موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

تم غلق التسجيل والمشاركة في منتدى الرقية الشرعية وذلك لاعمال الصيانة والمنتدى حاليا للتصفح فقط

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > الساحات العامة والقصص الواقعية > العلاقات الأسرية الناجحة وكل ما يهم الأسرة المسلمة

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 17-02-2009, 11:32 PM   #1
معلومات العضو
الحـياة الطيبة
إشراقة إدارة متجددة
 
الصورة الرمزية الحـياة الطيبة
 

 

افتراضي التربية الجنسية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أضع بين يدي إخوتي وأخواتي بحثا قيما, أخذته من شبكة المشكاة الإسلامية, وهو للأستاذ يحيى باحارث حول التربية الجنسية, حيث أنه كثر اللغط حول الثقافة الجنسية وكيفية تعليميها للشباب أو قبل ذلك للأطفال, نحن لسنا هنا لنقول هل نحن مع أو ضد وإنما كمسلمين وأصحاب منهج واضح لا نتحرج من أمر شرعه الله تعالى, ولا نتحرج من تعليمه وتعلمه ولكن بضوابط مع مراعاة الفترة العمرية للمتلقي وأسلوب توصيل المعلومة والغرض من إعطائها.

مادعاني لنشر هذا البحث هو نشر الوعي بأمر فطري أودعه الله في خلقه لما خلقهم, ومن جهة أخرى كثرة الأسئلة المحرجة التي يتلقاها الواحد منا وخاصة من الأطفال الصغار الذين بدؤوا في طور إكتشاف أنفسهم وإكتشاف ذلك العالم الخفي. وكم يضحكني حينما يسأل الطفل أمه أو أباه على الملأ كيف أتى لهذه الدنيا, فتظهر علامات الخجل والحياء (وهذا رد فعل طبيعي), إضافات إلى احمرار و بروز العينين اللتان تتوعدان الطفل البرئ بأقوى اللسعات و باقي العقويات التي تعرفونها والتي تذوقناها....على كل أترككم مع البحث الذي سأقدمه على شكل حلقات.

*****************************************

موقف الشرع من التربية الجنسية

يشوب مصطلح التربية الجنسية غموض كبير، لا سيما عندما يريد البعض إدخالها إلى المناهج التعليمية، وقد حصل مثل هذا ولا يزال في الأوساط الغربية، حيث نتج عنه صراع أخلاقي حول طبيعة منهج التربية الجنسية، وموضوعاته، ومن يدرسه، وكيف يُعرض، والسن المناسبة لعرض موضوعاتها.

وتنتهي هذه الأزمة بكل صراعاتها في المجتمع المسلم، الذي يعيش الإسلام عقيدة ومنهج حياة، حين جعل الإسلام التربية الجنسية ميداناً ضرورياً للعبادة، فربط بينها وبين أداء الشعائر التعبدية، فباب الطهارة في كتب الفقه لا يعدو أن يكون باباً في التربية الجنسية - إذا صحَّ التعبير - فالاستنجاء، والاستجمار، وما يتعلق بقضاء الحاجة، والحيض والنفاس، والغسل من الجنابة، والوضوء، وأبواب ستر العورة، والعلاقات الزوجية، وآداب الاستئذان وغيرها كثير، كل ذلك لا يعدو موضوعاتٍ في التربية الجنسية في الإسلام.

هذه الموضوعات بكل تفصيلاتها قائمة في حياتنا التعليمية، سواء في مدراسنا، أو جامعاتنا، أو حلقات العلم والمحاضرات في المساجد، أو المنتديات الثقافية.

ومن هنا فإن إثارة هذا الموضوع من هذه الوجهة هو تحصيل حاصل في حياتنا الثقافية، وإن كان لا بد فمزيد من التوسع في أبواب الفقه والحديث التي تتحدث عن هذه الموضوعات الخاصة ليس أكثر من ذلك.

أما إذا كان المقصود من التربية الجنسية هو عرض صراعات الثقافة الجنسية عند الغرب، ونظرياتهم المنحرفة والمشوشة، وما يتعلق بها من مفاهيم التحرر، وكشف العورات، وما أمر الله تعالى بستره من أحوال العلاقات الخاصة، إضافة إلى الصور الفاضحة الممنوعة، وغيرها من القضايا التي كانت ولا تزال موضع صراع عند الغرب أنفسهم فهذا ممنوع شرعاً، ولا علاقة له بالتربية الجنسية في الإسلام.

