قوله : ( قالت الثامنة : زوجي المس مس
أرنب ، والريح ريح زرنب )
زاد الزبير في روايته
( وأنا أغْلِبه والناسَ يَغلب )
وكذا في رواية عقبة عند النسائي ،
وفي رواية عمر عنده ، وكذا للطبراني لكن بلفظ ( ونغلبه ) بنون الجمع ،
والأرنب دويْبَة لَيّنةُ المسّ ناعمة الوبر جدا ، والزرنب بوزن الأرنب لكن أوله زاي وهو نبت طيب الريح ،
وقيل : هو شجرة عظيمة بالشام بجبل لبنان لا تُثْمر لها ورق بين الخضرة والصفرة ، كذا ذكره عياض ،
واستنكره ابن البيطار وغيره من أصحاب المفردات
وقيل : هو حشيشة دقيقة طيبة الرائحة وليست ببلاد العرب ، وإن كانوا ذكروها ،
قال الشاعر :
يا بأبي أنت وفوك الأشنب كأنما ذر عليه الزرنب
وصفته بأنه لين الجسد ناعِمُه .
ويحتمل أن تكون كنت بذلك عن حسن خُلُقه ولين عريكته بأنه طيب العرق لكثرة نظافته واستعماله الطيب تظرفا ،
ويحتمل أن تكون كنت بذلك عن طيب حديثه أو طيب الثناء عليه لجميل معاشرته .
وأما قولها ( وأنا أغلبه والناس يغلب )
فوصفته مع جميل عشرته لها وصبره عليها بالشجاعة
وهو كما قال معاوية :
( يغلبن الكرام ويغلبهن اللئام )
قال عياض : هذا من التشبيه بغير أداة ، وفيه حسن المناسبة والموازنة والتسجيع .
وأما قولها : ( والناس يغلب )
ففيه نوع من البديع يسمى التتميم ،
لأنها لو اقتصرت على قولها :
وأنا أغلبه لظن أنه جبان ضعيف ،
فلما قالت ( والناس يغلب )
دل على أن غلبها إياه إنما هـو من كرم سجاياه فتممت بهذه الكلمة البالغة في حسن أوصافه .