موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > أقسام المنابر الإسلامية > منبر علوم القرآن و الحديث

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 12-11-2022, 09:05 PM   #1
معلومات العضو
الماحى3

افتراضي أنزل الله القرآن نورًا لا تطفأ مصابيحه، ومنهاجًا لا يضل من نهجه

فالقرآن الكريم: هو كتاب الله المنزَّلُ على رسوله الأمين r؛ ليخرج به الناس من الظلمات إلى النور؛ كما قال تعالى: **الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ**[إبراهيم: 1].

هو الروح الذي تحيا به القلوب، والنور الذي تستضيء وتشرق به؛ كما وصفه الله جل جلاله، فقال: **وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ**[الشورى: 52].
أنزل الله القرآن نورًا لا تطفأ مصابيحه، ومنهاجًا لا يضل من نهجه؛ فهو معدن الإيمان، وهو ينبوع العلم، بحرٌ لا ينفد، دواءٌ ليس بعده داء، هو حبل الله المتين، والذكرُ الحكيم، والصراط المستقيم، هو الحقٌ ليس بالهزل؛ بالحق أنزله الله وبالحق نزل، من عمل به أُجِر، ومن حكم به عَدَلَ، ومَنْ دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم؛ يرفع الله به أقوامًا ويضع آخرين.
إن كتاب الله بمثابة الروح للحياة، والنور للهداية؛ فمن لم يقرأه ويعمل به فما هو بالحي، وإن تكلم أو عمل أو غدا أو راح؛ بل هو ميت.
**أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا**[الأنعام: 122].
وفي القرآن شفاءٌ، شفاءٌ للقلوب والأبدان:
**وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ**[الإسراء: 82].
شفاءٌ من الوسوسة والحيرة والقلق؛ لأنه يصل القلب بربه وخالقه وفاطره؛ فيسكن ويطمئن؛ **أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ**[الرعد: 28]. فهو شفاءٌ من نزغات الشيطان وهمزاته.
يقول ابن القيم: «شفاء للقلوب من داء الجهل والشك والريب؛ فلم ينزل الله سبحانه من السماء شفاءً قط أعم ولا أنفع ولا أعظم ولا أسرع في إزالة الداء من القرآن».
ولربما ضاقت بالمرء الضوائق والمسالك، وأحاطت به المخاوف، واشتد ألمه؛ فلا يجد راحته إلا في بضع آيات من القرآن يرددها: **وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا**[الإسراء: 45].
يقرأ المسلم القرآن، فإذا بالسكينة والطمأنينة يعمران قلبه وجوارحه، ثم تقدم النفس بعد ذلك لا تبالي بما يصيبها وما يحدث لها وهي تقرأ قول ربها: **قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا**[التوبة: 51].
وبذلك تتبخر وساوس الضعف والسوء، ويظهر للنفس أن الإنسان مبتلى بالأوهام أكثر مما هو مبتلى بالحقائق، ومهزوم من داخل نفسه قبل أن ينهزم من وقائع الحياة.
**الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ**[آل عمران: 173، 174].
إننا لنعجب من موقف المسلم، وقد أحاط به الظلام من كل جانب وهو يتخبط فيه، أين هو من كتاب ربه النور المبين، والصراط المستقيم؛ وقد قال r: «أبشروا، أبشروا! أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟!» قالوا: نعم، قال: «فإن هذا القرآن سبب طرفه بيد الله، وطرفه بأيديكم؛ فتمسكوا به؛ فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبدًا».
نعم إنه نجاةٌ ونور وهداية؛ ولكن لمن تدبره وتعرف عليه وتفكر فيه.
بحمله وحفظ حدوده تكون الغبطة والفرح؛ فهو الفضل الذي ليس فوقه فضل، والشرف الذي ليس بعده شرف.
قال r: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه».
وقال تعالى: **قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ**[يونس: 58].
قال أبو سعيد الخدري – رضي الله عنه -: «فضلُ الله القرآن ورحمته جعلكم من أهله».