وأما الحديث عن المنهج والمعلم، فإن التربية الجنسية لا تتعلق بمنهج معين، أو معلم معين، بل هي مواد شرعية فقهية وحديثية يقولها المنهج المدرسي ككل في مواده، وأنشطته الثقافية والاجتماعية، وتتولاه وسائل الإعلام من خلال الدروس العلمية الشرعية، ويتولاه إمام المسجد وواعظ الحي، فالكل يشارك في هذا البناء الثقافي الإسلامي، وأما ربط التربية الجنسية - بصورة خاصة - بمنهج محدد معين، تُجمع فيه هذه المسائل الجنسية فهذا من شأنه إثارة موضوعات لا تُحمد عقباها، وكذلك تدريس هذه القضايا الجنسية من خلال مادة الأحياء هو الآخر لا يصلح؛ فإن كثيراً من إناث الحيوانات تقتل ذكورها بعد الممارسة الجنسية، بل تقتل بعض الحشرات والحيوانات صغارها، وهذا لا يناسب الطبيعة الإنسانية، ولا يصلح مثالاً لها.

إن المراجع لواقع الأمة في سيرة الرسول e يجد أن التربية الجنسية كانت جزءاً من حياة الإنسان في ذلك الوقت، لا تختص بدرس معين، ولا وقت معين، يأتي الرجل يسأل في المسألة الجنسية، وتأتي المرأة تسأل دون أن يمنعها من ذلك حياء أو خجل، والرسول e يجيب، وإذا لم تكن هذه هي التربية الجنسية، فلا أدري ما هي التربية الجنسية ؟

الحكمة من تركيب الشهوة الجنسية

تسيطر الشهوات المختلفة - كنوع من الابتلاء - على سلوك الإنسان، وتتحكم في كثير من تصرُّفاته بدوافعها العنيفة المتغلغلة في عمق جذور كيانه البشري، حتى إنه ربما لا يتحرك، ولا ينبعث إلا على مرادها، وفي سبيل إشباعها كحال الحيوان، وهنا يأتي المستنير بنور الشرع ليضبط مسارها، ويُلْجم اندفاعها: فترفع المُكلَّف بحميد مسلكها إلى درجات الصالحين الأبرار، وإلا حطَّتْه بخبث مخرجها إلى دركات السافلين الأشرار.

ويأتي دافع الشهوة الجنسية كأقدم الدوافع الشهوية، وأشدها مضاءً، وأكثرها تمكُّناً في عمق الكيان الإنساني؛ ليصبَّ عُصارة الجهد وغاية المُراد في غريزة حب البقاء - كبرى غرائز الأحياء - بشقَّيها العظيمين العميقين: حفظ الذات، وحفظ النوع، بمعنى: " أن النشاط الجنسي بالنسبة للإنسان، ولسائر الأجناس الحيوانية مسألة بقاء أو فناء، فإذا توقف، أو أعيق: فإنه يهدد النوع بالفناء؛ لذا ارتبطت الممارسة الجنسية بالقوة والعنف كدرعين واقيين للنشاط الجنسي من التوقف "، فإذا قصَّر الإنسان في إشباعها: انقاد إليها منبعثاً لها لقوة ما تحمله من العنف في ذاتها لبقاء النسل، واستمرار النوع، كحال الطعام لم يجعل المولى قوام الإنسان منه إلى اختياره، وإنما جعله غريزة تلح بقوة إلى الإشباع لحفظ الذات، والغريزة - كما هو معلوم - سلوك فطري غيرمتكلَّف، يصدر عن الشخص تلقائياً بلا تعلُّم، بغرض الاستمرار وعدم الانقطاع، ومن هنا يظهر أن الهدف الأسمى من الغريزة الجنسية وكل ما يلحق بها: هوالولد، كوحدة رمزية ضرورية لدعم غريزة " البقاء "، التي أرادها المولى U لعمارة الأرض بالتوارث فيها جيلاً بعد جيل. وبناء على هذا التصور قام نظام التزاوج بين ذكر وأنثى على أساس التواصل الجنسي كضرورة إنسانية ملحة لاقتناص الولد، ضمن حدود الأسرة العضوية باعتبارها لبنة في بناء الكيان الاجتماعي الكبير.

