اخيرا وهذا للاخوة جميعا حيث اننى اعتقد باهميه وخطوره قضيه تخصيص الدعاء من وجهت نظر اخينا العزيز مع اننى يا سيدى لا ارفضها مبدئيا ولكن اعود واكرر واوضح ارفضها منهجيا
واضنك تفهم قصدى جيدا .....
وعموما اخوتى الاحبه
كما اخينا الكريم جند الله هذا ما اراه انا شخصيا قد اكون مخطئا ولا اقول الا الله اعلم
فان اصبت فهو توفيق من الله وان لم اصب فهو من الشيطان نعوذ بالله منه
ولذلك تقبلو منى بعض النقل فى موضوع الدعاء عموما وما يتعلق بموضوعنا خصوصا ......
والله اعلم
عن عائشة رضي الله عنها قالت (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك )) رواه أبو داود [ح 1482] .
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله (( سيكون قوم يعتدون في الدعاء )) .رواه أبو داود [ح 1480] .
وسمع سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ابنه يقول في دعائه (( اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وبهجتها وكذا وكذا ، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها وكذا وكذا فنهاه )) ثم ذكر الحديث السابق .
(( اربعوا على أنفسكم ، إنكم لا تدعون أصم ولا غائباً إنكم تدعون سميعاً بصيراً وهو معكم والذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته )) رواه البخاري ومسلم . انظر جامع الأصول [4/160 ]
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء : من أعظم شروط الدعاء الثقة بالله والتصديق له ولرسوله ، والإيمان بأن الله هو الحق ولا يقول إلا الحق ، والإخلاص لله سبحانه والمتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم مع الإيمان بأن الرسول عليه الصلاة والسلام بلغ الحق وهو الصادق فيما يقول .
وأضاف سماحته : وأن يأتي بذلك عن إيمان وثقة بالله ورغبة فيما عنده ، وأنه سبحانه مدبر الأمور ومصرف الأشياء ، وأنه القادر على كل شيء سبحانه وتعالى : لا عن شك ولا عن سوء ظن بل عن حسن ظن بالله وثقة به ، وأنه متى تخلف المطلوب فلعلة من العلل ، فالعبد عليه أن يأتي بالأسباب ، والله مسبب الأسباب ، وهو الحكيم العليم ) . وقال سماحته : وقد يحصل الدواء ولكن لا يزول الداء لأسباب أخرى جهلها العبد ولله فيها حكم سبحانه وتعالى ، وهذا يشمل الدواء الحسي والمعنوي ؛ الحسي الذي يقوم به الأطباء من أدوية وعمليات ونحو ذلك ، والمعنوي الذي يحصل بالدعاء والقراءة ونحو ذلك من الأسباب الشرعية ، ومع هذا كله قد يتخلف المطلوب لأسباب كثيرة ، منها : الغفلة عن الله سبحانه ، ومنها : المعاصي ولا سيما أكل الحرام ) .
واستشهد سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ما من عبد يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث إما أن تعجل له دعوته في الدنيا وإما أن تدخر له في الآخرة وإما أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك قالوا يا رسول الله إذا نكثر قال الله أكثر
واختتم سماحته إجابته بقوله : وبذلك يعلم المؤمن أن إجابته قد تؤجل إلى الآخرة لأسباب اقتضتها حكمة الله سبحانه ، وقد يصرف عنه بأسباب الدعاء شر كثير بدلا من أن يعطى طلبه ، والله سبحانه وتعالى هو الحكيم العليم في أفعاله وأقواله وشرعه وقدره كما قال عز وجل : إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
. وينبغي أن يعلم أنه سبحانه قد يؤخر الإجابة لمدة طويلة ، كما أخر إجابة يعقوب في رد ابنه يوسف إليه ، وهو نبي كريم عليه الصلاة والسلام ، وكما أخر شفاء نبيه أيوب عليه الصلاة والسلام .
وقد يعطي الله السائل خيرا مما سأل ، وقد يصرف عنه من الشر أفضل مما سأل ، كما جاء في الحديث السابق الذي ذكرنا آنفا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ما من عبد يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث إما أن تعجل له دعوته في الدنيا وإما أن تدخر له في الآخرة وإما أن يصرف عنه في الشر مثل ذلك قالوا يا رسول الله إذا نكثر؟ قال " الله أكثر "
فبين في هذا الحديث عليه الصلاة والسلام أن الله سبحانه قد يؤخر الإجابة إلى الآخرة ، وقد يعجلها في الدنيا لحكمة بالغة ، لأن ذلك أصلح لعبده ، وأنفع له ، وقد يصرف عنه شرا عظيما ، خيرا له من إجابة دعوته . فعليك بحسن الظن بالله ، وأن تستمر في الدعاء وتلح في ذلك ، فإن في الدعاء خيرا كثيرا لك ، وعليك أن تتهم نفسك وأن تنظر في حالك وأن تستقيم على طاعة ربك ، وأن تعلم أن ربك حكيم عليم ، قد يؤجل الإجابة لحكمة ، وقد يعجلها لحكمة ، وقد يعطيك بدلا من دعوتك خيرا منها ، لما ذكرنا آنفا ولما في الحديث الصحيح الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم : يستجاب لأحدكم ما لم يعجل فيقول دعوت ودعوت فلم أره يستجاب لي فيستحي عند ذلك ويدع الدعاء
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : يقول الله عز وجل أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني خرجه مسلم في صحيحه . . والله ولي التوفيق
صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يُرَدُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الأَذَانِ والإِقَامَةِ" أخرجه أبو داود (521).
الوصية النبوية ….
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
((أيها الناس إن الله طيب لا يقبل الا طيبا وان الله امر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، فقال :
( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا اني بما تعملون عليم )) المؤمنون : 51 ) .
وقال : ( يا أيها الذين أمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم )) البقرة : 172) .
ثم ذكر الرجل يطيل السفر ، أشعث اغبر يمد يديه الى السماء يارب يارب ومطعمه حرام ! ومشربه حرام ! وملبسه حرام ! وغذي بالحرام ! فأنى يستجاب لذلك ؟ ! )) رواه مسلم والترمذي ) .
وقال الإمام ابن رجب ( رحمة الله ) : فأكل الحلال وشربه ولبسه والتغذي به سبب موجب لإجابة الدعاء …
أخي المسلم : ولك في سلفك الصالح ـ رضي الله عنهم ـ قدوة صالحة …
فهذا سعد بن أبي وقاص ( رضي الله عنه ) اشتهر بإجابة الدعاء … فكان إذا دعا ارتفع دعاؤه واخترق الحجب فلا يرجع إلا بتحقيق المطلوب ! .
فكان رضي الله عنه مثالا حيا لمن أراد ان يعرف طريق إجابة الدعاء … وها هو رضي الله عنه يسأله بعضهم تستجاب دعوتك من بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فقال : ما رفعت الى فمي لقمة إلا وأنا عالم من اين مجيئها ؟ ! ومن أين خرجت .
أخي ذاك هو سر استجابة دعاء سعد بن أبى وقاص ـ رضي الله عنه ـ اللقمة الطيبة الحلال
وقد حثَّ عليه الرسول الكريم في أحاديث كثيرة منها قوله: «إن الله تعالى حييٌّ كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردَّهما صفراً خائبتين» (رواه أحمد وأبو داود عن سلمان رضي الله عنه ). وقوله صلى الله عليه وسلم : «الدعاء سلاح المؤمن، وعماد الدِّين، ونور السموات والأرض» (رواه أبو يعلى والحاكم عن الإمام علي رضي الله عنه ).
أمَّا الَّذين لا تُرَدُّ دعوتهم فمنهم ثلاثة، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : «ثلاثة لا تردُّ دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتَّى يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، وتُفتَّح لها أبواب السماء ويقول الربُّ تبارك وتعالى: وعزَّتي لأنصرنَّك ولو بعد حين» (رواه أحمد والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال النبي صلى الله عليه وسلم : «دعاء المسلم مستجاب لأخيه بظهر الغيب، عند رأسه ملك موكَّل به كلَّما دعا لأخيه بخير قال الملك آمين ولك مثل ذلك» (رواه أحمد ومسلم وابن ماجه عن أبي الدرداء رضي الله عنه ) ،
وكذلك دعوة المريض والمبتلى مستجابة ، قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم :«إذا دخلت على مريضِ فَمُرْهُ يدعو لك فإن دعاءه كدعاء الملائكة» (أخرجه ابن ماجه عن ابن عمر رضي الله عنه )، وذلك لأن المريض المبتلى يرقُّ قلبه، فيلتجئ إلى الله بصدق وانكسار .
الاعـتـداء في الـدعـاء*
خالد بن عثمان السبت
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونـسـتـغـفـره، ونعـوذ بالله مــن شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسـلــم وعـلــى آله وصـحـبه أجمعين، أما بعد:
فــلا ريــب أن الـلـجـوء إلى الله تعالى فطرة فطر الله العباد عليها، وهو أمر معلوم من الدين بالضرورة، كـمــا أن الدعاء عبادة عظيمة تُعد من أجلّ الطاعات وأفضل القربات، بل عده النبي هو العبادة كـمــا روى ذلـك أبـو داود وغيره من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه مرفوعاً: »الدعاء هو العبادة، قال ربكم ادعوني أستجب لكم«(1).
وقد تظافرت النصوص من الكتاب والسنة في طلبه والثنـاء على أربابه وهذا أمر معلوم لكل أحد. إلا أن هذه العبادة الشريفة التي تقـــرب الـعـبـد إلى ربه تبارك وتعالى قد يشوبها ما يجعلها موجبة لمقت الله عز وجل وغضبه. قال الله تـعالى ((ادعوا ربكم تضرعاً وخُفْيَةً إنه لا يحب المعتدين))(2) فهذه الآية تضمنت الأمر بالـدعــــاء بالوصفين المذكورين أولاً، كما تضمن ما يدل على النهي وذلك في قوله (إنه لا يحب المعتدين) فهذا يدل على النهي عن الاعتداء في الدعاء.
وحقيقة الاعتداء: مجاوزة حدٍ ما. وقيل: تجاوز الحد في كل شيء(3).
وقد تقاربت أقوال العلماء في بيان معناه هنا - أي الـمـتـعلق بالدعاء - وذلك عند تفسيرهم لقوله تعالى (إنه لا يحب المعتدين) (2).
فقال ابن جرير رحمه الله: »إن ربكم لا يحب من اعتدى فتجاوز حده الذي حده لبعاده في دعائه وفي غير ذلك من الأمور«(4).
وقال الطرطوشي: »يعني المجاوزين في الدعاء ما أُمروا به«(5).
وقال القرطبي: »والمعتدي هو المجاوز للحد ومرتكب الحظر«(6).
وقال ابن القيم بعد أن ذكر بعض أنواع الاعتداء في الدعاء: »فكل سؤال يناقض حكمة الله، أو يتضمن مناقضة شرعه وأمره، أو يتضمن خلاف ما أخبر به فهو اعتداء لا يحبه الله ولا يحب سائله«(7).
ولما كان هذا الأمر - أعني الاعتداء في الدعاء - يكثر وقـوعــــه، رأيت أن الحاجة ماسة للحديث عن هذه الآفة ليحذرها المسلم.
والاعتداء في الدعاء تارة يكون في الأداء والطريقة، وتارة يكون في الألفاظ والمعاني، ويتفرع عن ذلك أمور كثيرة، وسوف أذكر في هذا المقام عشرين نوعاًً مـــــن أنواع الاعتداء التي يدخل تحت كل نوع منها صور كثيرة:
النوع الأول: أن يشتمل الدعاء على شيء من الشرك: وهذا من أسوأ الاعتداء وأشنعه كما لا يخفى لأن الدعاء عبادة لا يجوز صرفه لغير الله عز وجل.
