ليتكِ لم تنزعي الكمامة
كنت أنظر لعينيها الواسعتين الجميلتين وحاجباها المقوسان اللذين حفا بعناية فائقة ..( ليست دعوة للنمص فإنه أمر منكر منهي عنه ) ولكن هذا لسان حالي وأنا أنظر إليها ..تمنيت كثيراً أن تنزع الكمامة عن وجهها ولو مرة واحدة ..فقد كنت متشوقة جداً لبقية الملامح ..ورسمت لها في مخيلتي شكلاً بديعاً ..يكمل الحاجبين والعينين .. خاصة وأني كنت ذات يوم بارعة في رسم الوجوه ..نسأل الله تعالى العفو و المغفرة
كانت تلك دكتورة الأسنان التي ترددت عليها لعمل حشو ضرس ..
وحصل أن نزعت الكمامة في زيارة أخرى ..كم كانت الصورة بعيدة جداً عما توقعت وأجتهدت في رسمه في مخيلتي فجعلت أنظر إليها وأقول في نفسي .. ليتكِ لم تنزعيها فقد كنت أجمل ..
...
أما المشهد الآخر فقد كنت في السنة الأولى لمعهد المعلمات ..حيث كنا في الطابور الصباحي بزينا المدرسي الموحد ..عندما أتت فتاة ترتدي الجينز بنطلون مع جاكت قصير في مستو الخصر و تسريحة متموجة للشعر ..كان ذاك المنظر قمة الأناقة في نظرنا تلك الفترة (فترة المراهقة ) وكنت أهمس لجارتي عن جمالها ..رغم أني لم أرى تقاطيع وجهها فقد كانت بعيدة ..وتقف في مكان بعيد عن الطابور فهى طالبة جديدة أتت من المدينة لأول مرة ..و لم تكمل تسجيلها ..وكنت أنتظر الفراغ من الطابور بفارغ الصبر حتى أرى تلك الفتاة عن قرب ..فما أن أننهى الطابور حتى حملت حقيبتي وركضت أخترق الصفوف لأرى الفتاة وما أن رأيت ملامح وجهها حتى تراجعت وعدت بخيبة أمل ..ولسان حالي يردد ليتني أكتفيت بالنظر لكِ عن بعد ..
المشاهد كثيرة ولكن نكتفي بهذا القدر لنقول
جمال الإنسان بأخلاقه ودينه و حسن تعامله ..ولكن جبلنا إن أول شيء يلفت إنتباهنا للشخص هو شكله جميل أم غير ذلك ولكن ما أن يتكلم الشخص أو تعاشره ..حتى تتجلى لك حقيقة غائبة ..فقد يكون جمالاً خارجياً سرعان ما ينطفيء وهيجه عندما يتكلم صاحبه أو تعاشره ..ويصبح في نظرك لا شيء سوى تقاطيع جميلة بطابع شرس بغيض ..عيون تقدح شرر أو سخرية أو إحتقار أو إستكبار وشفتان تجاريهما الإنفعال..
وقد يكون جمالاً داخلياً فيكون صاحبه عادي الملامح ..وقد يكون بتقاطيع متنافرة ولكن ما أن تتعامل معه أو تعاشره حتى تشعر بجمال روحه وكمال خلقه وطيب معشره ..فعندها لن ترى شيء مما كنت ترى منه وكان لا يروقك بل ستكتشف أشياء جميلة وجاذبية أخاذة تأسرك وتتمنى أن لا تفارق هذا الشخص لحلاوة معشره ..
..
ويرتب عليه أيضاً كلما كانت علاقتنا بالأشخاص سطحية ومحددة فإنه نادراً ما ينجم عنها مشاكل أو صدامات وصدمات ..نعم إن العشرة والإحتكاك المباشر بين الناس هو ما يجلب الخير والشر ..ومنه تطلع على معدن الشريك ..
من المفترض أن يتعلم الإنسان من تجارب غيره ولكن قل من يتعض ربما لثقته بنفسه أو لثقته بشريكه وهذا يجعله يقع فيما لا تحمد عقباه ..ويصاب بصدمة قد تدمر كيانه ..وتجعله يفقد ثقته في نفسه و في غيره ..
ولهذا أمرنا ديننا الحنيف بالتوسط في الأمور ..وتوخي الحذر .. والتأني ..
أختكم في الله / أمة الرحمن / (أم سلمى)