موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > أقسام المنابر الإسلامية > منبر علوم القرآن و الحديث

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 05-04-2012, 01:10 AM   #1
معلومات العضو
ابوعامري

افتراضي ارجوكم المساعده

بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حدثنا قتيبة حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركعة الآخرة يقول اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة اللهم أنج سلمة بن هشام اللهم أنج الوليد بن الوليد اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم اجعلها سنين كسني يوسف وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال غفار غفر الله لها وأسلم سالمها الله قال ابن أبي الزناد عن أبيه هذا كله في الصبح

قوله : ( غفار غفر الله لها ) فيه الدعاء بما يشتق من الاسم كأن يقول لأحمد : أحمد الله عاقبتك ، ولعلي : أعلاك الله . وهو من جناس الاشتقاق ، ولا يختص بالدعاء

ماالمقصود بكلمة فيه دعاء بمايشتق الاسم وماالمقصود وهو جناس الاستقاق ومالمقصود ولايختص بالدعاء

وجزاكم الله الجنة

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 05-04-2012, 01:17 AM   #2
معلومات العضو
عبد الغني رضا

إحصائية العضو






عبد الغني رضا غير متواجد حالياً

الجنس: male

اسم الدولة algeria

 

 
آخـر مواضيعي

 

افتراضي

الاشتقاق حاضنة اللغات والمصطلحات

الموجز

تتغير اللغة العربية كغيرها من اللغات بمرور الزمن وما يستجد من أحوال مختلفة اجتماعية، دينية، ثقافية وسياسية، ولربّما دلالة الألفاظ أكثر عرضة للتغير فيهذه اللغة مقارنة ببقية أنظمة اللغة الصوتية والصرفية والنحوية. إذن فلابدّ من دراسة الألفاظ دراسة تاريخية تطورية على تعاقب العصور وفي مختلف الأطوار كما من الواجب دراسة الألفاظ بجملتها ومجموعها، حية في نصوصها.
الاشتقاق هوتوليد الألفاظ بعضها من بعض. الاشتقاق صدى ما في العقلية العربية من خصائص التفكير المنطقي والعلمي. هذه الطريقة حيوية توليدية أشبه بطريقة توالد الأحياء، وليست آلية جامدة، خلاف طريقة اللغات الأخرى التي تكون طريقة آلية أكثر منها توليدية، وبذلك لم ينقطع سيل الألفاظ الجديدة في اللغة العربية. وكان الاشتقاق كذلك طريقاً للتجديد والتنويع الفني.
إن معرفة خصائص اللغة وقوانينها وسنن تطورها، يمكننا من إصلاحها ومراقبة تطورها، وكذلك السير به في اتجاه صحيح يناسب خصائصها الأصلية. كما ويدلنا على أصول الألفاظ، وهوالطريق إلى حسن فهم اللغة والتفقه فيها، ومعرفة الأصيل من الدخيل. ويكشف الصلة بين المعاني المتباعدة لألفاظ من مادة واحدة، ويكشف عن عادات وأحوال ماضية. وبهذا يكون الاشتقاق هوالجسر الموصل بين اللغة والحياة الفكرية والاجتماعية.
في هذا المقال نقصد دراسة الاشتقاق من غير المصدرأي الاشتقاق من أسماء الأعيان، أسماء الأعضاء وأسماء الزمان و... إلخ؛ لأنه أهم وسيلة نمواللغة وتكاثر الكلمات، وتوليد كلمات جديدة للدلالة على معانٍ مستحدثة. لذلك اتخذه العلماء وسيلة لنقل العلوم ووضع المصطلحات.
الكلمات الأساسية: الاشتقاق، دراسة الألفاظ، التنويع الفني، خصائص اللغة، العقلية العربية.
مقدمة

