موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

تم غلق التسجيل والمشاركة في منتدى الرقية الشرعية وذلك لاعمال الصيانة والمنتدى حاليا للتصفح فقط

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > الساحات العامة والقصص الواقعية > ساحة الموضوعات المتنوعة

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 26-03-2011, 01:08 PM   #1
معلومات العضو
الطاهرة المقدامة
إدارة عامة

افتراضي عوامل محبة الله

عائض بن عبدالله القرني
عوامل محبة الله
أما عوامل محبة الله تعالى فهي تحصل بأمور:
من أعظمها نفعاً وأجلها فائدة وقربى وزلفى من الله عز وجل القرآن الكريم؛ لأنه الكتاب العظيم الذي وصّى به صلى الله عليه وسلم.
فلا نجاح للأمة ولا فلاح إلا بتلاوته وتدبُّره، ويوم ترى الأمة تعرض عن القرآن وتأخذ عوضاً عنه، رميها سبحانه وتعالى بالجدل. وعند الترمذي و أحمد عن أبي أمامة مرفوعاً: (ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل) (1) .
تعيش الأمة سخيفة القيم وسخيفة المبادئ والتعاليم يوم تعرض عن القرآن والسنة، فتكون مجالسها عقيمة لا فائدة فيها ولا نفع ولا عائد خير يعود عليها في الدنيا أو الآخرة.
والأمة التي تتلقى ثقافتها من غير القرآن أمة لا عقل لها ولا تدبير ولا مجد؛ ولذلك من استقرأ حياة السلف الصالح في القرون المفضلة وجدهم قد عكفوا على الكتاب والسنة، فكانوا أجدر العصور وأخلص العصور وأصدق العصور وأمجد العصور، عبادة وزهداً وإقبالاً على الله سبحانه وتعالى.
ولما أعرضنا نحن -إلا من رحم الله- عن القرآن ماتت قلوبنا، وفقدنا ذاك النور وذاك الإشعاع وذاك الإقبال على الله عز وجل.
قال تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم: ((وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ)) فمهمته صلى الله عليه وسلم أن يتلو القرآن على الناس؛ ولذلك منع في أول حياته صلى الله عليه وسلم من كتابة الحديث لئلا يتشاغل الناس بالحديث عن القرآن.
في صحيح مسلم عن هشام بن سعد بن عامر رضي الله عنه وعن أبيه وعن جده، فأبوه وجده من الأنصار الذين شهدوا بدراً و أحداً :
تلك المكارم لا قعبان من لبن شيبا بماء فعادا بعد أبوالا

إذا افتخر المسلم فليفتخر ببلائه في الإسلام وبقدمه وبخدمته لهذا الدين، وبرفع لا إله إلا الله.
أما الذي يفتخر بنسبه وأسرته، وعراقته ومنصبه، وجاهه ووظيفته، فهذا كافتخار فرعون وأشباه فرعون إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
قال سعد بن هشام بن عامر : سألت عائشة رضي الله عنها وأرضاها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: [كان خلقه القرآن] (1) .
وهي أبلغ كلمة بعد كلام الله عز وجل في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم.
كان كأنه القرآن يمشي على الأرض.
إذا قرأت القرآن فكأنما تقرأ حياة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
يقول الله له في القرآن: ((وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)).
ويقول له: ((فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)).
ويقول له: ((خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)).
ويقول له: ((لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)).
والرسول صلى الله عليه وسلم علم الصحابة كيف يعيشون مع القرآن بالأحاديث التي لا يقرؤها المسلم إلا ويرنو قلبه إلى المصحف.
في صحيح مسلم عن أبي أمامة رضي الله عنه وأرضاه قال: يقول صلى الله عليه وسلم: (اقرءوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه) (1) ، وإذا شفع لك القرآن فنعمى لك وقرة عين لك، ويا سعادة قلبك.
وعن عثمان رضي الله عنه وأرضاه كما في البخاري ، يقول صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) (1) ، أي والله! خيرنا وأمجدنا وأشرفنا من عاش مع القرآن.
هذه أوسمة أنزلها الله في الأرض، ليست أوسمة أهل التراب ولا أهل المادة الذين يشرفون الإنسان بقدر جاهه أو منصبه أو ولده.
لا.. بل (خيركم من تعلم القرآن وعلمه).
ولذلك كان عليه الصلاة والسلام ينزل الناس على قدر قربهم من القرآن، وكان يكرمهم على قدر حفظهم لكتاب الله عز وجل، وعلى قدر تلاوتهم لكتاب الله.
يقول أنس : (أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم سرية تغزو في سبيل الله.
فسألهم: أيكم يحفظ القرآن؟
فسكتوا.
قال: أيحفظ أحدكم شيئاً من القرآن؟
قال رجل منهم: أنا يا رسول الله.
قال: ماذا تحفظ؟
قال: أنا أحفظ سورة البقرة.