ومن هنا يُلحظ أن ما تتبنَّاه بعض الفئات والأمم: من استقذار مبدأ تركيب الشهوة الجنسية كدافع أصيل مُسْتحسن: يخالف مبدأ الوجود الإنساني كحقيقة تفتقر إلى الشهوة الباعثة؛ إذ لا يمكن أن تتم عملية الإخصاب البشري بين زوجين بغير دافع الشهوة الملحة، التي تقتحم بطابع عنْفها، وقوة اندفاعها، وما أضْفيَ عليها من مشاعر المتعة واللذة: حواجز النفس الإنسانية، وحدود الذات الفردية؛ لتبلغ أقصى مظاهر التداخل الإنساني في أكمل صوره الممكنة بين شخصين، كما قال العليم الخبير: ** … هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ … ** [البقرة:187]، ولهذا جعلت الشريعة الخاتمة هذه العلاقة الشهوانية الضرورية في غاية الطُّهر؛ حتى لا يقع في النفس استحقار دافعها، حيث باركتها بذكر الله تعالى، ورتَّبت عليها الأجر والثواب، وجعلتها سنة خير الخلق، بل إن عصارتها الشهوية المتدفِّقة من الزوجين، والتي ينعقد منها الولد: طاهرة من النجاسة على الراجح، ومُسْتثناةٌ من كل ما يخرج من السبيلين، وما كان لله أن يخلق الإنسان من عصارة نجسة، فعُلِمَ بالضرورة: أن الشهوة الجنسية أصلها ليس من حظِّ الشيطان في شيء، وأنها من مستحبات الشريعة، ومطلوبات الدين.

وبناء على ما تقدم: فإن أيَّ صورة من صور التَّجنِّي على مبْعث الشهوة الجنسية: بقطع سببها بالدواء، أو بتر أعضائها بالاعتداء كالخصاء للذكر، أو استئصال الرحم عند الأنثى، كل ذلك يدخل ضمن المذمَّة الشرعية، والمؤاخذة القانونية، سواء كان ذلك على النفس، أو الآخرين - في أي مرحلة من مراحل العمر - مهما كانت الحجج والمبررات؛ بل إن مبدأ الزهادة في الدنيا وملذاتها، مع كونه من مستحبات الشريعة: لا يستوعب في نطاقه الشهوة الجنسية، ولا تدخل الزهادة فيها ضمن محبوباته.

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 18-02-2009, 12:59 AM   #2
معلومات العضو
باز

إحصائية العضو






باز غير متواجد حالياً

الجنس: male

اسم الدولة egypt

 

 
آخـر مواضيعي
 

 

افتراضي

جزكى اللة خيران
وشكرن

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 21-02-2009, 08:31 PM   #4
معلومات العضو
الحـياة الطيبة
إشراقة إدارة متجددة
 
الصورة الرمزية الحـياة الطيبة
 

 

افتراضي

3ـ تعديل المفاهيم الجنسية المنحرفة

إن وقوع حالات من الانحراف الجنسي في سلوك بعض أفراد المجتمع المسلم لا يعدُّ أمراً مستغرباً حتى في أطهر وأرقى المجتمعات الإنسانية، فما زال كثير من الناس على مر العصور لا سيما من فئة الشباب يقعون في أخطاء سلوكية منحرفة، مُنساقين إليها بدافع الشهوة الملح، مع اعتقادهم الراسخ، ويقينهم الكامل بأنهم أتوا حراماً، وخطأ يُوجب عليهم التوبة، ويُلحُّ عليهم بوخز الضمير، وإنما تكمن المعضلة، وتعْظُم المشكلة عندما يصبح الانحراف الجنسي قضية فكرية، ومنطقاً عقلياً، تدعمه الحجة والبرهان، وليس مجرَّد سلوك خاطئ يوشك أن يُقْلع عنه صاحبه، ويتوب من تعاطيه.