رغم كثرة الدراسات العربية التي قامت خدمة للغة القرآن التي هي أفضل اللغات وأوسعها كما قال الله سبحانه وتعالى: «وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِه الرّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ » [1]، فإن علماء العربية قديما وحديثا غاب عنهم كثير من الخصائص اللغوية في هذه اللغة التي وصفها الله سبحانه بأبلغ ما يوصَف به الكلام وهوالبيان. كما قال عنها الأستاذ سعيد الأفغاني (المتوفى 1417هـ) في آخر بحثه في الاشتقاق: " للغتنا غنى وافر، وطبيعة مسعفة، يحسدها عليها كثير من اللغات، فهي كنز يطلب من يكتشفه ويحسن استخدامَه والإفادة منه". وقال ابن فارس في كتابه فقه اللغة: " لغة العرب أفضل اللغات وأوسعُها".
وطريقة اللغة العربية في تركيب الألفاظ واشتقاقها من موادها الأصلية وتصريفها في أشكال متنوعة تختلف عن طريقة التركيب الإلحاقي المعروفة في لغات أخرى كثيرة، والتي تقوم على زيادة أحرف مخصوصة في أول الكلمة أوفي آخرها للدلالة على معنى خاص يحصل بهذه الإضافة، أوبطريقة النحت من كلمتين.
ففي الاتصال اللغوي رمز دال هواللفظ، ومدلول هوالمعنى، ودلالة وهي الارتباط الموجود بينهما، والعلم الذي يبحث عن صلات الألفاظ بعضها ببعض هوالنحو، والعلم الباحث في ما بين المعاني من صلات نسميه الفلسفة، والعلم الباحث في ما بين الألفاظ والمعاني من صلات هومبحث الدلالة من علم اللغة.
اللغة العربية هي أبرز اللغات من جهة احتفاظ ألفاظها بالصلة بأصولها الاشتقاقية، وليس الأمر كذلك في غيرها من اللغات الحية. وتختص اللغة العربية بأن أكثر ألفاظها تتكون في أصولها الاشتقاقية من ثلاثة حروف صوتية دون حساب الحركات، وأن هذه الحروف الثلاثة ثابتة لا تتغير، وأن للحرف قيمة دلالية ووظيفة في تكوين المعنى.
الاشتقاق: من أشرف علوم العربية وأدقها وأنفعها وأكثرها ردا إلى أبوابها ألا ترى أن مدارعلم التصريف في معرفة الزائد من الأصلي عليه حتى قال بعضهم: لوحذفت المصادر وارتفع الاشتقاق من كل كلام، لم توجد صفة لموصوف ولا فعل لفاعل. وجميع النحاة إذا أرادوا أن يعلموا الزائد من الأصلي في الكلام نظروا في الاشتقاق وهو افتعال من قولك " اشتققت " كذا من كذا أي اقتطعته منه.
الاشتقاق لغة أخذ شيء من شيء. اشتقّ الشيء: أخذ شقـّه واشتقّ الكلمة من الكلمة: أخرجها منها نحواشتقّ ضرَبَ من الضَرْب (المنجد في اللغة، لويس معلوف). قال ابن منظور في لسان العرب: "اشتقاق الشيء: بنيانه من المرتجل، واشتقاق الكلام: الأخذ به يميناً وشمالاً، واشتقاق الحرف من الحرف: أخذه منه". ومن المجاز اشتق في الكلام إذا أخذ فيه يميناً وشمالاً وترك القصد فسمّي أخذ الكلمة من الكلمة اشتقاقاً.
أما اصطلاحا فهوأخذ صيغة من أخرى مع اتفاقهما معنى ومادة أصلية، وهيئة تركيب لها؛ ليُدَلَّ بالثانية على معنى الأصل بزيادة مفيدة؛ لأجلها اختلفا حروفاً أوهيئة. عملية استخراج لفظ من لفظ آخر متفق معه في المعنى والحروف الأصلية أوأخذ كلمة من كلمة أخرى أوأكثر مع تناسبٍ بينهما في اللفظ والمعنى.
الاشتقاق: هونزع لفظ من آخر أصل له بشرط اشتراكهما في المعنى والأحرف الأصول وترتيبها، كاشتقاق اسم الفاعل " ضارب" واسم المفعول " مضروب" والفعل " تضارب أوضاربَ وغيرها من المصدر"الضرب" على رأي البصريين أومن الفعل "ضَرَبَ" على رأي الكوفيين.
هذا النوع من الاشتقاق هوأصل أنواع الاشتقاق وأكثر أنواع الاشتقاق ورودا في اللغة العربية وأكثرها أهمية. وإذا أطلقت كلمة الاشتقاق فإنها تنصرف إليه ولا تنصرف إلى غيره إلا بتقييد.
وقد تناوله الصرفيون واللغويون على حد سواء، إلا أن علماء الصرف يتناولونه بالبحث من حيث هيئات الكلمات وصورها في الاشتقاق أما علماء اللغة فيبحثون فيه من جهة أخرى؛ أي من حيث اشتراك الكلمتين في الحروف وفي المناسبة بينهما في المعنى دون اهتمام بالحركات والسكون.
ولكن علماء النحووالصرف وضعوا شروطا للاشتقاق ليكون صحيحا. ومن هذه الشروط:
* ليناسب المشتق الأصل في الحروف من حيث العدد والترتيب، والمعتبر المناسبة في جميع الحروف الأصلية، فإن الاستباق من السبق مثلا يناسب الاستعجال من العجل في حروفه الزائدة والمعنى وليس مشتقا منه بل من السبق.
* ليوافق المشتق الأصل في المعنى إما مع زيادة " كالضرب " فإنه للحدث المخصوص والضارب فإنه لذات ما له ذلك الحدث، وإما بدون زيادة كاشتقاق الضرب من ضرب على مذهب الكوفيين
* في المشتق كان اسما أوفعلا فلا بد من أن يكون له أصل؛ لأن المشتق فرع مأخوذ من لفظ آخر ولوكان أصلا في الوضع غير مأخوذ من غيره لم يكن مشتقا، ولكن ما هوهذا الأصل المشتق منه ؟ أهوالمصدر أم الفعل ، أم شيء آخر. في ذلك خلاف بين العلماء ونذكر هنا بالاختصار هذا الخلاف بين البصريين والكوفيين.
اختلف البصريون والكوفيون في أصل الاشتقاق. فالبصريون يرون أن أصله هوالمصدر في حين يرى الكوفيون أن الفعل أصل الاشتقاق. واحتج كل فريق بأدلة. وأما حجج البصريين فهي :
سمي المصدر مصدرا لصدور الفعل عنه.
* المصدر يدل على شيء واحد أي الحدث، أما الفعل فيدل بصيغته على شيئين وهما الحدث والزمان المحصل، بما أن الواحد أصل الاثنين فالمصدر أصل للفعل.
* المصدر يدل على زمان مطلق أما الفعل فيدل على زمان معين بما أن المطلق أصل للمقيد، فالمصدر أصل للفعل.
* المصدر اسم والاسم يقوم بنفسه ويستغنى عن الفعل. هذا والفعل لا يقوم بنفسه بل في حاجة إلى الاسم ولا يستغني بنفسه، وما لا يفتقر إلى غيره أولى بأن يكون أصلا مما لا يقوم بنفسه.
* المصدر مثال واحد نحو: الضرب والفعل له أمثلة وصيغ مختلفة. وهذا أهم حجج الكوفيين:
* المصدر يذكر تأكيدا للفعل نحو: ضربت ضربا ورتبة المؤكّـَد قبل رتبة المؤكّـِد.
* هناك أفعال لا مصادر لها مثل: أفعال المدح والذم والتعجب ... فلوكان المصدر أصلا لما خلا من هذه الأفعال لاستحالة وجود الفرع من غير أصل.
* يعمل الفعل في المصدر نحو: ضربت ضربا. وبما أن رتبة العامل قبل رتبة المعمول وجب أن يكون المصدر فرعا عن الفعل.
* إن المصدر يصح لصحة الفعل ويعتل لاعتلاله مثل: ذهب ذهابا / رمى رميا.
هذا وقد تضاربت الآراء في حجم الدائرة التي يشملها الاشتقاق من الكلم:
* بعضهم يرون أن الكلم بعضه مشتق وبعضه غير مشتق. فمثلا قال الدكتور صبحي الصالح: أما الرأي العلمي الجدير بأن ننتصر له، فهوما ذهب إليه المؤلفون في الاشتقاق كقطرب، الأصمعي، الأخفش، ابن دريد، الزجاج، الرماني وابن خالويه من أن بعض الكلم مشتق وبعضه غير مشتق. كما قال السيوطي: " اختلفوا في الاشتقاق الأصغر؛ فقال سيبويه، والخليل، وأبوعمرو، وأبوالخطاب، وعيسى بن عمر، والأصمعي، وأبوزيد، وابن الأعرابي، والشيباني، وطائفة: بعض الكلم مشتق، وبعضه غير مشتق.
* وقالت طائفة أخرى من متأخرين اللغويين: الكلم كله مشتق، ونسب هذا إلى سيبويه والزجاج.
* قال ابن فارس: " باب القول على لغة العرب هل لها قياس، وهل يشتق بعض الكلام من بعض؟ أجمع أهل اللغة - إلا من شذ منهم - أن للغة العرب قياساً، وأن العرب تشتق بعض الكلام من بعض، وأن اسم الجن مشتق من الاجتنان، وأن الجيم والنون تدلان أبداً على الستر، تقول العرب للدرع: جُنَّة، وأجَنَّه الليل، وهذا جنين، أي هوفي بطن أمه أومقبور، وأن الإنس من الظهور؛ يقولون: آنَسْتُ الشيء: أبصرته.
وعلى هذا سائر كلام العرب، علم ذلك من علم وجهله من جهل. قلنا: وهذا - أيضاً - مبني على ما تقدم من قولنا في التوقيف؛ فإن الذي وقفنا على أن الاجتنان التستر هوالذي وقفنا على أن الجن مشتق منه.
* وطائفة قليلة من الباحثين القدامى قالوا: إن الكلم كله أصل وليس منه شيء اشتق من غيره.
والرأي الأرجح أن نقول: إن أصل الاشتقاق ليس واحدا بل الصحيح أن العرب اشتقت من الأسماء والأفعال والحروف لكن بدرجات متفاوتة. وأكثر ما اشتق منه الأفعال ثم الأسماء ثم الحروف، وهذا ما يراه عدد من الباحثين المحدثين.
الاشتقاق خمسة أقسام: الاشتقاق الصرفي (الصغير)، الكبير، الأكبر، الإبدالي والكُبَّار. الاشتقاق الصرفي (وهوما يسميه ابن جني بالصغير أوالأصغر)
وهوأخذ كلمة من أخرى بتغيير في الصيغة مع تناسبهما في المعنى واتفاقهما في حروف المادة الأصلية وترتيبها. أوبعبارة أخرى "ذلك أخذ الكلمات من المادة بوساطة إقحام الحركات فى الصوامت سواء اقتصرنا على هذا الإقحام أي التحول الداخلي أوأضفنا إلى استخدام طريقة الإلصاق".
من هذا الاشتقاق، اشتقاق صيغ الأفعال من المجرّد والمزيد وكذلك اشتقاق المشتقات المشهورة وهي: اسم الفاعل، اسم المفعول، الصفة المشبهة، اسم التفضيل، اسما الزمان والمكان واسم الآلة. واشتقاق غير هذه الأسماء المشتقة مثل:
ضرب، أضربَ، ضاربَ، تضرَّب، تضاربَ، استضرب، ضاربٌ، ضرَوُب، مضروب، مِضْرَب، مِضْراب، ضرَّاب و... إلخ. فهذه المشتقات وغيرها من مادة " ض رب" احتفظت بترتيب حروفها ومعناها سارٍ في جميع ما يشتق منها. وقد أخذت من مصدر الضَّرْب والمصدر هوأكبر أصول الاشتقاق في العربية.
الاشتقاق الكبير(القلب اللغوي أوالمكاني)
وأما الاشتقاق الكبير فهوأن يكون بين الكلمتين اتفاق في حروف المادة الأصلية من دون ترتيبها وتناسب في المعنى أوبالأحرى أن نقول: به نحصل على جذور مختلفة من مادة ذات صوامت مشتركة بوساطة التقليب. مثل:
كتب / كبر / ربك / ركب / بكر / برك ذهب ابن جنِّي إلى أن لتقاليب حروف المادة الواحدة معنى جامعاً يسري في جميع ما تصرّف منها، وعقد لذلك باباً سماه الاشتقاق الأكبر وللمادة الثلاثية 6 تقاليب، وللرباعية 24 تقليباً، وللخماسية 120 تقليباً. فمادة (ج ب ر) تدل تقاليبها:
ج ب ر/ ج ر ب / ب ج ر/ ب ر ج/ ر ج ب/ ر ب ج على القوة والشدة،
وتقاليب (ق س و) للقوة والاجتماع،
وتقاليب(م ل س) للإصحاب والملاينة.
الاشتقاق الأكبر(الإبدال اللغوي)
وأما الاشتقاق الأكبر فهوأن يكون بين الكلمتين تناسب في المعنى واتفاق في بعض حروف المادة الأصلية وترتيبها سواء أكانت الحروف المتغايرة متناسبة في المخرج الصوتي أم لم تكن.
وبه نحصل على تنوعات من الجذور بوساطة تغيير أحد الصوامت الأصلية. مثل: نبأ / نبت / نبح / نبذ / نبر/ نبز/ نبس / نبش / نبض / نبط وغير ذلك من الألفاظ التي أوردها الذين يعتقدون بالثنائية المعجمية، وهي أن الأصل في الألفاظ العربية ثنائي ولا ثلاثي كما يرون أن الحرف الثالث يزاد تنويعاً للمعنى العام الذي يدل عليه الأصل الثنائي.
ويتميز الاشتقاق الأكبر أوالإبدال اللغوي عن الإبدال الصرفي الواقع لضرورة صوتية، فالإبدال الصرفي هوإبدال صوت من كلمة بصوت آخر، يقع عادة بين الأصوات المتقاربة في الحيز والمخرج كإبدال الواوألفا في صام وأصلها من صوم ، والتاء طاء في اصطلح وأصلها اصطلح واختلف النحاة في عدد حروفه.
أما الإبدال اللغوي فهوأوسع من حيث الحروف ويشمل حروفا غير موجودة في اللفظ الأول، واختلفوا في القدر، فمنهم من قال: يشمل جميع حروف الهجاء وضيق مجاله آخرون بأن تكون الحروف متعاقبة متقاربة المخرج.
ومن أمثلة الاشتقاق الأكبر:
صهل / زأر / سعل. فهذه الأفعال الثلاثة كل منها يدل على صوت. صهل يدل على صوت الحصان، زأر يدل على صوت صوت الأسد، سعل يدل على صوت الإنسان.
ونلاحظ بالمقارنة بين كل منها وما يقابله أن (ص ز س ) أحرف صفيرية و(الهاء، والهمزة، والعين) أحرف حلقية واللام المشتركة في فعلين أخت الراء في الفعل الثالث (زأر) فهي انحرافية.
الاشتقاق الأكبر وأول من قال به ابن جني؛ حيث قال في الخصائص:
باب في الاشتقاق الأكبر