وقال ابن عباس، والحسن، وقتادة: «فضلُهُ: الإسلام، ورحمته القرآن».
نعم إنه خير مما يجمعون من الذهب والمال والمتاع؛ لأنها تفنى، ويبقى فضل القرآن قائمًا إلى يوم القيامة.
قال r: «اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه».
بل ويمتد فضله إلى أبعد من ذلك وأبقى: إلى مرتبة عالية يحسده عليها الأولون والآخرون.

قال r: «يقال – يعني لصاحب القرآن: اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا؛ فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها».
قال بعض السلف:
«صاحب القرآن هو العالم به، العامل بما فيه، وإن لم يحفظه عن ظهر قلب، وأما من حفظه ولم يفهمه ولم يعمل به، فليس من أهله وإن أقام حروفه إقامة السهم».
قال عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه: «ليس حفظ القرآن بحفظ الحروف، ولكن إقامة حدوده».
فالله عز وجل أنزله من فوق سبع سموات للتدبر والتعقل، لا لمجرد التلاوة والقلب غافل لاه: **كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ**[ص: 29]، وقال تعالى: **أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا**[محمد: 24].
والتدبر هو: الفهم لما يُتلى من القرآن، مع حضور القلب، وخشوع الجوارح، والعمل بمقتضاه.
وصفة ذلك: أن يشتغل القلب في التفكير في معنى ما يلفظ بلسانه؛ فيعرف من كل آية معناها، ولا يجاوزها إلى غيرها حتى يعرف معناها ومرادها.
يقول الحسن البصري: «إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم؛ فكانوا يتدبرونها بالليل، وينفذونها بالنهار».

فمثلاً يقرأ قول الله سبحانه: **يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا**[التحريم: 6].
فعلى كل أحد أن ينظر في أهله: في صلاتهم وصيامهم وأداء ما يلزمهم من حجاب النساء والطهارة؛ فيتفقد أهله، ويرعاهم بمساءلتهم عن ذلك صغارًا وكبارًا، فالمسؤولية تقع في تعليمهم وإرشادهم.
فينبغي على المؤمن: أن يقرأ القرآن بحضور وفهم، همه الفهم لما ألزمه الله من أمر ونهي، ليس همه: متى أختم السورة؟!
بل همه متى أكون من المتقين؟! متى أكون من المحسنين؟! متى أكون من المتوكلين؟! متى أكون من الخاشعين؟! متى أكون من الصابرين؟! متى أكون من الخائفين؟!
متى أزهد في الدنيا وأرغب في الآخرة؟! متى أتوب؟! متى أشكر؟!
متى أجاهد في الله حق جهاده؟!
متى أحفظ لساني؟! متى أتزود ليوم معادي؟!
متى أكون بزجر القرآن متعظًا؟!
متى أكون بذكره عن ذكر غيره مشتغلاً؟!
فالأمر يحتاج إلى فهم وحضور قلب وعمل بمقتضى الكلام.
قال الحسن: «يا ابن آدم، كيف يرق قلبك، وإنما همك في آخر سورتك؟!».
وقال تعالى: **الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ**[البقرة: 121].
قال القرطبي عن معنى **يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ**: «يتبعونه حق اتباعه باتباع الأمر والنهي، فيحلون حلاله، ويحرمون حرامه، ويعملون بما تضمنه»؛ قاله عكرمة وغيره.
قال عكرمة: أما سمعت قول الله عز وجل: **وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا**[الشمس: 2]. أي تبعها.
وكلما أقبل العبد على كتاب ربه إقبال المتدبر المتفهم، الذي يعمل بما فيه، وينفذ أوامره – أورثه هذا العمل زيادة في العلم؛ قال تعالى: **وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ**[البقرة: 282]؛ فتقوى الله وسيلة إلى حصول العلم، وكما جاء في قول الله تعالى: **يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا**[الأنفال: 29] أي: علمًا تفرقون به بين الحق والباطل.