قال: اذهب فأنت أميرهم
) (1) .
هذه مؤهلات الإسلام، وأهل لا إله إلا الله، وأهل الإقبال إلى الله.
ما دام إنك تحفظ سورة البقرة وهي في صدرك وأنت تعيش معها وتعمل بمقتضاها فأنت أمير الجيش.
ويقول جابر رضي الله عنه وأرضاه: [كان صلى الله عليه وسلم يسأل عن القتلى يوم أحد ، فأيهم كان أكثر أخذاً للقرآن قدّمه في اللحد] (1) .
لقد كان القرآن سميرهم رضي الله عنهم، حتى أنك إذا دخلت بيت أحد المهاجرين أو الأنصار لوجدت القرآن معلقاً في البيت ووجدت السيف بجانبه.
سيف يفتح البلاد، وقرآن يفتح القلوب.
ولذلك في حديث أبي موسى أن الرسول صلى الله عليه وسلم سمع قراءته من الليل.
وكان أبو موسى أعجوبة في الصوت، يجري صوته إلى القلوب فيخاطب الأرواح مباشرة.
فخرج صلى الله عليه وسلم ووضع جسمه على شرفة مسجده، ومسجده قريب من بيته صلى الله عليه وسلم، وأخذ يستمع لـأبي موسى وهو يقرأ.
وفي الصباح قال صلى الله عليه وسلم له: (لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود) (1) .
قال: [يا رسول الله أإنك كنت تستمع لي؟
].
قال: (إي والذي نفسي بيده).
قال: [والذي نفسي بيده لو أعلم أنك تستمع لي لحبرته لك تحبيراً] (1) .
يعني جوَّدته وحسنته حتى يكون أكثر تأثيراً وإيصالاً وأكثر عجباً.
والقرآن كله عجب: ((قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا)).
يقول أحد المفسرين: عجباً، حتى الجن يتذوقون القرآن.
ولذلك قالوا كما في سورة الأحقاف في قوله سبحانه وتعالى: ((وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَنْ لا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)).
وكان هذا عندما عاد صلى الله عليه وسلم من الطائف فأخذ يقرأ القرآن في وادي نخلة .
فلما استمع الجن القرآن أسلموا وآمنوا، فرجعوا إلى قومهم منذرين رافعين لا إله إلا الله محمد رسول الله.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب) (1) .
والبيت الخرب الذي تسكنه الغربان والحيات والعقارب.
والقلب الذي لا يسكنه القران يسكنه النفاق والوساوس، والخطرات والواردات، والعشق والوله، والأغاني الماجنات والنظرات السيئات.
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بمنازلهم وبقربهم من القرآن.
فسيّد القراء هو أبي بن كعب من الأنصار رضي الله عنه وأرضاه.
يقول له صلى الله عليه وسلم -وهذا الحديث في الصحيحين -: (إن الله أمرني أن أقرأ عليك: ((لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ))).
الله من فوق سبع سموات يسمي أبي باسمه، وهو صحابي من الصحابة.
أي شرف هذا؟
فقال: (وسمّاني لك؟
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: إي والذي نفسي بيده، فدمعت عينا
أبي .
وقرأ عليه الصلاة والسلام سورة البينة


) (1) .
وفي صحيح مسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يسأل أبي ليمتحن قربه من القرآن وكثرة محفوظاته ومعرفته وفطنته، فقال: (يا أبا المنذر أي آية في كتاب الله أعظم؟
قال: الله ورسوله أعلم، قال: أي آية في كتاب الله أعظم؟
قال: ((
اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)).
فأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم كفه وضرب في صدر أبي وقال: ليهنك العلم أبا المنذر


) (1) .
هذا هو العلم الذي يتسابق عليه، وهذا هو العلم النافع.
فكان سيد القراء رضي الله عنه وأرضاه، حتى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نسي آية في الصلاة فذكره أحد الصحابة بها يسأل أبي بعد الصلاة عنها ليتأكد، لمكانته من القرآن.
أما الرسول صلى الله عليه وسلم فهو شأن عظيم في التأثر بالقرآن والاهتمام به.
عند ابن أبي حاتم في تفسيره في سورة الغاشية أن الرسول صلى الله عليه وسلم مر بامرأة تقرأ في جنح الليل: ((هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ)).
فوضع رأسه صلى الله عليه وسلم على جانب الباب وهي تردد الآية ولا تدري أنه يستمع لقراءتها وتقول: ((هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ)) وتبكي.
وأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم يبكي ويقول: (نعم أتاني، نعم أتاني).
فكان الصحابة يقتبسون تأثرهم بالقرآن منه صلى الله عليه وسلم عندما يرونه يعيش آياته وكأنه يراها.
ذكر ابن كثير في البداية والنهاية في ترجمة عمر أنه مرض من أجل آية حتى عاده الصحابة منها.
وفى بعض الروايات أن هذه الآية هي قوله سبحانه وتعالى: ((وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ * مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ * بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ)).
إذاً.. لا يمكن أن يحب العبد الله حتى يحب القرآن.
ولذلك قال ابن مسعود : [لا يسأل أحدكم عن حبه لله، ولكن ليسأل نفسه عن حبه للقرآن، فإنك كلما أحببت القرآن كلما أحببت الله، وبقدر حبك للقرآن بقدر محبتك لله تبارك وتعالى].
وفي الصحيح أن أسيد بن حضير رضي الله عنه قام يقرأ سورة البقرة، فأخذت فرسه تجول في رباطها وأخيلتها، فقطع صلاته؛ لأن الفرس كادت أن تطأ ابنه بحوافرها.
فنظر فإذا هو بظلة متدلية على رأسه.
فأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم.
فقال صلى الله عليه وسلم: (أو قد رأيتها؟
قال: نعم.
قال: والذي نفسي بيده إن الملائكة نزلت لسماع قراءتك، ولو قرأت حتى أصبحت لأصبح الناس يرونها لا تتوارى عنهم


)، هذا حديث صحيح بنحو هذا اللفظ، أو يشبه هذا اللفظ (1) .
لقد كان ليلهم مع القرآن.
أما نحن فلما ذهبت ليالينا في غير القرآن: في السهر الذي لا ينفع، وفي القيل والقال والجدل المقيت الذي لا ينفع ولا يقربنا من الله، ولا ينفعنا لا في الدنيا ولا في الآخرة، فخسرنا قربنا من الله وابتعدنا كثيراً عن مقامات أولئك القوم الأخيار.
فضاع ليلنا بين الملهيات والمعاصي، وضاع ليلهم بين القرآن والتهجد.
قلت لليل هل بجوفك سر عامر بالحديث والأسرار


فالليل الذي عاشه الصحابة مع القرآن قليل من يعيشه منا مع القرآن.
قال ابن عباس : (بتّ عند خالتي ميمونة ، فأتى عليه الصلاة والسلام فدخل البيت بعد صلاة العشاء وقد نمت في عرض الوسادة.
فقال صلى الله عليه وسلم: نام الغليم؟
وهو قد تناوم وما نام.
قالت: نام.
فأتى الرسول إلى الفراش فذكر الله ودعا الله ثم نام.
قال: حتى سمعت غطيطه (أو خطيطه
(1) )، وهو صوت يحدث النائم إذا استغرق في النوم.
ثم استيقظ صلى الله عليه وسلم، فأخذ يفرك النوم من عينيه ويقول: ((إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)) حتى أكمل العشر الآيات (1) .
ثم قام صلى الله عليه وسلم فخرج خارج البيت، فلحقه ابن عباس بماء وإناء ووضعه عند الباب.
ولما عاد عليه الصلاة والسلام ورأى الماء قال: من وضع لي هذا الماء؟
-يسأل نفسه-. و ابن عباس يحفظ الكلمات التي قيلت في تلك الليلة.
ثم قال صلى الله عليه وسلم: اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل


) (1) .


