذا لا ينبغي أن يُتكلم ويُخاض في كيفية عذاب القبر وصفته ؟
ج : لأن ذلك لا تدركه العقول، لأنه من أمور الآخرة، وأمور الآخرة لا يعلمها إلا الله، ومن أطلعهم الله على شيء منه وهم الرسل صلوات الله سلامه عليهم .
س : هل هناك من أنكر عذاب القبر ؟ وما هي شبهتهم ؟
ج : ممن أنكر عذاب القبر المعتزلة، وشبهتهم في ذلك : أنهم لا يدركونه ، ولا يرون الميت يعذب ولا يسأل .
س : بم يجاب عن هذه الشبهة :
ج : الجواب عن ذلك :
1 - أن عدم إدراكنا ورؤيتنا للشيء لا يدل على عدم وجوده ووقوعه، فكم من أشياء لا نراها وهي موجودة، ومن ذلك عذاب القبر أو نعيمه .
2 - أن الله تعالى جعل أمر الآخرة وما كان متصلاً بها غيباً وحجبها عن إدراك العقول في هذه الدار ليتميز الذين يؤمنون بالغيب من غيرهم .
3 - أن أمور الآخرة لا تقاس بأمور الدنيا ، والله أعلم .
س : هل عذاب القبر نوعٌ واحدٌ فقط ؟!
ج : كلا ، بل عذاب القبر على نوعين :
1 - النوع الأول : عذاب دائم وهو عذاب الكافر ، كما قال تعالى : ** النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ** .
2 - النوع الثاني : يكون إلى مدة ثم ينقطع وهو عذاب بعض العصاة من المؤمنين فيعذب بحسب جرمه ثم يخفف عنه . وقد ينقطع العذاب بسبب دعاء أو صدقة أو استغفار .
فصل : القيامة الكبرى وما يجري فيها
س : ما هو سبب تسمية القيامة بذلك ؟
ج : سميت قيامة ؛ لقيام الناس من قبورهم لرب العالمين .
س : قال المؤلف رحمه الله : ( إلى أن تقوم القيامة الكبرى ) فهل يُفهم من كلامه أن هناك قيامة صغرى ؟
ج : نعم ؛ فالقيامة قيامتان :
1 - قيامة صغرى : وهي الموت ، وهذه القيامة تقوم على كل إنسان في خاصته من خروج روحه وانقطاع سعيه .
2 - وقيامة كبرى : وهذه تقوم على الناس جميعًا وتأخذهم أخذة واحدة .
س : متى تعاد الأرواح[2]إلى الأجساد في القيامة الكبرى ؟
ج : عندما ينفخ إسرافيل في الصور قال تعالى : ** وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا ** ، وقال تعالى : ** ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ ** .
س : ما هو غرض المؤلف رحمه الله بقوله : ( وتقوم القيامة التي أخبر الله بها في كتابه وعلى لسان رسوله وأجمع عليها المسلمون ) ؟
ج : غرضه : الإشارة إلى أدلة البعث، وأنه ثابت بالكتاب ، والسنة ، وإجماع المسلمين ، والعقل ، والفطر السليمة ؛ فقد أخبر الله عنه في كتابه وأقام الدليل عليه، ورد على المنكرين للبعث في غالب سور القرآن ، ولما كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين بيَّن تفاصيل الآخرة بيانًا لا يوجد في كثير من كتب الأنبياء .
س : نبه الله العقول إلى أن الجزاء ثابت في العقل والشرع في مواضع كثيرة من القرآن ، فكيف ذلك ؟
ج : أنه ذكر أنه لا يليق بحكمته وحمده أن يترك الناس سدى ، أو يخلقهم عبثاً ، لا يُؤمرون ، ولا يُنهَون ، ولا يُثابون ، ولا يعاقبون ! وأن يكون المحسن كالمسيء ! أو يجعل المسلمين كالمجرمين ! فإن بعض المحسنين يموت قبل أن يجزى على إحسانه ، وبعض المجرمين يموت قبل أن يجازى على إجرامه ، فلابد إذن أن هناك دارًا يجازى فيها كل منهما .
س : ما حكم من أنكر البعث ؟
ج : منكر البعث كافر ، كما قال تعالى : ** زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا ** .