وبإطالة النظر فيه وجمع الفكر على معاني آياته: يطلع العبد على معاني الخير والشر، وعلى حال أهلهما، ويَحْضُرُ بين الأمم، ويرى أيام الله فيهم؛ فيرى غرق قوم نوح، ويعلم صاعقة عاد وثمود، ويعرف غرق فرعون وخسف قارون، بتدبر القرآن، يعيش المرء مع الآخرة كأنه فيها، ويغيب عن الدنيا كأنه خارجٌ عنها؛ فيصير في شأن والناس في شأن آخر.
فيا لله ما أقل أهله وعارفيه! فلو ذهبنا نبحث عن عارفيه العاملين بما فيه بحق وصدق، لأعيانا الطلب.
والواقع: أن الناس اتخذوا هذا القرآن مهجورًا واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خيرٌ؛ صحف ومجلات، وقصص وحكايات تموج بها الدنيا صباح مساء، وهو والله كما قال تعالى: **وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ**[الأنعام: 116]، **وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا**[يونس: 36].
لقد قصَّر جمعٌ من المسلمين مع كتاب ربهم حتى إن الواحد منهم يختم القرآن كله، ثم يخرج منه بمثل ما دخل؛ ما فهم من معانيه شيئًا، ولقد قَصَر جمع من المسلمين برَّهُمْ بالقرآن على أن تُتْقَن مخارج حروفه فحسب، أو يردَّد في المآتم، أو يعلق في المجالس والمداخل، أو يسأل به المال والجاه، أو يعلق تميمة على الرقاب، أو يعلق على الصدور.
قال الفاروق – رضي الله عنه -: «يا أيها الناس، إنه أتى علي حين وأنا أحسب أنه من قرأ القرآن أنه إنما يريد به الله وما عنده؛ ألا وقد قيل لي: إن أقوامًا يقرؤون القرآن يريدون به ما عند الناس؛ ألا فاقرؤوا القرآن وأريدوا الله بقراءتكم، وأريدوه بعملكم».
فكم من قارئ يقرأ القرآن والقرآن يلعنه! وكم من ظالم أفاك متجبر يقرأ القرآن يعلن نفسه؛ **أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ**[هود: 18].
ويكذب ويقرأ: **فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ**[آل عمران: 61].
سبحان الله! ما بال قلوبنا، يا عباد الله! ما هذه القسوة عند تلاوة كتاب الله؟! ما هذه الأقفال التي على القلوب؟! مواعظ تتلى، وعبرٌ تسمع، وسورةٌ تقرأ، ولكنها تدخل من اليمنى وتخرج من اليسرى!!
من منا يبكي عند قراءة الحاقة؟!
من منا يرتجف حين يسمع الزلة؟!
من تاب يوم أن قرأ القيامة؟!
ما هذا الران الذي على القلوب! أقدت قلوبنا من حجر؟!
أما إنه لو أنزل هذا القرآن على جبل، لخشع وتصدع من خشية الله، ولكن قست القلوب؛ فهي كالحجارة أو أشد قسوة؛ **وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ**[البقرة: 74].
المسائل المساعدة على تدبر القرآن:
1- الإخلاص في طلبه:
فالإخلاص أساس صحة الأعمال والعبادات؛ فينبغي على من أقبل على قراءة القرآن أن يخلص قصده لله في طلب تدبره وتفهمه، ولن ينتفع قارئ القرآن بما يقرأ حتى يخلص النية فيه لله.
فلا يكون قصده التعالي أو الشهرة أو المماراة أو التوصل إلى عرض من الدنيا من مال أو وظيفة أو ارتفاع على أقرانه أو ثناء الناس، قال تعالى: **مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ**[الشورى: 20].
وقال r: «من تعلم علمًا مما يبتغي به وجه الله تعالى إلا ليصيب به عرضًا من أعراض الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة».
وقال r: «اقرؤوا القرآن قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح يتعجلونه ولا يتأجلونه».
المعنى: يتعجلون أجره إما بمال وإما بسمعة ونحوها.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: «لو أن حملة القرآن أخذوه بحقه وما ينبغي له لأحبهم الله، ولكن طلبوا به الدنيا فأبغضهم الله وهانوا على الناس».
