[IMG][/IMG]
قضية نسب ...!!!
جلس والي المظالم كعادته كل جمعة يستقبل الوافدين عليه من مختلف الأقطار لعرض تظلماتهم.
غلب على سكون المكان جلبة فالتفت الحضور نحو الباب، و إذا بثلاث شبان يأخذون بتلابيب شيخ وقور تبدو عليه علامات الهيبة و الاحترام
أمر الوالي حاجبه بإدخالهم ثم بادرهم بسؤاله: ما خطبكم أيها الفتيان؟
أجاب أجرأهم: السلام عليكم يا سيدي الوالي. نحن ثلاثة ّإخوة و أنا أكبرهم، أدعى السكوت عن قول الحق و هذان أخواي الامتناع عن الأمر بالمعروف و التقاعس عن طلب العلم.
و ما مظلمتكم؟ سأل الوالي.
الشيخ الذي ترونه يا سيدي هو جدنا، يدعى الحياء و نحن أبناء ابنه الخجل، لكن يرفض الاعتراف بنا كأحفاد، و نحن نطلب منكم سيدي الوالي إثبات نسبنا.
التفت والي المظالم إلى الشيخ و سأله: ما قولك فيما يزعمون؟
رد الشيخ بثبات: سيدي الوالي، إن ما يزعم هؤلاء الشباب ليس له أساس من الصحة، فالخجل ليس ابنا لي و لم أرزق في حياتي بأبناء ذكور، فلي ابنتان هما نعمة و هداية من زوجتي التقوى.
قال الوالي: و هل الخجل مازال على قيد الحياة؟
أجل. أجاب الامتناع عن الأمر بالمعروف.
و لماذا لم يحضر معكم؟
لقد خجل من المواجهة.
فكر الوالي هنيهة ثم قال: سنعرض الأمر على لجنة طبية للفصل في نسبكم. فليحضر غدا والدكم الخجل و ليحضر معه الحياء لنجري عليهما تحاليل للجينات الموروثة، مما سيفصل في حقيقة نسب أبيكم إلى الحياء.
توجه الحياء و الخجل صباح اليوم الموالي إلى عيادة الدكتور الشرعي الحق، حيث قامت ممرضته البينة بأخذ عينات من دمهما لتحليلها.
بعد أسبوع كان كل الخصوم حاضرين بديوان والي المظالم لسماع الحكم و الاطلاع على نتائج التحاليل.
وقف الخجل و أبناؤه متلهفين لسماع الحكم تبدو عليهم علامات القلق و الترقب، بينما وقف الحياء بثبات و ثقة يحمل كعادته مسبحته و يلهج لسانه بذكر رب العالمين.
بدأ والي المظالم كلامه قائلا:
بسم الله الرحمن الرحيم،
نحن هنا للفصل في قضية نسب الخجل و بالتالي أولاده السكوت عن قول الحق و الامتناع عن الأمر بالمعروف و التقاعس عن طلب العلم إلى الحياء.
كنا قد ارتأينا عرض الحياء و ابنه المفترض الخجل على الطب الشرعي لمقارنة حمضهما النووي، و قد أسفرت التحاليل عن النتائج التالية:
التركيبة الجينية:
بالنسبة للحياء فضيلة إيجابية و بالنسبة للخجل سلوك سلبي
الفئة المستهدفة:
بالنسبة للحياء الأقوياء و النبلاء و بالنسبة للخجل الضعفاء و المهزوزون
الأثر على النفس:
بالنسبة للحياء تطمئن النفس إليه و لا تنزعج منه و تتوافق معه من داخلها و بالنسبة للخجل تنزعج منه و لا تطمئن إليه من داخلها
العواقب:
بالنسبة للحياء لا يترتب عليه تقوية مصالح أو ضياع حقوق أو خضوع و ذل للآخرين و بالنسبة للخجل يترتب عليه فوات مصالح أو ضياع حقوق أو ذلة في غير موضعها
الشخصية:
بالنسبة للحياء فالحيي ذو شخصية قوية تستشعر قيمتها و كريمة تستحي أن تفعل النقائص، و بالنسبة للخجل فالخجول ذو شخصية ضعيفة لا تعرف قيمتها، لا تفعل النقائص أمام الناس خوفا من الانتقاد ولا تتورع عن فعلها في السر. قال الله تعالى: يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا. سورة النساء، الآية 108
و هكذا تكون الدعوى المقدمة إلينا باطلة، و نحكم بذلك ببطلان انتساب الخجل إلى الحياء، و بالتالي لا توجد ّأية صلة قرابة تجمعه بالمدعوين السكوت عن قول الحق و الامتناع عن الأمر بالمعروف و التقاعس عن طلب العلم.
رفعت الجلسة.
[IMG][/IMG]