س : ذكر المؤلف ثلاث صفات لهيئات الناس لحظة القيام من القبور ، فما هي ؟ وما معناها ؟
ج : هي الصفات الثابتة في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها ـ أن رسول الله r قال : (( إنكم تحشرون إلى الله يوم القيامة حفاة عراة غرلاً )) الحديث .
1 - (حفاة ) : جمع حاف وهو الذي ليس على رجله نعل ولا خف .
2 - ( عراة ) : جمع عار، وهو الذي ليس عليه لباس .
3 - ( غرلاً ) : جمع أغرل وهو الأقلف الذي لم يختن .
فصل : ما يجري في يوم القيامة
س : بم يمكن أن تعرف وتدرك تفاصيل ما يجري في هذا اليوم ؟ وهل يمكن إدراكها بالعقل ؟
ج : تفاصيل ما يجري في هذا اليوم مما لا يدرك بالعقل، وإنما يدرك بالنقول الصحيحة عن النبي r الذي لا ينطق عن الهوى {إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ** .
س : اذكر حكمةً واحدة - فقط - في محاسبة الخلائق على أعمالهم ووزنها وظهورها مكتوبة في الصحف مع أن الله تعالى محيط بكل ذلك ؟
ج : لكي يرى عباده كمال حمده وكمال عدله وسعة رحمته وعظمة ملكه .
س : اذكر – إجمالاً - الأمور التي أشار المؤلف رحمه الله إلى وقوعها في هذا اليوم العظيم على العباد ؟
ج : 1 – الأمر الأول : دنو الشمس منهم .
2 – الأمر الثاني : نصب الموازين ووزن الأعمال بها .
3 – الأمر الثالث : نشر الدواوين ، وهي : صحائف الأعمال .
4 – الأمر الرابع : محاسبة الله تعالى للخلائق .
5 – الأمر الخامس : ورود المؤمنين حوض النبي صلى الله عليه وسلم
6 – الأمر السادس : المرور على الصراط .
7 – الأمر السابع : وقوف المؤمنين على القنطرة ثم دخولهم الجنة .
8 – الأمر الثامن : الشفاعة .
س : ما الدليل على أن الشمس تدنو من الخلائق ويلجمهم العرق فما دليل ذلك ؟ وما معنى ( يلجمهم العرق ) وهل يقع على الجميع ؟
ج : دليله : ما روى مسلم عن المقداد رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله r يقول : (( إذا كان يوم القيامة أدنيت الشمس من العباد حتى تكون قدر ميل أو ميلين )) .
وقوله : ( ويلجمهم العرق ) أي : يصل إلى أفواههم، فيصير بمنزلة اللجام يمنعهم من الكلام وذلك نتيجة لدنو الشمس منهم، وذلك [ ليس على الجميع وإنما هو ] بالنسبة لأكثر الخلق، ويستثنى من ذلك الأنبياء ومن شاء الله .
س : مما يحدث في يوم القيامة أنه تنصب الموازين وتوزن بها الأعمال ؟ فما معنى هذه الموازين ؟
ج : الموازين : جمع ميزان، وهو الذي توزن به الحسنات والسيئات .
وهو ميزان حقيقي له لسان وكفتان ، وهو من أمور الآخرة نؤمن به كما جاء ولا نبحث عن كيفيته إلا على ضوء ما ورد من النصوص .
س : ما هي الحكمة في وزن الأعمال ؟
ج : الحكمة في وزن الأعمال إظهار مقاديرها ليكون الجزاء بحسبه .
** فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ** أي : رجحت حسناته على سيئاته ** فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ** أي : الفائزون والناجون من النار المستحقون لدخول الجنة .
** وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ** أي : ثقلت سيئاته على حسناته ** فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم ** أي : خابوا وصاروا إلى النار ** فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ** أي : ماكثون في النار .
س : أفادت بعض النصوص أنه يوزن العامل ، وأخرى أنه يوزن العمل ، وأخرى أنه توزن الصحف ، فهل بين هذه النصوص منافاة ؟
ج : لا منافاة بينها ؛ فإن الجميع يوزن ، ولكن الاعتبار في الثقل والخفة يكون بالعمل نفسه لا بذات العامل ولا بالصحيفة والله أعلم .
س : تأولت المعتزلة النصوص الواردة في الميزان على أن المراد بالوزن والميزان : العدل ، فهل هذا تأويل صحيح ؟!
