أن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ليست حديث تفاخر أو تندر أو تسلية وتبسط ولكن حياة الرسول هي منهج لحياة المسلمين على مدى الأزمان وهي ضرورة حتمية في أيام الأزمات وفي مراحل الضعف والتخلف وهي عامل أساسي في سبيل عودتهم إلى الله وإقامة المجتمع الرباني على الأرض من جديد فقد كانت حياة الرسول هي التطبيق العملي لمنهج القرآن والشريعة الإسلامية وستظل نبراسًا للأمة الإسلامية في جميع مراحلها في مختلف أزماتها وحين يشتد عليها الحصار والاحتواء من القوى الغازية ومخرجًا لها من كل مؤامرات خصومها.
كانت هذه الحياة خصبة حافلة بالعطاء، ووصلت إلينا كاملة بأدق دقائقها، كأنما نرى الرسول صلى الله عليه وسلم ونسمعه في مختلف وقائع حياته قائمًا ونائمًا ومتحدثًا وعابدًا ومحاربًا وقاضيًا
وما من نبي أو رسول إلا ناداه الله تبارك وتعالى باسمه، أما نبيكم فقد كرمه الحق تبارك وتعالى فقال: (يا أيها النبي، يا أيها الرسول) وقد جعله حبيبًا ومقربًا حتى أقسم بحياته (لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون) وما حلف الله تبارك وتعالى بحياة أحد قط غيره وزاده حبًا حين جعله أشد قربًا (فاصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا).
وعندما عاتبه قدم العفو على العتاب (عفا الله عنك لم أذنت لهم).
وقد كرم الله تبارك وتعالى أمة هذا النبي فوضع عنهم الإصر الذي كان على الأمم قبلهم، وأحل لهم كثيرًا مما شدد على من قبلهم ولم يجعل عليهم في الدين من حرج ورفع عنهم المؤاخذة بالخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه وحديث النفس "وأن من همّ بسيئة منهم لم تكتب عليه سيئة بل تكتب حسنة إن ترك فعلها، ومن همَّ بحسنة فإن عملها كتب عشرًا".
قال تعالى: (ما جعل عليكم في الدين من حرج). وقال: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وقال تعالى: (ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم).