في كثير من الأحيان نتكلم مع الناس بلغة خشبية لا يفهمونها ...أو تستعصي عليهم في الفهم نظرا لطبيعة أفكارهم أو تعلمهم أو بيئتهم ...وهذا أمر معقول ...
أذكر ذلك الشاعر الذي آتى من البادية فوصف أحد الخلفاء بالكلب في وده ...كاد جلساء الملك أن يفتكوا به،لكن الخليفة أمرهم أن يتركوه في المدينة لأيام ....لماذا ؟لأن الشاعر بحكم بيئته لا يعرف إلا ود الكلب لذلك وصف الخليفة بذلك الوصف....ولماذا تركه الخليفة ؟ لكي يتعلم المدنية ويتعلم أصول الكلام ....وقد قيل لكل مقام مقال....
فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قال في معنى الحديث: (خاطبوا الناس على قدر عقولهم)
لذلك من الواجب علينا أن نعرف كيف نخاطب الآخر بلغة بسيطة يفهمها وأفضل من هذا وذاك أن نسمع للآخر مهما كان علمه ومهما كانت أفكاره...
وليكن عندنا نظرية الكأس التي تحتوي على وردة من جانب واحد ....فاعتبر نفسك تجلس في الجانب الذي لا يحتوي على صورة الوردة ....فعندما تتكلم مع مخاطبك فأنت لا ترى الوردة و هو لا يرى الفراغ ....في حوارك معه تصر على عدم وجود الوردة وهو يصر على وجودها ......
بمعنى آخر من هنا يأتي الخلاف والاختلاف الذي يمكن أن يؤدي إلى التطاحن والتنابز بالألفاظ،والشتم ...
فلا تكن من الذين ينعتون الآخرين الذين يختلفون معهم بالأغبياء والبلداء و .....دائما تذكر أنك ترى من جانب للمسألة وهو ينظر من جانب آخر ....لعوامل عدة نعيدها ولا نمل من إعادتها
-العامل الثقافي: ليست لكم نفس الثقافة ونفس التعلم ونفس الاستيعاب....
-العامل البيئي:يقال أن الشاعر ابن بيئته ،والحقيقة ان كل إنسان ابن بيئته.
-العامل الذاتي:كل إنسان منا مهما كانت درجة وعيه ودرجة إيمانه يعتز بنفسه ويحبها ،لذلك عليك أن تراعي هذا الأمر أثناء نقاشك مع الآخرين واعمل بنصيحة الإمام الشافعي رحمه الله :
(رأيك صواب يحتمل الخطا،ورأي غيرك خطأ يحتمل الصواب)
فما فائدة أن تخسر إنسانا بجرحه أثناء الحوار أو تحط من كرامته لكي تظهر أمام الناس أنك تفهم ...
ما الفائدة اطرح هذا السِؤال على نفسك مرارا وتكرارا ...وبالممارسة وبالصبر على الآخر تكسب وده ومحبته ....وسيتكلم بلسانك إن عرفت كيف تحاوره...
قمة القوة أن تجعل الناس يتبنون أفكارك ويعتبرون أنها من إنجازهم ومن تفكيرهم الخاص باللين والرفق والرحمة والمحبة وليس بالشدة والعنف.....
ما كان الرفق في شيء إلا زانه،وما كان العنف في شيء إلا شانه