فإذا تسرب شيء من ذلك إلى نية القارئ فليبادر التوبة والإنابة، وليبتدئ الإخلاص وليكن على حذر؛ لأن أول مَن تسعَّر به النار يوم القيامة رجل من ثلاثة: «تعلم القرآن وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: ما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن. قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليقال: هو عالمٌ، وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ؛ فقد قيل. ثم أُمِرَ به، فسُحبَ على وجهه حتى أُلْقِيَ في النار ...» الحديث.
2- تعظيم الله ومحبته:
فكلما عظم الله في القلب وخافه وأحبه، عظم القرآن لدي قارئه.
قال ابن مسعود، رضي الله عنه: «لا يسأل عبد عن نفسه إلا القرآن؛ فإن كان يحب القرآن، فإنه يحب الله ورسوله».
فعلامة حب الله عز وجل: أن تحب ما يحب وأن تحب كلامه.
قيل لعامر بن عبد قيس: أما تسهو في صلاتك؟ قال: أَوَحديث أحب إلي من القرآن حتى أشتغل به؟! وقد قيل: مناجاة الحبيب تستغرق الإحساس.
وقال عثمان بن عفان – رضي الله عنه -: «لو طهرت قلوبنا، لما شبعت من كلام الله!».
فما تلذذ المتلذذون، وما تنعم المتنعمون بمثل ما ينعم به متدبرو القرآن؛ فهي لذة المحبين بكلام محبوبهم، وأنسهم به.
ولا يأتي هذا الأمر إلا بالاعتقاد السليم تجاه القرآن الذي هو اعتقاد السلف، وهو أن القرآن الكريم كلام الله تعالى، أنزله على قلب محمد r؛ ليخرج به الناس من الظلمات إلى النور، وأنه كلماتٌ وآياتٌ متلوةٌ مسموعةٌ مكتوبة، وأي اعتقاد باطل غير هذا يبعدك عن تدبر القرآن والتماس روحه.
قال ابن الجوزي – رحمه الله -: «ينبغي لتالي القرآن العظيم: أن ينظر كيف لطف الله تعالى بخلقه في إيصال معاني كلامه إلى أفهامهم، وأن يعلم أن ما يقرؤه ليس من كلام البشر، وأن يستحضر عظمة المتكلم سبحانه ويتدبر كلامه».
وذلك أن القرآن هو الدال على الله وعلى محاب الله؛ فلا جرم أن يكون السبيل إلى محبته ورضاه: تلاوته وتدبره.
3- جمع القلب وحضوره، وإلقاء السمع عند التلاوة:
وهي الخطوة التالية لتعظيم الله؛ فإذا عَظُمَ الله في القلب، عظم كلامه لديه؛ فيقبل على قراءته بحضور قلب، وإلقاء السمع؛ قال تعالى: **إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ**[ق: 37].
فأخبر الله تعالى أن المستمع بأذنيه ينبغي أن يكون شاهدًا بقلبه ما يتلى.
وقوله: **لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ** المراد به: القلب الحي الذي يعقل عن الله؛ كما قال تعالى: **إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآَنٌ مُبِينٌ * لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا**[يس: 69، 70]؛ فيكون بذلك قد تحقق المحل القابل للتأثر وهو القلب الحي، بعد توفر المؤثر، وهو القرآن الذي هو «الذكرى»، ومع وجود الشرط، وهو الإصغاء **أَلْقَى السَّمْعَ** ثم انتفى المانع، وهو إشغال القلب وغفلته؛ بيَّن ذلك بقوله: **وَهُوَ شَهِيدٌ** أي: شاهد القلب غير غافل ولا ساه.
فإذا توفر ذلك كله حصل الأثر – بإذن الله – وهو الانتفاع بالقرآن والتذكر.
قال محمد بن كعب: «لأَنْ أقرأ **إِذَا زُلْزِلَتِ** و **الْقَارِعَةُ** أردَّدها وأتفكر فيها أحب إلي من أن أبيت أهُذُّ القرآن».
