م / وهو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة .
  -------
  ذكر المصنف – رحمه الله – تعريف الوقف فقال : هو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة .
  مثال : أن يقول هذا بيتي وقف على الفقراء، فأصل البيت محبوس ( ثابت لا يباع ولا يوهب ولا يورث ) ، لا يمكن أن يتصرف فيه ببيع ولا هبة ولا غير ذلك ، ومنفعته مطلقة للفقراء ، فكل من كان فقيراً استحق هذا الوقف .
  ·تسبيل المنفعة : أي الغلة الناتجة عن ذلك الأصل كالثمرة والأجرة .
  م / وهو أفضل القرب وأنفعها .
  ---------------------
  ذكر المصنف – رحمه الله – أن الوقف من أفضل القرب إلى الله وأجل الطاعات التي حث الله عليها ووعد بالثواب الجزيل ، لأنه صدقة ثابتة دائمة في وجوه البر والخير ، ولأنه إحسان إلى الموقوف عليه ، إما لحاجتهم كالفقراء والأيتام والأرامل ، أو للحاجة إليهم ، كالمجاهدين والمعلمين والمتعلمين ونحوهم ، وفيه إحسان للواقف ، حيث يجري عليه ثواب وقفه بعد انقطاع أعماله ورحيله عن هذه الدار .
  لقوله تعالى ( وافعلوا الخير ) .
  وذكر المصنف – رحمه الله – الحديث الدال على فضله :
  م / عن أبي هريرة قال : قال رسول الله r ( إذا مات ابن آدم انقطـع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو ولد صالح يدعو له ، أو علم ينتفع به ) رواه مسلم .
  ---------------------
  وجه الدلالة : أن العلماء فسروا الصدقة الجارية بالوقف .
  [ إذا مات الإنسان انقطع عمله ] يعني بزوال التكليف بالموت وخروجه من دار العمل إلى البرزخ ، وليس البرزخ مكاناً للعمل ، ومعنى انقطع عمله : يعني انقطع ثوابه .[ إلا من ثلاثة ] إلا من ثلاثة أشياء ، فإن ثوابها يدوم للإنسان بعد موته لدوام أثرها .
  [ صدقة جارية ] المراد بها الصدقة المتصلة التي استمر نفعها كوقف العقارات والكتاب والمصاحف والأواني ونحو هذا مما يستمر نفعه ببقاء عينه .[ أو علم ينتفع به ] قوله ( ينتفع به ) هذا قيد ، فهذا يخرج العلم الذي لا نفع فيه ، أو العلم الذي فيه مضرة كعلم النجوم يتعلمه ، وكذا العلوم المفسدة للدين والأخلاق فلا تدخل في الحديث .والمراد بالعلم الذي ينتفع به ما يلي : العلم الذي علمه الطلبة المستفيدين المستعدين للعلم – العلم الذي ينشره بين الناس – الكتب التي ألفها في نفع المسلمين ، قال العلماء : والكتب أعظمها أثراً لطول بقائها .[ أو ولد صالح يدعو له ] المراد بالصلاح الاستقامة على طاعة الله ، ( الحديث يشمل ولد الصلب وولد الولد ، ويشمل الذكر والأنثى ) ، وصْف الولد بالصلاح : ليكون دعاؤه مجاباً فينتفـع والده بدعائه ، وفائدة التقييد بالولد – مع أن دعاء غير الولد ينفع - هو تحريض الولد على الدعاء لوالديه .
  ·الحديث دليل على أن الإنسان إذا مات انقطع أجر عمله ، لأن الله جعل الدنيا دار تزود وعمل ، إلا من هذه الأشياء الثلاثة فإنها تبقى ويبقى أثرها وثوابها بعد موت الإنسان ، ومن هذه الثلاثة: 
الصدقة الجارية ، والمراد بها عند العلماء : الوقف ، وهذا يدل على صحة الوقف وعظيم ثوابه عند الله تعالى بسبب بقاء نفعه ودوام ثوابه .
  وهذه الأشياء الثلاثة إنما بقيت للإنسان بعد موته لأنها من آثار عمله .
  وقال جابر : لم يكن أحد من أصحاب رسول الله r عنده مقدرة إلا وقف .
  ·المقصود من الوقف أمران :
  الأمر الأول : الأجر الحاصل للواقف .