ج : بل هذا تأويل فاسد مخالف للنصوص وإجماع سلف الأمة وأئمتها ، قال الشوكاني : (( وغاية ما تشبثوا به مجرد الاستبعادات العقلية، وليس في ذلك حجة على أحد ؛ فهذا إذا لم تقبله عقولهم فقد قبلته عقول قوم هي أقوى من عقولهم من الصحابة والتابعين وتابعيهم ، حتى جاءت البدع كالليل المظلم، وقال كلٌّ ما شاء وتركوا الشرع خلف ظهورهم )) . اهـ ، وأمور الآخرة ليست مما تدركها العقول ، والله أعلم .
س : ومن الأمور التي تحدث يوم القيامة ( أنه تنشر الدواوين ) فما هي الدواوين ؟ وما معنى قوله ( تنشر ) ؟
ج : الدواوين أي : الصحائف التي كتبت فيها أعمال العباد التي عملوها في الدنيا وكتبتها عليهم الحفظة ؛ لأنها تطوى عند الموت ، وتنشر . أي : تفتح عند الحساب ليقف كل إنسان على صحيفته فيعلم ما فيها .
س : ما كيفية أخذ الناس لصحائفهم ؟
ج : كيفية أخذ الناس لصحفهم جاءت في القرآن الكريم على نوعين : آخذ كتابه بيمينه، وهو المؤمن ، وآخذ بشماله وهو غير المؤمن .
س : ورد في بعض النصوص أن الكافر يأخذ كتابه ** بشماله ** وفي نصوص أخرى أنه يأخذ كتابه ** من وراء ظهره ** فكيف نوفق بين الأمرين ؟
ج : [ بأن يقال : إن معنى أخذ الكافر ] كتابه بشماله أو من وراء ظهره بأن تلوى يده اليسرى من وراء ظهره ويعطى كتابه بها ، كما جاءت الآيات بهذا وهذا ، فلا منافاة بينهما .
س : من الأدلة على نشر صحائف الأعمال قوله تعالى : ** وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ ونُخرِجُ له يَوْمَ القِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنشُوراً اقْرَأ كِتابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ اليَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً ** فوضِّح معناها ؟ مبينا الشاهد منها ؟
ج : معنى الآية :
1 - ** طائره ** : ما طار عنه من عمله من خير وشر
2 - ** في عنقه ** أي : يلزم به ويجازى به لا محيد له عنه ، فهو لازم له لزوم القلادة في العنق .
3 - ** وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا ** أي : نجمع له عمله كله في كتاب يعطاه يوم القيامة، إما بيمينه إن كان سعيدًا، أو بشماله إن كان شقيًا .
4 - ** يَلْقَاهُ مَنشُورًا ** أي : مفتوحًا يقرؤه هو وغيره . وإنما قال سبحانه : ** يَلْقَاهُ مَنشُورًا ** تعجيلًا للبشرى بالحسنة والتوبيخ على السيئة .
5 - ** اقْرَأْ كَتَابَكَ ** أي : نقول له ذلك . قيل : يقرأ ذلك الكتاب من كان قارئًا ومن لم يكن قارئًا .
6 - ** كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ** أي : حاسبًا، وهو منصوب على التمييز . وهذا أعظم العدل حيث جعله حسيب نفسه ليرى جميع عمله لا ينكر منه شيئًا .
والشاهد من الآية الكريمة : أن فيها إثبات إعطاء كل إنسان صحيفة عمله يوم القيامة يقرؤها بنفسه ويطلع عليها هو لا بواسطة غيره .
س : يعتبر ( الحساب ) واحداً من الأمور التي تحدث يوم القيامة ، فما هو معناه ؟
ج : الحساب : هو تعريف الله عز وجل للخلائق بمقادير الجزاء على أعمالهم وتذكيرُه إياهم ما قد نسوه من ذلك .
أو بعبارة أخرى : هو توقيف الله عباده - قبل الانصراف من المحشر - على أعمالهم خيرًا كانت أم شرًا .
س : أشار المؤلف إلى أن الحساب له نوعان ، اذكرهما إجمالاً ؟
1 – النوع الأول : حساب المؤمن .
2 – النوع الثاني : حساب الكافر .
س : اذكر بعض الأدلة على النوع الأول ( وهو حساب المؤمن ) ؟
ج : قال الله تعالى : ** فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا ** .
وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله r يقول : (( إن الله يُدنِي المؤمن ، فيضع عليه كنفه ويستره من الناس ، ويقرره[3]بذنوبه ، ويقول له : ( أتعرف ذنب كذا ؟ أتعرف ذنب كذا ؟ أتعرف ذنب كذا ؟ ) حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أن قد هلك ، قال : ( فإني قد سترتها عليك في الدنيا ، وأنا أغفرها لك اليوم ) ، ثم يعطى كتاب حسناته )) .
س : وهل حساب المؤمنين على درجة واحدة ؟
ج : بل يختلف ، فمنه اليسير وهو العرض، ومنه المناقشة ، بل من المؤمنين من يدخل الجنة بغير حساب، كما صح في حديث السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب .
س : وما هو الدليل على تفاوت الحساب ؟
ج : ما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله r قال : (( ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك )) ، فقلت : يا رسول الله ! أليس قد قال الله تعالى : ** فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ** ؟! فقال رسول الله r : (( إنما ذلك العرض وليس أحد يناقش الحساب يوم القيامة إلا عذب )) .
س : وضح معنى النوع الثاني ( حساب الكفار ) ؟
ج : حسابهم معناه : أنهم يُخبَرُون بأعمالهم الكفرية ويعترفون بها ثم يجازون عليها ؛ لأنهم ليس لهم حسنات توزن مع سيئاتهم ؛ لأن أعمالهم قد حبطت بالكفر فلم يبق لهم في الآخرة إلا سيئات .
س : اذكر بعض الأدلة على ذلك النوع الثاني ؟
ج : قال تعالى : ** فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ** ، وقال تعالى : ** وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ ** ، وقال : ** فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ ** .
حوض النبي r ومكانه وصفاته
س : ما معنى الحوض ؟ وما دليل ثبوته ؟
ج : الحوض لغة : مجمع الماء ، وقد أجمع أهل السنة والجماعة على إثبات الحوض ، كما ثبت ذلك عن النبي r ، قال الإمام ابن القيم : (( وقد روى أحاديث الحوض أربعون صحابيًا وكثير منها أو أكثرها في الصحيح )) . اهـ
س : اذكر بعض أوصاف هذا الحوض ؟
ج : من الأوصاف الثابتة في الأحاديث كحديث عبد الله بن عمرو المتفق عليه . قال : قال رسول الله r : (( حوضي مسيرة شهر، ماؤه أبيض من اللبن، وريحه أطيب من المسك وكيزانه كنجوم السماء، من شرب منه لا يظمأ أبدًا )) .
س : مَن مِن الفرق خالف أهل السنة والجماعة في إثبات حوض النبي r ؟
ج : خالفت في ذلك المعتزلة فلم تقل بإثباته ، وأولوا النصوص الواردة فيه وأحالوها عن ظاهرها .
الصراط ومعناه ومكانه وصفة مرور الناس عليه
س : ما هو معنى الصراط لغةً وشرعاً ؟ وأين يقع ؟
ج : الصراط في اللغة : هو الطريق الواضح . وأما في الشرع : فهو ( الجسر الذي بين الجنة والنار على متن جهنم ) أي : على ظهر النار .
س : ما هو موقف أهل السنة من إثبات وجود الصراط ؟
ج : أهل السنة والجماعة يؤمنون بالصراط المنصوب على متن جهنم ومرور الناس عليه ، لما ثبت فيه من الأحاديث الصحيحة عن النبي r .
س : ما سبب وجود ( الكلاليب[4]) على هذا الصراط ؟
ج : لكي تخطف[5]الناس بسبب أعمالهم السيئة ، بمعنى : أنه يكون اختطاف الكلاليب على صراط جهنم بحسب اختطاف الشبهات والشهوات لهم [ في الدنيا ]عن الصراط المستقيم .
س : وما هو وقت مرور الناس عليه ؟
ج : وقت المرور عليه بعد مفارقة الناس للموقف والحشر والحساب ؛ فإن الصراط ينجو عليه المؤمنون من النار إلى الجنة ، ويسقط منه أهل النار فيها ، كما ثبت في الأحاديث .
