بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده سيدنا و حبيبنا و إمامنا و قدوتنا محمد صلى الله عليه و سلم و على آله الطاهرين و صحابته أجمعين و على من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
لو سألت أي إنسان على وجه هذه الأرض عن مصير كل كائن حي إلا و أجابك بكل ثقة بأن الموت هو المصير المحتوم لكل كائن حي . إذا فالموت هو الحقيقة الوحيدة التي لا يختلف عليها اثنان مهما اختلفت عقائدهم و معتقداتهم لأنه مشاهد بالعين و لا يمكن إنكاره أو التغافل عنه .
إن أي إنسان إلا و له حدثان عظيمان و هما يوم مولده و يوم وفاته أما غير ذلك فما هي إلا رحلة يقطعها بينهما بغض النظر عن ما يصادفه أثناء رحلته من أفراح و أتراح و بغض النظر كذلك عن هدف كل إنسان من هذه الرحلة .
إن ما دفعني لكتابة هذا الموضوع هو ما رأيت من مظاهر و سلوكات في المقابر أثناء دفن الموتى ، فبعد صلاة الجنازة و أثناء وضع الميت في قبره أرى بعض الناس يتحدثون في الهاتف و بعضهم يتحدث عن التجارة و الآخر عن المشاريع و آخر يغتاب ، ناهيك عن الضحكات و كأننا في سوق و ليست مقبرة ، و كأن الأمر لا يعنينا أو كأن الموت سوف يتخطانا أو أنه سينسانا .
في جنازة و يلعبون ، في جنازة و يعقدون الصفقات ، في جنازة و يغتابون ، في جنازة و يتسامرون ، في جنازة و يتكبرون على خلق الله ، في جنازة و يراءون ، في جنازة و يتملقون .
سؤالي هو : من لم يتعظ بالموت هل يتعظ بسواه ؟
أيها الإنسان الغافل هل فكرت في يوم تأتي فيه محمولا على الأعناق ؟ هل فكرت في يوم توضع فيه في قبرك ؟ هل فكرت كيف تجيب على أسئلة رسل ربك ؟ هل فكرت في يوم تقرأ فيه كتابك بنفسك ؟ هل فكرت في يوم تقف فيه بين يدي ربك ؟
قبل أن تجيب على الأسئلة تفكر و تذكر و اسأل نفسك :
هل أنت ممن قال الله فيهم ( و إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس و لا يذكرون الله إلا قليلا ) ؟
هل أنت ممن قال الله فيهم ( قالوا سمعنا و عصينا ) ؟
هل أنت ممن قال الله فيهم ( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة و اتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ) ؟
و تذكر أنك ستقرأ كتابك الذي يحصي أعمالك كلها صغيرها و كبيرها و أنك لن تظلم فيه و أنه لن ينقص أو يزيد عليك فيه مثقال ذرة ، و هذا مصداقا لقوله تعالى في سورة الكهف ( و وضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ، و يقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة و لا كبيرة إلا أحصاها ، و وجدوا ما عملوا حاضرا و لا يظلم ربك أحدا ) .
اعلم أيها المسكين أنه سيأتي عليك يوم لا ينفعك فيه لا مال و لا بنون و لا جاه و لا وساطة إلا عملك الصالح الخالص لله عز و جل ، فلهذا اليوم بالذات عليك أن تعمل و تجتهد و تقدم لأنه في هذا اليوم إما جنة و إما نار و عليك أن تختار .
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه .