عوامل محبة الله
أما عوامل محبة الله تعالى فهي تحصل بأمور:
من أعظمها نفعاً وأجلها فائدة وقربى وزلفى من الله عز وجل القرآن الكريم؛ لأنه الكتاب العظيم الذي وصّى به صلى الله عليه وسلم.
فلا نجاح للأمة ولا فلاح إلا بتلاوته وتدبُّره، ويوم ترى الأمة تعرض عن القرآن وتأخذ عوضاً عنه، رميها سبحانه وتعالى بالجدل. وعند الترمذي و أحمد عن أبي أمامة مرفوعاً: (ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل) (1) .
تعيش الأمة سخيفة القيم وسخيفة المبادئ والتعاليم يوم تعرض عن القرآن والسنة، فتكون مجالسها عقيمة لا فائدة فيها ولا نفع ولا عائد خير يعود عليها في الدنيا أو الآخرة.
والأمة التي تتلقى ثقافتها من غير القرآن أمة لا عقل لها ولا تدبير ولا مجد؛ ولذلك من استقرأ حياة السلف الصالح في القرون المفضلة وجدهم قد عكفوا على الكتاب والسنة، فكانوا أجدر العصور وأخلص العصور وأصدق العصور وأمجد العصور، عبادة وزهداً وإقبالاً على الله سبحانه وتعالى.
ولما أعرضنا نحن -إلا من رحم الله- عن القرآن ماتت قلوبنا، وفقدنا ذاك النور وذاك الإشعاع وذاك الإقبال على الله عز وجل.
قال تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم: ((وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ)) فمهمته صلى الله عليه وسلم أن يتلو القرآن على الناس؛ ولذلك منع في أول حياته صلى الله عليه وسلم من كتابة الحديث لئلا يتشاغل الناس بالحديث عن القرآن.
في صحيح مسلم عن هشام بن سعد بن عامر رضي الله عنه وعن أبيه وعن جده، فأبوه وجده من الأنصار الذين شهدوا بدراً و أحداً : تلك المكارم لا قعبان من لبن شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
)، هذا حديث صحيح بنحو هذا اللفظ، أو يشبه هذا اللفظ (1) .
لقد كان ليلهم مع القرآن.
أما نحن فلما ذهبت ليالينا في غير القرآن: في السهر الذي لا ينفع، وفي القيل والقال والجدل المقيت الذي لا ينفع ولا يقربنا من الله، ولا ينفعنا لا في الدنيا ولا في الآخرة، فخسرنا قربنا من الله وابتعدنا كثيراً عن مقامات أولئك القوم الأخيار.
فضاع ليلنا بين الملهيات والمعاصي، وضاع ليلهم بين القرآن والتهجد. قلت لليل هل بجوفك سر عامر بالحديث والأسرار