  الأمر الثاني : نفع الموقوف عليه في عين الوقف أو غلته .
  مثال : قلت هذا البيت وقف على  زيد من الناس – لو أراد أن يسكنه فهنا انتفع بعين الوقف، ولو أجر الناظر البيت وأعطاه الغلة فهنا انتفع بغلته .
  م / إذا كان على جهة بر ، وسلِم من الظلم .
  ---------------------
  أي : يشترط في الوقف أن يكون على جهة بر وطاعة ، كالمساجد ، والفقراء ، واليتامى ونحوها .
  لأن المقصود به التقرب إلى الله ، كبناء مسجد أو مدرسة علمية ، أو داراً ريعها للفقراء .
  لو قال : هذا وقف على الأغنياء ، فإنه لا يصح ، لأنهم ليسوا محلاً للقربة .
  ·أما إذا كان على معين فإنه لا يشترط أن يكون على بر [ لكن يشترط ألا يكون إثم ] .
  مثال : وقفت هذا البيت على فلان الغني ، فإنه يصح ، لأنه ليس على جهة .
  ·ومما يشترط في الوقف : أن يكون مما ينتفع به انتفاعاً مستمراً مع بقاء عينه .
  فإذا كان لا ينتفع به على سبيل الدوام فلا يصح وقفاً .
  مثال : الطعام ، لا يصح وقفه ، لأنه ينفد .
  مثال : قلت : هذه الخبز وقف لله تعالى على الجائعين ، فهذا لا يصح وقفاً ، وتكون صدقة .
  لو وقّف حماراً مقطع الأرجل ، فإنه لا يصح ، لأنه لا ينتفع به .
  الوقف الجائز : مثل العقارات والكتب والأواني ، مثال : هذه الأواني وقف يوضع بها الطعام للفقراء .
  مثال آخر : أن يقول : هذا السلاح وقف على المجاهدين في سبيل الله . 
  
  م /  عن ابن عمر قَالَ( أَصَابَ عُمَرُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ , فَأَتَى اَلنَّبِيَّ r يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا , فَقَالَ : يَا رَسُولَ اَللَّهِ ! إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ هُوَ أَنْفَسُ عِنْدِي مِنْه ُ. قَالَ : " إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا , وَتَصَدَّقْتَ بِهَا " . قَالَ : فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ ,[غَيْرَ] أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا, وَلَا يُورَثُ , وَلَا يُوهَبُ , فَتَصَدَّقَ بِهَا فِي اَلْفُقَرَاءِ , وَفِي اَلْقُرْبَى , وَفِي اَلرِّقَابِ , وَفِي سَبِيلِ اَللَّهِ , وَابْنِ اَلسَّبِيلِ , وَالضَّيْفِ , لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ , وَيُطْعِمَ صَدِيقاً غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ مَالً . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. 
  وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ : ** تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ , لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ , وَلَكِنْ يُنْفَقُ ثَمَرُهُ ) .
  ---------------------
  ذكر المصنف – رحمه الله – حديث عمر حينما أوقف أرضاً بخيبر ، ليستدل به على بعض أحكام الوقف .
  [ أَصَابَ عُمَرُ أَرْضًا فَأَتَى اَلنَّبِيَّ r يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا ] أي يستشيره في التصرف في هذه الأرض .
   [ أَنْفَسُ عِنْدِي مِنْه ] أي أعز وأجود ، لأن النفيس هو الشيء الجيد المغتبط به .
  [ إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا ] بتشديد الباء ويجوز التخفيف ، وأصل الحبس لغة المنع . 
  [ وَتَصَدَّقْتَ بِهَا ] أي وتصدق بغلتها وبريعها أو بمنفعتها وقد جاء في رواية عند النسائي : احبس أصلها وسبّل ثمرها .
  [ فَتَصَدَّقَ بِهَا فِي اَلْفُقَرَاءِ ] وهو من لا يقدر على نصف كفايته وكفاية عائلته لا بماله ولا بكسبه .
  [ وَفِي اَلْقُرْبَى ] أي الأقارب ، والمراد بهم قرابة عمر .
  [ وَفِي اَلرِّقَابِ ] جمع رقبة ، والمراد هنا فك الإنسان من الرق أو الأسر ، والمعنى : أنه يشترى من غلة الوقف رقاباً فيعتقون ، أو يعان المكاتبون الذين كاتبوا أسيادهم على مقدار من المال يعتقون بدفعه .
  [ وَفِي سَبِيلِ اَللَّهِ ] اختلف في معناه فقيل : المراد به الجهاد فيشمل شراء الأسلحة وأدوات الحرب ونحو ذلك ، وقيل : أن المراد قي سبيل الله ، كل ما أعان على اعلاء كلمة الله ونشر دينه ونفع المسلمين ، وعلى هذا التفسير يدخل فيه أبواب كثيرة جداً فيدخل فيه إعانة المجاهدين ، وبناء المساجد والمدارس ودور الرعاية والمستشفيات ويدخل أيضاً شراء الكتب وتوزيعها أو المساهمة بطبعها ، ورعاية الأيتام والمعوقين والأرامل .
  [ وَابْنِ اَلسَّبِيلِ ] أي المسافر الذي انقطع به السفر ولم يستطع مواصلة السفر ، فهذا يعطى من ريع الوقف ما يوصله إلى بلده .
  [ وَالضَّيْفِ ] هو من ينزل بالقوم يريد القراء .
  [ لا جُنَاحَ ] أي لا حرج ولا إثم .
  [ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا ] أي قام بحفظها وإصلاحها ( أي الأرض ) .
  [ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا ] أي يأخذ من ريعها ما يحتاج إليه من طعام أوكسوة أو مركب .
  [ بِالْمَعْرُوفِ ] هذا قيد ، فأخْذه مقيد بالمعروف ، وهو ما جرى به العرف وأقره الشرع .
  [ وَيُطْعِمَ صَدِيقاً ] قيل : المراد صديق الناظر ، وهذا الأقرب لرواية البخاري ( أو يوصل صديقه ) وقيل : المراد صديق الواقف ، وهذا فيه بُعد .
  [ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ مَالاً ] التمول : اتخاذ المال أكثر من حاجته ، والمراد : أن الناظر يأكل من الوقف لكن لا يتملك منه شيئاً ، فلا يأخذ – مثلاً – من الوقف ألف ريال ، ( 500 ) يأكلها ، و ( 500 ) يودعها في رصيده .
  ·هذا الحديث أصل عظيم في باب الوقف .
  ·الحديث دليل على فضل الوقف وأنه من الصدقات الجارية والإحسان المستمر .
  ·الحديث دليل على أنه ينبغي أن يكـون الوقف من أطيب المال وأحسنـه طمـعاً في ثواب الله ، قال تعالى (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) .
  ·الحديث دليل على أنه ينبغي للإنسان أن يستشير غيره لاسيما ذو الفضل وأهل الدين والعلم .
  ·الحديث دليل على أن لفظ التحبيس صريح في الوقف فلا يحتاج إلى أمر زائد من نية أو قرينة لفظية ، فإذا قال : حبست هذه الأرض ، أو حبست هذا البيت ، صار وقفاً .
  ·الحديث دليل على أنه لا يجوز التصرف بالوقف لا ببيع ولا بإرث ولا بهبة .
  ·الحديث دليل على أن للواقف أن يشترط في وقفه شروطاً ما لم تخالف الشرع .
  ·الحديث دليل على وجوب العمل بشرط الواقف ما لم يخالف الشرع كما سيأتي .
  ·الحديث دليل على أن الوقف عقد لازم بمجرد القول ، فلا يملك الواقف الرجوع فيه ، وهذا قول الجمهور من العلماء .
  وجه الاستدلال من وجهين :
  الوجه الأول : أن النبي e أمر عمر أن يحبّس الأصل ، والحبس هو المنع ، والقول أن الوقف عقد جائز ينافي التحبيس .
  الوجه الثاني : أن النبي e ذكر أحكام الوقف فقال ( تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ , لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ .... ) .
  وقال أبو حنيفة : إن الوقف عقد جائز ، فللواقف أن يرجع في وقفه متى شاء .
  واستدل بحديث ابن عباس . أن النبي e قال ( لما نزلت سورة النساء وفرض فيها الفرائض ( المواريث ) قال النبي e : لا حبس عن فرائض الله ) رواه الطحاوي وسنده ضعيف .