4- التوبة والابتعاد عن المعاصي:
المعاصي كلها أضرارٌ في الدين والدنيا، وهي من أكبر أسباب مرض القلب وقسوته؛ قال تعالى: **كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ**[المطففين: 14].
قال العلماء: الرانُ: هو الذنبُ على الذنب حتى تحيط الذنوب بالقلب وتغشاه؛ فيموت.
وصاحب القلب المريض بالمعاصي أبعد الناس عن تدبر القرآن؛ لأنه حجب عن طريق العلم، ألا وهو تقوى الله؛ قال تعالى: **وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ**[البقرة: 282].
ويحدثنا ابن الجوزي عن بعض أسباب عدم تدبر القرآن، فيقول: «ومن ذلك أن يكون التالي مُصرًا على ذنب، أو متصفًا بكبر، أو مبتلي بهوى مطاع؛ فإن ذلك سبب ظلمة القلب وصدئه؛ فهو كالجرب على المرآة: يمنع من تجلي الحق؛ فالقلب مثل المرآة، والشهوات مثل الصدأ، ومعاني القرآن مثل الصور التي تراءى في المرآة، والرياضة للقلب بإماطة الشهوات مثل الجلاء للمرآة».
وينبغي على وجه الخصوص: أن يبتعد عن معاصي أدوات ووسائل التدبر: القلب، والسمع، والبصر، واللسان؛ فاستخدام هذه الأدوات في الحرام يعرضها لعدم الانتفاع بها في الحق؛ قال تعالى: **وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آَذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ**[فصلت: 5]؛ فالحجاب على العين يمنع من رؤيته، والوقر على الآذان يمنع من سماعه، والأكنة على القلوب تمنع من فهمه.
فكيف يحسُنُ تلاوة القرآن وتدبره وفهمه بعين لوثتها النظرات المحرمة؟!
أو بأذنٍ دنستها الأصوات المنكرة ومزامير الشيطان؟!
أو بلسان نجسته الغيبة والنميمة، والكذب والافتراء، والسخرية والاستهزاء؟!
إن القرآن كالمطر؛ فكما أن المطر لا يؤثر في الجماد والصخر، ولا يتفاعل معه إلا التربة المهيأة؛ فكذلك القرآن: لا ينفع إلا إذا نزل على بيئة صالحة؛ فتتفاعل معه، ويؤثر بها، وهذه البيئة في الحواس والقلوب السليمة الطاهرة التي تقبل عليه.
وسر هذا: أن الجزاء من جنس العمل؛ فكما أمسك نور بصره عن المحرمات، أطلق الله نور بصيرته وقلبه، فرأى به ما لم يره مَنْ أطلَقَ بصره، ولم يغضه عن محارم الله تعالى.
واعلم أن سماع الغناء والموسيقا من أخطر المعاصي التي تمنع من تدبر القرآن:
فما هناك معصيةٌ تبعد عن تدبر القرآن وفهمه أخطر ولا أعظم من سماع الغناء والموسيقا وآلات الطرب واللهو، التي تصد القلوب عن القرآن، وهو من أعظم مكايد الشيطان ومصايده.
والغناء له أخطارٌ كثيرة على القلب، وهو والقرآن لا يجتمعان في القلب أبدًا؛ لما بينهما من تضادّ؛ كما قال ابن القيم، رحمه الله:

حُبُّ الكتاب وحب ألحان الغنا




في قلب عبد ليس يجتمعان


وقال أيضًا: «قرآن الشيطان لا يجتمع هو وقرآن الرحمن في قلب أبدًا».
فالقرآن: يأمر بالمعروف والنزاهة، وينهى عن اتباع الهوى وأسباب الغي والشهوات، بينما الغناءُ يأمُرُ بضد ذلك كله؛ يزين الباطل، ويهيج النفوس إلى الشهوات والغي، ويشير إلى كل قبيح.
ولا ريب أن كل غيور يجنب أهله سماع الغناء كما يجنبهم أسباب الريب.
قال الفضيل بن عياض: الغناءُ رُقْيَةُ الزنى.