إن أخطر ما مُنيت به الإنسانية في القرن العشرين الميلادي: أفكار، وآراء الطبيب اليهودي " سيجمند فرويد "، وما صاحبها من مظاهر تحرير المرأة، وتوفير عقاقير منع الحمل، والتطور التقني الحديث بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، حيث انتقل عن طريقه كثير من السلوكيات الجنسية المنحرفة من كونها شذوذات فردية ضالة إلى ممارسات جماعية منظمة، ومن كونها انحرافات سلوكية خاطئة إلى كونها مبادئ فكرية ومذهبية، حتى إن ضخامة تأثيره في القضايا النفسية والجنسية لا يبعد كثيراً عن حجم وضخامة تأثير" أرسطو" في قضايا الفلسفة، حتى لا يكاد يخلو من ذكر آرائه كتاب نفسي أو جنسي، فقد خرج على الإنسانية المعاصرة - مؤيَّداً بقوى الشر - بتفسيرات جنسية محضة، محورها البحث عن اللذة في مقابل معْضلة الكبت، حلل من خلالها سلوك الإنسان العام عبر مراحل عمره المختلفة، فأقامها على عقد طفولية أسْطورية، من نَشَاذ العقل الإنساني، مما تمجُّه العقول السوية، والفطر السليمة، فلاقى بسبب جراءته من عنت معارضيه، وأليم نقدهم، بقدر ما لاقى من دعم مؤيديه، وتشجيعهم لآرائه.

وعلى الرغم من اعتقاد بعضهم بأفول أفكاره، وضعف تأثيرها في ميادين علم النفس المعاصر، فإن بعض الدراسات الميدانية تشير إلى أن " فرويد" باعتباره شخصية مؤثرة في علم النفس: لا يزال اسمه عالقاً في أذهان الناس، ويُعتبر في نظرهم الشخصية الأولى في قائمة المختصين النفسيين.

إن من الضروري - ضمن الحياة الإسلامية المعاصرة - حماية الناشئة من الضلال الجنسي، من خلال تعديل المفاهيم الشاذة في أذهانهم، وإحلال المفاهيم الصحيحة محلها؛ لتبقى القضية الجنسية ضمن إطارها المحدود، تُعطي عطاءها الإيجابي باعتبارها جانباً من جوانب شخصية الإنسان، دون أن تتعدَّى حدودها لتصبح محور السلوك الإنساني بأبعاده المختلفة.
مشكلة الشباب العاطفية

يشكو المربون من الآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات من الهيجان العاطفي عند الشباب من الجنسين، ولا سيما عند الذكور، فما أن يدخل أحدهم سن البلوغ حتى يتحول إلى شخص آخر، قد امتلأ بالعنف والإثارة والغليان، وكثيراً ما يصاحب هذه المشاعر المتحركة مواقف من التمرد الأسري، والخروج عن الأنظمة المدرسية، ومخالفة الكبار من المربين.

إن حجماً ضخماً من الميول العاطفية تنبعث مع سن البلوغ عند الجنسين، تحمل معها شحنات قوية من الانفعالات، ممزوجة بقدر كبير من الإثارة الشهوانية التي لا تجد لها متنفَّساً طبيعياً مشروعاً تتصرّف فيه، وقد كان من المفروض أن تجد هذه الشحنات العاطفية موقعها الطبيعي في الجنس الآخر عن طريق الزواج المشروع، فيستهلك البالغ والبالغة شحناتهما العاطفية فيما بينهما دون كبتٍ أو حرمان، إلا أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية، وطبيعة النظام التعليمي حالت دون تحقيق حاجات البالغين من الشباب والشابات، ليعيشوا فترات من الحرمان العاطفي تطول إلى أكثر من عشر سنوات، مما ينعكس على نفوسهم بمشاعر القسوة والألم واليأس، فيعبرون عن مشاعرهم المحبطة بصور من الانفعالات الحادة والتمرد، وربما الإهمال وعدم المبالاة.

إن الشاب يمرُّ بنوعين من البلوغ: الأول: البلوغ الجنسي الذي يدخل به عالم التكليف، ويصبح به قادراً على التناسل، وهذا عادة ما يكون في الخامسة عشرة عند الجنسين. وأما البلوغ الثاني: فهو البلوغ الاقتصادي الذي يدخل به الشّاب عالم الكبار، ويصبح قادراً على القيام بنفسه، والإنفاق على أسرته الخاصة، وهذا النوع من البلوغ خاص بالذكور لأنهم المكلفون شرعاً بالإنفاق.