  والصحيح القول الأول .
  ·اختلف العلماء في حكم بيع الوقف على أقوال ثلاثة ؟
  القول الأول : أنه لا يجوز بيعه بحال .
  وهذا مذهب مالك والشافعي .
  لحديث الباب ( غير أنه لا يباع أصلها ) .
  القول الثاني : أنه يجوز بيع الوقف والرجوع فيه .
  وهذا مذهب أبي حنيفة . وهو قول ضعيف .
  القول الثالث : أنه لا يجوز بيعه ولا إبداله إلا إذا تعطلت منافعه بالكلية ولم يمكن الانتفاع به ولا تعميره أو إصلاحه .
  وهذا قول الإمام أحمد وهو اختيار ابن تيمية وتلميذه ابن القيم .
  لو كان الوقف بيتاً فانهدمت ، أو كان مسجداً ورحل عنه أهل القرية فعلى هذا القول أنه يجوز بيعه وإبداله بشيء آخر يستمر فيه نفعه للواقف .
  لما ورد عن عمر ( كتب إلى سعد – لما بلغه أن بيت المال الذي في الكوفة قد نَقَب – تهدم – قال عمر : انقل المسجد الذي بالتمّارين ، واجعل بيت المال في قِبلة المسجد ، فإنه لا يزال في المسجد مصلٍّ ) أخرجه الطبراني ، وكان هذا بمشهد من الصحابة ولم يظهر خلافه فكان إجماعاً [ قاله في المغني ] .
  ويؤيد هذا أن بقاء العين بلا منفعة لا فائدة فيه ، وحرمان له من ثوابه .
  ·الحديث دليل على أنه يشترط للواقف أن يشترط الاستفادة من وقفه .
  م / وأنفعه : أفضله للمسلمين .
  ---------------------
  أي : أفضل الوقف ما كان أكثر نفعاً ، وهو يختلف باختلاف الزمان والمكان ، ولذلك ينبغي للواقف أن يستشير من يثق بدينه وعلمه وخبرته واطلاعه .
  
  
  م / وينعقد بالقول الدال على الوقف .
  ---------------------
  أي : وينعقد الوقف بالقول ، والقول ينقسم إلى قسمين :
  صريح : وهي ما لا يحتمل إلا الوقف ، فيكفي فيه اللفظ ، فبمجرد ما يتلفظ باللفظ الصريح تثبت هذه العين وقفاً وهي :
  وقّفتُ ، وحبّستُ ، وسبّلتُ .
  مثال : وقفت داري هذه على طلاب العلم [ تصير وقفاًُ بمجرد نطقه بذلك ] .
  مثال : حبّست سيارتي على طلاب العلم [ تصير وقفاً بمجرد نطقه بذلك ] .
  الثانية : الكناية : وهي ما يحتمل الوقف وغيره ، فلا يكفي فيه اللفظ ، بل يشترط انضمام أمر زائد إليه .
  والكناية هي : تصدقت ، حرمت ، أبدت .
  فهذه لا تنعقد بها الوقف إلا بثلاثة شروط :
  1- النية :
  مثال : قال تصدقت بداري ، وينوي أنها وقف ، فإنها تصير وقفاً ، لأنه نوى بذلك .
  لأن قوله [ تصدقت بداري ] لفظ مشترك، فيحتمل أن تكون الصدقة التي ليست هي بوقف، ويحتمل أنه يريد وقفاً، فلما كان لفظاً مشتركاً اشتُرِط فيه النية .
  2- أن يقترن بها أحد الألفاظ الصريحة أو الباقي من ألفاظ الكناية .
  فإذا تلفظ بلفظ من ألفاظ الكناية، وضم إليها لفظاً من الألفاظ الباقية، فحينئذ يزول الإشكال ويكون وقفاً.
  مثال : إذا قال تصدقت بداري صدقة موقوفة [ تصير وقفاً ] .
  مثال : قال تصدقت بهذه الدار صدقة محبسة [ تصير وقفاً ] .
  مثال : قال حرمت داري تحريماً مؤبداً أو تحريماً موقوفاً [ تصير وقفاً ] .
  3- أن ينضم إلى هذا اللفظ [ الذي هو الكناية ] ما يدل على الوقف .