النوع الثاني: أن يطلب نفي مادل السمع على ثبوته: كأن يدعو لكافرٍ أن لايُـعـذب أو يُخلد في النار، أو يسأل ربه أن لا يبتليه أبداً، أو لا يبعثه، أو أن لا يُدخــــل أحـداً من المسلمين النار، أو أن لا تقوم الساعة...، ونحو ذلك.
النوع الثالث: أن يطلب ثبوت ما دل السمع على نفيه. كأن يدعو على مؤمن أن يخلده الله في النار، أو يدعو لكافر أن يدخله الله الجنة، أو يدعوا لنفسه أو لغيره - غير النبي -صلى الله عليه وسلم- - أن يكون أول من تنشق عنه الأرض، أو أول من يدخل الجنة.
أو يسأل ربه الخلود إلى يوم القيامة، أو يطلب الاطلاع على الغيب، أو يسأل العصمة من الخطأ والذنوب مطلقاً.
النوع الرابع: أن يطلب نفي ما دل العقل على ثبوته.
النوع الخامس: أن يطلب إثبات ما دل العقل على نفيه، كأن يسأل ربه أن يجعله في مكانين في وقت واحد، أو كأن يشهد الحج وفي نفس الوقت يكون مرابطاً في الثغور، أو يدعوا على عدوه أن يكون غير موجود ولا معدوم، أو غير حي ولا ميت »أعني الحـيــاة والموت الحقيقية«.
وهذا النوع والذي قبله ذكرتهما تكملة للقسمة في مقام التفصيل والتبيين الذي يغتفر فيه ما لا يغتفر في مقام الإجمال، ولا يخفى ما بين العقل والنقل من الموافقة.
النوع السادس: أن يسأل ما هو من قبيل المُحال عادة: كأن يطلب ربه أن يرفع عنه لوازم البشرية بأن يستغنى عن الطعام والشراب، أو النفس،. أو يطلب الولد ولم يتزوج أو يتسرى، أو يسأل الثمر من غير زرع، أو يدعو ربه أن يعطيه جبلاً من ذهب، أو يمطر عليه السماء ذهباً وفضة، أو يسأل الطيران دون فعل أسبابه العادية المعروفة، أو النصر على الأعداء (وأن يجعلهم الله غنيمة للمسلمين) ولم يُعد لذلك العدة، وكأن يسأل النجاح دون دراسة.
النوع السابع: أن يطلب نفي أمر دل السمع على نفيه، فهذا من قبيل تحصيل الحاصل.
كـــأن يـقـــول: اللـهـم لا تهلك هذه الأمة بعامة، ولا تسلط عليها عدواً من سوى أنفسها فيستبيح بيـضـتـهـا فهذان أمران دعا بهما النبي -صلى الله عليه وسلم- وأجيبت دعوته وأخبرنا بذلك، فإن دعــوت بذلك كان من قبيل ما ذكرت والله أعلم، ومن ذلك أن يدعو ربه أن لا يدخل الكفار الجنة إن ماتوا على كفرهم.
النوع الثامن: طلب ثبـوت أمرٍ دل السمع على ثبوته(8)، وهذا مثل الذي قبله، لكن يفرق في صور عدة بين الدعاء لمعين وبين الدعاء العام.
النوع التاسع: أن يعلق الدعاء على المشيئة(9)، قال البخاري رحمه الله في صحيحه: »باب ليعزم المسألة فإنه لا مكره له« وذكر تحته حديثين:
الأول: حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : »إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة ولا يقولن اللهم إن شئت فأعطني، فإنه لا مستكره له(10) والثاني: حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت -، ليعزم المسألة فإنه لا مستكره له (11).
النوع العاشر: الدعاء عـلـى مـــن لا يستحقه. (أي: يظلم في دعائه): أخرج الشيخان وغيرهما من حديث أبي هريرة رضـــي الله عنه مرفوعاً: »لا يزال يُستجاب للعبد مالم يدع بإثم أو قطيعة رحم«(12).
وقد جاء في دعاء النبي -صلى الله عـلـيــه وسلم- - كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: »رب أعني ولا تُعِن علي - إلى أن قال - وانصرني على من بغي علي..«(13).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: »فقوله: وانصرني على من بغى علي« دعاء عادل لا دعاء معتد يقول: انصرني على عدوى مطلقاً.
