ماذا يمكن أن تقوله الأجيال القادمةلو استطاعت أن تتحدث إلينا عن الوضع الذي تحب أن تجد نفسها فيه والظروف الحياتية التي تود أن تحيط بها؟وما تتوقع أن تفعله أجيالنا الحالية لتهيئة الظروف الملائمة التي توفر لأجيال المستقبل هذه التساؤلات وغيرها دارت في خاطر (آلان) أحد كبار المفكرين المهتمين بالدراسات المستقبلية مما دفعه لتأليف كتاب(رسالة من أجيال المستقبل).
وفيما يلي مقتطفات من كتابه مما أرسلته أو سوف ترسله الأجيال المستقبلية.
*إنكم تعيشون الآن مرحلة حاسمة من تطور الإنسانية كما أنكم تحددون أهم الاختيارات في التاريخ البشري .إن عصركم يتميز ببعض الإمكانات الإيجابية والسلبية الجديدة البالغة الضخامة مما قد يجعل من الصعب عليكم فهمها حق الفهم .
إننا نهتم بطبيعة الحال باختياراتكم لأننا سوف نفيد منها أو نعاني منها بشكل مباشر فنحن نعيش في أسفل مجري نهر الحياة التي تحيونها ولذا فإن ما تلقون به في ذلك المجري الآن سوف يفيض علينا نحن في العصر الذي سوف نعيش فيه.
**نرجو أن تأخذوا في الاعتبار في كل قراراتكم وأفعالكم الأساسية منظورنا إلي الحياة الكريمة بنفس الروح التي تأخذون بها شئونكم الخاصة وأن تعطوا لاحتياجاتنا نفس الاهتمام الذي تعطونه لمطالبكم ولذا نرجو أن تنظروا إلي أجيالنا وأجيالكم علي أنها متساوية ومتكافئة فمبدأ التكافؤ بين الأجيال يعني تكافؤ الفرص. نرجو أن تتأملوا مكانتكم الفريدة في التاريخ الإنساني فأنتم الذين تواجهون التحدي التاريخي حول التحول من النظرة الضيقة المتمركزة حول الذات إلي النظرة الكوكبية التي تأخذ في الاعتبار احتياجاتنا واحتياجاتكم علي السواء فإن نجحتم في تحقيق ذلك التحول نحو منظور واسع المدي فسوف يكون لجيلكم الفضل في حفظ الحضارة الإنسانية والكوكب الذي تقوم عليه من التفكك والانهيار.
*** نظرآ لانتمائنا إلي الأجيال القادمة التي لم توجد بعد فإننا نرجو بشكل خاص أن تعينوا من لديكم من يتكلم بإسمنا ويقوم بعرض مطالبنا أمام مختلف الهيئات التي تتولي وضع السياسات العامة وعمليات التخطيط والتشريع والبرلمان ومجالس النواب والشيوخ وما إلي ذلك فليس لدينا صوت ندلي به بل إنه ليس لنا وجود حقيقي .
وحتي يمكنكم تحقيق مستقبل ترضي عنه أجيالنا لابد من أن تعملوا بسرعة علي توسيع جهودكم لتنمية وتطوير التوجهات المستقبلية في مجالات المعرفة والأفكار والاستبصارات والفهم والرؤي والتفكير السليم وهذا يتطلب منكم الإحاطة الدقيقة بالكثير من مشكلات العالم والتغير الاجتماعي وإمكانات المستقبل وفاعلية المسارات الممكنة والتحولات الفردية والأسس الذاتية للاهتمام بالأجيال القادمة .
**** إن تحقيق أي تحول نحو مستقبل إيجابي يتطلب حدوث تحولات في منظورات وقيم وسلوك الأفراد فمنذ الطفولة وحتي الرشد يجب أن تكون فرص تعليم وتعلم مشكلات المستقبل متوافرة إلي أبعد حد في كل مكان علي سطح الأرض بحيث تقدم المدارس والكليات -علي أقل تقدير -برامج ومقررات تساعد علي فهم القضايا الكوكبية وممارسة التفكير النقدي في الأمور المتعلقة بالمحافظة علي كل أشكال الحياة علي ظهر الأرض والاهتمام بالآخرين وإدراك أهمية العناية بنا نحن أبناء أجيال المستقبل وفهم منظوراتنا والشعور بالإلتزام إزاء التغيرات الضرورية والتسامح مع مختلف الثقافات والآراء والأفكار والتعاون من أجل المصلحة العامة والبحث عن أهداف لا مادية ذات معني .
***** إننانأمل أن يعني مجتمعكم بشكل أقوي بمساعدة الأفراد علي تحقيق رغبتهم الشديدة في الإحساس بأن الحياة لها معني وهدفآ ولعلكم تدركون أن انتشار ذلك الاحساس في المجتمع يزيد من الإرتباط بالكون بكل ما فيه من تنوعات الحياة واستمرار تواصل الأجيال.
****** إن أكثر مانخشاه هو أن تختاروا الطريق السهل الممهد أمامكم وأن تستنزفوا جهودكم في البحث عن أهداف وأولويات مخادعة لا طائل منها سوي تبديد وقتكم وجهودكم ليس فقط علي أمور مثل الاستهلاك والترف والمنافسة والصدامات والعنف ولكن علي مشروعات وقضايا وهمية .
إننا نرجو أن تفكروا في الآلام والمواجع التي سوف تلحق بنا من جراء الحياة الكئيبة والكوكب العقيم والقيود القاسية والاحساس بعدم الجدوي وعدم الراحة والضياع.
(مقتطفات من مقال للدكتور أحمد أبو زيد )