قوله تعالى (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) . وتربيته تعالى لخلقه نوعان : عامة وخاصة . فالعامة : هي خلقه للمخلوقين ، ورزقهم ، وهدايتهم لما فيه مصالحهم التي فيها بقاؤهم في الدنيا . والخاصة : تربيته لأوليائه ، فيربيهم بالإيمان ، ويوفقهم له ، ويكمله لهم، ويدفع عنهم الصوارف والعوائق الحائلة بينهم وبينه ، وحقيقتها : تربية التوفيق لكل خير ، والعصمة عن كل شر
آية
قوله تعالى (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) . وذكر ( الاستعانة ) بعد ( العبادة ) مع دخولها فيها ، لاحتياج العبد في جميع عباداته إلى الاستعانة بالله تعالى ، فإنه إن لم يعنه الله لم يحصل له ما يريده من فعل الأوامر واجتناب النواهي
آية
قوله تعالى (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) . فهذا الدعاء من أجمع الأدعية وأنفعها للعبد ، ولهذا وجب على الإنسان أن يدعو الله به في كل ركعة من صلاته ، لضرورته إلى ذلك
آية
قوله تعالى (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ) . وليس الشأن في الإيمان بالأشياء المشاهدة بالحس ، فإنه لا يتميز بها المسلم من الكافر ، إنما الشأن في الإيمان بالغيب ، الذي لم نره ولم نشاهده ، وإنما نؤمن به لخبر الله وخبر رسوله ، فهذا الإيمان الذي يُميّز به المسلم من الكافر
آية
قوله تعالى (وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ ) . ولم يقل : يفعلون الصلاة ، أو يأتون بالصلاة ، لأنه لا يكفي فيها مجرد الإتيان بصورتها الظاهرة ، فإقامة الصلاة ، إقامتها ظاهراً بإتمام أركانها وواجباتها وشروطها ، وإقامتها باطناً بإقامة روحها ، وهو حضور القلب فيها ، وتدبر ما يقوله ويفعله منها فهذه الصلاة هي التي قال الله فيها ( إنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ )
آية
قوله تعالى (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ) . في قوله (رَزَقْنَاهُمْ ) إشارة إلى أن هذه الأموال التي بين أيديكم ، ليست حاصلة بقوتكم وملككم ، وإنما هي رزق الله الذي خوّلكم ، وأنعم به عليكم
آية
قوله تعالى ( وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ) . وكثيراً ما يجمع تعالى بين الصلاة والزكاة في القرآن ، لأن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود ، والزكاة والنفقة متضمنة للإحسان على عبيده ، فعنوان سعادة العبد إخلاصه للمعبود ، وسعيه في نفع الخلق
آية
قوله تعالى ( وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ) . والآخرة : اسم لما يكون بعد الموت ، وخصه بالذكر بعد العموم ، لأن الإيمان باليوم الآخر أحد أركان الإيمان ، لأنه أعظم باعث على الرغبة والرهبة والعمل
آية
قوله تعالى (وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) . والفلاح : هو الفوز بالمطلوب والنجاة من المرهوب
آية
قوله تعالى (يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) . والمخادعة : أن يظهر المخادع لمن يخادعه شيئاً ويبطن خلافه ، لكي يتمكن من مقصوده ممن يخادع
آية
قوله تعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ ) . وإنما كان العمل بالمعاصي في الأرض إفساداً ، لأنه يتضمن فساد ما على وجه الأرض من الحبوب والثمار والأحجار والنبات، بما يحصل فيها من الآفات بسبب المعاصي
آية
قوله تعالى (وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ) . ووصفت أعمال الخير بالصالحات ، لأن بها تصلح أحوال العبد ، وأمور دينه ودنياه
آية
قوله تعالى (وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ) . فلم يقل ( مطهرة من العيب الفلاني ) ليشمل جميع أنواع التطهير ، فهن مطهرات الأخلاق ، مطهرات الخلق ، مطهرات اللسان ، مطهرات الأبصار
آية
قوله تعالى (هوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) . كثيراً ما يقرن تعالى بين خلقه للخلق وإثبات علمه كما في هذه الآية ، وكما في قوله تعالى (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) لأن خلقه للمخلوقات أدل دليل على علمه وحكمته وقدرته
آية
قوله تعالى (قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) . فيه فضيلة العلم من وجوه : منها : أن الله تعرف لملائكته بعلمه وحكمته . ومنها : أن الله عرفهم فضل آدم بالعلم ، وأنه أفضل صفة تكون بالعلم . ومنها : أن الله أمرهم بالسجود لآدم إكراماً له لما بان فضل علمه
آية
قوله تعالى ( إنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) . وتوبته نوعان : توفيقه أولاً ، ثم قبوله للتوبة إذا اجتمعت شروطها ثانياً
آية