ومن الاعتداء قول الأعرابي: »اللهم ارحمني ومحمداً، ولا ترحم معنا أحداً« فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- : »لقد تحجرت واسعاً« يريد رحمة الله«(14).
النوع الحادي عشر: طلب تحصيل المحرم شرعاً: كأن يسأل ربه أن ييسر له خمراً يشربها، أو خنزيراً يأكله، أو امرأة يزني بها، أو مالاً يسرقه، أو وقتاً ومالاً ليسافر إلى بلاد الكفر أو الفسق بلا حاجة معتبرة.
النوع الثاني عشر: رفع الصوت فوق الحاجة (15).
فإذا كان الإنسان يدعو بمفردة فالأصل في ذلك الإسرار بالمناجاة كما قال تعالى: ((ادعوا ربكم تضرعاً وخفية ))»(2).
لكن إن كان معه من يُؤمن على دعائه، كالإمام في القنوت، أو الاستسقاء أو نحو ذلك، فإنه يرفع صوته على قدر الحاجة، ويُؤمن من خلفه على دعائه دون صياح ورفع زائد على القدر المُحتاج إليه؛ لأن ذلك قد يتنافى والأدب مع الله عز وجل.
وقد فسر بعض السلف قوله تعالى: (إنه لا يحب المعتدين) (2) بالذين يرفعون أصواتهم رفعاً زائداً على الحاجة (17).
قال ابن المُنيّر رحمه الله: »وحسبك في تعين الإسرار في الدعاء اقترانه بالتضرع في الآية، فالإخلال به كالإخلال بالضراعة إلى الله في الدعاء، وإن دعاء لا تضرع فيه ولا خشوع لقليل الجدوى، فكذلك دعاء لاخفية ولاوقار يصحبه.
فائدة: ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية وتلمـيــذه ابن القيم رحمهما الله فوائد كثيرة تتعلق بخفض الصوت والإسرار بالدعاء(18).
النوع الثالث عشر: أن يدعو ربه دعاءً غير متضرع، بل دعاء مُدل كالمستغني بما عنده المدلّ على ربـه بـه.
قال ابن القيم رحمه الله: »وهذا من أعظم الاعـتــــداء الـمنافي لدعاء الضارع الذليل الفقير المسكين من كل جهة في مجموع حالاته، فمن لم يسأل مسألة مسكين متضرع خائف فهو معتد«(19).
النوع الرابع عشر: أن يسمي الله بغير أسمائه، ويثني عليه بما لم يثن به على نفسه ولم يأذن فيه، وهذا ظاهر لا يخفى.
النوع الخامس عشر: أن يسأل ما لا يصلح له: مثل أن يسأل منازل الأنبياء، أو أن يكون مَلَكاً لا يحتاج إلى طعام ولا شراب، أو أن يُعطى خزائن الأرض، أو يُكشف له عن الغيب، أو غير ذلك مما هو من خصائص الربوبية أو النبوة.
النوع السادس عشر: تكثير الكلام الذي لا حاجة له، والتطويل في تشقيق العبارات، والتكلف في ذكر التفاصيل، كأن يدعو ربه أن يرحمه إذا وضع في اللحد تحت التراب والثرى، وبين الصديد والدود، وأن يرحمه إذا سالت العيون وبليت اللحوم، وأن يرحمه إذا تولى الأصحاب، وقسم ماله وترك دنياه، أو يدعو على عدوه أن يخرس الله لسانه، ويشل يـده، ويجمد الـدم في عـروقه وأن يسلب عقله فيكون مع المجانين.. إلخ.
أخرج أبو داود وغيره عن أبى نعامة عن ابن سعد »ابن ابي وقاص« أنه قال: سمعني أبي وأنا أقول: اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وبهجتها، وكذا وكذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها، وكذا وكذا، فقال: يابُني: إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: »سيكون قوم يعتدون في الدعاء« فإياك أن تـكـــون منهم، إن أُعطيت الجنة أُعطيتها وما فيها، وإن أعذتَ من النار أُعذت منها وما فيها من الشر«(20).