والأصل الطبيعي في المجتمعات السابقة والريفية المعاصرة أن الشاب ما أن يبلغ الحلم إلا وقد تيسَّر له الزواج، فالشاب في المجتمعات البدائية والريفية مُنتج، قادر على الكسب من طفولته، قد حصل على جميع المهارات المتاحة له في بيئته، والتي تؤهله للكسب، والقيام بنفسه، والإنفاق على أسرته، فيخرج الشاب الريفي من عالم الطفولة إلى عالم الكبار دون المعاناة التي يحكيها الباحثون النفسيون عن المراهقة وأزماتها، مما يعانيه أبناء المدن الحضارية ويقاسونه من متطلبات الانتقال من عالم الطفولة إلى عالم الكبار، حيث يحتاجون إلى عشر سنوات على الأقل بعد البلوغ الجنسي ليتأهلوا لعالم الكبار.

وهنا تكمن الأزمة في البعد الزمني الفاصل بين نوعي البلوغ، مما أفرز مرحلة جديدة في عمر الشباب، ما بين الخامسة عشرة إلى الخامسة والعشرين تقريباً، لا يعرف الشاب فيها هويته، فلا هو طفل صغير، ولا هو شخص كبير، يحمل في نفسه أشواق وآمال الكبار، إلا أنه لا يزال محتاجاً إلى رعاية أسرته في كل شؤونه الخاصة والعامة، لا يستطيع الاعتماد على نفسه، فلم يعنِ له البلوغ الجنسي شيئاً سوى أنه مكلف شرعاً، أما واقعه فهو لا يعدو أن يكون طفلاً كبيراً.

إن هذه الأزمة المعاصرة التي أفرزتها طبيعة الحياة الحضارية لا بد من وقفة جادة معها، يشترك فيها المجتمع بكل مؤسساته ليعمل بجد على قصر المسافة الزمنية بين البلوغين الجنسي والاقتصادي، والسعي في تأهيل الشباب للقيام بأنفسهم، فهم قد تأهلوا شرعاً بالتكاليف الدينية الكبرى، فلن يضيرهم أن يقوموا بالتكاليف الاقتصادية والاجتماعية حين يتعاون المجتمع ويراعي حاجاتهم، ويقيم مؤسساته لا سيما التعليمية لتوافق حاجات الشباب، وما لم يسع المجتمع لحل هذه الأزمة بصورة جذرية فإن مزيداً من المعاناة والاضطراب سيكون نصيبه، وقد لاحظ الباحثون أن غالب أزمات الشباب وانحرافاتهم تحصل في الفترة من الخامسة عشرة إلى الخامسة والعشرين، وهي الفترة التي تفصل بين نوعي البلوغ الجنسي والاقتصادي.

4ـ دور الحدود الشرعية في ضبط السلوك الجنسي

إن من أهم واجبات النظام الاجتماعي: ضبط العلاقات الجنسية؛ لأن الغريزة بشدتها وإلحاحها تهدد في كل لحظة بانحرافها؛ لكونها تحمل في طبيعتها مبدأ زيغها وضلالها، بما تحمله من الاندفاع والعنف والقوة، والطبيعة الإنسانية في العموم تأبى في سلوكها مراتب الكمال، خاصة عند وفْرة الشباب، واكْتمال الشهوة، وضعف الوازع الديني، حتى " إن الله U ليعجب من الشاب ليست له صبوة "؛ لأنه في اندفاعه لا يكاد يُصْغي لنداء العقل الذي يلْفته عما يرغب، بل لا يستطيع فهمه؛ لأن دافع الشهوة بطبيعته لا يلتفت إلى داعي العقل، وإنما يخضع لضابط القوة والسلطة التأديبية الرادعة. ومن هنا جاء دور العقوبات الشرعية والتأديبات التعزيرية لتُعزِّز بقوتها توجه المجتمع الأخلاقي، وتُساعد الأفراد - بصورة مباشرة وغير مباشرة - على ضبط غرائزهم، وإحْكام نوازعهم، حتى يبقى نشاط الغريزة الجنسية في مساره المشروع، يُحقق الهدف من مبدأ تركيب الشهوة.