قوله تعالى ( واركعوا مع الراكعين ) . فيه أن الركوع ركن مـن أركان الصلاة ، لأنه عبر عن الصلاة بالركـوع ، والتعبير عن العبادة بجزئها يدل على فرضيته فيها
آية
قوله تعالى ( إلا على الخاشعين ) . الخشوع : هو خضوع القلب وطمأنينته وسكونه لله تعالى ، وانكساره بين يديه ذلاً وافتقاراً ، وإيماناً به وبلقائه
آية
قوله تعالى (فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً ) . والدنيا كلها من أولها إلى آخرها ثمن قليل ، فجعلوا باطلهم شَركاً يصطادون به ما في أيدي الناس ، فظلموهم من وجهين : من جهة تلبيس دينهم عليهم ، ومن جهة أخذ أموالهم بغير حق ، بل بأبطل الباطل
آية
قوله تعالى (بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَتُهُ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) . احتج بها الخوارج على كفر صاحب المعصية ، وهي حجة عليهم كما ترى ، فإنها ظاهرة في الشرك ، وهكذا كل مبطل يحتج بآية أو حديث صحيح على قوله الباطل ، فلابد أن يكون فيما احتج به حجة عليه
آية
قوله تعالى (وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً ) . ومن القول الحسن أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ، وتعليمهم العلم ، وبذل السلام والبشاشة . ولما كان الإنسان لا يسع الناس بماله ، أمر بأمر يقدر به على الإحسان إلى كل مخلوق ، وهو الإحسان بالقول
آية
قوله تعالى (وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ ... ) . ولما كان من العوائد القدرية والحكمة الإلهية أن من ترك ما ينفعه ، وأمكنه الانتفاع به فلم ينتفع به ، ابتلي بالاشتغال بما يضره . فمن ترك عبادة الرحمن ابتلي بعبادة الأوثان ، ومن ترك محبة الله وخوفه ورجـاءه ، ابتلي بمحبة غير الله وخوفه ورجائه ، ومن لم ينفق ماله في طاعة الله أنفقه في طاعة الشيطان ، ومن ترك الذل لربه ، ابتلي بالذل للعبيد ، ومن ترك الحق ابتلي بالباطل
آية
قوله تعالى (كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ ) . القنوت نوعان : قنوت عام : وهو قنوت الخلق كلهم ، تحت تدبير الخالق . وخاص : وهو قنوت العبادة . فالنوع الأول كما في هذه الآية ، والنوع الثاني كما في قوله تعالى (وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ )
آية
قوله تعالى (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ ... ) . أضاف الباري البيت إليه لفوائد : منها : أن ذلك يقتضي شدة اهتمام إبراهيم وإسماعيل بتطهيره ، لكونه بيت الله ، فيبذلان جهدهما ، ويستفرغان وسعهما في ذلك . ومنها : أن الإضافة تقتضي التشريف والإكرام ، ففي ضمنها أمر عباده بتعظيمه وتكريمه . ومنها : أن هذه الإضافة هي السبب الجاذب للقلوب إليه
آية
قوله تعالى (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم ) . إنما قال (أَهْوَاءهُم ) ولم يقل ( دينهم ) لأن ما هم عليه مجرد أهوية نفس
آية
قوله تعالى (فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ ) . والأمر بالاستباق إلى الخيرات قدر زائد على الأمر بفعل الخيرات ، فإن الاستباق إليها يتضمن فعلها وتكميلها ، وإيقاعها على أكمل الأحوال ، والمبادرة إليها ، ومن سبق في الدنيا إلى الخيرات ، فهو السابق في الآخرة إلى الجنات
آية
قوله تعالى ( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ ) . وفي هذه الآية أعظم حث على الجهاد في سبيل الله وملازمة الصبر عليه ، فلو شعر العباد بما للمقتولين في سبيل الله من الثواب لم يتخلف عنه أحد ، ولكن عـدم العلم اليقيني التام هو الذي فتر العزائم ، وزاد نوم النائم ، وأفات الأجـور العظيمة والغنائم . فوالله لو كان للإنسان ألف نفس تذهب نفساً فنفساً في سبيل الله ، لم يكن عظيماً في جانب هذا الأجر العظيم
آية
قوله تعالى (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ ) . أي : بشيء يسير منهما ، لأنه لو ابتلاهم بالخوف كله أو الجوع لهلكوا ، والمحن تمحص لا تهلك
آية
قوله تعالى ( فإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ) . الشاكر والشكور من أسماء الله ، الذي يقبل من عباده اليسير من العمل ، ويجازيهم عليه العظيم من الأجر . الذي إذا قام عبده بأوامره وامتثل طاعته ، أعانه على ذلك ، وأثنى عليه ومدحه ، وجازاه في قلبه نوراً وإيماناً وسعة ، وفي بدنه قوة ونشاطاً . ومن شكره لعبده : أن من ترك شيئاً لله أعاضه خيراً منه ، ومن تقرب منه شبراً تقرب منه ذراعاً ، ومن تقرب منه ذراعاً تقرب منه باعاً
آية
قوله تعالى ( واليوم الآخر ) . وهو كل ما أخبر الله به في كتابه أو أخبر به الرسول مما يكون بعد الموت