أؤمن أن موضوع الحوار مهم جدا لنا لو عرفنا أن فوائده تتحقق حتى بصورة غير مباشرة.
فهو الأصل في التقاء الحضارات، أو التقاء الأشخاص... والتقاء ثقافاتهم المختلفة ..
ومعناه المراجعة حول قضية ما ودوران الآراء حولها مما يخلق تفاعلا بين الثقافات والافكار المختلفة.
وهذا ما يعطيه قيمة عظمى من قيم الحياة الإنسانية لو أدركنا أهميته في خلق عقل راقي.
وأدنى فوائده ،هو التعرف على مواقف أخرى لها علاقة بقضيتنا التي نبحث حولها، بالإضافة إلى التعرف على شخصية الطرف الأخر.... فلكل طرف رؤيته الخاصة للقضية، وتحفظات معينة حولها.
ومن الضرورة بمكان ، أن نفرق بين الحوار....وبين الجدال.
فالجدال هو امتداد المنازعة والمغالبة
ولعل أوضح تعريف وأجمله للجدال ... من جدل الحبل أي فتله ..فكأن المتجادلين يحاول أن يفتل احديهما الآخر.....
ولو أن المجادلة مقبولة في حالة الوقوف على الحق، إلا أن ديننا الحنيف قيدها...بالحسنى
ولعل مواقف رسولنا الكريم تفيدنا كثيرا في مفهوم الجدال.
وأجدني هنا مضطرة للوقوف قليلا للتمعن في كمال اللغة العربية وطلاقتها ، فرغم أن الجدال والحوار مشتركين تماما في معنى تداول الأفكار ومناقشتها ...
إلا أن الجدال يأخذ طابع الغلبة والخصومة والقوة ، أما الحوار.... فهو مزدان برحابة الصدر وسماحة النفس ورجاحة العقل .
فالجدال هو ساحة معركة ... وحلبة مصارعة....!!
أما الحوار... فهو ارض خصبة ، حرثت بأمانة وزرعت بجد.. وسقيت بعناية ، فلا شك أن ثمارها طيبة.
والسماحة في المتحاور لا اعني بها ابدآ الانفلات ، والاستعداد للذوبان في أي كيان آخر
بل القدرة على التكيف والتجاوب والتفاعل والتعامل بشكل أكثر رقيا مع جميع الأفكار والآراء مهما كانت ......
وهذه النقطة في قمة الأهمية لدينا كمسلمين أولا....وكعرب ثانيا..
فواضح جدا أن تفاعل البعض مع الحضارات الأخرى كان ذوبانا واندماجا ، أدى إلى غزو هذه الثقافات الدخيلة على ثقافتهم الإسلامية.
وأعود لأقول ....أن الحوار أو التفاعل بثقافات أخرى يجب أن يكون مصحوبا .....بالثقة واليقين والثبات........ عن طريق الثقافة المسبقة وما تحمله من قراءات وتصورات ، وحضور الأدلة والبراهين القوية.. وكذلك الاستعانة بأمثلة وشواهد حية ، ففي كثير من الأحيان ...لا يكفي منطقا جميلا ولا لسانا حلوا.........!
أما الحوار المتشدق والخالي من أي انعكاسات على الواقع ، فيعتبر ترفا فكريا ..صادر عن روح الهيمنة والاستعلاء والتفوق ، فهو حوار سلبي... يضم تحت جناحه أيضا..الحوار العقيم والذي يولد في أجواء (مكهربة) ومريضة ، نتيجة موروثات سابقة من حساسيات وقناعات يحملها كلا المتحاورين.
أما إذا استطعت خلال الحوار إثبات حقيقة معينة ..
فتأكد أن الحقيقة ملك للجميع وليست لك وحدك..!!
فلا يأخذنك العجب والكبر وروح الاستعلاء..
لان هذا لا يثبت انك محاورا ناجحا.
و قيل عن الحوار .....
إذا أردت أن تكون محاورا ناجحا....حاور الطرف الآخر في آرائه كما لو كنت مقتنعا بها....ودعه يحاورك في آراءك كما لو كنت في شك منها.
ما رأيك.....؟؟
أنا شخصيا غير مقتنعة بالمقولة الأخيرة........!!