وقد عاشت الأمة الإسلامية في رحمة شريعتها دهراً من الزمن لا تعرف الفواحش الجنسية ومعاناتها الصحية إلا بالقدر الطبيعي الذي لا تنفك عنه أطهر المجتمعات الإسلامية، وذلك عندما كان أفراد المجتمع يعيشون بالفعل الآثار التربوية، والمنافع الحيوية التي تُحييها رهبة الحدود الشرعية في نفوسهم، فالإنسان "إذا نظر إلى اللذات، وإلى ما يترتب عليها من الحدود والعقوبات العاجلة والآجلة: نفر منها بطبعه لرجحان مفاسدها"، بل إن المجتمع الأوروبي رغم تحريف شريعته، وضلال منهجه: انتفع - إلى حد كبير - بتطبيق العقوبات القانونية في ضبط سلوك الأفراد وإحكام شهواتهم، وما تجرَّأ الناس عندهم على الفواحش، وانتهاك الأعراض بهذه الصورة المفزعة، والعود من جديد إلى الجريمة بعد استيفاء العقوبة إلا بعد الثورة الفرنسية حين فُرِّغ القانون من أسباب قوته، وسطوة سلطانه، وعلى ضوء هذه الآثار الإيجابية لإقامة الحدود: يُفهم قول رسول الله e (( حدٌ يُعمل به في الأرض: خير لأهل الأرض من أن يُمطروا أربعين صباحاً)).

وقد ابتُليت الأمة الإسلامية في تاريخها الحديث - منذ زمن الاستعمار - بما ابتُليت به أوروبا قبل قرنين من الخلخلة الاجتماعية والفكرية؛ حيث استُبدلت القوانين الوضعية بالشريعة الإسلامية في غالب الدول، وانحسر تطبيق الشريعة إلا في جوانب من أحكام الأسرة والأحوال الشخصية، فتبدَّل بالتالي كثير من الثوابت الأخلاقية، فوجد المنافقون - في هذا الوضع الاجتماعي المختل - فُرصة لنشر الفواحش في بلاد المسلمين، والولوغ في الأعراض المحرمة، تحت حماية القانون، بعيداً عن سطوة الشريعة وضوابطها، حتى إن الدعارة المنظمة كانت ولا تزال في بعض البلاد الإسلامية موضع اهتمام أجهزة الدولة وإشرافها.

وأما أحكام الحدود الشرعية، وأسلوب تطبيقها فقد فقدت هي الأخرى طبيعتها وحدود معالمها، فلم يعد الأصل في الأبضاع الحرمة ما دام التراضي بين الطرفين والعزوبة قائمين، بغض النظر عن نوع الجريمة: مثْلية كانت، أو غيريَّة، أو زنى محارم، ما دام الجميع مكلفين قانونياً، بل وحتى الاتصال الجنسي بالحيوان لا يُؤاخذ به القانون؛ إذ ليس لله تعالى أو للمجتمع حقٌّ يُلتفت إليه في هذه القوانين، إنما الحق في الادعاء أو العفو للزوجين فقط حال قيام الزوجية بينهما، حتى ولو عاين الشهود العدول الجريمة، وشهدوا بها، إلى جانب التحيُّز الواضح في القانون لصالح الزوج على زوجته، حيث حرم عليها المشرِّع القانوني الزنا مطلقاً مادامت الزوجية قائمة، في حين أباح لصالح الزوج الحرية الكاملة في مضاجعة من شاء من العاهرات مادام بعيداً عن فراش الزوجة ومسكنها، بل إن محترفة البغاء تُؤاخذ قانونياً في حين لا يؤاخذ من يفجر بها، كما أن نوع العقوبة في حال ثبوت الجريمة على طريقة القانون: انحصرت في نوعين فقط من العقوبات: السجن، أوالغرامة المالية.

