قال الله تعالى : ** يا أيُّها الّذينَ آمَنُوا ادْخُلُوا
في السِّلْمِ كافّةً ولا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشّيْطانِ
إنّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * فإنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما
جاءَتْكُمُ البَيِّناتُ فاعْلَمُوا أنّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ **
سورة البقرة 208 - 209
_ قال العلاّمة عبد الرّحمٰن السّعدي رحمه الله
في تفسير كلام المنّان :
هذا أمر من الله تعالى للمؤمنين أن يدخلوا
** في السِّلْمِ كافّةً **
أي : في جميع شرائع الدين,
ولا يتركوا منها شيئا,
وأن لا يكونوا مِمّن اتّخذ إلَهَهُ هَواه,
إنْ وافَق الأمرُ المشروع هَواه فَعلَه,
وإن خالَفَه, تَركَه،
بل الواجب أن يكون الهَوى, تَبَعاً للدين,
وأن يفعل كل ما يقدر عليه, من أفعال الخير,
وما يَعْجَز عَنْه, يَلتَزِمُه ويَنويه,
فَيُدْرِكَه بِنِيَتِه .
ولما كان الدخول في السِّلم كافة, لا يمكن
ولا يُتَصَور إلّا بمخالفة طرق الشيطان
قال : ** ولَا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشّيطانِ **
أي : في العمل بمعاصي الله
** إنّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ **
والعدو المبين, لا يأمر إلا بالسوء والفحشاء, وما به الضرر عليكم .
ولما كان العبدُ لا بد أن يقع منه خَلَلٌ وزَللٌ,
قال تعالى: ** فإنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ البَيِّناتُ **
أي: على عِلمٍ ويَقين
** فاعْلَمُوا أنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ **
وفيه من الوَعيد الشديد, والتخويف,
ما يُوجِبُ تَركَ الزلل,
فإن العزيز القاهر الحكيم,
إذا عَصاهُ العاصي,
قَهَرَه بِقُوتِه, وعَذبه بمُقتَضى حِكمَتِه
فإن من حِكمَتِه, تَعذيبُ العُصاة والجُناة .