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: الغناء ينبت النفاق في القلب، كما ينبت الماء الزرع.
فالغناء ينقص الحياء، ويهدم المروءة، ويؤدي إلى الخفة والرعونة.
فبينما ترى الإنسان وعليه سمةُ الوقار والعقل، فإذا سمع الغناء ومال إليه: نقص عقله، وقل حياؤه، وتخلى عنه وقاره، فصفق ورقص، واهتز ومال؛ إنه لعمر الله يفعل مثل ما يفعله السُّكْرُ؛ فهو صنوُ الخَمْر، وهما رضيعا لبان.
5- النظر في كتب المفسرين:
ولأن التدبر لا يمكن إلا بالفهم لما يتلى؛ فطريقة فهم القرآن بالاطلاع على ما كتبه المفسرون من الصحابة والتابعين والعلماء من بعدهم ممن يشهد لهم بالأمانة أو العلم.
ومن هذه التفاسير: تفسير ابن كثير، وتفسير البغوي، وتفسير الطبري، وهي تعرف بالتفسير بالمأثور.
ويخطئ البعض فيفسر القرآن برأيه بلا علم، وهذا خطر عظيم على صاحبه؛ إذ إنه يؤدي إلى مقت الله عز وجل، ومقت المؤمنين؛ كما قال تعالى: **الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آَمَنُوا**[غافر: 35].
وسبب ذلك غالبًا – كما أخبر الله عز وجل: الكِبْرُ الذي يحبس عن طلب العلم والتعليم والسؤال؛ قال تعالى: **إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ**[غافر: 56]؛ وقد قال بعض العلماء: «من قال في القرآن برأيه فأصاب، فقد أخطأ».
6- اختيار الأوقات المناسبة للقراءة والأمكنة الملائمة:
أما الأوقات فهي التي تتوفر فيها:
1- راحة القارئ.
2- هدوء باله وفكره، وعدم انشغاله بأمر من الأمور الأخرى.
3- السكون وعدم الضجيج.
وبالنسبة للمكان: فينبغي أن يكون خاليًا من المنكرات ومما يبعد الملائكة كالصور والأجراس، وأن يكون بعيدًا عن الضجيج والصخب.
ولقد بين الله سبحانه وتعالى في كتابه أحسن الأوقات لقراءة القرآن ومنها:
أ- ما كان في الصلاة، وهذه هي أفضل الأوقات لتدبر القرآن؛ قال تعالى: **وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا**[الإسراء: 78].
قال المفسرون: المراد بقرآن الفجر: صلاة الصبح.
والعبد إذا أقبل على صلاته بحضور قلب وخشوع وتضرع، كان في حصن من أذى الشيطان ووساوسه، وكان الله مقبلاً عليه، فيتم له حال التدبر والخشوع.
ب- الليل؛ قال الله تعالى: **إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا**[المزمل: 6].
**نَاشِئَةَ اللَّيْلِ** أي: ساعاته كلها، وكل ساعة منه ناشئة؛ سميت بذلك، لأنها تنشأ، أي: تبدو.
قال ابن عباس، وابن الزبير: «الليل كله ناشئة».
وقراءة الليل أفضل؛ لأن فيه هَدْأَةَ الناس، وسكون الأصوات، وراحة الجسد، والقلب فيه فارغ؛ فهي أشد وطئًا، أي: أشد مواطأة بين القلب واللسان، وأجمع للخاطر على التلاوة.
وبالجملة: عبادة الليل أشد نشاطًا، وأتم إخلاصًا، وأكثر بركة، وأبلغ في الثواب.
وأفضل أوقات الليل: وقت السحر حيث ينزل ربنا إلى السماء الدنيا؛ فينادي عباده؛ فيكون العبد قريبًا من ربه، والقلب محصنًا من أذى الشيطان ووساوسه.
