عمار بن ياسر و الفرج بعد الشدة
أسلم عمار بن ياسر قديما . بمكة هو و أمه سمية بنت خياط و أبوه ياسر ، و قد عذب المشركون تلك الأسرة المسلمة و كان يمر عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم و هم يعذبون بمكة فيقول لهم : صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة .
و قتل أبوه ياسر و أمه من التعذيب على أيدي المشركين فكانا أولى شهيدين في الإسلام .
و ظل عمار يعذب بعد استشهاد أبيه و أمه ، و يحرقونه بالنار ، و كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر به و يمر يده على رأسه و يقول : يا نار كوني بردا و سلاما على عمار كما كنت على إبراهيم عليه السلام .
و قد دعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
اصبر ، اللهم اغفر لآل ياسر ، قال : و قد فعلت .
و أخذ المشركون عمار بن ياسر فلم يتركوه حتى سب رسول الله صلى الله عليه وسلم و ذكر آلهتهم بخير ، فلما أتى الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ما وراؤك ؟
قال : شر يا رسول الله ، ما تركت ( بضم التاء ) حتى نلت منك ، و ذكرت آلهتهم بخير .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فكيف تجد قلبك ؟
قال : أجد قلبي مطمئنا بالإيمان .
قال : فإن عادوا فعد .
و هكذا فرج الله شدته و همه و رضى عنه ، و قد مات عمار في معركة صفين و هو يحارب مع علي بن أي طالب رضي الله عنه الفئة الباغية عليه و هم جيش الشام بقيادة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه عام 37 هـ و كان عمره وقتها نحو ثلاث أو أربع و تسعين سنه رضي الله عنه و أرضاه .
الفرج بعد الشدة للمريض
قال الإمام محمد بن جرير الطبري رحمه الله :
حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرني سعيد ابن أبي أيوب عن عبد الرحمن بن علي عن عبد الله بن جعفر :
أن رجلا أصابه مرض شديد ، منعه من الطعام و الشراب و النوم ، فبينا ( فبينما ) هو ذات ليلة ساهرا إذا سمع وجبة شديدة - أي صوت شديد - في حجرته ، فإذا هو كلام ، فوعاه ، فتكلم به ، فبرأ مكانه ، و هو : اللهم أنا عبدك و بك أملي ، فاجعل الشفاء في جسدي ، و اليقين في قلبي ، و النور في بصري ، و الشكر في صدري ، و ذكرك بالليل و النهار على لساني ، و ارزقني منك رزقا غير محظور و لا ممنوع .
و هكذا يأتي الفرج بعد الشدة للمريض بإذن الله .
الباحث عن الرزق و الفرج بعد الشدة
كان رجل ذو مال و نعمة فزالت عنه و افتقر حاله و كانت له زوجة و أربعة أبناء ، فحبلت زوجته ، و أخذها المخاض في الليل ، فخرج الرجل هاربا يبحث عن مال ليطعم زوجته ، فمشى حتى غادر بغداد إلى جسر النهروان ، كي يطلب من عاملها الذي يعرفه فيعطيه رزق شهر ، فقعد ليستريح بالقرب من بقال ،
فإذا بساعي البريد قد جاء للبقال ووضع مخلاته ( الحقيبه التي يحملها ساعي البريد على كتفه كي يضع فيها البريد ) و عصاه و قال للبقال :
أعطني كذا و كذا من خبز و تمر و إدام ، فأعطاه ، فأكل و أعطاه الثمن .
فلما فتح مخلاته و أخرج ما بها من رسائل رأى الرجل رسالة له مع ساعي البريد ، فقال للساعي : هذا الكتاب لي .
قال الساعي : أتدري ما تقول ؟
فقال له : قد قلت الصحيح ، فإن مضيت إلى بغداد ، لم تجد صاحب الرسالة .
فقال له : أهاهنا إنسان يعرفك .
قال : نعم ، عامل البلدة . فذهبا إلى عامل البلد و هو المسئول عنها مثل المحافظ أو الوالي ، فقال له : من أنا ؟ و أين منزلي ببغداد :
فقال له : أنت فلان ، و منزلك في بغداد بمدينة المنصور في سكة كذا و كذا .
فقال للساعي : عرفت صدقي .
قال الساعي : نعم .
و أعطاه الرسالة ، فإذا هي مرسلة إليه كي يحضرإلى الدينور لاستلام ميراث له تركه له ابن عمه المتوفى الذي أوصى بثلث التركة لأعمال الخير و الثلثين له .
فورث من ابن عمه نحو عشرة آلاف دينار و عاد إليه الفرج و الفرج بعد الشدة و الغم و لله الحمد .
فقد خرج يبحث عن رزقه فوجد رزقه يبحث عنه . و سبحان الرزاق .
و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته .
منفوول للفائدة والله من وراء القصد