النذر وقت الغضب
حصلت خصومة بيني وبين أخواتي، فكنتُ غاضباً وقلت علي نذرٌ، صيام شهرٍ، إذا أنا تكلمت مع إحداهن، ولكن مضت الأيام وذهب ما كان بيني وبينهن وحادثتهن بعد ذلك، حيث لا أطيق فراقهن، فهن أخواتي، فهل يجب علي صيام ذلك الشهر الذي لم أعينه، وهل أصومه متفرقاً أم لا بد من التتابع؛ لأنني أعيش في مكة المكرمة والجو بها حار، والنذر وقع مني في حالة غضب؟
إذا كان الواقع كما ذكر فإن هذا النذر ليس قربة، وإنما هو نذر ...وغضب والمقصود منه منع نفسه من الكلام لأخواته، فالحاصل أن هذا النذر في حكم اليمين، فعليك كفارة اليمين ولا يلزمك أيها السائل الصوم، بل هذا من أحكام النذر الذي يسمى نذر اللجاج والغضب، وحكمه أنه في حكم اليمين، فعليك كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، هذه كفارة اليمين، فإذا أطعمت عشرة مساكين غداءً أو عشاءً أو أعطيت كل واحد نصف الصاع من قوت البلد كفى ذلك، أو كسوتهم كفى ذلك، وهكذا لو قال الإنسان: عليه الحج أنه لا يكلم فلان، أو عليه كذا وكذا أنه ما يكلم فلان، هذا كله ما فيه إلا كفارة اليمين، لأنه نذر ... وغضب المقصود منه منع الشيء.
النذر وقت الغضب
~~~~~~~~~~~~~
الوفاء بالنذر
يسأل عن عدة أمور، من بينها يقول: إنه نذر نذراً يوم أن كان مريضاً ومنوَّماً في المستشفى، ولم يقم بتنفيذ ذلك النذر حتى الآن، فماذا عليه؟ جزاكم الله خيراً.
النذر فيه تفصيل: فإن كان نذر طاعة وجب عليه الوفاء إذا استطاع ذلك؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه) خرَّجه البخاري في الصحيح، والله مدح الموفين بالنذر فقال جل وعلا في صفة الأخيار من عباده: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) سورة الإنسان، وقال جل وعلا: وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ (270) سورة البقرة، المعنى فيجازيكم عليه سبحانه وتعالى، فإذا نذر في مرضه إن شفاه الله أن يصوم ثلاثة أيام أن يصوم شهراً أن يصوم أسبوعاً أن يصوم أيام البيض أن يصوم الاثنين والخميس وجب عليه الوفاء، أو قال: لله عليه إن شفاه الله أن يتصدق بمائة ريال بألف ريال وجب عليه الوفاء إذا عافاه الله، أو قال: لله عليه إذا شافاه الله أن يحج أو يعتمر وجب عليه الوفاء إذا استطاع، فإن لم يستطع يبقى في ذمته ديناً حتى يستطيع، وهكذا أشباه ذلك. أما إن كان النذر معصية أو ليس بطاعة فلا يجب عليه الوفاء، المعصية لا يجوز فعلها كأن يقول: إن شفاه الله سوف يشرب الخمر هذا منكر نعوذ بالله قابل العافية بالمعصية، فليس له أن يشرب الخمر وعليه كفارة يمين، أو قال: إن شفاه الله بنا له بيتاً أو زار فلاناً أو ما أشبه ذلك فهو مخير إن شاء فعل وإن شاء كفَّر عن يمينه كفارة يمين، إلا أن تكون الزيارة طاعة لله، كأن يقول: إذا عافاني الله عدت المريض الفلاني أو اصطلحت مع أبي أو مع أخي لأنه بينهما هجرة يوفي بالنذر؛ لأن هذه عبادة قربة يتصل مع إخوانه وأقاربه وترك الشحناء، أو قال: نذرٌ لله علي إن شفاني الله أن أصنع وليمة للفقراء، هذه طاعة لله يفعلها، أما إن كان مباح مثل ما تقدم لو قال: لله علي إن شفاني الله أن أعمر الدار الفلانية أو آكل من اللحم الفلاني أو أصنع الطعام الفلاني بنفسي هذه مباحات إن شاء فعلها وإن شاء كفَّر عن يمينه، أما إن كان النذر مكروه كان يقول: إن شفاني الله وعافاني تركت صلاة الضحى، أو تركت سنة الظهر هذا نذرٌ مكروه يكفِّر عن يمينه عن نذره كفارة يمين ولا يدع صلاة الضحى ولا سنة الظهر مثلاً، وبهذا يعلم أن النذر فيه تفصيل كما سمعت.
الوفاء بالنذر