قوله : ( قالت الثالثة زوجي العَشَنّق )
قال أبو عبيد وجماعة : هو الطويل ،
زاد الثعالبي : المذموم الطول .
وقال الخليل : هو الطويل العنق .
وقال ابن أبي أويس : الصقر من الرجال المقدام الجريء .
وقد قال ابن حبيب : هو المقدام على ما يريد ، الشرس في أموره .
وقيل : السيئ الخلق .
وقال الأصمعي : أرادت أنه ليس عند أكثر من طوله بغير نفع .
وقال غيره : هو المستكره الطول ، وقيل ذمته بالطول لأن الطول في الغالب دليل السفه وعلل ببعد الدماغ عن القلب .
وأغرب من قال مدحته بالطول لأن العرب تتمدح بذلك .
وأجاب عنه ابن الأنباري باحتمال أن تكون أرادت مدح خلقه وذم خلقه ،
فكأنها قالت : له منظر بلا مخبر،وهو محتمل .
وقال أبو سعيد الضرير : الصحيح أن العشنق الطويل النجيب الذي يملك أمر نفسه ولا تحكم النساء فيه بل يحكم فيهن بما شاء ، فزوجته تهابه أن تنطق بحضرته ، فهي تسكت على مضض .
قال الزمخشري : وهي من الشكاية البليغة انتهى .
ويؤيده ما وقع في رواية يعقوب بن السكيت من [ ص : 170 ] الزيادة في آخره
( وهو على حد السنان المذلق )
بفتح المعجمة وتشديد اللام أي المجرد بوزنه ومعناه ، تشير إلى أنها منه على حذر ، ويحتمل أن تكون أرادت بهذا أنه أهوج لا يستقر على حال كالسنان الشديد الحدة .
قوله : ( إن أنطق أطلق ، وإن أسكت أعلق )
أي إن ذكرت عيوبَه فيَبْلُغه طلقني ،
وإن سكت عنها فأنا عنده معلقة لا ذات زوج ولا أيم ،
كما وقع في تفسير قوله تعالى فتذروها كالمعلقة فكأنها قالت : أنا عنده لا ذات بعل فأنتفع به ، ولا مطلقة فأتفرغ لغيره ،
فهي كالمعلقة بين العلو والسفل لا تستقر بأحدهما ، هكذا توارد عليه أكثر الشراح تبعا لأبي عبيد .
وفي الشق الثاني عندي نظر ، لأنه لو كان ذلك مرادها لانطلقت ليطلقها فتستريح . والذي يظهر لي أيضا أنها أرادت وصف سوء حالها عنده ، فأشارت إلى سوء خلقه وعدم احتماله لكلامها إن شكت له حالها ، وأنها تعلم أنها متى ذكرت له شيئا من ذلك بادر إلى طلاقها وهي لا تؤثر تطليقه لمحبتها فيه ، ثم عبرت بالجملة الثانية إشارة إلى أنها إن سكتت صابرة على تلك الحال كانت عنده كالمعلقة التي لا ذات زوج .
ولا أيم ، ويحتمل أن يكون قولها : ( أعلق ) مشتقا من علاقة الحب أو من علاقة الوصلة ،
أي إن نطقت طلقني وإن سكت استمر بي زوجة ،وأنا لا أوثر تطليقه لي فلذلك أسكت .
( يتبع ) .........................