هذا موضع لم يسمِّه أحد من أصحابنا، غير أن أبا علي - رحمه الله - كان يستعين به، ويخلد إليه، مع إعواز الاشتقاق الأصغر، لكنه - مع هذا - لم يسمِّه، وإنما كان يعتاده عند الضرورة، ويتروح إليه، ويتعلل به. وإنما هذا التلقيب لنا نحن، وستراه، فتعلم أنه لقب مستحسن، وذلك أن الاشتقاق عندي على ضربين: كبير وصغير.
ثم عرف الصغير - كما مر - وعرف الكبير، وسماه الأكبر حيث قال: وأما الاشتقاق الأكبر فهوأن تأخذ أصلاً من الأصول الثلاثية، فتعقد عليه وعلى تقاليبه الستة معنى واحداً، وتجتمع عليه التراكيب الستة، وما يتصرف من كل واحد منها عليه. وإن تباعد شيء من ذلك عنه رُدَّ بلطف الصنعة والتأويل إليه".
الملاحظة: هذان الاشتقاقان الكبير والأكبر ليسا قياسيين وهما غير معتمدين في اللغة ولا يصح أن يستنبط بهما اشتقاق.
أوالأفضل أن نقول: إن الاشتقاق الصغير يهمّ الصرفي والكبير والأكبر يهمّان اللغوي. الاشتقاق الابدالي
وهواتفاق المشتق والمشتق منه في بعض الحروف واختلافهما في بعضها لكن يشترط في الحرفين الذين يختلفان فيه أن يكونا من مخرج واحد في الجهاز الصوتي ـ وإن لم يعتقد به العلماء كلهم ـ مثل: نعق الغراب ونهق الحمار اذ يختلفان في حرفي العين والغين ويدلان على معنى متقارب بحيث كلاهما يدلان على الصوت.
الاشتقاق الكُبَّار
وذلك ما يعرف بـالنّحت، وهوأخذُ كلمة من بعض حروف كلمتين أوكلمات أومن جملة مع تناسب المنحوتة والمنحوت منها في اللفظ والمعنى. مثل:
بَسْمَلَة / سَبْحَلَة / حَيْعَلَة: من بسم الله الرحمن الرحيم، وسبحان الله، وحي على الفلاح. أومن المركَّب العلمُ المضاف المشتق المنسوب مثل:
عَبْشَميّ / عَبْدريّ / مَرْقَسيّ في النسبة إلى عبد شمس وعبد الدار وامرئ القيس إن النحت طريقة من طرائق توليد الألفاظ، مع أنه قليل الاستعمال في اللغة العربية ولكنه شائع في غيرها من اللغات الهندية الأوربية،على عكس الاشتقاق الذي هوالقاعدة الأساسية في توليد الألفاظ في اللغة العربية (للمزيد من الفائدة في هذا المنطلق راجع مقالي تحت عنوان: ظاهرة النحت في اللغة العربية، المنشور في نفس هذه المجلة، ديوان العرب).
الاشتقاق في اللغة العربية أساس كلماتها وتوليد ألفاظها الجديدة، غير أن الصرفيين لاستئناسهم بالأفعال المشتقة مدة طويلة قرروا منع الاشتقاق من الجامد. ودراسة المحدثين لهذه الظاهرة أثبتت أن العرب اشتقت من الجامد بكل أقسامه. وسار الكتاب والمؤلفون عبر العصور على هذا النهج. وهذا الاشتقاق كثير في العربية المعاصرة من مثل: قبرصة (قبرص)، أمركة (أميركا)، أدلجة (أيدولوجية). كما يكثر اشتقاق الأفعال التالية: تمحور وتموضع وتموسم ومذهبَ ومنهجَ وتمركز، على شاكلة ما عرفته عربية عصر الاحتجاج وما بعده من أمثال: تمذهب وتمدرع وتمنطق وتمندل وتمسكن.
كما يعتقد الدكتور فاروق مواسي في كتابه القيم " من أحشاء اللغة " في مثل هذه الاشتقاقات هوأن فيها جرأة لغوية تستحق الاهتمام ويمكن الاقتداء بها، ولكن بشرطين:
* ألا تنافس معنى آخر، لأن اللغة بحاجة إلى تحديد وتدقيق، فلا نقول مثلا (تطيّر) بمعنى ركب الطائرة،(تشمم) بمعنى اشترى الشمام، لأن هناك المعنى الآخر المعروف.
* ألا يسبب ذلك إلى التقعر اللفظي أوالسخرية في اختيار اللفظة الجديدة، نحوفكسست (أرسلت فاكسًا) فالأفضل فكسلت. أؤيد التجديدات إذا وردت في سياقها، فما المانع من معجن، مأسس، تمأسس، تمخطر، تمصرف.... فوائد الاشتقاق وأغراضه
إن الاشتقاق يكتسب أهمية بالغة في اللغة العربية ، بل ذهب بعضهم إلى وجوب تقدم تعلمه على علم النحو؛ أي علم التصريف ، وهونوع من أنواع الاشتقاق بل هوأهمها وأكثرها ورودا . وفي ذلك يقول ابن جني:" فالتصريف إنما هولمعرفة أنفس الكلم الثابتة، والنحوإنما هولمعرفة أحواله المتنقلة، ألا ترى أنك إذا قلت : قام بكر، ورأيت بكرًا، ومررت ببكرٍ فإنك إنما خالفت بين حركات حروف الإعراب لاختلاف العامل ولم تعرض لباقي لكلمة وإذا كان كذلك فقد كان من الواجب على من أراد معرفة النحوأن يبدأ بمعرفة التصريف؛ لأن معرفة ذات الشيء الثابتة ينبغي أن يكون أصلا لمعرفة حاله المتنقلة، إلا أن هذا الضرب من العلم لما كان عويصا صعبا بدئ قبله بمعرفة النحوثم جيء به بعد ليكون الارتياض في النحوموطئا للدخول فيه، ومعينا على معرفة أغراضه ومعانيه وعلى تصرف الحال".
وبما أن اللغة العربية في حاجة ماسة إلى هذا العلم للتوسع، رأينا من الواجب أن نركز عليه إضافة إلى أنواع المشقات المذكورة أعلاه وهواشتقاق الكلمات والألفاظ من غير المصدر والفعل وأكثرت العرب من هذا النوع من الاشتقاق. ورأى مجمع اللغة العربية بالقاهرة قياسية هذا الضرب من الاشتقاق لشدة الحاجة إليه في العلوم. ومن هذه الكلمات العربية المركبة مجموعة كبيرة، نأخذ منها على سبيل المثال والزيادة في العلم ولا على سبيل الحصر. * أكثرت العرب الاشتقاق من أسماء الأعيان كالذهب والجمل والبحر والنمر والإبل والخشب والحجر والبغل، فقالوا: ذَهَّب / تجمّل/ أَبْحَرَ / تَنَمَّر / تأبَّل / تخشَّب / استحجر/ تبغـّل.
قال مجمع اللغة العربية: اشتق العرب كثيراً من أسماء الأعيان، والمجمع يجيز هذا الاشتقاق للضرورة في لغة العلوم، ثم رأى التوسع في هذه الإجازة بجعل الاشتقاق من أسماء الأعيان جائزاً من غير تقييد بالضرورة. واشتقوا من أسماء الأعيان المعرَّبة كالدرهم والفهرس، فقالوا: دَرْهَمَ وفَهْرَسَ، ويقال من الكهرباء والبلّور: كَهْرَبَ وبَلْوَرَ. كما وضع هذا المجمع قواعد الاشتقاق من الاسم الجامد العربي والاسم الجامد المعرَّب. وقرر كذلك أنه تصاغ مَفْعَلة قياساً من أسماء الأعيان الثلاثية الأصول للمكان الذي تكثر فيه هذه الأعيان، سواء أكانت من الحيوان أم من النبات أم من الجماد، فيقال: مَبْقَرة ومَلْبَنة ومأسدة.
* كما استعملت العرب المصدر الصناعي بقلة وأخذته من أسماء المعاني والأعيان كالجاهليّة والإنسانيّة والفروسيّة والألوهيّة. رأى المجمع أيضا قياسية صنع هذا المصدر لشدة الحاجة إليه في العلوم والفنون حيث قال: إذا أريد صنع مصدر من كلمة يزاد عليها ياء النسب والتاء، فيقال: الاشتراكية والجمالية والرمزية والحمضية والقلوية.
* اشتقت العرب أيضاً من أسماء الأعضاء، فقالوا: رَأَسَه / أَذَنَه / عَانَه: إذا أصاب رأسه وأذنه وعينه. رأى المجمع أن هذا الاشتقاق قياسي، فقال: كثيراً ما اشتق العرب من اسم العضوفعلاً للدلالة على إصابته... وعلى هذا ترى اللجنة قياسيته.
* واشتقت العرب أيضا من أسماء الزمان، فقالوا: أَصَافَ / أخْرَفَ / أضحى/ أَرْبَعَ / أَصْبَحَ / أمسى: إذا دخل في الصيف والخريف والضحى والربيع والصباح والمساء.
* كما اشتقت من أسماء المكان، فقالوا: خرْسَنَ / أَنْجَدَ / أعرق / أَتْهَمَ / أعمنَ / أَشْأَم: إذا أتى خراسان ونجداً والعراق وتهامة وعمان والشأم.
* واشتقت من أسماء الأعلام، فقالوا: تَنَزّر / تَقَـيّس / تأمرك: إذا انتسب إلى نزار وقيس وأمريكا.
* الاشتقاق من الكلمات المعرّبة، فقالوا مثلا: كَهْربَ / المُكَهْرب من الكهرباء جَورَبَ من الجَوْرَب دبّجَ من الديباج التأكْسُد / تُأكسَدَ الفلزّ أوالمعدن من الأكْسِدة التمغنُط من المغْنِطيس/ المُمغْنط (اسم المفعول) / المَغْنَطة
* وأيضا اشتقت من أسماء الأعداد، فقالوا: أحّدته أي حسبته واحدا / ثنَّيته أي جعلته اثنين / ثَلَثْت القوم أي صرت لهم ثالثاً.
* واشتقت من أسماء الأصوات، فقالوا:
فَأْفَأَ أي ردّد الفاء / جَأْجَأَ بإبله: إذا دعاها لتشرب بقوله: جئ جئ. * واشتقت من حروف المعاني، فقالوا:
سوّف / لاَلَى / أَنْعَمَ: إذا قال: سوف ولا ونعم.
إنَّ ثبات حروف المادة الأصلية فيما اشتق منها ودلالة المشتقات على معنى المادة الأصلي مع زيادة فيه أفادته صيغتها بجعل ألفاظ اللغة مترابطة أشد الترابط . وعلى هذا النوع من الاشتقاق يقوم القسم الأعظم من متن اللغة العربية، ولهذا هوأكثر أقسام الاشتقاق دوراناً ، وهومما أجمع عليه اللغويون إلا القليلين منهم . ومن خصيصة هذه اللغة هذا الترابط المحكم الذي يحفظه الاشتقاق بين ألفاظ العربية.
وبما أن الاشتقاق طريقة معرفة الأصلي من الزائد من الحروف مثل إقامة من " ق وم "، ومعرفة مادة الألفاظ التي يطرأ التغيير على بعضها كالدعاء من " د ع و"، ويميّز به الدخيل في اللغه العربية كالّسرادق والاستبرق فهوأهم وسيلة من وسائل نمواللغة وتوالد موادها وتكاثر كلماتها، وتوليد كلمات جديدة للدلالة على معان مستحدثة. لهذا اتخذ العلماء هذه الوسيلة لنقل العلوم ووضع المصطلحات. هذا القسم من أقسام الاشتقاق وسيلة من وسائل توليد كلمات جديدة للدلالة على معان مستحدثة.
وبما أن ثمرة هذا العلم الجليل التعمق في فهم كلام العرب وبعده فهم كلام الله سبحانه في قرآنه هنا نشير إشارات عابرة إلى بعض المصنفين في هذا العلم وكتاباتهم. من المتقدمين الذين ألفوا في هذا المجال واهتموا به يمكن أن نذكر الأصمعي، أبا الحسن الأخفش، أبا نصر الباهلي، المبرِّد، ابن دريد،الزَّجَّاجي، الزجَّاج، أبا عُبيد البكري الأندلسي، الرماني، أبا جعفر النحاس، وابن خالويه و...ولكن ابن دريد أول من ذكر أصولا كثيرة في كتاباته و، ثمّ أكمل ابن فارس في كتابه معجم مقاييس اللغة كما كان كمن قبلهما للخليل بن أحمد الفراهيدي محاولات كثيرة في هذا المجال. وفي هذا المنطلق سينفع القاريء الكتب التالية:
نزهة الأحداق، العلامة محمد بن علي الشوكاني العلم الخفاق من علم الاشتقاق، صديق خان الاشتقاق والتعريب، عبدالقادر المغربي الاشتقاق، عبدالله أمين من أسرار اللغة، الدكتور إبراهيم أنيس فقه اللغة، الدكتورعلي عبدالواحد فقه اللغة العربية وخصائصها، إميل يعقوب وغيرهم كثيرون. وأخيرا نذكر بعض آراء ابن جني في كتابه القيم في هذا المجال وهوالخصائص:
اشتقوا أسماء للأشياء من أصواتها، نحو:
الخَازِبَازِ، والبَطّ، والوَاقِ، وغَاقِ، وحَاءِ، وعَاء، وهَاءِ (1/514). * المصدر يشتق من الجوهر، كالنبات من النبت، ومن الحرف نحو: اللاّلاَة واللّولاَة (1/417).
* الناقة من التنوق في الشيء وتحسينه، و(الجمل) فَعُلٌ من الجمال، و(الوِشَاء) فَعَالٌ من الوَشْي، وما بالدار دِبِّيج وهوفِعِّيل من الديباج، و(إنسان) فعلان من الإنس. وكلها ألفاظ متلاقية المعنى في الاشتقاق مما أخذت منه (1/159-160).
* اشتقوا اسماً للناقة من لفظ الجمل فقالوا: جُماليَّة، تشبيهاً لها به في شدته وعلوِّ خَلْقه) 1/ 308).
* هَلْمَمْت مشتق من "هَلـُمّ" التي أصلها: ها ولُمَّ (1/287).
* كثر اشتقاق الأفعال من الأصوات الجارية مجرى الحروف، نحو: هاهيت، وسَأْسَأْتُ، وشَأْشَأْتُ، وحَأْحَأْتُ، وحَاْحَيْتُ، وعَاعَيْتُ، وهذا كثير في الزجر(1/514، 421).
* اشتقوا أفعالاً من المركبات، نحو: بَسْملتُ، وهَيْلَلْتُ، وحَوْقَلْتُ (1/5514).
* كثير من الأفعال مشتق من الحروف، نحو: لوْلَيْتَ لي، ولالَيْتَ لي، وسوَفَّ، وجميع تصرفات (ن ع م) إنما هومن حرف الجواب " نَعَمْ " وجميع تصرفات (ب ج ل) إنما هومن " بَجَلْ " بمعنى حسبك (1/417 – 419).
* لواشتققت من الجار والمجرور" بأبي أنت " بعد أن تعتقد تركيبه - اشتقاقاً صوتياً لقلت: بأبأت به بِئْبَاءً وبَأْبَأةً، وصار نحوزلزل زِلزالاً وزلزلة، بل اشتق منه " بِئَب" على وزن عِنَب (1/285-286).
* لا يستنكر أن يكون في الأسماء غير الجارية على الأفعال معاني الأفعال، نحو: مفتاح ومَنْسج، ومُسْعُط، ومنديل، ودار، وحائِش، وحائط، وعاثر؛ فهي من: الفتح، والنسج، والإسعاط، والنَّدْل، والدَّوْر، والحوش، والحَوْط، والعَوَر - وفيها كلها معاني الأفعال الملاقية لها في الاشتقاق (1/158).