وأخرج أيضاً عن أبي نعامة أن عبد الله بن مغفل سمع ابنه يقول: »اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها، فقال: أي بُني، سل الله الجـنـــــة، وتعوذ به من النار، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: »إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء«(21).
ولا شك أن هذا مـخــالــف لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في الدعاء، فقد كان عليه الصلاة والسلام يتخير من الدعاء أجمعه.
أخرج أبو داود من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: »كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستحب الجوامع من الدعاء، ويدعُ ما سوى ذلك«(22).
وأخرج أيضاً عن قتادة رحمه الله أنه سأل أنساً رضي الله عنه: أي دعوة كان يدعو بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر؟ قال: كان أكثر دعوة يدعو بها. »اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار«(23).
وجاء عند البخاري من حديث أنس: »كان أكثر دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- : »ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار«(24).
النوع السابع عشر: أن يتقصد السجع في الدعاء ويتكلفه.
قال البخاري رحمه الله في صحيحه: »باب ما يكره من السجع في الدعاء« ثم ذكر أثراً عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: »حدث الناس كل جمعة مــــــرة، فإن أبيت فمرتين، فإن أكثرت فثلاث مرات، ولا تمل الناس هذا القرآن، ولا ألفينك تأتي القوم وهم في حديث من حديثهم فتقـص عليهم فـتـقـطع عليهم حديثهم فتملهم، ولكن أنصت، فإذا أمروك فحدثهم وهم يشتهونه. فانظر السجع في الدعاء فاجتنبه فإني عهدت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه لا يفـعلون إلا ذلك الاجتناب«(25).
قال الحافظ: »ولا يرد على ذلك ما وقــع في الأحاديث الصحيحة؛ لأن ذلك كان يصدر من غير قصد إليه، ولأجـل هذا يجيء في غـــايـة الانسـجام كقوله -صلى الله عليه وسلم- في الجهاد: »اللهم منزل الكتاب، سريع الحـســـاب، هازم الأحزاب« وكقوله -صلى الله عليه وسلم- : »صدق وعده، وأعز جنده« الحديث، وكـقـوله: »أعوذ بك من عين لا تدمع، ونفس لا تشبع، وقلب لا يخشع« وكلها صحيحة، قال الـغـزالي: »المكروه من السجع هو المتكلف، لأنه لا يلائم الضراعة والذلة، وإلا ففي الأدعية المأثـــورة كلمات متوازية لكـنـهــا غـيــر متكلفة«(26).
ثـم ذكــر كلامـــــاً قال بعده: »وقد تتبعت دعوات الأنبياء والمرسلين، والمصطفين من عبادة المخـبـتـيـن، واسـتـخرجت ما وجدت في القرآن من ذلك فوجدت جميعها: (ربنا ربنا) أو »رب«، ثم أورد جملة من الأدعية الواردة في القرآن ليدلل على ذكره(27)
النوع الثامن عشر: قصد التشهق كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - بحيث لا يكون ذلك بسبب غلبة البكاء وإنما هو أمر يعتمده ويطلبه.
النوع التاسع عشر: أن يتخذ دعاءً من غير الوارد في الكتاب والسنة بحيث يصير ذلك شعاراً له يداوم عليه (28). كمن يخصص دعاء معيناً بقوله عند ختم القرآن أو غير ذلك.
النوع العشرون: التغني والـتـلـحـيـن والمطيط، قال المناوي: »قال الكمال ابن الهمام: ما تعارفه الناس في هذه الأزمان من التمطيط، والمبالغة في الصياح، واالاشتغل بتحريرات النغم إظهاراً للصناعة النغمية، لا إقامة للعبودية، فإنه لا يقتضي الإجابة، بل هو من مقتضيات الـــرد، وهذا معلوم إن كان قـصـده إعجاب الناس به، فكأنه قال أعجبوا من حسن صوتي وتحريري(29).
هذا ما تيسر انتقاؤه من كـتــب أهل العلم، والله أسأل أن يرزقنا جميعاً العلم النافع والعمل الصالح، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.