س : وما هي صفة مرور الناس على الصراط ( من حيث السرعة والبطء ) ؟
ج : يكونون في سرعة المرور وبطئه على حسب إيمانهم وأعمالهم الصالحة التي قدموها في الدنيا، فبحسب استقامة الإنسان على دين الإسلام وثباته عليه يكون ثباته ومروره على الصراط، فمن ثبت على الصراط المعنوي وهو الإسلام ثبت على الصراط الحسي المنصوب على متن جهنم ، ومن زل عن الصراط المعنوي زل عن الصراط الحسي ؛ لذلك أشار المؤلف رحمه الله إلى أحوال الناس في المرور على الصراط فقال :
أ - ( فمنهم من يمر كلمح البصر ).
ب – ومنهم من ( يعدو عدوًا ) أي : يركض ركضًا .
ج – ومنهم من ( يزحف زحفًا ) أي : يمشي على مقعدته بدل رجليه .
س : مَن مِن الفرق خالف أهل السنة في إثبات الصراط ؟ وما هو موقف تلك الفرق من الأحاديث الواردة فيه ؟
ج : خالف في ذلك القاضي عبد الجبار المعتزلي وكثير من أتباعه .
وموقفهم : أنهم قالوا : المراد بالصراط المذكور طريق الجنة المشار إليه بقوله تعالى : ** سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ ** وطريق النار المشار إليه بقوله تعالى : ** فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ ** .
س : وبم يُردُّ عليهم ؟
ج : بأن هذا قول باطل :
1 – لأنه ردٌّ للنصوص الصحيحة بغير برهان .
2 – أن الواجب حمل النصوص على ظاهرها .
س : ما معنى القنطرة لغة وشرعاً ؟
ج : لغةً : الجسر وما ارتفع من البنيان .
وشرعاً قيل : هي طرف الصراط مما يلي الجنة ، وقيل : هي صراط آخر خاص بالمؤمنين .
س : ما هي الحكمة من وجود القنطرة ؟
ج : أنه قبل دخول الجنة لابد من إجراء القصاص بين المؤمنين حتى يدخلوا الجنة وهم على أكمل حالة ، فيؤخذ للمظلوم حقه ممن ظلمه ، ( فإذا هُذِّبوا ونُقُّوا ) أي : خلصوا من التبعات والحقوق ( أذن لهم في دخول الجنة ) وقد ذهب ما في قلوب بعضهم على بعض من الغل كما قال تعالى : ** وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ** .
أول من يستفتح باب الجنة وأول من يدخلها ، وشفاعات النبيr
س : ما معنى كون أول من يستفتح باب الجنة هو محمدr ؟ ما أهمية ذلك ؟ وما دليله ؟
ج : والاستفتاح طلب الفتح .
وفي هذا تشريف له r وإظهار لفضله .
ودليله : ما في الصحيح عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله r : (( آتي باب الجنة يوم القيامة ، فأستفتح ، فيقول الخازن : من أنت ؟ فأقول : محمد ، فيقول : بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك )) .
س : ما هي أول الأمم دخولاً الجنة ؟ وما الدليل ؟
ج : أول من يدخلها من الأمم أمة r ؛ وذلك لفضلها على سائر الأمم ، ودليل ذلك : ما في حديث أبي هريرة الذي رواه مسلم من قوله r : (( ونحن أول من يدخل الجنة )) .
س : ما معنى الشفاعة ؟
ج : الشفاعة لغة : الوسيلة . وعرفًا : سؤال الخير للغير ، مشتقة من الشفع الذي هو ضد الوتر ، فكأن الشافع ضم سؤاله إلى سؤال المشفوع له بعد أن كان منفردًا .
س : ما هي أنواع الشفاعة ؟
ج : هي على سبيل الاستقصاء ثمانية أنواع [ يمكن إرجاعها إلى نوعين رئيسين ] :
1 - ما هو خاص بالنبي r.
2 - ما هو مشترك بينه r وبين غيره .
س : من هي الطائفة المنصورة ؟
ج : هي أهل السنة المذكورة في الحديث (( لا تزال طائفة من أمتي )) .
س : بم ختم المؤلف رحمه الله هذه الرسالة ؟
ج : ختم الشيخ رسالته المباركة بالدعاء والصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم وهو خير ختام .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
\Temp\msohtmlclip1\01\clip_image008.gif[/IMG]
مع تمنياتنا لكم بالنجاح والتوفيق