فرهاد ديو سالار
الدكتور فرهارد: الأستاذ المساعد بجامعة آزاد الإسلامية - كرج

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 05-04-2012, 01:20 AM   #3
معلومات العضو
عبد الغني رضا

افتراضي

بلاغة الجناس في القرآن الكريم
بقلم : الدكتور أحمد عبد المجيد خليفة
الكلية الجامعية بمكة المكرمة ـ الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى
الجناس في اللغة : مصدر جانس الشيء بالشيء ، أي شاكله ، واتحد معه في الجنس . يقول صاحب لسان العرب : " والجنس أعم من النوع ، ومنه المجانسة والتجنيس ، ويقال : هذا يجانس هذا أي يشاكله ، وفلان يجانس البهائم ولا يجانس الناس ، إذا لم يكن له تمييز ولا عقــل " (1) .
وفي الاصطلاح : " هو أن يتشابه اللفظان في النطق (الحروف ) ، ويختلفان في المعنى . على أن التشابه قد يكون تاما في كل الحروف ، و قد يكون في بعضها دون البعض ."
و الجناس هو لون من ألوان الجمال اللفظي ، له أثر موسيقي قوى على السامع ،ينبع من تكرار الحروف و ترديدها ، و تقابل الألفاظ المتشابهة ، و هو ينشط الذهن و يطرد السآمة ، و يسهم إسهاما كبيرا في إيضاح المعاني و زيادة الإفادة ، وهو ليكون كذلك إلا إذا جاء عفو الخاطر ، وسمح به الطبع من غير أن تبدو عليه لوثة الصنعة والتكلف ، وإلا شوه العبارة ، وأدى إلى التعقيد .
تكلم البلاغيون والنقاد عن الجناس ، وبلاغته فقال فيه الإمام عبد القاهر الجرجاني :" كأنه يخدعك عن الفائدة ، وقد أعطاها ، ويوهمك كأنه لم يزدك وقد أحسن الزيادة ووفاها " (2).
وهذا يعني أن الجناس يحمل عنصر المفاجأة ، وخداع الأفكار ، لأنه يوهم السامع أن اللفظ قد تكرر ولا فائدة سيجنيها من ذلك ، ولكن سرعان ما يدرك ببديهته ، وفكره أنه خُدِعَ ، وأن اللفظ الآخر يحمل معنى آخر غير المعنى المتوقع ، فيكون له أثر حسن في النفس ، ووقع جميل في القلب .
ويقول ابن حجة الحموي : " ويحسن الجناس إذا قلَّ ، وأتى في الكلام عفوا من غير كدٍّ ، ولا استكراه ، ولا بعد ، ولا ميل إلى جانب الركاكة " (3) " فإنك لا تجد تجنيسا مقبولا ، ولا سجعا حسنا ، حتى يكون المعنى هو الذي طلبه ، واستدعاه وساق نحوه ، وحتى تجده لا تبتغي به بديلا ، ولا تجد عنه حولا ، ومن هنا كان أحلى تجنيس تسمعه وأعلاه ، وأ حقه بالحسن وأولاه ، ما وقع من غير قصد من المتكلم إلى اجتلابه ، وتأهب لطلبه " .
ومن أوائل من فطن إلى الجناس عبد الله ن المعتز الخليفة العباسي ، فقد عده في كتابه "البديع " ثاني أبواب البديع الخمسة الكبرى ، وعرفه ، ومثل للحسن والمعيب منه بأمثلة مختلفة (5) .
وقد اختلفت نظرة البلاغيين والنقاد على مر العصور إلى الجناس ، وبيان قيمته الفنية ، فمنهم أبدى إعجابه به ، واعتبره غرة شادنة في وجه الكلام (6) .
ومنهم من عده " من أنواع الفراغ ، وقلة الفائدة ، زمما لا شك في تكلفه .. ولم يحتج إليه ، بكثرة استعماله ، إلا من قصرت همته عن اختراع المعاني " (7) .
وقد شغفت طائفة من الأدباء بهذا النوع البديعي ، فكان في القرن السادس الهجري يؤلف والطباق مذهبا أسلوبيا خاصا ، يتصنعه الشعراء كثيرا ، أما في القرن السابع الهجري فقد أهمل الطباق بعض الأهمال ، واشتدت العناية بالجناس ، وكثرت حوله المؤلفات من أدباء هذا المذهب (8) .وكثرت أنواعه ، وأقسامه حتى أم جلال الدين السيوطي عدَّ أصول أنواع الجناس ثلاثة عشـر نوعـًا تـحت كل نـوع منها عـدة أقسـام ، استخرجها ، وحصرها ، ووصل بها إلى أربعمائة قسم (9) .
وقد وقع الجناس في القرآن الكريم في كثير من آياته . فكان في غاية الروعة ، وقمة الفصاحة ، وزروة البلاغة ، بل كان ضربا من ضروب الإعجاز البلاغي في نظمه ، فهو يعطي للمعاني قوة ، ويضفي على الألفاظ جزالة ، ويسكب في الآذان موسيقا رائعة ساحرة ، ويصنع في القلوب صنيع الغيث في التربة الكريمة .فهو جناس حسن ، غير متكلف ، له بديع الأثر في إبراز المعنى المقصود ، وجمال الأسلوب ، وإيضاح الصورة ، وزيادة تأثيرها ، ويدخل في نفس المتلقي بهجة ومتعة وراحة .
ومن الطبيعي أن لا نجد في كلام القرآن الكريم أو السنة النبوية بعض أنواع الجناس المختلفة ، وتقسيماته المتنوع’ ، التي وصلت إلى أربعمائة قسم كما حصرها جلال الدين السيوطي . لأن أكثر هذه المسميات تنطبق على الشعر ، وليس جميعها مما يدخل في حوزة النثر .
وكما أن هذه التقسيمات وضعت في مراحل متأخرة بدأت في القرن الثالث الهجري حتى القرن التاسع ، ومن ثم فإن المصطلحات البديعية ، وعناصرها قد تكاثرت ، وتعددت ، وتضخمت إلى آماد بعيدة ، فأصابت الإبداع الأدبي بالجمود والتكلف الممقوت ، وأفسدت عليه روحه وجماله في أغلب الأحيان .
ومن ثم فإننا سنعرض لبعض الأمثلة على أنواع الجناس المختلفة من غير القرآن الكريم ، أو السنة المطهرة ، إذا عز الحصول عليها في القرآن الكريم حتى تعم الفائدة .