) (1) .
ثم قام يصلي صلى الله عليه وسلم، وأتى ابن عباس يصلي معه صلى الله عليه وسلم في ليلة طويلة (1) .
لقد كان صلى الله عليه وسلم يقوم بالقرآن حتى لا يستطيع الذي معه إلا أن يمسك نفسه إلى أن ينتهي صلى الله عليه وسلم.
يقول ابن مسعود : [قام صلى الله عليه وسلم في ليلة من الليالي فقمت معه، وقرأ حتى هممت بأمر سوء.
قيل: ما هممت به؟
قال: هممت بأن أجلس وأن أدعه


] (1) !
وقال حذيفة : [صليت مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فافتتح بسورة البقرة فقلت يركع عند المائة، فقرأ وافتتح النساء -على ترتيب مصحف ابن مسعود - فقرأها، فقلت: يركع عند انتهائها، فافتتح سورة آل عمران، فقرأها، يسبح الله عند كل تسبيحة، ويسأل الله من فضله عند كل آية رحمة، ويستعيذ بالله عز وجل عند كل آية عذاب] (1) .
هذه صلاته عليه الصلاة والسلام.
إذاً.. السبب الأول من العوامل التي تقرب العبد من الله سبحانه وتعالى هو تلاوة القرآن، والعيش في ظلال القران، وتدبر القرآن، وتكرار القرآن، والعمل بالقرآن.
السبب الثاني: التجرد عن الدنيا والزهد فيها، وهذا دل عليه حديث ابن ماجة عن سهل بن سعد قال: (أتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس؟
قال صلى الله عليه وسلم: ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس


) (1) .
فمن أجلّ ما يقرّب العبد من الله عز وجل أن يُخْرج حب الدنيا من قلبه.
فإذا أخرج حب الدنيا من قلبه وأسكن حب الله في قلبه أحبه الله.
وحب الله لا ينال إلا أن تكون عبداً لله، والعبودية معناها: الخضوع والذل والاستسلام له سبحانه وتعالى.
ولذلك قال الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في موقف التشريف بالإسراء: ((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى)).
وقال له في الإنذار: ((وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا))، وقال له في الإنزال: ((تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا)).
وميزة السلف الصالح علينا في هذا الجانب أنهم تجردوا من الدنيا، فكانت الدنيا في أيديهم ولم تكن في قلوبهم؛ ولذلك أحبهم الله سبحانه وتعالى.
وكان صلى الله عليه وسلم يحذرهم ويحذرنا نحن كذلك من محبة الدنيا وعبادة الدنيا؛ لأن من الناس من يعبد الدرهم والدينار، ومن يعبد الخميصة والخميلة، ومن يعبد الوظيفة والمنصب.
قال صلى الله عليه وسلم: (تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار، تعس عبد الخميلة، تعس عبد الخميصة، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش) (1) .
لماذا؟
لأنه عبد هواه: ((أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ)).
وقد مرّت معنا كثيراً قصة محمد بن واسع الزاهد عندما كان في جيش قتيبة بن مسلم يرفعون لا إله إلا الله في شرق البلاد الإسلامية.
فأراد قتيبة اختباره أمام القوّاد والوزراء، فقال لهم وبيده كنز من الذهب الذي غنمه من الأعداء كرأس الثور، قال لهم: أترون أحداً يرد هذا لو عرضته عليه؟
قالوا: لا نظن أحداً يزهد في هذا.
فقال: سأريكم رجلاً من أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذهب عنده كالتراب، ادعوا لي محمد بن واسع .
فذهب إليه الجنود ليحضروه للقائد، فوجدوه يسبح الله ويستغفره ويحمده على نصر المسلمين.
فلما دخل على قتيبة أعطاه الذهب.
فأخذه منه.
فبهت قتيبة ! وكان يظن أنه سيرده.
فتغير وجه قتيبة أمام القوّاد والوزراء.
فخرج به محمد بن واسع ، فطلب قتيبة من بعض الجنود أن يراقبوه أين يذهب به؟
وقال: اللهم لا تخيب ظني فيه.
فذهب به فمرّ به فقير يسأل في الجيش فأعطاه إياه بأكمله.
فلما أخبروا قتيبة قال لمن حوله: ألم أقل لكم إن هناك رجلاً من أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذهب عنده كالتراب؟
فهذا هو الزهد.
وأنا قد كررت هذه القصة كثيراً؛ لأنها مؤثرة، ونحن بحاجة إلى التكرار في الخطب والمواعظ والدروس والتربية والتوجيه دائماً لرد الناس إلى الله.
لأنه وجد في الناس من أصبح عبداً للدنيا، حتى أنه لا يستطيع حضور مجالس العلم ولا الدعوة، ولا أن يتفرغ للذكر وتلاوة القرآن بسبب الدنيا.
فنحن بحاجة إلى تكرار هذه الدروس لعل القلوب أن تفيق وتصحو من سباتها وغفلتها.
يقول ابن عمر رضي الله عنهما في البخاري : أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم بمنكبي وقال: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل) (1) . فكان ابن عمر من أكبر زهاد الصحابة في الدنيا، حتى أنه تخلى عن الخلافة وهو أهل لها لو طلبها؛ لأن القلوب مجمعة عليه؛ لكنه تركها لأنه قد عمل بنصيحة الرسول صلى الله عليه وسلم، فأصبح غريباً في الدنيا وعابر سبيل، عما قليل يرحل ويتركها وزخرفها.
والتجرد معناه: أن تأخذ ما ينفعك من الدنيا وألاّ تشغلك وتكون عوناً لك على طاعة الله.
وبعض الناس يعرف الزهد: بأنه التخلي عن الدنيا.
وهذا ليس صحيحاً.
وبعضهم يقول: أن تزهد في الحرام، وهو تعريف نُسب للإمام أحمد .
ولكن كل الناس زهاد إذا كان الزهد على هذا المستوى.
يقول ابن تيمية في تعريف الزهد: الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة.
وأما ما ينفع فإن الزهد فيه ليس بزهد.
السبب الثالث لمحبة الله عز وجل: هو قيام الليل.
ونشكو حالنا إلى الله في قيام الليل.
وصف الله عباده فقال: ((كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)).
وقال سبحانه وتعالى: ((تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)).
وقال سبحانه وتعالى عن مؤمني أهل الكتاب: ((لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ))، فمدحهم بالتلاوة أثناء الليل.
والرسول صلى الله عليه وسلم كان يحث الناس على قيام الليل.
وقيام الليل يحصل ولو بركعتين قبل الفجر، ما يقارب نصف ساعة أو ثلث ساعة، لتكون من الذاكرين الله في تلك الساعة.
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل فيقول: هل من سائل فأعطيه؟
هل من مستغفر فأغفر له؟
هل من داع فأجيبه؟
) (1) ، نزولاً يليق بجلاله، لا نكيفه ولا نمثله ولا نشبهه ولا نعطله.
وهذه الساعة تفوت كثيراً من الناس، ومن فاتته فهو محروم أو مخذول إلا من مرض أو سهر في خير لا بد منه أو سفر.
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (يا عبد الله -يقصد ابن عمرو - لا تكن كفلان كان يقوم الليل ثم ترك قيام الليل) (1) . وهذا الحديث في الصحيح.
ويقول ابن عمر : [كان الصحابة إذا رأى أحدهم رؤيا قصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتمنيت لو رأيت رؤيا فأقصها على الرسول صلى الله عليه وسلم].
قال: [وكنت شاباً أعزب أنام في المسجد لا أهل لي].
فنمت في المسجد فرأيت فيما يرى النائم أن رجلين قد أخذا بيدي وذهبا بي إلى بئر مطوية، فأشرفت عليها فخفت، فقالا لي: لا ترعْ.
فأخذت قطعة من إستبرق أو من الحرير لا أشير بها إلى مكان في الروضة الخضراء إلا طارت بي.
فلما أصبحت أخبرت أختي حفصة زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقصتها على الرسول صلى الله عليه وسلم.
فقال: (نعم العبد عبد الله لو كان يقوم من الليل) (1) .
قال نافع مولاه: فكان ابن عمر لا ينام في الليل إلا قليلاً.
وكان إذا سافر يصلي ثم يقول: يا نافع هل طلع الفجر؟
فإن قال: لا.. استمر في الصلاة، وإن قال: طلع، أوتر بركعة ثم استقبل صلاة الفجر.
والأمور التي تعين على قيام الليل ذكرها أهل العلم، منها:
1- قلة المعاصي في النهار.
قال رجل للحسن : يا أبا سعيد ! لا أستطيع قيام الليل.
قال: قيدتك خطيئتك ورب الكعبة.
2- ومنها الورد الذي علمه الرسول صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب و فاطمة ، وهو التسبيح ثلاثاً وثلاثين، والتحميد ثلاثاً وثلاثين، والتكبير أربعاً وثلاثين (1) .
3- ومن الأسباب كذلك ألا يسهر العبد؛ لأن سهر الناس الآن في غير مرضاة الله إلا من رحم ربك.
وكيف يقوم الليل من يسهر إلى الثانية عشرة والواحدة؟
وهذا الوقت هو وقت القيام عند السلف الصالح.
4- ومن الأسباب التي تعين على قيام الليل: القيلولة في النهار لتستعين بها على القيام وعلى مرضاة الله سبحانه وتعالى.
فقيام الليل سنة من سنن المصطفى عليه الصلاة والسلام، وشعيرة إسلامية لما فاتتنا فاتتنا حرارة الإيمان، وفاتتنا محاسبة النفس، وفاتنا الإقبال على الله عز وجل.
السبب الرابع من أسباب محبته تعالى: التفكر في آياته سبحانه وتعالى: ((إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)).
كلما نظرت إلى شيء دلّك على الله.
وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد


في كل لمحة، وفي كل نظرة، وفي كل شجرة، وفي كل زهرة، وفي كل جبل، آية من آيات الله.
فكم من آية نمرُّ عليها ولا نعتبر إلا من وفقه الله للتفكر: ((أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ)).
التفكير هو أكثر ما يقودك إلى عبادة الله، وهذه عبادة الصالحين الذين يتفكرون في الآيات البينات، ويتفكرون في المخلوقات، ويتفكرون في عجيب خلق رب السموات فيعودون بإيمان ويقين.
وحبذا لو جعلنا رحلاتنا ونزهنا للتفكر في آيات الله، فلا يمر الإنسان بالشجرة إلا وكأنها تكلمه وتقول له: لا إله إلا الله.
فهذا عامل كبير يعين على محبة المولى الذي خلق لنا الأشياء والآيات لنعتبر بها فنزداد قرباً منه.
قل للطبيب تخطفته يد الردى من يا طبيب بطبِّه أرداك






والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

التعديل الأخير تم بواسطة الطاهرة المقدامة ; 26-03-2011 الساعة 01:10 PM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 26-03-2011, 05:31 PM   #3
معلومات العضو
الطاهرة المقدامة
إدارة عامة

افتراضي

جزاك الله الجنة غاليتي لا عدمت مرورك الطيب يا رب
خالص محبتي.

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 27-03-2011, 12:27 AM   #4
معلومات العضو
عبد الغني رضا

افتراضي

بارك الله فيكم وفي علمكم وعمركم أختنا الفاضلة سمارة

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 27-03-2011, 06:45 PM   #6
معلومات العضو
الطاهرة المقدامة
إدارة عامة

افتراضي

بارك الله فيك أخي الطيب محب الله .
بارك الله فيك أختي الطيبة كريمة, لا عدمت حضوركم النقي وجزاكم الله كل خير.

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 03:36 PM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com