إن الرضا والاطمئنان ببند واحد من بنود هذه القوانين مما يخالف إجماع الأمة: كاف لإخراج مسلمي أهل الأرض قاطبة من ملة الإسلام إلى ملل الكفر والضلال، فضلاً عن مجمل هذه التشريعات الوضعية الصارخة بمحادَّتها للنقل، ومخالفتها للعقل، وإن الناظر في الشريعة الإسلامية يجد اعتناءها بالمنهيات أكبر من اعتنائها بالمأمورات؛ فإن المشقة تسمح بترك بعض الواجبات كالقيام في الصلاة المفروضة، أو الصيام في رمضان ونحو ذلك، في حين لا تسامح الشريعة في الإقدام على المعاصي، ولا سيما الكبائر حتى للمكره، مهما عظمت عليه المشقة، كالمكره على الزنى، أو القتل، " وهذا يدل على أن المسامحة في ترك الواجب أوسع من المسامحة في فعل المحرم، وإن بلغ العذر نهايته "، والواقع من حال هذه القوانين عدم اعتنائها بما اعتنت به الشريعة الإسلامية، بل تخالفها في وجهتها مخالفة كاملة.

ومع أخذ دول العالم بما فيها غالب الدول الإسلامية بهذه القوانين، والعمل بها: فإن الواقع الأخلاقي يشهد بأنها لم تحمِ عرضاً، ولم تؤدب فاسقاً، ولم تردع مجرماً، ولم تمنع فاحشة، بل هي في شأن الزنا - بصورة خاصة - على العكس من ذلك، وكأن بقيامها على مبدأ التراضي بين الطرفين تُعلِّم الرجال، وتقول لهم: " احتالوا على رضا النساء، فإن رضين الجريمة فلا جريمة، فكأنها تعلمهم أن براعة الرجل الفاسق إنما هي في الحيلة على المرأة، وإيقاظ الفطرة في نفسها، فينصرف كل فاجر إلى إبداع هذه الأساليب التي تطلق تلك الفطرة من حيائها، وتخرجها من عفتها، تطبيقاً للقانون "، فإذا عُلم: أن الإناث - كما هو حالها في كل أجناس الحيوان - " أقلُّ جلداً، وأسهل انخداعاً، وأسرع غروراً "؛ فإن الاحتيال عليهن في مثل هذه المسائل الغرائزية أمر ممكن؛ بل هو من أيسر ما يكون على الفاسق الماكر مع المغررة الساذجة.

إن مما ينبغي أن يُعرف: أن قضية العقوبات الجنسية عند الغربيين قضية صراع نفسي بين انفلات إنسان أوروبا الحديث من جهة، وبين تعسُّف نظام الكنيسة التاريخي من جهة أخرى، فبقدر إفراط الكنيسة القديمة في التحريمات والعقوبات، كان في المقابل تفريط المشرِّع الحديث في الإباحيات والتأديبات، فهو صراع أوروبي بالدرجة الأولى، لا يعرفه المسلمون عبر تاريخهم الطويل؛ لأنهم إنما يستمدون شرعتهم من المصدر المعصوم، الذي لا يجري عليه الخطأ، فما أمرهم بشيء، أو نهاهم عنه إلا وفيه بالضرورة مصلحة عاجلة أو آجلة.

وعلى الرغم من تفريط القوانين الحديثة في الأخذ بالشريعة في غالب الدول الإسلامية فقد بقي للجانب الروحي عند المسلمين دوره في كفِّهم عن كثير من الموبقات والانحرافات الأخلاقية والسلوكية؛ ففي الوقت الذي تشير فيه التقارير العالمية إلى أفريقيا باعتبارها تحتل المرتبة الثانية في انتشار مرض الإيدز: تأتي الدول العربية في شمال أفريقيا ضمن أقل الدول انتشاراً لهذا المرض مقارنة بباقي دول أفريقيا في الجملة، وليس هذا إلا بفضل الدين الإسلامي، الذي يحرم الفواحش والانحرافات الجنسية، فلو تعاضد القانون مع هذه الوجهة الروحية الإسلامية لكان الأثر على سلوك الناس أبلغ وأفضل.

إن نظام الحدود في الشريعة الإسلامية يعتبر كل اتصال جنسي - أياً كانت صفته أو مبرراته - خارج نطاق الزواج الصحيح، أو ملك اليمين: جريمة من أعظم الجرائم، يستحق صاحبها العقوبة المقررة في حقه بغض النظر عن كونه ذكراً أو أنثى، حراً أو مملوكاً، متزوجاً أو عزباً، مسلماً أو كافراً، مادام مختاراً بالغاً عاقلاً، عالماً بالتحريم، فإذا ثبتت الجريمة لدى الحاكم المسلم بالإقرار، أو الحَبَل، أو الشهادة: حرمت الشفاعة والرأفة حينئذ، ووجب الحدُّ، ردعاً للجاني عن العود، وتطهيراً للمسلم العاصي من دنس الخطيئة، وزجراً لغيره عن مثلها.