أقسام الجناس
قلنا أن الجناس في الاصطلاح : هو أن يتشابه لفظان في النطق ، ويختلفان في المعنى ، وقد يكون هذا التشابه تاما فى كل الحروف ، وقد يكون في بعضها دون البعض ، ومن ثم كان الجناس نوعين : جناس تام ، وآخر غير تام .وإليك بيان ذلك :
أولا - الجناس التام
وهو الذي يختلف فيه اللفظان في المعنى ، ويتفقان في أمور أربعة هي : (1) عدد الحروف . (2) نوعها . (3) ترتيبها . (4) هيئتها .
ونذكر من أمثلته في الأسلوب القرآني قوله تعالى يخبر عن جهل الكافرين في الدنيا والآخرة ، إذ عبدوا في الدنيا الأوثان ، وأقسموا في الآخرة بالله أنهم ما لبثوا في الدنيا غير ساعة ، ومقصدهم في ذلك عدم قيام الحجة عليهم ، وأنهم لم ينظروا حتى يعذر إليهم ، فقال سبحانه:
((يوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون )) (10)
فالساعة الأولى : يوم القيامة .والساعة الثانية : هي الساعة الزمنية التي يعرف بها الوقت ، ويتكون من مجموعها الليل والنهار . وبينهما جناس تام ، حيث اتفق اللفظان في عدد الحروف ، ونوعها ، وترتيبها ، وهيئتها .
وقد قسم البلاغيون الجناس التام إلي قسمين :
-جناس تام مركب .
-وجناس تام غير مركب .
أولا – الجناس التام غير المركب :
وينقسم هو أيضا إلي قسمين : أحدهما مماثل ، والآخر مستوفي .
1- الجناس التام المماثل : " وهو من أعلى أنواع الجناس مرتبة " (11) .وهو أن يتفق ركناه في أنواع الحروف، وعددها ، وترتيبها ، وهيئتها من غير تركيب فيها ، ولا في أحدها ، وأن يكونا اللفظان من نوع واحد ، إما اسمين (مفردين ، أو جمعا ، أو مختلفين ) ، أو فعلين ، أو حرفين . (12)
فمن الجناس التام المماثل بين اسمين في الأسلوب القرآني قوله تعالى :
(( ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة ))
ويقول ضياء الدين بن الأثير : " إنه ليس في القرآن الكريم غير هذه الآية فاعرفها " (13) . وقد جانبه الصواب في هذا الرأي ، ففيه آية أخرى ، هي قوله تعالى ( يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار )) (14) .
أي يكاد سنا برقه من شدته يخطف الأبصار ويذهبها . وأن الله سبحانه وتعالى يتصرف في الليل والنهار ويقلبهما ، فيأخذ من طول هذا في قصر هذا حتى يعتدلا ، ثم يأخذ من هذا في هذا فيطول الذي كان قصيرا ، ويقصر الذي كان طويلا ، والله هو المتصرف في ذلك بأمره وقهره وعزته وعلمه .
- فالأبصار الأولى : جمع بصر ، وهو حاسة الرؤيا .
- والأبصار الثانية : جمع بصر ، وهو العلم ، أي لذوي القلوب .

* ونذكر من أمثلة الجناس التام المماثل بين اسمين في الأسلوب النبوي ، قول الحبيب محمد (ص) لما نازع الصحابة جرير بن عبد الله يوم أحد أيهم يقبض زمام ناقة الرسول (ص) ، فقال صلوات الله وسلامه عليه :
((خَلُّوا بين جَرير والجرير )).
-فجرير الأولى : هو ذلك الصحابي الجليل .
-وجرير الثانية : (المعرف بالألف واللام ) تعني زمام الناقة .

  • · ونذكر أيضا من أمثلته في القريض قول الشاعر :

عبّـاس عبّـاسٌ إذا احتدم الوغى
والفضل فضلٌ والربيعُ ربيعُ

** أما الجناس التام المماثل بين فعلين : فإننا لانكاد نعثر في القرآن الكريم والحديث النبوى على مثال لهذا النوع من الجناس ،. ونذكر من ذلك فى غيرهما قولك لصاحبك : (( تمسك بقراءة القرآن ، النار لا تمسك )) . فوقع الجناس هنا بين الفعل ( تمسَّك ) أي إلزم وأحرص ، وبين (تمسك ) الثانية أي لا تلمسك ولا تصيبك النار .
  • · ومن ذلك - أيضا – قولك لمن تحب : (( لو أنك شعرت بنار حبي ، لشعرت )) .
فالجناس التام المماثل هنا بين الفعل ( شعرت ) الأولى ، وهي بمعنى (أحسست ) من الإحساس والشعور ؛ وبين الفعل ( شعرت ) الثانية ، وهي بمعنى ( نظمت الشعر ) .
* أما الجناس التام المماثل بين حرفين : فهو يقع كثيرا في آيات القرآن الكريم ، ونذكر من ذلك قوله تعالى يخبر عن أصحاب الشمال ، وما ينالهم من عذاب في الآخرة :
(( ثم إنكم أيها الضالون المكذبون ، لآكلون من شجر من زقوم ))(15).
- فالجناس هنا وقع بين ( من ) الأولى : " وهي لابتداء الغاية ، وبين (من) الثانية لبيان الشجر وتفسيره " (16) .
* ومنه –أيضا- قوله تعالى : (( وينـزِّلُ مِـنَ السماء مِن جبال فيها من بَردٍ )) –ف (من ) الأولى لابتداء الغاية ، أي ابتداء الإنزال من السماء ، والثانية للتبعيض ؛ أي بعض جبال منها ، والثالثة لبيان الجنس ، لأن الجبال تكون بردا وغير برد )) (18) .
  • · ومنه أيضا قوله تعالى ، يخبر عن حال المؤمين وما أعد لهم في الآخرة من جنات عدن تجرى من تحتها الأنهار : (( أولئك لهم جنَّاتُ عدنٍ تجري من تحتهمُ الأنهارُ يحلونَ فيها مِن أَساورَ مِن ذهبٍ..))(21) .
- فمن الأولى لابتداء الغاية ، والثانية : لبيان الجنس ، أو زائدة ، بدليل قوله : ( وَحُلُّوا أَساورَ ) (22) .
- ومن الثالثة : لبيان الجنس أو التبعيض . (23) .
  • · ونذكر أيضا من الجناس التام المماثل بين حرفين في غير الأسلوب القرآني ، قولك لمن تحب( بالله لا تبكي أمامي ، فإن قلبي بعينيك)).
- فالباء الأولى فى ( بـالله ) هي باء القسم .والباء الثانية في ( بـعينيك ) هي باء الظرفية .
(1) الجناس التام المستوفَـي (بفتح الفاء ) :وهو أن يتفق اللفظان المتجانسان في أنواع الحروف ، وعددها ، وترتيبها ، وهيئتها من غير تركيب فيها ، ويكونا من نوعين مختلفين ، بأن يكون أحدهما اسما والآخر فعلا أو غير فعل .
*ومن أمثلته في القريض بين فعل واسم ، قول الشاعر أبي تمام : -
ما فات من كـرم الزمان فإنـه
يحيـا لدى يـحيى بن عبد الله
- فيحيا الأولى فعل مضارع بمعنى ( يعيش ) . ويحيى الثانية : اسم علم على يحيى بن عبد الله .
  • · ومن ذلك قول الشاعر محمد بن كناسة في رثاء ابنه :
وسميته يحيى ليحيا ولم يكن
إلى رد أمر الله فيه سبيل
  • · ومنه –أيضا_ قول الشاب الظريف في الهجاء :
لاطال صوب الغوادي ساحتي قطنا
ولا رعى الله من في أرضها قطنا
-( فقطن ) الأولى : اسم مكان لبلدة . (وقطن ) الثانية : فعل ماض بمعنى سكن .
  • · ومن الجناس المستوفَى بين فعل وحرف : قولك (( أنَّ الرجلُ أنينًا ، لأنَّـه مريض )) . فـ (أنَّ) الأولى: فعل ماض من الأنين . و (أنَّ) الثانية : حرف نصب .
  • · ومنه –أيضا- قول الشاعر :
علا نجمه في عالم الشعر فجأة
على أنه ما زال في الشعر شاديا
- فالجناس المستوفي في البيت بين الفعل ( علا ) بمعنى (ارتفع ) وبين حرف الجر (على) الثانية .
ثانيا – الجناس التام المركب
وهو ما كان أحد لفظيه مفردا ، والآخر مركبا من كلمة وجزء من كلمة أخرى ، أو من كلمتين ، ولهذا النوع ثلاثة أضرب هي :
الضرب الأول – الجناس المرفو : وهو أن يكون أحد لفظيه مفردا ، والآخر مركبا من كلمة ، وجزء من كلمة أخرى . ومن أمثلته في السعر ، قول الحريري :
المكر مهما استطعت لا تأته
لِتَقتَـنَي السـؤددَ والمـكرمة
-فالجناس في البيت بين كلمة ( المكر ) مضافة إليها جزء من الكلمة التي تليها ( مـه ) والمأخوذة من كلمة ( مهما ) في الشطر الأول من البيت ، وبين كلمة واحدة مفردة ، وهي ( المكرمة ) . ويبدو أثر التكلف واضحا على هذا النوع من الجناس ، وقد ندر أن يقع في الشعر أو النثر ، ويسلم من التكلف والتعقيد ، فهو " لا يخلو من تعسف وعقادة في التركيب " (24) . وإنما هو لون من ألوان إثبات قدرة الشاعر على الإتيان به في شعره ، وأنه لا يعجزه شيء من ذلك . لذلك ندر أن يقع في القرآن الكريم ، والسنة النبوية شيء منه .
* الضرب الثاني : الجناس المتشابة: وهو ما تشابه ركناه ( أي الكلمة المفردة والأخرى المركبة ) خطا ولفظا .ومن ذلك قولك مداعبا صديقك : " إذا أَولـم لنـا أحببناه ، سواء أكل معنـا أو لـم " . فالجناس المتشابه هنا بين كلمة ( أولـم ) وهي فعل أمر من الوليمة ، أي صنع لنا طعاما . وبين ( أو) حرف العطف ، مضافة إليه ( لـم ) حرف النصب والجزم ، بمعنى ( أو لـم يأكل معنا ) .
  • · ومن ذلك أيضا قول الشاعر :
إذا ملك لم يكن ذا هـبة
فدعه فدولته ذاهـبة
فالجناس المتشابه هنا بين (ذاهبة ) مكون من ( ذا ) بمعنى : صاحب ، و (هبة ) أي عطية . وبين ( ذاهبة ) أي : زائلة .
0الضرب الثالث : الجناس الملفوف : وسمي –أيضا- [بالمفروق] (25) وهو ماتشابه ركناه(أي الكلمة المفردة والأخرى المركبة ) لفظا لا خطاً . ومن أمثلته فى الشعر ،قول الشاعر الشاب الظريف :
أتراك بالهجران حين فتكت في
قلبي علمت بما يجنُّ فتكتفِ
- فالجناس المفروق هنا بين ( فتكت في ) ، وبين ( فتكتفِ) . وهما متشابهان لفظا ومختلفان خط، مع الاختلاف في المعنى .
- ومثله –أيضا- بين ( تهذيبها) و بين (تهذي بها ) في قول الشاعر :
لا تعرضن على الرواة قصيدة
ما لم تكن بالغت في تهذيبها
وإذا عرضت الشعر غير مهذب
عدوه منك وساوسا تهذي بها
  • · أو بين كلمة ( النواقيس ) و ( النواى قيسي) في قول آخر :
فقل لنفسك أي الضرب يوجعها
ضرب النواقيس أم ضرب النوى قيسي
- فالنواقيس : جمع ناقوس ، وهو لفظ مفرد ، وقد جانس الشاعر بينه ، وبين مركب من اسم وفعل ، هما ( النوى ) بمعنى : الفراق ، و(قيسى) فعل أمر مسند إلى ياء المخاطبة، من ( قاس يقيس ) . وقد تشابها ركنا الجناس لفظا واختلفا خطا ، واختلفا في المعنى.
*الضرب الرابع : الجناس الملفق : ويكون التركيب في الجزأين معاً .ومن أمثلته في القريض ، قول الشاب الظريف :
عاهدتني أن لا تخون ولنت في
طلبي وفاءك بالعهود ولم تفِ
- فطرفا الجناس في البيت مركب من كلمتين : الأولى-(لمت في ) في عروض البيت ، ومكون من فعل (لمت ) ، وحرف ( فـي ) . والثانية ( ولم تفِ) في ضربه ، ومكون من حرف الجزم (لـم) ، وفعل المضارع المجزوم بها ( تفِ) .
- ومنه قول شرف الدين بن عنين :
خبروها بأنه " ما تصدى "
لسلو عنها ولو " مات صدى "
-ومنه أيضا- قول القاضي عبد الباقي بن أبي حصين :
فلم تضع الأعادي " قدر شاني "
ولا قـالوا فـلان " قد رشاني "
- فطرف الجناس الأول مركب من كلمتين ( قدر) و (شاني ) . والطرف الآخر : مركب من كلمتين ( قد) حرف تحقيق ونصب ، و ( رشاني ) الفعل الماضي المسند له ضمير المتكلم .

