الشبهة الخامسة :-
أن الله قال ** وهو معكم أينما كنتم ** وقوله تعالي ** ولا أدني من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ** فأهل السنة يقولون هي معية قرب وعلم فقالوا لماذا لم تجعلوا مع الخلق بذاته حيث كانوا لئلا تكونوا من أهل التأويل.
والجواب : أننا نفسر معية الله الخلق بالقرب والعلم والإحاطة لما يأتي .
أولا : جاءت آيات تثبت أن الله فوق عرشه وسماواته وآيات تثبت معية الله الخلق فتعين تفسير المعية بمعني لا ينافي علو الله واستواءه علي عرشه لاسيما وقد جمع الله بينهما في آيه واحدة وذلك في سورة الحديد قال تعالي ** هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم أستوي علي العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهم معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير **.
ثانيا : السلف مجموعون علي تفسير المعية بالقرب والعلم.
ثالثا : أننا لو فسرنا بمعية الذات لاستلزم ذلك معان باطلة من الحلول والاختلاط وتعارض ذلك مع علو الله الثابت بالكتاب والسنة والعقل والفطرة والإجماع .
** قال بن عباس هو الله ** إليه يصعد الكلم الطيب ** ** تعرج الملائكة والروح إليه ** ** يا عيسي إني متوفيك ورافعك إلىَّ ** ومن السنة قول الني( ( سبحان ربي الأعلى ) في سجوده . وقوله ( أن الله لما قضي الخلق كتب عنده فوق عرشه إن رحمتي سبقت غضبي ) وقوله ( ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء ) وقال للجارية ( أين الله قالت هو في السماء قال اعتقها فأنها مؤمنة ).
وأما العقل فيقر بأن العلو كمال والله له كل الكمال . ولما وقف أبو الحسن الاشعري علي المنبر يسرد الأدلة علي أن الله ليس فوق العرش بذاته فقال له أحد العوام إنني لا أستطيع أن أجادلك في تلك الأدلة لأنني لم أبلغ ما بلغت ولكن ماذا تقول في تلك الحاجة التي يجدها المرء إلى فوق فقال له حيرتني حيرتني ونزل من علي منبره ولم يتكلم في هذه المسألة مرة أخري.
وفي هذه المسألة ضل كثيرون وأشدهم الحلوليون الذين يعتقدون بوجود ذاتين للخالق وللمخلوقين حلت إحداهما في الأخرى والاتحادية الذين يعتقدون أن الجميع ذات واحد وأن تعددت أشكالها وصورها فالخالق عندهم هو ذات المخلوق . تعالي الله عمنا يقولون علوا كبيرا . ويقولون أن الله ليس له مكان فينفون عنه المكان لأن إثباته عندهم يلزم منه الجهة والجهة يلزم منه التميز والتحيز يلزم منه أن يكون الله محاطا بجهة مخلوقة
وما أجمل ما قاله ابن العثيمين رحمه الله في ذلك عندما سئل هل نثبت صفة الجهة لله فقال الجهة ثلاث :
جهة سفل : وهذه محالة علي الله لثبوت علوه.
جهة علو تحيط بالله : وهذه محالة عليه تعالي لأن الله لا يحيط به شئ من خلقه.
جهة علو لا تحيط بالله: وهذه نثبتها معني لالفظا يعني معناه ثابت من نصوص العلو لكن اللفظ لابد فيه من نص .
والمقصود أنه لا يلزم من إثبات علو الله فوق عرشه أن يكون في جهة مخلوقة محيطة به فاستواؤه تعالي ليس كمثله شئ . ولم يكن له كفؤا أحد .
والحلولية والاتحادية شر من اليهود والنصاري حيث اعتقد اليهود أن الله حل في عزير واعتقد النصاري أن الله حل فى ثلاثة أما هؤلاء فيعتقدون أن الله حل في كل شئ جليل وحقير
( ومن الاتحادية ابن عربي وابن الفارض وابن سبعين ) ونجد في أوراد الشاذلية " المرسي أبو العباس تلميذ بن عطاء الله السكندري تلميذ أبو الحسن الشاذلي قوله " اللهم أنشلني من أوحال التوحيد وأغرقني في بحر الوحدة. وقد قال بن الفارض
" ذاتي لذاتي صلت ولها كان سجودي في كل ركعة ". وقال أنيس منصور إن ابن عربي رجل فكره عال وسام جدا حيث نادي بمساواة الأديان وقد كان بن عربي يقول " فأصبح يستوي عندي كعبة طائف ومعبد أوثان ودير رهبان ومرتع وجدان " وهو القائل الرب عبد والعبد رب فليت شعري من المكلف .أن قلت عبد فذاك رب وإن قلت رب فأني يكلف . ومنهم تفرغت الإباحية وقد ختم لهؤلاء بخاتمة السوء وهكذا أهل البدع والأهواء
وهؤلاء كفار نوعا وعينا يخلاف الأشاعرة فهم أهل بدع وضلال ولا يكفرون لتأويلهم وإن كان تأويلا فاسدا..
ومن الشبهات قوله تعالي ** ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ** {ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون **.حيث فسر القرب فيهما بقرب الملائكة.
والجواب
الأولي: جاء القرب مقيدا بإذ ** إذ يتلقى المتلقيان ** وفي هذا دليل علي أن المراد به قرب الملكين .
الثانية: أن القرب مقيد بحال الاحتضار والذي يحضر الميت عند موته هم الملائكة لقوله تعالي ** حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا ...** ثم ان قوله ولكن لا تبصرون " يدل علي أن هذا القريب في نفس المكان ولكن لا نبصره وهذا يستحيل في حق الله " وقد جاء كثير من الآيات علي هذا النحو ** فإذا قرأناه فاتبع ** والقارئ هو جبريل {ويجادلنا في قوم لوط ** والمجادل هم الملائكة.