ج- بعد صلاة الصبح إلى أن تطلع الشمس بعد أن يصلي العبد أعظم الصلوات، وهي الصلاة المشهودة؛ وهذا الوقت وقت مبارك رغب الرب عز وجل إلى الذكر فيه، وعظم شأنه في أكثر من موضع من كتابه العزيز؛ وكذلك ما جاء في السنة من الترغيب في الجلوس للذكر فيه حتى تطلع الشمس، ثم الصلاة بعدها، وأن لفاعلها أجر حجة وعمرة.
وقراءة القرآن أفضل الذكر.
7- اختيار المقدار المناسب دون إرهاق مع القراءة على مهل وترتيل:
فالمطلوب التدبر والتفهم مهما كان المقدار الذي يقرأ قليلاً؛ فلا يكون الهم: كم قرأت من آية؛ بل ليكن الهم: كيف تعظ نفسك بالقرآن؟! وكيف تعقل الخطاب؟! ومتى تعتبر؟!
قال أبو جمرة لابن عباس: إني سريع القراءة؛ إني أقرأ القرآن في ثلاث؟ قال: «لأن أقرأ البقرة في ليلة فأتدبرها وأرتلها أحب إلي من أن أقرأ كما تقول».
وأكثر العلماء يستحبون الترتيل في القراءة؛ ليتدبر القارئ ويفهم معانيه.
وهذا هو هدي نبينا الكريم r: قالت حفصة – رضي الله عنها: «كان رسول الله r يقرأ بالسورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها».
وفي الصحيحين عن ابن مسعود – رضي الله عنه – أن رجلاً قال: إني أقرأ المفصل في ركعة واحدة، فقال: «هذا كهذ الشِّعر؛ إن قومًا يقرؤون القرآن لا يتجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه، نفع».
وقال العلماء: وقراءة جزء بترتيل أفضل من قراءة جزأين في قدر ذلك الزمان بلا ترتيل.
واستحباب الترتيل لأجل التدبر وللإجلال والتوقير، والقراءة السريعة تمنع من فهم القرآن فضلاً عن تدبره؛ قال عز وجل: **وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا**[المزمل: 4]، وقد قال الله عز وجل عن كتابه: **وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ**[الإسراء: 106].
8- ومن الأسباب المعينة على التدبر:
الاستمرار في القراءة؛ فلا يهجر القرآن؛ قال تعالى: **وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا**[الفرقان: 30].
والهاجرون لكتاب الله أصناف وأنواع:
فمنه: ترك تدبره وتفهمه.
ومنه: هجرانه والعدول عنه إلى غيره من كلام البشر.
ومنه: هجر سماعه والإصغاء إليه.
ومنه: هجر الاستشفاء والتداوي به.
ومنه: هجر تحكيمه والتحاكم إليه.
فالإكثار من تلاوة القرآن تساعد على تدبره؛ وفي حديث ابن عمر، عن النبي r، قال: «لا حسد إلا في اثنتين ... وذكر منهما: رجل آتاه الله القرآن؛ فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار».
ألا إن للقرآن صحبة؛ فصاحب القرآن يرى له شوق إلى تلاوة كتاب ربه كل حين، وصحبة القرآن تصحب العبد حتى تقوده إلى الجنة في درجاتها العالية.
فالحذر الحذر من هجر القرآن، والإعراض عنه، وإهماله واستبداله بالذي هو أدنى من القصص والكتب والمجلات؛ فإن عقوبة ذلك شديدة في الدنيا، والآخرة أشد وأبقى؛ قال تعالى: **وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى**[طه: 124].
وقال سبحانه: **وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ**[الزخرف: 36، 37].
فأخبر سبحانه أن من ابتلاه بقرينه من الشياطين ليضله إنما كان بسبب إعراضه وعشوه عن الذكر الذي أنزله على رسوله.
فكان عقوبة هذا الإعراض: أن قيض له شيطانًا يقارنه ويصده عن سبيل ربه، وهو يحسب أنه مهتد.

نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، وجلاء أحزاننا وهمومنا، وأن يفتح علينا الفهم فيه، والعمل به؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا وإمامنا محمد سيد الأولين والآخرين، وعلى آله وصحابته الطيبين الطاهرين، وعلى من تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 09:02 PM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com