الجناس غير التام
ويقال له الجناس الناقص ، والجناس المشبه . وهو ما اختلف فيه ركناه في واحد ،أو أكثر من الشروط الأربعة السابقة التي يجب توافرها في الجناس التام وهي :
(1) نوع الحروف . (2) عددها .
(3) ترتيبها . (4) هيئتها ( حركاتها ) .
وذلك مـع اختلافهما فـي المعنى .
وهو ينقسم وفقا للتعريف السابق إلى أربعة أقسام ؛ تحت كل منها أقسام أخرى كثيرة :
أولا- الاختلاف في هيئة الحروف
وقد قسم البلاغيون هذا القسم الى نوعين :
(1) جناس تحريف . (2) جناس تصحيف .
أولاً : الجناس المحرف: (26) وفيه يختلف طرفا الجناس في حركات الحروف (هيئاتها ) وسكناتها ، مع اتفاقهما في الشروط الثلاثة الأخرى ( عدد الحروف – نوعها – ترتيبها ) سواء كانا من اسمين أو فعلين ، أو فعل ، أو من غير ذلك " (27) .
وقد وقع هذا النوع من الجناس في الأسلوب القرآني وفق ما يتطلبه المعنى ، ولم يكن مقصودا لذاته . ونذكر من أمثلته قوله تعالى ن يخبر عن الأمم الماضية بأنه سبحانه أرسل فيهم منذرين ، ينذرونهم بأس الله ، ويحذرونهم نقمته ممن كفر به وعبد غيره ، وتمادوا في تكذيب رسله فأهلك المكذبين ، ونجى المؤمنين ونصرهم ، فقال :
(( ولقد أرسلنا فيهـم مُنذِرِينَ ، فانظر كيف كان عاقبة الـمُنذَرِينَ )) (28) .فوقع الجناس في هذه الآية بين ( منذرين ) الأولى ، وهي اسم فاعل ( مكسور ما قبل الآخر ). ويقصد بها هنا الفاعلون ، وهم الرسل ( عليهم الصلات والسلام ) . وبين ( منذرين ) الثانية ، وهي اسم مفعول ( مفتوح الذال ) ، وهم المفعولون ، من وقع عليهم الإنذار . فاللفظان مختلفان في حركات الحروف فقط مع توافر الشروط الثلاثة الأخرى .
  • · ومن ذلك –أيضا- قوله تعالى ، يخبر أنه سبحانه عاوض من عبادة المؤمنين عن أنفسهم ، وأموالهم إن بذلوها في سبيله بالجنة فقال : (( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون .. )) (29) .
وهذا من فضله وكرمه وإحسانه ، فإنه قبل العوض عما يملكه بما تفضل به على عبيده المطيعين له ، وقوله " يقاتلون في سبيل الله ويقتلون ويقتلون " أي : سواء قَتَلوا أو قُتِلوا أو اجتمع لهم هذا وهذا فقد وجبت لهم الجنة .
- فالجناس المحرف في الآية الكريمة وقع بين ( يقتلون) و ( يقتلون) وهو وقع بين فعلين .
* ومنه –أيضا – قوله تعالى على لسان سيدنا إبراهيم لضيفه ، عندما بشروه بإسحاق (عليه السلام ) رغم كبر سنه وكبر زوجته ، بأنه ليس يقنط ، ولكن يرجوا من الله الولد ، وإن كان قد كبر ، وأسنت امرأته فإنه يعلم من قدرة الله تعالى ورحمته ما هو أبلغ من ذلك فقال : ( ( ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون )) (30)
- فوقع جناس التحريف في هذه الآية بين ( من ) الأولى الاستفهامية ، وبين ( من ) الثانية الجارة . وقد اتفقت فيهما شروط الجناس التام عدا هيئته .
*ومنه أيضا قوله تعالى يذكر قدرته التامة ، وسلطانه العظيم في خلقه أنواع المخلوقات على اختلاف أشكالها ، وألوانها ، وحركاتها ، وسكناتها من ماء واحد ، فقال : (( والله خلق كل دابة مـن ماءٍ فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ، ومـنهم مـن يمشـي علـى أربـع ، يـخلـق الله ما يشاء إن الله عـلى كـل شيء قدير )) (31) .
فالذي يمشي على بطنه كالحية وما شاكلها ،ومن يمشي على رجلين كالإنسان والطير ، ومن يمشي على أربع كالأنعام وسائر الحيوانات ، ولهذا قال تعالى : " يخلق الله ما يشاء " أي بقدرته لأنه ما شاء كان ولم يشأ لم يكن . (32)
وجناس التحريف هنا وقع بين ( مـن ) الأولى في الآية ، وهي حرف جر ، وبين (مـن ) المتكررة في الآية ، وهي نكرة موصوفة المطلقة على من يعقل ، ومن لا يعقل ، لاختلاطها مع من يعقل في صدر الآية ، لأن عموم الآية يشمل العقلاء وغيرهـم ، فغلب على الجمع حكم العاقل . (33)
ومثله -أيضا – قوله تعال: (( وننزل من السماء مـن جبال )) . فالجناس بين (مـن) الأولى ، وهي لابتداء الغاية ، أي ابتداء الإنزال من السماء ، (ومـن ) الثانية للتبعيض ، أي بعض جبال منها .
ونذكر من أمثلة الجناس المحرف في الأسلوب النبوي ، قول الحبيب محمد (ص) : ((اللهم كما حسَّنت خَلقِي فحسن خُلُقِي )) . فالجناس وقع بين ( خَلقِي ) و ( خُلُقِي ) . فالحروف هنا متساوية في اللفظتين ، زفي تركيبهما ، ونوعها ، ولكنها مختلفة في هيئتها
* ومثله أيضا قوله( صلى الله عليه وسلم ) حيث وقع الجناس بين ( صلوا ) و ( صلوا ) في قوله أول ما وصل إلى المدينة المنورة لأصحابه : (( أفشوا السلام ، وصلوا الأرحام ، وصلوا والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام)) .
ثانيا - الجناس المصحف : ومنهم من يسميه جناس الخط ، وهو ما تماثل ركناه خطا واختلفا لفظا . أو بعبارة أخرى هو ما اختلـف فيـه ركناه في ( نقط الحروف ) .
ومن أمثلته في الأسلوب القرآني ، قوله تعالى يخبر عن الأخسرين أعمالا : (( الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا )) (34).
- فالجناس المصحف وقع في الآية الكريمة بين ( يحسنون ) و ( يحسبون ) .
-ومنه - أيضا - قوله تعالى ، على لسان سيدنا إبراهيم ( عليه السلام ) :
(( والذي هو يُطعمني ويسقينِ ، وإذا مرضت فهو يشفين )) (35) .
-أي لا أعبد إلا الله الذي هو رازقي ، بما سخر ، ويسَّر من الأسباب التي تؤدي إلى رزق العباد طعاما وشرابا ، والذي إذا قدَّرَ مرضي ، فمرضت ، فهو الذي يقدر الشفاء ، فأشفى ، ولا يقدر على شفائي أحد غيره ، بما قدره من الأسباب (36) .
-فجناس التصحيف هنا وقع بين ( يسقين ) و (يشفين ) .
-ومن أمثلة ذلك في الأسلوب النبوي ، قول المصطفى ( عليه الصلات والسلام) وقد جانس جناس تصحيف بين ( ارتجلت ) و (ارتحلت ) في قوله: (( .. ألا و أن الدنيا قد ارتحلت مدبرة ، وأن الآخرة قد ارتجلت مقبلة )) .
* ومثله أيضا قوله (ص) : (( عليكم بالأبكار فإنهن أشد حبًّا ، وأقل خِبًّا )) .
- فجانس (ص) بين ( حُبًّا ) و ( خِبًّا ) أي خداعا .
  • · ومنه -أيضا -قوله (ص) لعلي بن أبي طالب ( كرم اله وجهه ) : (( قصر ثوبك فإنه أنقى ، وأتقى ، وأبقى )) .
  • · ومنه أيضا قوله (ص) حين سمع رجلا ينشد علي سبيل الافتخار ، وقيل : سأله عن نسبه ، فقال :
إني امرؤ حميريّ حين تنسبني
لا من ربيعه آبائي ولا مضر
فقال له النبي (ص) : (( ذلك والله ألأم لجدك ، وأقل لحدِك )) .
  • · ومنه قول عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه) : (( لو كنت تاجرا ما اخترت غير العطر ، إن فاتني ربحه لم يفتني ريحه )) .(37) .
- فالجناس المصحف هنا وقع بين ( ربحه ) و ( ريحه ) .
ثانيا - الاختلاف في أنواع الحروف
وقد يكون الاختلاف في حروف متقاربة في المخرج ، فيطـلقـون عليـه
( الجناس المضارع ) أو في حروف متباعـدة الـمخارج فيطلقون عليه (الجناس اللاحق ) .
(1) الجناس المضارع : وهو أن يختلف طرفا الجناس في حرف من حروفهما مع التقارب في المخرج بين الحرفين . ومن أمثلته في الأسلوب القرآني ، قوله تعالى ، يخبر عن المشركين بأنهم ينهون الناس عن اتباع الحق ، وتصديـق الـرسول ، والانقياد للقرآن ، ويبتعدون عنه ، فلا ينتفعون ولا يدعون أحدا ينتفع : (( وهم ينهون عنـه ، وينأون عنـه وإن يُهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون )) (38) . وهم بهذا الصنيع لا يهلكون ألا أنفسهم ، ولا يعود وبالهم ألا عليهم وهم لا يشعرون . (39)
- فالجناس في الآية الكريمة وقع بن ( ينهون ) و ( ينأون ) والحرفان الذي وقع بينهما الخلاف ( الهاء )و(الهمزة ) وهما متقاربان في المخرج لأنهما من مخرج(الحلق).
* ومنه - أيضا- قوله تعالى يخبر عن قريش والعرب أنهم أقسموا بالله جهد أيمانهم ، قبل إرسال الرسول إليهم ، لـئـن جاءهم نذير : (( ليكـونـُنَّ أَهـدى مـن إحدى الأمَمِ )) (40) . فالجناس هنا بين ( أهدى ) و ( إحدى).
*ومنه قوله تعالى يقسم بالنجوم تخنس بالنهار ، وتكنس بالليل : (( فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس )) (41) . فالجناس هنا وقع بين ( الخنس ) و ( الكنس ) .
  • · من أمثلة الجناس المضارع في الأسلوب النبوي ، قول الحبيب محمد (ص) : (( الخيل معقود ٌ بنواصيها الخير )) .
- فالجناس وقع بين ( الخيل ) ، و (الخير ) . والحرفان اللذان وقع بينهما الخلاف هما : ( اللام ) ، و ( الراء ) هما حرفان متقاربان في المخرج ، لأنهما من الحروف اللثوية .
(2) الجناس اللاحق : وهـو مـا كـان الـحرفـان المختلفان متباعديـن في الـمخـرج . ومن أمثلته في الأسلوب القرآني ، قوله تعالى يتوعد بالويل للهماز بالقول واللماز بالفعل ، الذي يزدري الناس وينتقص بهم ، فيقول :
