ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب (6) ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه إنما أنت منذر ولكل قوم هاد (7) الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار (8) عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال (9) سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار (10) له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال (11) هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال (12) ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال (13)
6 - ويستعجلك -أيها الرسول- المشركون بالعقوبة، ويستبطؤون نزولها بهم قبل استكمالهم النعم التي قدرها الله لهم، وقد مضت من قبلهم عقوبات أمثالهم من الأمم المكذبة، فلم لا يعتبرون بها؛ وإن ربك -أيها الرسول- لذو تجاوز للناس مع ظلمهم، فلا يعاجلهم بالعقاب ليتوبوا إلى الله، وإنه لقوي العقاب للمصرين على كفرهم إن لم يتوبوا.
7 - ويقول الذين كفروا بالله - تماديا في الصدود والعناد-: هلا أنزل على محمد آية من ربه مثل ما أنزل على موسى وعيسى. إنما أنت -أيها الرسول- منذر تخوف الناس من عذاب الله، وليس لك من الآيات إلا ما أعطاك الله، ولكل قوم نبي برشدهم إلى طريق الحق، ويدلهم عليه.
8 - الله يعلم ما تحمل كل أنثى في بطنها، يعلم كل شيء عنه، ويعلم ما يحصل في الأرحام من نقص وزيادة وصحة واعتلال، وكل شيء عنده سبحانه مقدر بمقدار لا يزيد عليه ولا ينقص عنه.
9 - لأنه سبحانه عالم كل ما غاب عن حواس خلقه، وعالم كل ما تدركه حواسهم، العظيم في صفاته وأسمائه وأفعاله، المستعلي على كل مخلوق من مخلوقاته بذاته وصفاته.
10 - يعلم السر وأخفى، يستوي في علمه من أخفى منكم - أيها الناس - القول، ومن أعلنه، ويسوي في علمه كذلك من هو مستتر بظلمة الليل عن أعين الناس، ومن هو ظاهر بأعماله في وضح النهار.
11 - له -سبحانه وتعالى- ملائكة يعقب بعضهم بعضا على الإنسان، فيأتي بعضهم بالليل، وبعضهم بالنهار، يحفظون الإنسان بأمر الله من جملة الأقدار التي كتب الله لهم منعها عنه، ويكتبون أقواله وأعماله، إن الله لا يغير ما بقوم من حال طيبة إلى حال غيرها لا تسرهم حتى يغيروا ما بأنفسهم من حال الشكر، وإذا أراد لله سبحانه بقوم هلاكا فلا راد لما أراده، وما لكم - أيها الناس - من دون الله من متول يتولى أموركم، فتلجؤوا إليه لدفع ما أصابكم من بلاء.
12 - هو الذي يريكم - أيها الناس - البرق، ويجمع لكم به الخوف من الصواعق، والطمع في المطر، وهو الذي ينشئ السحاب المثقل بماء المطر الغزير.
13 - ويسبح الرعد ربه تسبيحا مقرونا بحمده سبحانه، وتسبح الملائكة ربها خوفا منه وإجلالا وتعظيما له، ويرسل الصواعق المحرقة على من يشاء من مخلوقاته فيهلكه، والكفار يخاصمون في وحدانية الله، والله شديد الحول والقوة، لمن عصاه.
[من فوائد الآيات]
• عظيم مغفرة الله وحلمه عن خطايا بني آدم، فهم يستكبرون ويتحدون رسله وأنبياءه، ومع هذا يرزقهم ويعافيهم ويحلم عنهم.
• سعة علم الله تعالى بما في ظلمة الرحم، فهو يعلم أمر النطفة الواقعة في الرحم، وصيرورتها إلى تخليق ذكر أو أنثى، وصحته واعتلاله، ورزقه وأجله، وشقي أو سعيد، فعلمه بها عام شامل.
• عظيم عناية الله ببني آدم، وإثبات وجود الملائكة التي تحرسه وتصونه وغيرهم مثل الحفظة.
• أن الله تعالى يغير حال العبد إلى الأفضل متى ما رأى منه اتباعا لأسباب الهداية، فهداية التوفيق منوطة باتباع هداية البيان.