  كأن يقول : تصدقت بداري صدقة لا تباع  فقوله [ لا تباع ] يدل على أن قوله تصدقت يريد بذلك الوقف ، لأن الذي لا يباع هو الوقف  .
  أو قال : تصدقت بداري هذه صدقةً لا تورث [ فإنه يصير وقفاً ] لأن الذي لا يُورث هو الوقف .
  ·وينعقد القول بالصيغة الفعلية ، مثال : أن يبني مسجداً ويأذن للناس في الصلاة فيه ، فهذا يكون وقفاً ، لأن هذا الفعل منه يدل على ذلك ، ولا يشترط أن يقول هذا وقف ، لأن فعله يدل على ذلك .
  م / ويُرجع في مصارف الوقف وشروطه إلى شرط الواقف حيث وافق الشرع .
  ---------------------
  أي : ويرجع في الوقف ، وتحديد مصارفه وشروطه إلى لفظ الواقف وما حدده إذا لم يخالف الشرع .
  لأن عمر وقف وقفاً وشرط فيه شروطاً , ولو لم يجب اتباع شرطه لم يكن فيه فائدة .
  ولأن الواقف إنما رضي بإخراج هذا الموقوف عن ملكه بهذا الشرط فيجب أن يتبع
  مثال : لو قال : أوقفت داري على أولادي وأولاد أولادي ، فهنا جمع بين أولاده وأولاد أولاده ، فيكون ريع الوقف لهم جميعاً ، لأن هذا شرْطه .
  مثال : لو قال : هذا وقف على زيد وعمرو والمقدم زيد ، فيعمل بشرطه ، فإنه قد شرط التقديم لزيد ، فيعطى زيد من الريع وما يكفيه ، فإن فضل شيء فهو لعمرو ، وإن لم يفضل شيء فلا شيء له .
  مثال : هذا وقف على أولاد فلان ، والناظر عليه فلان ، فيجب العمل بشرطه .
  ·الشرط المخالف للشرع لا يجوز الوفاء به .
  هذا البيت وقف يصرف ريعه على أهل الموسيقى – حرام لأنها ليست جهة بر .
  
  م / ولا يباع إلا أن تتعطل منافعه ، فيباع فيجعل في مثله أو بعض مثله .
  ---------------------
  أي : لا يجوز بيع الوقف لقوله e لعمر (تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ , لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ , وَلَكِنْ يُنْفَقُ ثَمَرُهُ )  هذا لفظ البخاري .
  ·لكن استثنى المصنف – رحمه الله – إذا تعطلت منافعه ، كدار انهدمت ، أو أرض خربت وعادت مواتاً ولم تمكن عمارتها ، أو مسجد انتقل أهل القرية عنه ، أو محل بيع قلّ العائد منه .
  وما ذكره المصنف – رحمه الله – من أنه يجوز بيع الوقف إذا تعطلت منافعه هو قول الإمام أحمد وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم . ( وقد سبقت المسألة ) 
  ودليل ذلك ما روي أن عمر كتب إلى سعد لما بلغه أنه قد نُقِبَ بيت المال الذي في الكوفة (أن انقل المسجد الذي بالتمّارين ، واجعل بيت المال في قِبلة المسجد، فإنه لا يزال في المسجد مصلٍّ) أخرجه الطبراني .
  وكان هذا بمشهد من الصحابة ولم يظهر خلافه فكان إجماعاً . [ قاله في المغني ] .
  ويؤيد ذلك أن بقاء العين بلا منفعة لا فائدة فيه للواقف ، وحرمان له من ثوابه ، وإذا كان المقصود من الوقف الانتفاع على الدوام ، فإن ذلك يتم في عين أخرى ، وبقاء الأول بلا نفع تضييع للغرض وتفويت له 
  وذهب بعض العلماء إلى أنه لا يجوز بيعه مطلقاً ، وهذا قول المالكية والشافعية لحديث عمر (تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ , لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ , وَلَكِنْ يُنْفَقُ ثَمَرُهُ ) .
  وقال أبو حنيفة : يجوز بيعه والرجوع فيه ، لأنه صدقة من الصدقات .
  وما ذهب إليه المصنف – رحمه الله – ورجحه شيخ الإسلام هو الصحيح .