(( ويـل ٌ لكل همـزةٍ لـمـزةٍ )) (42) .
- فقد وقع الجناس هنا بين ( همزة ) و ( لمزة ) . وهما مختلفان في أنواع الحروف ، والحرفان اللذان وقعا بينهما الخلاف هما ( الهاء ) ، و( اللام ) بينهما تباعد في المخرج فالهاء من مخرج ( الحلق )، واللام من مخرج (الحنك واللسان ) .
  • · ومثله قوله تعالى :
(( وإنـه على ذلك لشهيدٌ وإنه لحـبِّ الخـير لشديد )) (43) .
أي أن الإنسان على كنوده لشهيد على نفسه ، ولا يقدر أن يجحد ، لظهور أمره ، وقيل إن الله على كنوده لشهيد على سبيل الوعيد . والكنود : الكفور ، أو العاصي ، أو البخيل . وإنه لحب المال وإثارة الدنيا وطلبها قوي مطيق ، وهو لحب عبادة الله وشكر نعمته ضعيف متقاعس ، تقول : هو شهيد لهذا الأمر وقوي له إذا كان مطيقا له ضابطا أو أراد إنه لحب الخير غير هش منبسط ، ولكنه شديد منقبض .(44)
- فالجناس في الآية الكريمة وقع بين ( شهيد ) و ( شديد ) .
*ومنه - أيضا - قوله تعالى على لسان الملائكة للمكذبين :
(( ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحقِّ وبما كنتم تـمرحون))(45) .
أي هذا الذي أنتم فيه من عذاب ، جزاء على فرحكم في الدنيا بغير الحق ، ومرحكم ، وأشَركم ، وبطركم .
- فالجناس اللاحق في هذه الآية الكريمة وقع بين ( تفرحون ) و (تمرحون ) .
- ومنه أيضا قوله تعلى لحبيبه محمد (ص) : (( فأما اليتيم فلا تنهر ، وأما السائل فلا تنهر )) (46) .
- أي كما كنت يا محمد يتيما فآواك الله فلا تقهر اليتيم أي لا تذله ، وتنهره ، ولكن أحسن إليه ، وتلطف به ، وكما كنت ضالاً فهداك الله ، فلا تنهر السائل في العلم المسترشد .
- فالجناس اللاحق هنا بين ( تقهر ) و ( تنهر ) .
  • · ومنه قوله تعالى ينكر على من يبادر إلى إفشاء الأمور قبل تحقيقها ، فيقول : (( وإذا جاءهم أمرٌ من الأمن أو الخوف أذاعوا به .. )) (47) .
فقد روى مسلم في صحيحه 792 " أن عمر بن الخطاب بلغه أن رسول الله (ص) طلق نساءه فجاء من منزله حتى دخل المسجد فوجد الناس يقولون ذلك فلم يصبر حتى أستأذن على النبي (ص) فاستفهمه : أ طلقت نساءك ؟ فقال : لا . فقلت الله أكبر .. فقمت على بـاب المسجـد فناديـت بأعلـى صـوتي لم يطلـق رسـول الله (ص) نسـاءه ، ونزلت هذه الآية . (48)
- و نذكر من الجناس اللاحق في الأسلوب النبوي قول الحبيب المصطفى (ص):
((إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ، ولا ينزع من شيء إلا شانه))
فقد جانس بين ( زانه ) و (شانه ) ، وحرفا الاختلاف ( الزاي ) وهو لثوي أسناني ، والشين وهي ( غارية ) .
* ومنه أيضا قوله صلوات الله و سلامه عليه :
(( بشر خديـجة ( رضي الله عنها ) ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب )) .
فالجناس هنا وقع بين ( قصب ) و (نصب ) وحرفا الاختلاف ( القاف ) وهي ( لهوية ) ، والنون ( لثوية ) .
* ومنه أيضا قوله (ص) : ((رب تقبل توبتي ، واغسل حوبتي )) .
- فالجناس اللاحق بين ( توبتي ) و (حوبتي ) . والاختلاف فيهما بين حرفي ( التاء) وهي ( أسنانية ) وبين حرف ( الحاء ) وهي من مخرج ( الحلق ) .
ثالثا- الاختلاف في عدد الحروف
إذا اختلف ركنا الجناس في عدد الحروف بزيادة حرف واحد ، أو أكثر في أحدهما ، سواء في أوله أو وسطه أو آخره سمي هذا اللون من الجناس بـ (الجناس الناقص ) لنقصان أحد اللفظين عن الآخر .
ومن أمثلته في الأسلوب القرآني قوله تعالى :
(( والتفت الساق بالساق ، إلي ربك يومئذ المساق )) . (49)
أي إذا التفت ساقه بساقه ، والتوت عليها عند علز الموت . وعن قتادة : ماتت رجلاه فلا تحملانه ، وقد كان عليهما جوالا ، وقيل شدة فراق الدنيا بشدة إقبال الآخرة على أن الساق مثل في الشدة ، وعن سعيد بن المسيب : هما ساقاه حين تلفان في أكفانه و (المساق) أي يساق إلي الله وإلى حكمه.(50) " وذلك أن الروح ترفع إلى السماوات فيقول الله عز وجل : " ردوا عبدي إلى الأرض فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ، ومنها أخرجهم تارة أخرى " كما ورد في حديث البراء الطويل (51) .
- والجناس الناقص في هذه الآيه الكريمة وقع بين ( الساق ) و (المساق ) . فالميم زيادة في اللفظة الثانية عن الأولى .
  • · ومنه أيضا قوله تعالى : (( لقد أرسلنا رُسلنا بالبينات )) (52) .بالبينات أي المعجزات ، والحجج والدلائل القاطعة ،. والجناس هنا وقع بين ( أرسلنا ) و (رسلنا )
*ومنه أيضا قوله تعالى : ((إن ربهم بهـم يومئـذ لخبير )) .(53)
أي أن الله سبحانه وتعالى لعالم بجميع ما كانوا يصنعون ، ويعملون ، ويجازيهم عليه أوفر الجزاء ، ولا يظلم مثقال ذرة . والجناس هنا وقع بين ( ربهم ) و ( بهم ) .
  • · ومنه أيضا قوله تعالى : (( ..ولكـنا كنا مرسلين )) (54) .
  • · ومن الجناس الناقص أيضا قوله تعالى : (( وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قـدر )) (55) .
أي جعلنا الأرض كلها كأنها عيون تتفجر ، وهو أبلغ من قولك فجرنا عيون الأرض ، فالتقى مياه السماء والأرض ( على أمر قد قدر ) على حال قدرها الله كيف شاء ، وقيل في حال جاءت مقدرة مستوية ، وهي أن قدر ما أنزل من السماء كقدر ما أخرج من الأرض سواء بسواء.(56)
- فالجناس الناقص في الآية السابقة ، بين (قد ) و (قدر ) .
*ونذكر من الجناس الناقص في القريض قول الشاعر أبي تمام :
يمدون من أيد عواص عواصم
تصول بأسياف قواض قواضب
- والجناس هنا بين ( عواص ) جمع عاصية ،من عصاه ،ضربه بالعصا : أي السيف هنا ، و بين ( عواصم ) جمع عاصمه ،من عصمه ، أي حفظه و رعاه ، و (الميم ) هنا زائدة عن اللفظة الأولى . وبين (قواض) جمع قاضية ، من قضى عليه قتله ، و (قواضب ) جمع قاضب ، من قضبه قطعه . و(الباء) هنا زائدة في الثانية عن الأولى .
  • · ومن ذلك أيضا قول حسان بن ثابت :
وكنا متى يغز النبي قبيلة
نصل جانبيه بالقنا والقنابل
- فقد جانس بين ( القنا) و ( القنابل ) واحدها قنبلة ، والقنبل ( بفتح القاف ) الجماعة من الناس أو الخيل ما بين الثلاثين إلى الأربعين ونحوه . والزيادة هنا حرفان ( الباء واللام ) في اللفظة الثانية عن الأولى.
رابعا : الاختلاف في التركيب أو الترتيب
وينجم عن هذا الاختلاف نوع من الجناس غير التام يسمى :
الجناس المعكوس : وسمي أيضا جناس ( القلب ) ، وجناس ( التبديل ) ." وهو الذي يشتمل كل واحد من ركنيه على حروف الآخر من غير زيادة ولا نقص ، ويخالف أحدهما الآخر في الترتيب " (57) .
ويمكن أن نقسم هذا الجناس إلى قسمين ، أحدهما - يكون بعكس الحروف أو تبديلها ، أو قلبها . والثاني- يكون بعكس الألفاظ أو تبديلها ، أو قلبها .
(1) الجناس المعكوس بالحروف :
ومثاله في الأسلوب القرآني قوله تعالى : (( .. وكل في فلك يسبحون))(58).
- أي أن الليل والنهار والشمس والقمر كلهم يسبحون أي يدورون في فلك السماء ، كفلكة المغزل ، لا يدور المغزل إلا بها ، ولا تدور إلا به .
- فالجناس المعكوس وقع بين ( كل ف ) وبين ( فلك ) فلو أنك عكست هذا التركيب ، وقرأت من اليسار إلى اليمين في كلمة ( فلك) فإنها ستكون ( كل ف ) .
  • · ومن ذلك أيضا قوله تعالى لحبيبه محمد (ص) آمرا له بتعظيمه :
(( وربـك فـكبر )) (59) .
- فالجناس المعكوس هنا وقع بين ( ربك ) ، و ( كبر ) ، وهو جناس قلب وعكس .
  • · ومنه أيضا قوله تعالى حكاية عن سيدنا هارون لأخيه موسى ( عليهما أفضل السلام ) :
(( .. إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي )) (60).
- أي راعيت ما أمرتك به حيث استخلفتك فيهم .
- فالجناس في الآية وقع بين ( بين ) و ( بني ) .
  • · من الجناس المعكوس بالحروف في الأسلوب النبوي ، قول الحبيب محمد 0ً) :
(( يقال لصاحب القرآن : اقرأ وارق ، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا ، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ )) .
- فالجناس المقلوب وقع بين ( أقرأ ) و ( ارق ) .
*ومنه أيضا قوله ( صلوات الله وسلامه عليه ) :
(( اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا ))
- فبين ( عوراتنا ) و (روعاتنا ) جناس قلب جزئي .
  • · ومنه أيضا قوله (ص) : (( إن لله تعالى في كل محنة منحة )) . فالجناس هنا وقع بين ( محنه ) و ( محنة ) .
ويقول ابن الأثير : " وهذا النوع من الجناس المعكوس [قصد به عكس الحروف ] نادر الاستعمال ، لأنه قلَّ ما يقع كلمة تقلب حروفها فيجيء معناها صوابا " (61) .
(2) الجناس المعكوس باللفظ: (62)
وهو ما يدل عليه قول الحبيب محمد (ص) :
(( جار الدار ، أحق بدار الجار )) .
- وفي هذا الجناس عكست الألفاظ .