ومع كل هذا فإن إقامة الحدود في الشريعة الإسلامية ليست هدفاً في حدِّ ذاتها، بل هي وسيلة للإصلاح فإن حصل مراد الشارع الحكيم من الصلاح والاستقامة بالتوبة والإقلاع: وَجَبَ لمثل هذا السِّتْر والعفو؛ إذ ليس من طبع الشارع تقصُّد التشهير والإيلام والنكاية، بقدر قصده الصلاح والإصلاح، ومع هذا فإن الشريعة الإسلامية بكلياتها وجزئياتها يُكمِّل ويُعضِّد بعضها بعضاً، فلا تعمل عملها التربوي المثمر في ظل التناقض الاجتماعي، والتخُّير التطبيقي، وإنما تعمل بإيجابية كوحدة متكاملة مترابطة: تربي الناس على العقيدة والأخلاق، وتحفظهم من أسباب الفتنة والضياع، وترتفع بهم إلى مستوى كرامة الإنسان المؤمن، فمن قعدت به همَّتُهُ - بعد ذلك - عن أدنى مراتب الكمال الواجب: كان العقاب الزاجر، والتأديب الرادع - في غير شطط أو تجنٍّ - وسيلة المجتمع لإصلاح حاله، وضبط سلوكه، وإعادته مستقيماً إلى ركْب الجماعة من جديد.

إن من واجب المجتمعات الإنسانية المعاصرة أن تنظر لنفسها أمام هذه الثورة الجنسية العارمة، التي أخذت تتخطى جميع الحواجز الخلقية، وتتعدى كل القوانين الوضعية، وتتحدَّى أعنف الأمراض السرِّية: لتصل في نهاية الأمر إلى أن يكون الجنس هو الهم الأكبر المسيطر على حياة الإنسان، فيمارسه بلا ضوابط خلقية، ولا التزامات اجتماعية؛ بحيث تفقد العلاقات الجنسية جوانبها الأساسية الضرورية: النفسية، والإبداعية، والروحية، والعقلية، التي تشترك مع الأعصاب والهرمونات في العملية الجنسية، لتتحول إلى أداء بيولوجي خالص، يشبه - إلى حد كبير - سلوك الحيوان الجنسي، فينطلق إنسان العصر المسعور ليفرغ طاقته الجنسية بأي صورة من الصور، وفي أي موضع وزمان، كما يفرِّغ مثانته من البول، وهذا الوضع إيذان بالهلاك العام للأمم والمجتمعات، والدمار الشامل لمنجزات الإنسان وحضارته الحديثة.




    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 22-02-2009, 07:23 AM   #5
معلومات العضو
عطر
إشراقة إدارة متجددة
 
الصورة الرمزية عطر
 

 

افتراضي

جزاك الله خير أخيتي الفاضلة أم جعفرعلى موضوعك القيم
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 29-05-2009, 01:06 AM   #6
معلومات العضو
لقاء
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي

جزاك الله خيراً أختي الغالية** الحياة الطيبة**


سلمت أناملك على نقل هذا البحث القيم ...


تم تثبيت الموضوع لأهمية محتواه..


ولي عودة ثانية ... إن شاء الله ...


لا حرمك الله الأجر والمثوبة
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 11-01-2010, 07:28 PM   #7
معلومات العضو
باز

إحصائية العضو






باز غير متواجد حالياً

الجنس: male

اسم الدولة egypt

 

 
آخـر مواضيعي
 

 

افتراضي

جزكى اللة خيران
وشكرن
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 24-01-2010, 06:55 AM   #8
معلومات العضو
الككلي

إحصائية العضو






الككلي غير متواجد حالياً

الجنس: male

اسم الدولة libya

 

 
آخـر مواضيعي
 

 

افتراضي

بارك الله فيك على هذا الموضوع القيم وجزاكي الله خير ا على هذه المعلومات القيمة

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 04:20 AM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com