الجناس المطلق
عـدَّ البلاغيون الجناس المطلق من بين الأنواع المختلفة للجناس غير التام ، وسماه السكاكي وغيره المتشابه والمتقارب ، لشدة مشابهته وقربه من المشتق (63). بل إن منهم من يسميه بجناس الاقتضاب ، أو جناس الاشتقاق . وقد عرفه البعض بأنه :هة ما " يجمع ركنيه أصل واحد في اللغة ، ويكون بين اسمين وفعلين واسم وفعل " (64) . وقد نفى ابن حجة الحموي أن يكون الاشتقاق من أنواع الجناس ، وفرق بينه وبين الجناس المطلق فقال : " فإن المشتق غلط فيه جماعة من المؤلفين وعدوه تجنيسا ، وليس الأمر كذلك ، فإن معنى المشتق يرجع إلى أصل واحد ، والمراد من الجناس اختلاف المعنى في ركنيه ، والمطلق كل ركن منه يباين الآخر في المعنى " (65) .
ثم قال : " وأنا أذكر لكل واحد منها شاهدا يزول به الالتباس ، فالمشتق كقوله تعالى : (( قل يا أيها الكافرون ، لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم )) (66) . وقيل : إن ما مصدرية ، أي : لا أعبد عبادتكم ، ولا تعبدون عبادتي ، فعلى كل تقدير ، الجمع راجع إلى العبادة ، والمعني في الاشتقاق راجع إلى أصل واحد "
  • · ومنه قوله تعالى : (( ومن شر حاشد إذا حسد )) (67) . وقوله تعالى : (( إذا وقعت الواقعة )) (68) . وقوله تعالى : (( أزفة الآزفة )) (69) . وكقوله تعالى على لسان بلقيس : (( .. وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين )) (70) .
وهو جناس مطلق " لأنه لم يرجع في المعنى إلى أصل واحد ، وهو أعظم شواهد البديعيين على الجناس المطلق " (71) .
-وأرى أن ما يسميه البديعيون بجناس الاشتقاق ، ليس جناسا وإنما يمكن لنا أن نطلق عليه " الملحق بالجناس " لأنه فقد شرط أساسي من شروط الجناس هو " اختلاف المعنى . والمشتق راجع إلى أصل واحد ، فهو ألصق بتسميته بالملحق بالجناس عن أن يكون أحد أنواعه . أما الجناس المطلق فلشدة تشابهه بالمشتق ، يوهم أحد ركنيه ، أن أصلها واحد وليس كذلك ،لقوله تعالى : (( وإن يردك الله بخير فلا راد لفضله )) ( 72) .
- وقوله تعالى : (( ليريه كيـف يـواري سـوأة أخيـه )) ( 73) .
* ومنه ما كتب به إلى المأمون في حق عامل له ، وهو : (( فلان ما ترك فضة إلا فضها ، ولا ذهبا إلا أذهبه ، ولا مالا إلا مال عليه ، ولا فرسا إلا افترسه ، ولا دارا إلا أدارها ملكا ، ولا غلة إلا أغلها ، ولا ضيعة إلا ضيعها ، ولا عقارا إلا عقره ، ولا حالا إلا أحاله ، ولا جليلا إلا أجلاه ، ولا دقيقا إلا دقه )).
-فهذه الأركان هنا شواهد على الجناس المطلق ، ليس فيها ركنان يرجعان إلى أصل واحـد كالمـشتق ، بـل جميـع ما ذكـرناه أسماء أجناس ، وهى محمولة على دم الاشتقاق . (74)

الهوامش والحواشي
(1)
(2) .
(3) .
(4) .
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 05-04-2012, 02:57 AM   #4
معلومات العضو
ابوعامري

افتراضي

جزاك الله الجنه اخي الكريم

ونسال الله ان يرزقنا الجنات النعيم

ولدي سؤال لماذا قال لايختص في دعاء ولماذا قال في الاول فيه دعاء مشتق ارجو التوضيح

لكن اخي اريد لوتكرمت وتلخص الردود لانها كثيره وطويله

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 03:40 AM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com